نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا | وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا |
وَنَهجو ذا الزَمانَ بِغَيرِ ذَنبٍ | وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا |
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ | وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا |
يا بؤس للقلب بعد اليوم ما آبه
يَا بُؤسَ لِلقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ |
ذِكرَى حَبيبٍ ببعضِ الأرْضِ قد رَابهْ |
قالّتْ سُلَيْمى أرَاكَ اليومَ مُكْتَئِباً |
والرَّأْسُ بَعدي رَأيتُ الشّيْبَ قد عابه |
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ الرَّأْسِ جُمَّتَهُ |
كمِعْقَبِ الرَّيطِ إذْ نَشَّرْتَ هُدَّابهْ |
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ |
أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والنَّفْسُ مُهْتَابَهْ |
عَمْداً لأرْقُبَ مَا لِلجَوِّ مِنْ نَعَمٍ |
فَناظِرٌ رائِحاً مِنْهُ وعُزَّابَهْ |
وقدْ نَزَلْتُ إلى رَكْبٍ مُعَقَّلَةٍ |
شُعْثِ الرُّووسِ كأنَّ فَوْقَهُمْ غابَهْ |
لَمَّا رَكِبْنا رَفَعناهُنَّ زَفْزَفَةً |
حَتى احْتَوَيْنَا سَوَاماً ثمَّ أرْبَابَهْ |
طريق العلا
أيا قممَ العُلا، لا تسأليني |
عن العابرينَ بلا يقين |
أنا يا قممُ حلمتُ بعالمٍ |
يزهو بعزمِ المؤمنين |
رأيتُ الليلَ يرقبُ صبحهُ |
في مقلتيْ شوقٍ حزين |
وسمعتُ الريحَ تهمسُ للرُّبى |
أنشودةَ المجدِ الدفين |
فهبي يا ريحُ نارَ عواصفٍ |
تهزُّ عروشَ الظالمين |
وليكنِ الكونُ أغنيةً |
للحرِّ في كلِّ حين |
برائتي
وظننتُ أنّ القومَ مِثلي |
بطيبتي وبرائتي وحسنِ ظني |
فما كان القومَ الا قطيعٌ |
ينهشني حين اغيبُ وانجلي. |
رعاة الغنم
و قفت في حر الهجيرة ارعى غنمي |
و ارتشفت الماء من سُقم الغدير |
ما اقسى وهج الشمس في الظهيرة |
و غدا وجهيَ اسفع من لفح السعير |
الشمس اطبقت على سطح البسيطة |
حتى تبولت دماً من وطأها الحمير |
جودي علينا يا سماء انا نستغيث |
فوددنا بغبار السافيات نستجير |
خيّم اليأس على القرية و الاسى |
و شهدت بها الغربان اسراب تطير |
كفي اللوم عني فلن تجدي الملامة |
فكلانا في هذه القرية عبدٌ و أجير |
شقيت بها حتى جفت اقدامي من |
الصبر و تجرعت بؤساً ما له قط نظير |
فاذا كانت تصاريف الحياة هكذا |
فبئس مورداً لها و بها ذاك المصير |
اذا شهدتها تقول أهذه دنيا تعاش |
يعقبها حساب و نار تصلى و سعيرْ |
اشفقت على البهائم من جور الجفاف |
بديار ليس فيها من سقف يجير |
اقول لها صبرا نصمد ما استطعنا |
فلا حول لنا و كلانا في هذي اسير |
اقول لها من هذي الديار لابد من رحيل |
فاصبري يا نفس ريثما يأتينا البشير |
انني أُخبرت أن في المدينة ناس تشرب |
شهدا والغانيات ترتدي ثيابا من حرير |
لكن دونها سور منيع يحمي اهلها |
و الدرب نحوها ملغوم طويل و عسيرْ |
لا تلمني يا ابي على الرحيل و دعني |
اسلك الدرب فاني في الملمات قديرْ |
جمعت الحقائب و الكتب و عزمت |
و احضرت رفيقا و هممتُ بالمسيرْ |
سأغادر نحو ارض و بلاد فيها ماء |
حيث لا شمس تشرق و العيش اليسير |
يقول صحبي ليت هذي الدار ماتت |
ليتها نهبٌ هنا يتلقفها جحيم و سعير |
يا حادي الأضغان جئت معاتبا ما اخبرت |
اني في عداد الكون محض عصفور صغير |
و ما اخبرتني بأن جل الناس حمقى |
و بعضهم أحقاد و أضغان و شرٌ يستطير |
فهذا المخبر السري و ذاك واشٍ |
و ذا منافق يقبل أيدي سلطان حقير |
صراع الجاهل
ما قول العالم وما رد الجاهلِ |
الا كنصيحة المجنون للناس العقلِّ |
قد مدت اليد للغريق |
ورجل المنقذ غارقة في الرملِ |
نتساوي في الاسم وفي النسب |
وَيَبْدُو الِّاخْتِلاَفُ شَدَائِدُ النُّصّلِِّّ |
نَظَرْتُ إِلَى وُجُوهُ الحَاضِرِينَ |
وَعَيْنِي تَرَاهُمْ كاَلجَرَادِ الجُتَّلِ |
عذائك لي يا جاهل الاسمِ |
يمسي ليال عند باب المنزلِ |
كأنه يطلب مني الوغي |
فلا جيش له ولا فوارس الخيلِّ |
الضاد
اسمعْ حديثي إنه العجبُ |
حرفان من عُرْب و من عجمِ |
حرفٌ عثا السوس به عفنًا |
و حرفنا نار على علمِ |
سما على أقرانه رتبًا |
كما سمت نافلةُ الحَرَمِ |
يا ناطقي الضاد بما رحُبت |
كونوا ذوي زهوٍ بلا ندمِ |
اعتلَّتِ الأعجام من سقمٍ |
و حرفُكم برءٌ من السقمِ |
تجثو على أربعها أممٌ |
تخيط من عجزٍ سَمَا التُّهَمِ |
أيَا بنِي الضَّاد التي شُرفتْ |
لا تَهِنُوا..لُوذُوا بذي النُّظُمِ |
عام قد مضى
الأيام تمضي كأنفاس الرياح |
تُخفي سرًّا وتبوح بجراح |
تمضي سريعًا بلا انتظار |
وتتركنا بين نورٍ وظلامٍ وسرار |
عامٌ انقضى، كغريبٍ رحل |
حمل أحلامًا وبعض الأمل |
لكن في طيّاته درسٌ عميق |
أن الحياة ظلٌّ ووقتٌ يضيق |
وها هو العام الجديد يُطل |
كفجرٍ ينادي بأملٍ مُجل |
يحمل بين طياته أمنيات |
ويكتب في الأفق ألف بدايات |
فلنبدأ الإصلاح في العقول |
ونزرع الخير فوق السهول |
نجعل النور طريق اليقين |
ونُعيد ترتيب ما كان دفين |
فالحياة رحلةٌ لا تنتهي |
بين ألمٍ يُزهر وفرحٍ يلتقي |
وفي كل عامٍ بدايةُ نور |
تُعيد ترتيب دروب الشعور |