وشاح المغرب الوردي فوق ضفائر الحلوة |
وحبة برتقال كانت الشمس |
تحاول كفها البيضاء أن تصطادها عنوة |
وتصرخ بي، و كل صراخها همس |
أخي! يا سلمي العالي |
أريد الشمس بالقوة |
و في الليل رماديّ، رأينا الكوكب الفضي |
ينقط ضوءه العسلي فوق نوافذ البيت |
وقالت، و هي حين تقول، تدفعني إلى الصمت |
تعال غدا لنزرعه.. مكان الشوك في الأرض |
أبي من أجلها صلّى و صام |
وجاب أرض الهند و الإغريق |
إلها راكعا لغبار رجليها |
وجاع لأجلها في البيد.. أجيالا يشدّ النوق |
وأقسم تحت عينيها |
يمين قناعة الخالق بالمخلوق |
تنام، فتحلم اليقظة في عيني مع السّهر |
فدائيّ الربيع أنا، و عبد نعاس عينيها |
وصوفي الحصى، و الرمل، و الحجر |
سأعبدهم، لتلعب كالملاك، و ظل رجليها |
على الدنيا، صلاة الأرض للمطر |
حرير شوك أيّامي،على دربي إلى غدها |
حرير شوك أيّامي |
وأشهى من عصير المجد ما ألقى.. لأسعدها |
وأنسى في طفولتها عذاب طفولتي الدامي |
وأشرب، كالعصافير، الرضا و الحبّ من يدها |
سأهديها غزالا ناعما كجناح أغنية |
له أنف ككرملنا |
وأقدام كأنفاس الرياح، كخطو حريّة |
وعنق طالع كطلوع سنبلنا |
من الوادي ..إلى القمم السماويّة |
سلاما يا وشاح الشمس، يا منديل جنتنا |
ويا قسم المحبة في أغانينا |
سلاما يا ربيعا راحلا في الجفن! يا عسلا بغصتنا |
ويا سهر التفاؤل في أمانينا |
لخضرة أعين الأطفال.. ننسج ضوء رايتنا |
قصائد محمود درويش عن الوطن
أقوى ما كتب شاعر فلسطين محمود درويش عن الوطن و حب الوطن مجموعة قصائد مميزة و خالدة في التاريخ لمحمود درويش.
وصلنا متأخرين
في مرحلة ما من هشاشةٍ نُسمّيها |
نضجاً لانكون متفائلين ولامتشائمين |
أقلعنا عن الشغف والحنين وعن تسمية |
الأشياء بأضدادها من فرط ما التبس |
علينا الأمر بين الشكل والجوهر ودرّبنا |
الشعور على التفكير الهاديء قبل البوح |
للحكمة أسلوبُ الطبيب في النظر الى الجرح |
وإذ ننظر الى الوراء لنعرف أين نحن منّا ومن الحقيقة |
نسأل: كم ارتكبنا من الأخطاء |
وهل وصلنا الى الحكمة متأخرين |
لسنا متأكدين من صواب الريح |
فماذا ينفعنا أن نصل الى أيّ شيء متأخرين |
حتى لو كان هنالك من ينتظرنا على سفح الجبل |
ويدعونا الى صلاة الشكر لأننا وصلنا سالمين |
لامتفائلين ولامتشائمين لكن متأخرين |
رد الفعل
وطني يعلّمني حديدُ سلاسلي |
عنفَ النسورِ ورِقّةَ المتفائلِ |
ما كنتُ أعرفُ أنَّ تحتَ جلودنا |
ميلادُ عاصفةٍ… وعرسُ جداولِ |
سدّوا عليَّ النورَ في زنزانةٍ |
فتوهّجتْ في القلبِ شمسُ مشاعلِ |
كتبوا على الجدرانِ رقمَ بطاقتي |
فنما على الجدرانِ مرجُ سنابلِ |
رسموا على الجدرانِ صورةَ قاتلي |
فمحتْ ملامحَها ظلالُ جدائلِ |
وحفرتُ بالأسنانِ رسمك دامياً |
وكتبتُ أغنيةَ العذابِ الراحلِ |
أغمدتُ في لحمِ الظلامِ هزيمتي |
وغرزتُ في شعرِ الشموسِ أناملي |
والفاتحونَ على سطوحِ منازلي |
لم يفتحوا إلا وعودَ زلازلي |
لن يبصروا إلا توهّجَ جبهتي |
لن يسمعوا إلا صريرَ سلاسلي |
فإذا احترقتُ على صليبِ عبادتي |
أصبحتُ قدّيساً بزيِّ مقاتلِ |
عن إنسان
وضعوا على فمه السلاسل |
ربطوا يديه بصخرة الموتى |
وقالوا: أنت قاتل |
أخذوا طعامه و الملابس و البيارق |
ورموه في زنزانة الموتى |
وقالوا: أنت سارق |
طردوه من كل المرافيء |
أخذوا حبيبته الصغيرة |
ثم قالوا: أنت لاجيء |
يا دامي العينين و الكفين |
إن الليل زائل |
لا غرفة التوقيف باقية |
ولا زرد السلاسل |
نيرون مات، ولم تمت روما |
بعينيها تقاتل |
وحبوب سنبلة تموت |
ستملأ الوادي سنابل |
لم أنتظر أحدا
سأعرفُ مهما ذَهَبْتَ مَعَ الريح كيفَ |
أُعيدُكَ. أَعرفُ من أَين يأتي بعيدُكَ |
فذهَب كما تذهب الذكرياتُ إلى بئرها |
الأَبديَّةِ لن تَجدَ السومريَّةَ حاملةً جَرَّة |
للصدى في انتظارِكَ |
أَمَّا أَنا فسأعرف كيف أُعيدُكَ |
فاذهبْ تقودُكَ ناياتُ أَهل البحار القدامى |
وقافلةُ الملح في سَيْرِها اللانهائيِّ واذهبْ |
نشيدُكَ يُفْلِتُ منِّي ومنك ومن زَمَني |
باحثاً عن حصان جديدٍ يُرَقِّصُ إِيقاعَهُ |
الحُرَّ. لن تجد المستحيل َ كما كان يَوْمَ |
وَجَدْتُكُ يوم وَلَدْتُكَ من شهوتي |
جالساً في انتظارِك |
أَمَّا أَنا فسأعرف كيف أُعيدُكَ |
واُذهب مع النهر من قَدَرٍ نحو |
آخر فالريحُ جاهزة لاقتلاعك من |
قمري والكلامُ الأخيرُ على شجري جاهزٌ |
للسقوط على ساحة الترو كاديرو تَلَفَّتْ |
وراءك كي تجد الحُلْمَ واذهب |
إلى أَيِّ شَرْقٍ وغربٍ يزيدُك منفىً |
ويُبْعدُني خطوةً عن سريري وإحدى |
سماوات نفسي الحزينةِ إنَّ النهاية |
أُختُ البداية فاذهب تَجِدْ ما تركتَ |
هنا في انتظارك |
لم أَنتظِرْكَ ولم أَنتظر أَحداً |
كان لا بُدَّ لي أَن أُمشِّطَ شعري |
على مَهَلٍ أُسْوَةً بالنساء الوحيدات |
في ليلهنَّ وأَن أَتدبَّرَ أَمري وأكسِرَ |
فوق الرخام زجاجةَ ماء الكولونيا وأَمنعَ |
نفسي من الانتباه إلى نفسها في |
الشتاء كأني أَقولُ لها: دَفِّئيني |
أُدفِّئْكِ يا اُمرأتي واُعْتَني بيديك |
فنا هو شأنُهما بنزول السماء إلى |
الأرض أَو رحْلةِ الأرض نحو السماء |
اُعتني بيديك لكي تَحْمِلاَك يَدَاكِ |
هُما سَيِّداكِ كما قال إيلور فاذهب |
أُريدُكَ أو أريدُك |
لمَ أنتظِرْكَ ولم أنتظر أَحداً |
كان لا بُدَّ لي أَن أَصبَّ النبيذَ |
بكأسين مكسورتين وأَمنعَ نفسي من |
الانتباه إلى نفسها في انتظارك |
عن الأمنيات
لا تقل لي: | ليتني بائع خبز في الجزائر, لأغني مع ثائر |
لا تقل لي: | ليتني داعي مواش في اليمن, لأغني لانتفاضات الزمن |
لا تقل لي: | ليتني عامل مقهى في هفانا, لأغني لانتصارات الحزانى |
لا تقل لي: | ليتني أعمل في أسوان حمّالا صغير, لأغنّي للصخور يا صديقي |
لن يصب النيل في الفولغا ولا الكونغو | ولا الكونغو، و لا الأردن، في نهر الفرات |
كل نهر، و له نبع … و مجرى … و حياة | يا صديقي! أرضنا ليست بعاقر |
كل أرض، و لها ميلادها | كل فجر، و له موعد ثائر |