نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا | وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا |
وَنَهجو ذا الزَمانَ بِغَيرِ ذَنبٍ | وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا |
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ | وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا |
يا بؤس للقلب بعد اليوم ما آبه
يَا بُؤسَ لِلقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ |
ذِكرَى حَبيبٍ ببعضِ الأرْضِ قد رَابهْ |
قالّتْ سُلَيْمى أرَاكَ اليومَ مُكْتَئِباً |
والرَّأْسُ بَعدي رَأيتُ الشّيْبَ قد عابه |
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ الرَّأْسِ جُمَّتَهُ |
كمِعْقَبِ الرَّيطِ إذْ نَشَّرْتَ هُدَّابهْ |
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ |
أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والنَّفْسُ مُهْتَابَهْ |
عَمْداً لأرْقُبَ مَا لِلجَوِّ مِنْ نَعَمٍ |
فَناظِرٌ رائِحاً مِنْهُ وعُزَّابَهْ |
وقدْ نَزَلْتُ إلى رَكْبٍ مُعَقَّلَةٍ |
شُعْثِ الرُّووسِ كأنَّ فَوْقَهُمْ غابَهْ |
لَمَّا رَكِبْنا رَفَعناهُنَّ زَفْزَفَةً |
حَتى احْتَوَيْنَا سَوَاماً ثمَّ أرْبَابَهْ |
مواصي خان يونس
تستغيث بنا المَواصِي |
وهي بين القنابل وَالرَّصَاصِ |
تَتَأَوَّهَ مِنْ اَلْأَلَمِ: |
هَلْ مِنْ خَلَاصِ؟ |
أصارت أخبار كل رَقَّاصَة وَرَقَّاصِ.. |
أَهَمَّ عند الناس من أخبار مأساة المَواصِي؟ |
اطمئني يا خان يونس: |
يا أَيَّتُهَا الجَمِيلَة رَغْمَ اَلطَّعَنَاتِ |
فالظالمون لن يفلتوا من القِصَاصِ |
فالقِصَاص أَيَّتُهَا اَلْحَبيبَة |
حتما آتٍ |
ليس للظالمين منه من مَنَاصِ |
نا لا بك الخطب الذي أحدث الدهر
بِنا لا بِكَ الخَطبُ الَّذي أَحدَثَ الدَهرُ | وَعُمِّرتَ مَرضِيّا لِأَيّامِكَ العُمرُ |
تَعيشُ وَيَأتيكَ البَنونَ بِكَثرَةٍ | تَتِمُّ بِها النُعمى وَيُستَوجَبُ الشُكرُ |
لَئِن أَفَلَ النَجمُ الَّذي لاحَ آنِفاً | فَسَوفَ تَلالا بَعدَهُ أَنجُمٌ زُهرُ |
مَضى وَهوَ مَفقودٌ وَما فَقدُ كَوكَبٍ | وَلاسِيَّما إِذ كانَ يُفدى بِهِ البَدرُ |
هُوَ الذُخرُ مِن دُنياكَ قَدَّمتَ فَضلَهُ | وَلا خَيرَ في الدُنيا إِذا لَم يَكُن ذُخرُ |
نُعَزّيكَ عَن هَذي الرَزِيَّةِ إِنَّها | عَلى قَدرِ ما في عُظمِها يَعظُمُ الأَجرُ |
فَصَبراً أَميرَ المُؤمِنينِ فَرُبَّما | حَمِدتَ الَّذي أَبلاكَ في عُقبِهِ الصَبرُ |
بعينيك إعوالي وطول شهيقي
بِعَينَيكِ إعوالي وَطولُ شَهيقي | وَإِخفاقُ عَيني مِن كَرىً وَخُفوقي |
عَلى أَنَّ تَهويماً إِذا عارَضَ اِطَّبى | سُرى طارِقٍ في غَيرِ وَقتِ طُروقِ |
سَرى جائِباً لِلخَرقِ يَخشى وَلَم يَكُن | مَلِيّاً بِإِسراءٍ وَجَوبِ خُروقِ |
فَباتَ يُعاطيني عَلى رِقبَةِ العِدى | وَيَمزُجُ ريقاً مِن جَناهُ بِريقي |
وَبِتُّ أَهابُ المِسكَ مِنهُ وَأَتَّقي | رُداعِ عَبيرٍ صائِكٍ وَخَلوقِ |
أَرى كَذِبَ الأَحلامِ صِدقاً وَكَم صَغَت | إِلى خَبَرٍ أُذنايَ غَيرِ صَدوقِ |
وَما كانَ مِن حَقٍّ وَبُطلٍ فَقَد شَفى | حَرارَةَ مَتبولٍ وَخَبلَ مَشوقِ |
سَلا نُوَبَ الأَيّامِ ما بالَها أَبَت | تَعَمَّدُ إِلّا جَفوَتي وَعُقوقي |
مُزَيِّلَةٌ شَعبي وَشَعبَ أَصادِقي | وَداخِلَةٌ بَيني وَبَينَ شَقيقي |
أَرانا عُناةً في يَدِ الدَهرِ نَشتَكي | تَأَكُّدَ عَقدٍ مِن عُراهُ وَثيقِ |
وَلَيسَ طَليقُ اليَومِ مَن رَجَعَت لَهُ | صُروفُ اللَيالي في غَدٍ بِطَليقِ |
تَفاوَتَتِ الأَفسامُ فينا فَأَفطَرَت | بِظَمآنَ بادٍ لَوحُهُ وَغَريقِ |
وَكُنتُ إِذا ما الحادِثاتُ أَصَبنَني | بِهائِضَةٍ صُمَّ العِظامِ دَقوقِ |
شَمَختُ فَلَم أُبدِ اِختِناءً لِشامِتٍ | وَلَم أَبتَعِث شَكوى لِغَيرِ شَفيقِ |
أَرى كُلَّ مُؤذٍ عاجِزاً عَن أَذِيَّتي | إِذا هُوَ لَم يُنصَر عَلَيَّ بِموقِ |
وَلَولا غُلُوُّ الجَهلِ ما عُدَّ هَيِّناً | تَكَبُّدُ سِخطي وَاِصطِلاءُ حَريقي |
تَشِفُّ أَقاصي الأَمرِ في بَدَآتِهِ | لِعَيني وَسِترُ الغَيبِ غَيرُ رَقيقِ |
وَمازِلتُ أَخشى مُذ تَبَدّى اِبنُ يَلبَخٍ | عَلى سَعَةٍ مِن أَن تُدالَ بِضيقِ |
وَما كانَ مالي غَيرَ حَسوَةِ طائِرٍ | أُضيفَ إِلى بَحرٍ بِمِصرَ عَميقِ |
لَئِن فاتَ وَفري في اللِئامِ فَلَم أُطِق | تَلافِيَهُ مُستَرجِعاً بِلُحوقِ |
فَلَستُ أَلومُ النَفسَ في فَوتِ بِغيَةٍ | إِذا لَم يَكُن عَصري لَها بِخَليقِ |
أَما كانَ بَذلُ العَدلِ أَيسَرَ واجِبي | عَلى المُتَعَدّي أَو أَقَلَّ حُقوقي |
إِذا ما طَلَبنا خُطَّةَ النِصفِ رَدَّها | عَلَينا اِبنُ خُبثٍ فاحِشٍ وَفُسوقِ |
وَعاهِرَةٍ أَدَّت إِلى شَرِّ عاهِرٍ | مَشابِهَ كَلبٍ في الكِلابِ عَريقِ |
لِيَلبَخَ أَو طولونَ يُعزى فَقَد حَوَت | عَلى اِثنَينِ زَوجٍ مِنهُما وَعَشيقِ |
فَأَيَّهُما أَدّاةُ فَهوَ مُؤَخَّرٌ | إِلى ضَعَةٍ مِن شَخصِهِ وَلُصوقِ |
فَقُل لِأَبي إِسحاقَ إِمّا عَلِقتَهُ | وَأَينَ بِناءٍ في العِراقِ سَحيقِ |
لَقَد جَلَّ ما بَيني وَبَينَكَ إِنَّنا | عَلى سَنَنٍ مِن حَربِهِ وَطَريقِ |
وَإِنَّ أَحَقَّ الناسَ مِنّي بِخُلَّةٍ | عَدُوُّ عَدُوّي أَو صَديقُ صَديقي |
ألا هل يحسن العيش
أَلا هَل يَحسُنُ العَيشُ | لَنا مِثلُ الَّذي كَنا |
وَهَل تَرجَعُ يا نا | ئِلُ بِالمُعتَزِّ دُنيانا |
عَدِمتُ الجَسَدَ المُلقى | عَلى كُرسي سُلَيمانا |
فَقَد أَصبَحَ لِلَّعنَ | ةِ نَقلاهُ وَيَقلانا |
اقبل معاذير من يأتيك معتذرا
اِقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً | إِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا |
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظاهِرُهُ | وَقَد أَضَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا |
خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِ | وَلَو أَرادَ اِنتِصاراً مِنهُ لَانتَصَرا |
نهرنا رمزنا
يا نهرا أحبر به الشعراءُ | يا نهرا كان مائها عذبا |
أحبر الشعراء بوصفها | وذكر الباري ذكرها |
يا من نطق به الرسالة | يا من اصبح ثروة ممتلكه |
يا نهرا أصبحت تراث الزماني | يا من عرضه وطوله مشيت به الكتاب |
يا من كان محور عيشة المعاشي | يا نهرا أخفيت تحتها المعاجز |
يا فراتا ثمرت به المحاصد | أفرا شكلها من عظمته |
نهرا أصبحت خالية من كتابها | يا نهرا أثمرت بها الخيراتي |