اسكني يا جراح

اسْكُني يا جِراحْ – واسْكُتي يا شجُونْ
ماتَ عَهْدُ النُّواحْ – وزَمَانُ الجُنُونْ
وأَطَلَّ الصَّبَاحْ – مِنْ وراءِ القُرُونْ
في فِجاجِ الرَّدى – قَدْ دفنتُ الأَلمْ
ونثرتُ الدُّموعْ – لرِيَاحِ العَدَمْ
واتَّخذتُ الحَيَاةْ – معزفاً للنَّغَمْ
أَتغنَّى عليهْ – في رِحابِ الزَّمانْ
وأَذبتُ الأَسَى – في جمالِ الوُجُودْ
ودَحَوْتُ الفؤادْ – واحةً للنَّشيدْ
والضِّيا والظِّلالْ – والشَّذَى والورودْ
والهوى والشَّبابْ – والمنى والحَنانْ
اسكُني يا جراحْ – واسكُتي يا شُجونْ
ماتَ عَهْدُ النُّواحْ – وزَمَانُ الجُنُونْ
وأَطَلَّ الصَّبَاحْ – مِنْ وراءِ القُرُونْ
في فؤادي الرَّحيبْ – مَعْبَدٌ للجَمَالْ
شيَّدتْهُ الحَيَاةْ – بالرُّؤى والخَيالْ
فَتَلَوْتُ الصَّلاةْ – في خشوعِ الظِّلالْ
وحَرَقْتُ البُخُورْ – وأَضَأْتُ الشُّمُوعْ
إنَّ سِحْرَ الحَيَاةْ – خَالدٌ لا يزولْ
فَعَلامَ الشَّكَاةْ – مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ
ثمَّ يأتي الصَّباحْ – وتَمُرُّ الفُصُولْ
سوف يأتي رَبيعْ – إن تقضَّى رَبيعْ
اسكُني يا جراحْ – واسكُتي يا شُجونْ
ماتَ عَهْدُ النُّواحْ – وزَمَانُ الجُنُونْ
وأَطَلَّ الصَّبَاحْ – مِنْ وراءِ القُرُونْ
مِنْ وراءِ الظَّلامْ – وهديرِ المياهْ
قَدْ دعاني الصَّباحْ – ورَبيعُ الحَيَاهْ
يا لهُ مِنْ دُعاءْ – هزَّ قلبي صَداهْ
لمْ يَعُدْ لي بقاءْ – فَوْقَ هذي البقاعْ
الْوَداعَ الوَداعْ – يا جِبَالَ الهُمومْ
يا ضَبابَ الأَسى – يا فِجاجَ الجحيمْ
قَدْ جرى زَوْرَقي – في الخِضَّمِ العَظيمْ
ونشرتُ القلاعْ – فالوَداعْ الوداعْ
أشعار أبو القاسم الشابي

بم التعلل لا أهل ولا وطن

بم التعلل لا أهل ولا وطن ~ ولا نديم ولا كأس ولا سكن
أريد من زمني ذا أن يبلغني ~ ما ليس يبلغه من نفسه الزمن
لا تلق دهرك إلا غير مكترث ~ مادام يصحب فيه روحك البدن
فما يدوم سرور ما سررت به ~ ولا يرد عليك الفائت الحزن
مما أضر بأهل العشق أنهم ~ هووا وما عرفوا الدنيا وما فطنوا
تفنى عيونهم دمعا وأنفسهم ~ في إثر كل قبيح وجهه حسن
تحملوا حملتكم كل ناجية ~ فكل بين علي اليوم مؤتمن
ما في هوادجكم من مهجتي عوض ~ إن مت شوقا ولا فيها لها ثمن
يا من نعيت على بعد بمجلسه ~ كل بما زعم الناعون مرتهن
كم قد قتلت وكم قد مت عندكم ~ ثم انتفضت فزال القبر والكفن
قد كان شاهد دفني قبل قولهم ~ جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ~ تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
رأيتكم لا يصون العرض جاركم ~ ولا يدر على مرعاكم اللبن
جزاء كل قريب منكم ملل ~ وحظ كل محب منكم ضغن
وتغضبون على من نال رفدكم ~ حتى يعاقبه التنغيص والمنن
فغادر الهجر ما بيني وبينكم ~ يهماء تكذب فيها العين والأذن
تحبو الرواسم من بعد الرسيم بها ~ وتسأل الأرض عن أخفافها الثفن
إني أصاحب حلمي وهو بي كرم ~ ولا أصاحب حلمي وهو بي جبن
ولا أقيم على مال أذل به ~ ولا ألذ بما عرضي به درن
سهرت بعد رحيلي وحشة لكم ~ ثم استمر مريري وارعوى الوسن
وإن بليت بود مثل ودكم ~ فإنني بفراق مثله قمن
أبلى الأجلة مهري عند غيركم ~ وبدل العذر بالفسطاط والرسن
عند الهمام أبي المسك الذي غرقت ~ في جوده مضر الحمراء واليمن
وإن تأخر عني بعض موعده ~ فما تأخر آمالي ولا تهن
هو الوفي ولكني ذكرت له ~ مودة فهو يبلوها ويمتحن
قصيدة شهيرة للشاعر أبو الطيب المتنبي

وأنت للناس نور يستضاء به

وَأَنتَ لِلناسِ نورٌ يُستَضاءُ بِهِكَما أَضاءَ لَنا في الظُلمَةِ اللَهَبُ
ألا تَرَى النّاس ما سكّنْتَهُمْ سكَنواوَإِن غَضِبتَ أَزالَ الإِمَّةَ الغَضَبُ
جاءتْ بِهِ حُرّةٌ كالشّمسِ طالِعَةًلِلبَدرِ شيمَتُها الإِسلامُ وَالحَسَبُ
كَمْ مِنْ رَئيسٍ فَلى بالسّيفِ هامتَهكَأنّهُ حِينَ وَلّى مُدْبِراً خَرَبُ
قصيدة شعر الفرزدق

أنا صائم طول الحياة وإنما

أنا صائمٌ طولَ الحياةِ وإنّمافِطري الحِمامُ ويومَ ذاك أُعيِّدُ
لونانِ من ليلٍ وصبحٍ لوّناشَعري وأضعفني الزّمانُ الأيّد
والنّاسُ كالأشعارِ ينطِقُ دهرُهمبهمُ فمُطلِقُ معشرٍ ومقيِّد
قالوا فلانٌ جيّدٌ لصديقِهلا يكذِبوا ما في البريّة جيّد
فأميرُهمْ نالَ الإمارةَ بالخَنىوتَقيُّهُم بصلاتِه متصيِّد
كنْ مَن تشاءُ مُهجَّناً أو خالصاًوإذا رُزِقتَ غنًى فأنتَ السيّد
واصمُتْ فما كثُرَ الكلام من امرىءإلاّ وظُنّ بأنّه مُتَزَيِّد
شعر أبو العلاء المعري

أكرم بياضك عن خطر يسوده

أَكرِم بَياضَكَ عَن خِطرٍ يُسَوِّدُهُوَاِزجُر يَمينَكَ عَن شَيبٍ تُنَقّيهِ
لَقَيتَهُ بِجَلاءٍ عَن مَنازِلِهِوَلَيسَ يَحسُنُ هَذا مِن تَلَقّيهِ
أَلا تَفَكَّرتَ قَبلَ النَسلِ في زَمَنٍبِهِ حَلَلتَ فَتَدري أَينَ تُلقيهِ
تَرجو لَهُ مِن نَعيمِ الدَهرِ مُمتَنَعاًوَما عَلِمتَ بِأَنَّ العَيشَ يُشقيهِ
شَكا الأَذى فَسَهِرتَ اللَيلَ وَاِبتَكَرَتبِهِ الفَتاةُ إِلى شَمطاءَ تَرقيهِ
وَأُمُّهُ تَسأَلُ العَرّافَ قاضِيَةًعَنهُ النُذورَ لَعَلَّ اللَهَ يُبقيهِ
وَأَنتَ أَرشَدُ مِنها حينَ تَحمِلُهُإِلى الطَبيبِ يُداويهِ وَيَسقيهِ
وَلَو رَقى الطِفلَ عيسى أَو أُعيدَ لَهُبُقراطُ ما كانَ مِن مَوتٍ يُوَقّيهِ
وَالحَيُّ في العُمرِ مِثلُ الغِرِّ يَرقَأَُ فيسورِ العِدى وَإِلى حَتفٍ تَرَقّيهِ
دَنَّستَ عِرضَكَ حَتّى ما تَرى دَنَساًلَكِن قَميصُكَ لِلأَبصارِ تُنقيهِ
شعر أبو العلاء المعري

رأيت العذارى قد تكرهن مجلسي

رَأيْتُ العَذارَى قَدْ تَكَرّهن مجْلسيوَقُلْنَ تَوَلّى عَنْكَ كُلّ شَبَابِ
يَنُرْنَ إذا هَازَلْتُهُنّ وَرُبّمَاأرَاهُنّ في الإثْآرِ غَيرَ نَوَابي
عَتَبْنَ على فَقدِ الشّبابِ الذي مَضَىفَقُلْتُ لَهُنّ لاتَ حِينَ عتابِ
شعر الفرزدق

أتيتك من بعد المسير على الوجا

أتَيْتُكَ من بُعْدِ المَسِيرِ عَلى الوَجَارَجاءَ نَوَالٍ مِنْكَ، يا ابنَ زِيَادِ
خَوَاضِعَ يَعْمِينَ اللُّغَامَ، كَأنّمامَنَاسِمُهَا مَعْلُولَةٌ بِجِسَادِ
قصيدة الفرزدق