نا لا بك الخطب الذي أحدث الدهر

بِنا لا بِكَ الخَطبُ الَّذي أَحدَثَ الدَهرُوَعُمِّرتَ مَرضِيّا لِأَيّامِكَ العُمرُ
تَعيشُ وَيَأتيكَ البَنونَ بِكَثرَةٍتَتِمُّ بِها النُعمى وَيُستَوجَبُ الشُكرُ
لَئِن أَفَلَ النَجمُ الَّذي لاحَ آنِفاًفَسَوفَ تَلالا بَعدَهُ أَنجُمٌ زُهرُ
مَضى وَهوَ مَفقودٌ وَما فَقدُ كَوكَبٍوَلاسِيَّما إِذ كانَ يُفدى بِهِ البَدرُ
هُوَ الذُخرُ مِن دُنياكَ قَدَّمتَ فَضلَهُوَلا خَيرَ في الدُنيا إِذا لَم يَكُن ذُخرُ
نُعَزّيكَ عَن هَذي الرَزِيَّةِ إِنَّهاعَلى قَدرِ ما في عُظمِها يَعظُمُ الأَجرُ
فَصَبراً أَميرَ المُؤمِنينِ فَرُبَّماحَمِدتَ الَّذي أَبلاكَ في عُقبِهِ الصَبرُ
البحتري

بعينيك إعوالي وطول شهيقي

بِعَينَيكِ إعوالي وَطولُ شَهيقيوَإِخفاقُ عَيني مِن كَرىً وَخُفوقي
عَلى أَنَّ تَهويماً إِذا عارَضَ اِطَّبىسُرى طارِقٍ في غَيرِ وَقتِ طُروقِ
سَرى جائِباً لِلخَرقِ يَخشى وَلَم يَكُنمَلِيّاً بِإِسراءٍ وَجَوبِ خُروقِ
فَباتَ يُعاطيني عَلى رِقبَةِ العِدىوَيَمزُجُ ريقاً مِن جَناهُ بِريقي
وَبِتُّ أَهابُ المِسكَ مِنهُ وَأَتَّقيرُداعِ عَبيرٍ صائِكٍ وَخَلوقِ
أَرى كَذِبَ الأَحلامِ صِدقاً وَكَم صَغَتإِلى خَبَرٍ أُذنايَ غَيرِ صَدوقِ
وَما كانَ مِن حَقٍّ وَبُطلٍ فَقَد شَفىحَرارَةَ مَتبولٍ وَخَبلَ مَشوقِ
سَلا نُوَبَ الأَيّامِ ما بالَها أَبَتتَعَمَّدُ إِلّا جَفوَتي وَعُقوقي
مُزَيِّلَةٌ شَعبي وَشَعبَ أَصادِقيوَداخِلَةٌ بَيني وَبَينَ شَقيقي
أَرانا عُناةً في يَدِ الدَهرِ نَشتَكيتَأَكُّدَ عَقدٍ مِن عُراهُ وَثيقِ
وَلَيسَ طَليقُ اليَومِ مَن رَجَعَت لَهُصُروفُ اللَيالي في غَدٍ بِطَليقِ
تَفاوَتَتِ الأَفسامُ فينا فَأَفطَرَتبِظَمآنَ بادٍ لَوحُهُ وَغَريقِ
وَكُنتُ إِذا ما الحادِثاتُ أَصَبنَنيبِهائِضَةٍ صُمَّ العِظامِ دَقوقِ
شَمَختُ فَلَم أُبدِ اِختِناءً لِشامِتٍوَلَم أَبتَعِث شَكوى لِغَيرِ شَفيقِ
أَرى كُلَّ مُؤذٍ عاجِزاً عَن أَذِيَّتيإِذا هُوَ لَم يُنصَر عَلَيَّ بِموقِ
وَلَولا غُلُوُّ الجَهلِ ما عُدَّ هَيِّناًتَكَبُّدُ سِخطي وَاِصطِلاءُ حَريقي
تَشِفُّ أَقاصي الأَمرِ في بَدَآتِهِلِعَيني وَسِترُ الغَيبِ غَيرُ رَقيقِ
وَمازِلتُ أَخشى مُذ تَبَدّى اِبنُ يَلبَخٍعَلى سَعَةٍ مِن أَن تُدالَ بِضيقِ
وَما كانَ مالي غَيرَ حَسوَةِ طائِرٍأُضيفَ إِلى بَحرٍ بِمِصرَ عَميقِ
لَئِن فاتَ وَفري في اللِئامِ فَلَم أُطِقتَلافِيَهُ مُستَرجِعاً بِلُحوقِ
فَلَستُ أَلومُ النَفسَ في فَوتِ بِغيَةٍإِذا لَم يَكُن عَصري لَها بِخَليقِ
أَما كانَ بَذلُ العَدلِ أَيسَرَ واجِبيعَلى المُتَعَدّي أَو أَقَلَّ حُقوقي
إِذا ما طَلَبنا خُطَّةَ النِصفِ رَدَّهاعَلَينا اِبنُ خُبثٍ فاحِشٍ وَفُسوقِ
وَعاهِرَةٍ أَدَّت إِلى شَرِّ عاهِرٍمَشابِهَ كَلبٍ في الكِلابِ عَريقِ
لِيَلبَخَ أَو طولونَ يُعزى فَقَد حَوَتعَلى اِثنَينِ زَوجٍ مِنهُما وَعَشيقِ
فَأَيَّهُما أَدّاةُ فَهوَ مُؤَخَّرٌإِلى ضَعَةٍ مِن شَخصِهِ وَلُصوقِ
فَقُل لِأَبي إِسحاقَ إِمّا عَلِقتَهُوَأَينَ بِناءٍ في العِراقِ سَحيقِ
لَقَد جَلَّ ما بَيني وَبَينَكَ إِنَّناعَلى سَنَنٍ مِن حَربِهِ وَطَريقِ
وَإِنَّ أَحَقَّ الناسَ مِنّي بِخُلَّةٍعَدُوُّ عَدُوّي أَو صَديقُ صَديقي
البحتري

ألا هل يحسن العيش

أَلا هَل يَحسُنُ العَيشُلَنا مِثلُ الَّذي كَنا
وَهَل تَرجَعُ يا نائِلُ بِالمُعتَزِّ دُنيانا
عَدِمتُ الجَسَدَ المُلقىعَلى كُرسي سُلَيمانا
فَقَد أَصبَحَ لِلَّعنَةِ نَقلاهُ وَيَقلانا
البحتري

اقبل معاذير من يأتيك معتذرا

اِقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراًإِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظاهِرُهُوَقَد أَضَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا
خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِوَلَو أَرادَ اِنتِصاراً مِنهُ لَانتَصَرا
البحتري

أنافعي عند ليلى فرط حبيها

أَنافِعي عِندَ لَيلى فَرطُ حُبّيهاوَلَوعَةٌ لِيَ أُبديها وَأُخفيها
أَم لا تُقارِبُ لَيلى مَن يُقارِبُهاوَلا تُداني بِوَصلٍ مَن يُدانيها
بَيضاءُ أَوقَدَ خَدَّيها الصِبا وَسَقىأَجفانَها مِن مُدامِ الراحِ ساقيها
في حُمرَةِ الوَردِ شَكلٌ مِن تَلَهُّبِهاوَلِلقَضيبِ نَصيبٌ مِن تَثَنّيها
قَد أَيقَنَت أَنَّني لَم أُرضِ كاشِحَهافيها وَلَم أَستَمِع مِن قَولِ واشيها
وَيَومَ جَدَّ بِنا عَنها الرَحيلُ عَلىصَبابَةٍ وَحَدا الأَظعانَ حاديها
قامَت تُوَدِّعُني عَجلى وَقَد بَدَرَتسَوابِقٌ مِن تُؤامِ الدَمعِ تُجريها
وَاِستَنكَرَت ظَعَني عَنها فَقُلتُ لَهاإِلى الخَليفَةِ أَمضى العيسَ مُمضيها
إِلى إِمامٍ لَهُ ما كانَ مِن شَرَفٍيُعَدُّ في سالِفِ الدُنيا وَباقيها
خَليفَةَ اللَهِ ما لِلمَجدِ مُنصَرَفٌإِلّا إِلى أَنعُمٍ أَصبَحتَ توليها
فَلا فَضيلَةَ إِلّا أَنتَ لابِسُهاوَلا رَعِيَّةَ إِلّا أَنتَ راعيها
مُلكٌ كَمُلكِ سُلَيمانَ الَّذي خَضَعَتلَهُ البَرِيَّةُ قاصيها وَدانيها
وَزُلفَةٌ لَكَ عِندَ اللَهِ تُظهِرُهالَنا بِبُرهانِ ما تَأتي وَتُبديها
لَمّا تَعَبَّدَ مَحلُ الأَرضِ وَاِحتَبَسَتعَنّا السَحائِبُ حَتّى ما نُرَجّيها
وَقُمتَ مُستَسقِياً لِلمُسلِمينَ جَرَتغُرُّ الغَمامِ وَحَلَّت مِن عَزاليها
فَلا غَمامَةَ إِلّا اِنَهَلَّ وابِلُهاوَلا قَرارَةَ إِلّا سالَ واديها
وَطاعَةُ الوَحشِ إِذ جاءَتكَ مِن خَرِقٍأَحوى وَأُدمانَةٍ كُحلٍ مَآقيها
كَالكاعِبِ الرودِ يَخفى في تَرائِبِهارَدعُ العَبيرِ وَيَبدو في تَراقيها
أَلفانِ جاءَت عَلى قَدرٍ مُسارِعَةٍإِلى قَبولِ الَّذي حاوَلتَهُ فيها
إِن سِرتَ سارَت وَإِن وَقَّفتَها وَقَفَتصوراً إِلَيكَ بِأَلحاظٍ تُواليها
يَرِعنَ مِنكَ إِلى وَجهٍ يَرَينَ لَهُجَلالَةً يُكثِرُ التَسبيحَ رائيها
حَتّى قَطَعتَ بِها القاطولَ وَاِفتَرَقَتبِالحَيرِ في عَرصَةٍ فيحٍ نَواحيها
فَنَهرُ نَيزَكَ وِردٌ مِن مَوارِدِهاوَساحَةُ التَلِّ مُغنىً مِن مَغانيها
لَولا الَّذي عَرَفَتهُ فيكَ يَومَإِذٍلَما أَطاعَكَ وَسطَ البيدِ عاصيها
فَضلانِ حُزتَهُما ضونَ المُلوكِ وَلَمتُظهِر بِنَيلِهِما كِبراً وَلا تيها
من قصائد البحتري

شيد بفضلك مشرف البنيان

شَيِّد بِفَضلِكَ مُشرِفَ البُنيانِلَم يَبقَ إِلّا خاتِمُ الإِحسانِ
رُدَّ الصَنيعَةَ في ابنِ شُكرٍ طَبعُهُنَشرُ الَّذي توليهِ كُلَّ أَوانِ
أَمّا لِساني في الحِسابِ فَواحِدٌوَيَقومُ فيكَ مَقامَ أَلفِ لِسانِ
لاتُبعِدَنّي مِنكَ نِسبَةُ مَن هُمُخُلَفاءُ قَومِكَ مِن بَني شَيبانِ
نَسَبي لَعَمري في رَبيعَةَ غُرَّةٌفيها وَلي قَلبٌ هَواهُ يَماني
ذَهَبَت يَمانٌ بِالمَفاخِرِ كُلِّهابِكَ دونَ أَهلِ الفَخرِ بِالنُعمانِ
مَرَجَ الإِلَهُ بِسَيبِ كَفِّكَ لِلنَدىبَحرَينِ بِالمَعروفِ يَلتَقِيانِ
هَذا يَفيضُ بِفِضَّةٍ وَبِعَسجَدٍوَيَفيضُ ذاكَ بِفاخِرِ المَرجانِ
وَاللَهُ أَكسَبَكَ المَحامِدَ مُكمِلاًلَكَ كُلَّ إِنسانِيَّةِ الإِنسانِ
رَفَعَ السَماءَ وَمَجدَ فَخرِكَ قَبلَ أَنيَبدا بِوَضعِ الأَرضِ وَالميزانِ
فارَقتُ مُذ زَمَنٍ أَبي فَجَعَلتَ ليمِن بَعدِ ذاكَ أَباً يَقومُ بِشاني
أَتَصونُ لي شِعراً وَأُخلِقُ قَدرَهُفي الناسِ ماأُمّي إِذاً بِحَصانِ
مَهما أَهَنتَ الدُرَّ ما أَكرَمتَهُفَاِقطَع نَوالَكَ فَهوَ قَطعُ بَناني
ماحِصنُ هَذا الحِصنُ لي بِمُعَوِّلِأَلجا إِلَيهِ وَأَنتَ حِصنُ أَماني
إِنّي أَتَيتُ مُوَدِّعاً وَأَقولُ لَولَم آتِ فَضلَكَ طالِباً لَأَتاني
وَإِذا انتَجَعتُكَ بِالرُجوعِ فَغَيرُهُأَولى وَأَبعَدُ مِن جَوى الحَدَثانِ
فَاشدُد أَبا العَبّاسِ كَفَّكَ بِالعُلاإِنَّ العُلا مِن أَشرَفِ التيجانِ
قصيدة البحتري