في البيت أَجلس، لا حزيناً لا سعيداً |
لا أَنا، أَو لا أَحَدْ |
صُحُفٌ مُبَعْثَرَةٌ. ووردُ المزهريَّةِ لا يذكِّرني |
بمن قطفته لي. فاليوم عطلتنا عن الذكرى |
وعُطْلَةُ كُلِّ شيء… إنه يوم الأحدْ |
يوم نرتِّبُ فيه مطبخنا وغُرْفَةَ نومنا |
كُلِّ على حِدَةٍ. ونسمع نشرةَ الأخبار |
هادئةً، فلا حَرْبٌ تُشَنُّ على بَلَدْ |
ألأمبراطورُ السعيدُ يداعبُ اليومَ الكلابَ |
ويشرب الشمبانيا في ملتقى نَهْدَين من |
عاجٍ… ويَسْبَحُ في الزَّبَدْ |
ألأمبراطور الوحيدُ اليوم في قيلولةٍ |
مثلي ومثلك، لا يُفَكِّر بالقيامة .. فَهْيَ |
مُلْك يَمينِهِ، هِيَ الحقيقةُ والأَبدْ |
كَسَلٌ خفيفُ الوزن يطهو قهوتي |
والهالُ يصهَلُ في الهواء وفي الجَسَدْ |
وكأنني وحدي. أنا هو أو أنا الثاني |
رآني واطمأَنَّ على نهاري وابتعدْ |
يوم الأَحد |
هو أوَّل الأيام في التوراة، لكنَّ |
الزمان يغيِّر العاداتِ: إذ يرتاح |
ربُّ الحرب في يوم الأحدْ |
في البيت أجلس، لا سعيداً لا حزيناً |
بين بين. ولا أُبالي إن علمت بأنني |
حقاً أنا … أو لا أَحَدْ |
قصائد محمود درويش عن الوطن
أقوى ما كتب شاعر فلسطين محمود درويش عن الوطن و حب الوطن مجموعة قصائد مميزة و خالدة في التاريخ لمحمود درويش.
قاتل و بريء
هو الحب كالموج |
تكرار غبطتنا بالقديم الجديد |
سريع بطيء |
بريء كظبي يسابق دراجة |
وبذيء … كديك |
جريء كذي حاجة |
عصبي المزاج رديء |
هادىء كخيال يرتب ألفاظه |
مظلم معتم … ويضيء |
فارغ ومليء بأضداده |
هو الحيوان الملاك |
بقوة ألف حصان وخفة طيف |
وملتبس شرس سلس |
كلما فر كر |
ويحسن صنعاً بنا ويسيء |
يفاجئناحين ننسى عواطفنا |
ويجيء |
هو الفوضوي الأناني |
والسيد الواحد المتعدد |
نؤمن حيناً ونكفر حيناً |
ولكنه لا يبالي بنا |
حين يصطادنا واحداً واحدة |
ثم يصرعنا بيد باردة |
إنه قاتل … بريء |
لا أنام لأحلم
لا أَنام لأحلم قالت لَه |
بل أَنام لأنساكَ. ما أطيب النوم وحدي |
بلا صَخَب في الحرير، اَبتعدْ لأراكَ |
وحيدا هناك، تفكٌِر بي حين أَنساكَ |
لا شيء يوجعني في غيابكَ |
لا الليل يخمش صدري ولا شفتاكَ |
أنام علي جسدي كاملا كاملا |
لا شريك له |
لا يداك تشقَّان ثوبي، ولا قدماكَ |
تَدقَّان قلبي كبنْدقَة عندما تغلق الباب |
لاشيء ينقصني في غيابك |
نهدايَ لي. سرَّتي. نَمَشي. شامتي |
ويدايَ وساقايَ لي. كلّ ما فيَّ لي |
ولك الصّوَر المشتهاة، فخذْها |
لتؤنس منفاكَ، واَرفع رؤاك كَنَخْب |
أخير. وقل إن أَردت هَواكِ هلاك |
وأَمَّا أَنا، فسأصْغي إلي جسدي |
بهدوء الطبيبة لاشيء، لاشيء |
يوجِعني في الغياب سوي عزْلَةِ الكون |
إلى أمي
أحنُّ إلى خبزِ أمّي |
وقهوةِ أمّي |
ولمسةِ أمّي |
وتكبرُ فيَّ الطفولةُ |
يوماً على صدرِ يومِ |
وأعشقُ عمري لأنّي |
إذا متُّ |
أخجلُ من دمعِ أمّي |
خذيني، إذا عدتُ يوماً |
وشاحاً لهُدبكْ |
وغطّي عظامي بعشبٍ |
تعمّد من طُهرِ كعبكْ |
وشدّي وثاقي |
بخصلةِ شَعر |
بخيطٍ يلوّحُ في ذيلِ ثوبكْ |
عساني أصيرُ إلهاً |
إلهاً أصير |
إذا ما لمستُ قرارةَ قلبكْ |
ضعيني، إذا ما رجعتُ |
وقوداً بتنّورِ ناركْ |
وحبلِ الغسيلِ على سطحِ دارِكْ |
لأني فقدتُ الوقوفَ |
بدونِ صلاةِ نهارِكْ |
هرِمتُ، فرُدّي نجومَ الطفولة |
حتّى أُشارِكْ |
صغارَ العصافيرِ |
دربَ الرجوع |
لعشِّ انتظاركْ |
فرحا بشيء ما
فرحا بشيء ما خفيٍّ، كنْت أَحتضن |
الصباح بقوَّة الإنشاد، أَمشي واثقا |
بخطايَ، أَمشي واثقا برؤايَ، وَحْي ما |
يناديني: تعال كأنَّه إيماءة سحريَّة |
وكأنه حلْم ترجَّل كي يدربني علي أَسراره |
فأكون سيِّدَ نجمتي في الليل… معتمدا |
علي لغتي. أَنا حلْمي أنا. أنا أمّ أمِّي |
في الرؤي، وأَبو أَبي، وابني أَنا |
فرحا بشيء ما خفيٍّ، كان يحملني |
علي آلاته الوتريِّة الإنشاد . يَصْقلني |
ويصقلني كماس أَميرة شرقية |
ما لم يغَنَّ الآن |
في هذا الصباح |
فلن يغَنٌي |
أَعطنا، يا حبّ، فَيْضَكَ كلَّه لنخوض |
حرب العاطفيين الشريفةَ، فالمناخ ملائم |
والشمس تشحذ في الصباح سلاحنا |
يا حبُّ! لا هدفٌ لنا إلا الهزيمةَ في |
حروبك.. فانتصرْ أَنت انتصرْ، واسمعْ |
مديحك من ضحاياكَ: انتصر سَلِمَتْ |
يداك! وَعدْ إلينا خاسرين… وسالما |
فرحا بشيء ما خفيٍّ، كنت أَمشي |
حالما بقصيدة زرقاء من سطرين من |
سطرين… عن فرح خفيف الوزن |
مرئيٍّ وسرِّيٍّ معا |
مَنْ لا يحبّ الآن |
في هذا الصباح |
فلن يحبَّ |
أجمل حب
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة |
وجدنا غريبين يوما |
وكانت سماء الربيع تؤلف نجما … و نجما |
وكنت أؤلف فقرة حب.. |
لعينيك.. غنيتها |
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا |
كما انتظر الصيف طائر |
ونمت.. كنوم المهاجر |
فعين تنام لتصحو عين.. طويلا |
وتبكي على أختها |
حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر |
ونعلم أن العناق، و أن القبل |
طعام ليالي الغزل |
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ |
على الدرب يوما جديداً |
صديقان نحن، فسيري بقربي كفا بكف |
معا نصنع الخبر و الأغنيات |
لماذا نسائل هذا الطريق .. لأي مصير |
يسير بنا |
ومن أين لملم أقدامنا |
فحسبي، و حسبك أنا نسير |
معا، للأبد |
لماذا نفتش عن أغنيات البكاء |
بديوان شعر قديم |
ونسأل يا حبنا هل تدوم |
أحبك حب القوافل واحة عشب و ماء |
وحب الفقير الرغيف |
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة |
وجدنا غريبين يوما |
ونبقى رفيقين دوما |