يَا شَاعِرَ النِّيلِ جَارِ النِّيلَ بِالشِّيَمِ – وَحَاكَ أَطْيَارَهُ بِالشَّدْوِ وَالنَّغَمِ فِي ضِفَّتَيْهِ وَفِي تَغْرِيدِ صَادِحِهِ – مَا فِي نَظِيمِكَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَالكَلمِ وَفِي مَعَانِيكَ مِنْ أَرْوَاحِ جَنَّتِهِ – أَشْفَى النُّسَيْمَاتِ لِلأَرْوَاحِ وَالنَّسَمِ شِعْرٌ كَأَنَّ مَفِيضَ الخَيْرِ سَالَ بِهِ – عَلَى النُّهَى سَيلَهُ فِي القَاعِ وَالأَكَمِ كِلاهُمَا مُخْصِبٌ قَحْلاً فَمُخْرِجُهُ – حَقْلاً وَمُؤْنِسُهُ فِي وَحْشَةِ الدِّيَمِ يَطْغَى فَيَغْشَى عَبُوسَ الْوَجْهِ أَمْرَدَهُ – وَيَنْجَلِي عَنْ عِذَارٍ فِيهِ مُبْتَسِمِ بِذَلِكَ الشِّعْرِ صِفْ مِصْراً وَأُمَّتَهَا – صِفْ كُلَّ مَعْنَىً بِهَا كَالنَّافِحِ الشَّبِمِ صِفْ ذَلِكَ اللُّطْفَ لَوْ عَزَّتْ بِهِ أُمَمٌ – يَوْماً لَعَزَّتْ بِهِ مِصْرٌ عَلَى الأُمَمِ صِفْ ذَلِكَ الأُنْسَ يَجْرِي مِنْ مَنَابِعِهِ – عَذْبَ المَنَاهِلِ مَبْذُولاً لِكُلِّ ظَمِي صِفْ ذَلِكَ الرِّفْقِ يَقْضِي فِي تَرَقْرُقِهِ – مَا لَيْسَ رِقَاقُ السُّمْرِ وَالخُذُمِ صِفْ مَا يَشَاءُ جَمَالُ الطَّبْعِ مِنْ دَعَةٍ – وَمَا يَشَاءُ حَلالُ النَّفْسِ مِنْ كَرَمِ تِلْكَ الْخَلائِقُ لا يَجْلُو رَوَائِعَهَا – نَظْمٌ كَنَظْمِكَ مِنْ جَزْلٍ وَمُنْسَجِمِ إِنِّي أَوَدُّ لَهَا وَصْفاً وَيَرْجِعُنِي – عَنْهُ قُصُورِي إِذَا حَثَّ الْهَوَى قَلَمِي مَن لِي بِنَظْمِكَ أَسْتَدْنِي بِمُعْجِزِهِ – أَقْصَى مَرَامٍ لآمَالِي عَلَى هِمَمِي حَمْداً لِمِصْرَ وَإِطْرَاءً لأُمَّتِهَا – عَنْ صَادِقٍ فِيهُمَا عَالٍ عَنِ التُّهَمِ مِصْرُ الْحَضَارَةُ وَالآثَارُ شَاهِدَةٌ – مِصْرُ السَّمَاحَةُ مِصْرُ المَجْدُ مِنْ قِدَمِ مِصْرُ العَزِيزَةُ إِنْ جَارَتْ وَإِنْ عَدَلَتْ – مِصْرُ الْحَبِيبَةُ إِنْ نَرحَلْ وَإِنْ نُقِمِ نَحْنَ الضيُوفَ عَلَى رَحْبٍ وَمَكْرُمَةٍ – مِنْهَا وَإِنَّا لَحَفَّاظُونَ لِلذِّمَمِ جِئْنَا حِمَاهَا وَعِشْنَا آمِنِينَ بِهِ – مُمَتَّعِينَ كَأَنَّ العَيْشَ فِي حُلمِ فَأَيُّنَا قَابَلَ النُّعْمَى بِسَيِّئَةٍ – فَإِنَّنَا مُلْزِمُوهُ أَنْكَرَ الْحُرَمِ وَمَنْ يَنَلْهُ بإِيذَاءٍ فَإِنَّ بِنَا – ضِعْفَيْهِ مِنْ أَثَرِ الإيذَاءِ وَالأَلَمِ لَكِنَّ قَوْمِي أَبْرَارُ القُلُوبِ بِهِ – دَعِ المُرِيبَ الَّذِي يَدْعُو إِلَى وَهَمِ لا بَارَكَ اللهُ فِي سَاعٍ بِتَفْرِقَةٍ – بَيْنَ الصَّفَيْنِ وَالْجَارَيْنِ مِنْ أَممِ يَا حَافِظَ الْخَيْرِ كُنْ فِي عَقْدِ وُدِّهِمَا – فَرِيدَةَ العِقْدِ يَلْبَثُ غَيْرَ مُنْفَصِمِ أَكْشِفْ بِحَزْمِكَ أَسْتَارَ الْحَفِيظَةِ عَنْ – فَخٍّ تُصادُ بِهِ الأَعْرابُ لِلْعَجَمِ أَلشَّاعِرُ الْحَقُّ مَنْ يَجْلُو الشُّعُورُ لَهُ – شَمْساً مِنَ الْوَحْيِ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلَمِ بَيْنَ النَّبِيِّينَ وَالسُّوَاسِ نُصَّ لَهُ – مِنَ العُلَى مِنْبَرٌ لِلرَّأْيِ وَالحُكُمِ وَعَلَ أَيْسَرِ شَيْءٍ فِي مَحَامِدِهِ – تَجْوِيدُ قَوْلٍ مُقَفَّى اللَّفْظِ مُنْتَظِمِ فَخَارُهُ حَيْثُ يَلْقَى رَحْمَةً وَهُدًى – وَحَيْثُ يَنْهَى عَنِ الأَهْوَاءِ وَالنقمِ وَحَيْثُ يَحْمِي الحِمَى مِنْ ضَلَّةٍ وأسًى – وَحَيْثُ يَدْعُو إِلَى الأَخْطَارِ وَالعِظَمِ هَذَا الَّذِي أَنْتَ يَا ابْنَ النِّيلِ فَاعِلُهُ – وَذَاكَ مَجْدُكَ مَجْدُ النِّيلِ وَالهَرَمِ |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
يا زائر الحسناء في عيدها
يا زائر الحسناء في عيدها | إن تهد فانظر ما الذي تهدي |
أخطأك الحزم وأخطأته | أيحمل الورد إلى الورد |
حورية لاحت لنا تنثني
حورية لاحت لنا تنثني | كالغصن حياه الصبا حين هب |
مرت فما في الحي إلا فتى | فؤاده في إثرها قد ذهب |
شعاع عينيها إذا ما رنت | يوقع في الأنفس منها الرهب |
والوجه كالجنة حسنا فإن | ظننت عدنا قد تراءت فهب |
والشعر منضود على رأسها | كالعسجد الحر زها والتهب |
يشبه فوارة نور لها | أشعة مواجة بالصهب |
ورب راء راعه فيضه | فأكبر الواهب فيما وهب |
وصاح مذهولا ألا فانظروا | في هذه الأزمة هذا الذهب |
اعجب به كنزا على ذروة | إذا سما الطرف إليه انتهب |
يا عيونا تسقي العيون الرحيقا
يَا عُيُونَاً تَسْقِي العُيُونَ الرَّحِيقَا – وَاصِلِي مُدْمِناً أَبى أَنْ يُفِيقَا أَسْكِرِينِي عَلَى الدَّوَامِ وَأَفْنِي – مُهْجَتِي أَدْمُعاً وَعَزْمِي حَرِيقا تِلْكَ خَمْرُ الحيَاةِ مَنْ لَمْ يَذَقْهَا – مَرَّةً لَيْس بِالحَياةِ خَلِيقَا وَهْيَ حُسْنُ الحَيَاةِ سَعْداً وَبُؤْساً – وَاصْطِبَاحاً لِشَرْبِهَا وَغَبُوقَا أَنْتِ يَا مَن سَقَتْ فؤَادِي مِنْهَا – حَرَّ وَجْدٍ وَلَوْعَةٍ وَخُفوقَا إِظْلمِينِي مَا شَاءَ ظُلْمُكِ وَانْهِي – آمِر الحُسْنِ أَنْ يَكُونَ شَفِيقَا عَذِّبِينِي فَقَدْ جَنَيْتُ عَلَى – نَفْسِي وَأَمْسَيْتُ بِالْعِقَابِ حَقِيقَا فَلِهَذا العِقَابِ عَاوَدْتُ حُبِّي – وَلأَلْقَاهُ خُنْتُ عَهْداً وَثِيقَا رُبَّ لَيْلٍ مُحَيَّرُ النَّجمِ غَضٍّ – فِيهِ لا يَهْتَدِي الضَّلولُ طَرِيقَا ضَمَّني مُثْقَلاً بِهَمِّي كَبَحْرٍ – ضَمَّ فِي جَوْفِهِ الْبَعيدِ غَرِيقَا أَحْسِبُ السُّرْجَ فِي حَشَاهُ قُرُوحاً – وَأَرى الشَّهبَ فِي سَمَاهُ حُرُوقا فِيهِ نَامَتْ سُعَادُ نَوْماً هَنِيئاً – وَتَسَهَّدْتُ مُسْتهَاماً مَشُوقَا حَيْثُمَا وَارَتْنِي دُجَاهُ غُرُوباً – أَبْصَرَتْنِي عَيْنُ الصَّباحِ شُرُوقَا قَدْ تَلَقَّيتُهُ وَكَاَن كَثِيفاً – ثُمَّ وَدَعْتُهُ وَكَانَ رَقِيقَا رَقَّ فَانْحَلَّ فَانْتَفَى غَيْرَ مُبْقٍ – لِيَ مِنْهُ إِلاّ خَيَالاً دَقِيقَا ظَلَّ فِي جَانِبِي نَحِيلاً نُحُولِي – كَالشَّقيقِ الأَبَرَّ يَرْعَى شَقِيقا أَيُّها النَّائِمُونَ يَهْنِيكُمُ النَّوْمَ – وَلاَ زَالَ حَظيَ التَّأرِيقَا إِنْ يَكُ السَّاهِرُونَ مِثْلِي كَثِيراً – فَسُعَادٌ أَسَمَى وَأَسْنَى عَشِيقَا فَاتِنِي مِنْ جَمَالَها الوجْهُ طَلْقاً – لاَ يُبَاهَى وَالْقَدُّ لَدْناً رَشِيقَا فَاتِنِي عَقْلُهَا الَّذِي يُبْدِعُ الخَاطِرَ – رُوحاً وَهَيْكَلاً وَعُرُوقَا فَاتِنِي نَظْمُهَا الْقَرِيضَ فَمَا – تَنْظِمُ عَقْداً فِي جِيدِهَا مَنْسُوقَا فَاتِنِي لُطْفُهَا الَّذِي يُنْعِشُ الوَجْدَ – وَلَوْ شَاءَ أَنْعَشَ التَّوْفِيقَا وَيُقِيمُ الآمَالَ فِي النَّفْسِ كَالنورِ – يُحِيلُ البُذُورَ زَهْراً أَنِيقَا فِتَنٌ قَيَّدَتْ بِهِنَّ فُؤَادِي – وَأَرَانِي إِذَا شَكَوْتُ عَقُوقَا كُلُّ مُسْتَأْسَرٍ يَوَدُّ انْطِلاَقاً – وَشَقَائِي بِأَنْ أَكُونَ طَلِيقَا |
في هجرة لا أنس فيها
في هجرة لا أنس فيها | لِلْغَرِيبِ وَلاَ صَفَاءْ |
تَتَقَاذَفُ الآفَاقُ بي | قَذْفَ العَوَاطِفِ لِلْهِبَاءْ |
وتحيط بي لجج الصروف | فَمِنْ بَلاَءٍ فِي بَلاَءْ |
إذا غزلتم حول يومي الظنون
إِذا غَزَلتُم حَولَ يَومي الظُّنون | وَإِن حَبّكتم حَول لَيلي الملام |
فَلَن تَدكُّوا بُرجَ صَبري الحَصين | وَلَن تُزيلوا مِن كُؤوسي المدام |
فَفي حَياتي مَنزِلٌ لِلسُّكون | وَفي فُؤادي مَعبَدٌ لِلسَّلام |
وَمَن تَغَذّى مِن طَعامِ المَنون | لا يَختَشي مِن أَن يَذوق المَنام |