في اللّيل نَادَيتُ الكَوَاكِبَ ساخطاً | متأجَّجَ الآلام والآراب |
“الحقلُ يملكه جبابرة ُ الدّجى | والروضُ يسكنه بنو الأرباب |
«والنَّهرُ، للغُول المقدّسة التي | لا ترتوي، والغابُ للحَطّابِ» |
«وعرائسُ الغابِ الجميلِ، هزيلة ٌ | ظمأى لِكُلِّ جَنى ً، وَكُلِّ شَرابِ» |
ما هذه الدنيا الكريهة ُ؟ ويلَها! | حَقّتْ عليها لَعْنَة ُ الأَحْقابِ!» |
الكونُ مُصغٍ، ياكواكبُ، خاشعٌ | طال انتظاري، فانطقي بِجواب”! |
فسمعتُ صوتاً ساحراً، متموجاً | فوق المروجِ الفيحِ، والأَعْشابِ |
وَحَفيفَ أجنحة ٍ ترفرف في الفضا | وصدى ً يَرنُّ على سُكون الغابِ: |
الفجرُ يولدُ باسماً، مُتَهَلِّلاً | في الكونِ، بين دُحنِّة ٍ وضباب |
أجمل القصائد
أجمل قصائد الشعر من العصر الجاهلي والعصر الأموي والعصر العباسي والعصر الحديث هنا في صفحة أجمل القصائد.
يا عذارى الجمال والحب والأحلام
يا عذارى الجمال والحب والأحلامِ | بل يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ |
قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ | كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ |
ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ..، أو تَحْلُمُ | بالنُّورِ، بالهوى ، بِالنّشيدِ |
وَرَأينا الخُدودَ، ضرّجَها السِّحْرُ، | فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود |
ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا | من الورد غضّة ٍ أملُود |
ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ، كالأزهارِ | في نشوة الشباب السعيدِ |
فتنة ٌ، توقظ الغرام، وتذكيه | وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ |
ما الذي خلف سحرها الحالي، السكران، | في ذلك القرارِ البعيدِ..؟ |
أنفوسٌ جميلة ٌ، كطيور الغابِ | تشدوُ بساحر التغريدِ |
طاهراتٌ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهارِ | في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد؟ |
وقلوبٌ مُضيئة ٌ، كنجوم الليل | ضَوَاعة ٌ، كغضِّ الورودِ؟ |
أم ظلامٌ، كأنهُ قِطَعُ الليل، | وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ |
وخِضَمُّ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْ | رِ، والشَّرِّ، والظِّلالِ المَديدِ؟ |
لستُ أدري، فرُبّ زهرٍ شذيِّ | قاتل رغمَ حسنه المشهودِ |
صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمة ِ الرّوحِ | وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ |
إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ | سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ |
يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ، | ويشقى بعِيشة المنكودِ |
وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ، | ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ |
غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ | الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ |
لحن الحياة
إذا الشعبُ يوما أراد الحياة | فلا بد أن يستجيب القـدر |
ولا بـد لليـل أن ينجلي | ولا بـد للقيـد أن ينكسـر |
ومن لم يعانقْـه شـوْقُ الحياة | تبخر فــي جوها واندثر |
فويل لمن لم تَشُـقهُ الحياة | من صفْعـة العــدَم المنتصر |
كـذلك قـالت ليَ الكائناتُ | وحدثني روحُها المستترْ |
ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج | وفوق الجبال وتحت الشجرْ |
إذا ما طمحتُ إلــى غايةٍ | ركبتُ المُنى, ونسِـيت الحذرْ |
ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب | ولا كُبَّةَ اللّهَب المستعرْ |
ومن يتهيب صعود الجبال | يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحفرْ |
فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب | وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ |
وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ | وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ |
وقـالت لـي الأرضُ لمـا سـألت | أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــر |
أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح | ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ |
وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ | ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ |
هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة | ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ |
فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ | ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ |
ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم | لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ |
فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا | ة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ |
وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف | مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجــرْ |
ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم | وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ |
سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ | لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــر |
فلـــم تتكلّم شــفاه الظــلام | ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ |
وقال ليَ الغــابُ في رقَّـةٍ | مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ |
يجــئ الشــتاءُ شــتاء الضبـاب | شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ |
فينطفــئُ السِّـحرُ سـحرُ الغصـونِ | وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ |
وســحرُ السـماءِ الشـجيُّ الـوديعُ | وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ |
وتهـــوِي الغصــونُ وأوراقُهــا | وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ |
وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ | ويدفنُهَــا الســيلُ أنَّــى عــبرْ |
ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ | تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ |
وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ | ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ غَــبَرْ |
وذكــرى فصــولٍ ورؤيـا حيـاةٍ | وأشــباحَ دنيــا تلاشــتْ زُمَـرْ |
معانقــةً وهـي تحـت الضبـابِ | وتحــت الثلـوجِ وتحـت المَـدَرْ |
لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ | وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ |
وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ | وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ |
ويمشـي الزمـانُ, فتنمـو صـروفٌ | وتــذوِي صــروفٌ, وتحيـا أُخَـرْ |
وتُصبِـــحُ أحلامُهـــا يقظَـــةً | مُوَشَّـــحةً بغمـــوضِ السَّــحَرْ |
تُســائل: أيــن ضبـابُ الصبـاحِ | وسِــحْرُ المسـاء? وضـوء القمـر |
وأســرابُ ذاك الفَــراشِ الأنيــق | ونحــلٌ يغنِّــي, وغيــمٌ يمــر |
وأيـــن الأشـــعَّةُ والكائنــاتُ | وأيــن الحيــاةُ التــي أنتظــر |
ظمِئـتُ إلـى النـور, فـوق الغصونِ | ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ |
ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ, بيـن المـروجِ | يغنِّــي, ويــرقص فـوقَ الزّهَـرْ |
ظمِئــتُ إلــى نَغَمــاتِ الطيـورِ | وهَمْسِ النّســيمِ, ولحــنِ المطــرْ |
ظمِئـتُ إلـى الكـونِ! أيـن الوجـودُ | وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــر |
هـو الكـونُ, خـلف سُـباتِ الجـمودِ | وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ |
ومـــا هــو إلا كخــفقِ الجنــا | حِ حــتى نمــا شــوقُها وانتصـرْ |
فصَـــدّعت الأرضَ مــن فوقهــا | وأبْصــرتِ الكـونَ عـذبَ الصُّـوَرْ |
وجـــاء الـــربيعُ, بأنغامِـــه | وأحلامِـــه, وصِبـــاه العطِــرْ |
وقبَّلهـــا قُبَـــلاً فــي الشــفاهِ | تعيــدُ الشــبابَ الــذي قـد غَـبَرْ |
وقــال لهــا: قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَ | وخُــلِّدْتِ فــي نســلكِ المُدّخَــرْ |
وبـــاركَكِ النُّـــورُ, فاســتقبلي | شــبابَ الحيــاةِ وخِــصْبَ العُمـرْ |
ومَــن تعبــدُ النــورَ أحلامُــه | يُبَارِكُـــهُ النّــورُ أنّــى ظهــرْ |
إليــكِ الفضــاءَ, إليــكِ الضيـاءَ | إليــك الــثرى, الحـالمَ, المزدهـرْ |
إليــكِ الجمــالَ الــذي لا يَبيــدُ! | إليــكِ الوجـودَ, الرحـيبَ, النضِـرْ |
فميـدي كمـا شئتِ فوق الحقولِ | بحــلوِ الثمــارِ وغــضِّ الزّهَــرْ |
ونــاجي النســيمَ ونـاجي الغيـومَ | ونــاجي النجــومَ, ونـاجي القمـرْ |
ونـــاجي الحيـــاةَ وأشــواقَها | وفتنــةَ هــذا الوجــود الأغــرْ |
وشـفَّ الدجـى عـن جمـالٍ عميـقٍ | يشُــبُّ الخيــالَ, ويُــذكي الفِكَـرْ |
ومُــدّ عـلى الكـون سِـحرٌ غـريبٌ | يُصَرّفــــه ســـاحرٌ مقتـــدرْ |
وضـاءت شـموعُ النجـومِ الوِضـاءِ | وضــاع البَخُــورُ, بخـورُ الزّهَـرْ |
ورفــرف روحٌ غــريبُ الجمـال | بأجنحــةٍ مــن ضيــاء القمــرْ |
ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ | سُ فــي هيكـلٍ, حـالمٍ قـد سُـحِرْ |
وأعْلِــنَ فــي الكـون أنّ الطمـوحَ | لهيـــبُ الحيــاةِ ورُوحُ الظفَــرْ |
إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ | فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر |
لو كانت الأيام في قبضتي
لو كَانَتِ الأَيّامُ في قبضتي | أذريتها للريح، مثل الرمال |
وقلتُ: يا ريحُ، بها فاذهبي | وبدِّديها في سَحيقِ الجبالُ |
بل في فجاج الموت.. في عالَمٍ | لا يرقُصُ النُّورُ بِهِ والظِّلالْ |
لو كان هذا الكونُ في قبضتي | ألقيْتُه في النّار، نارِ الجحيمْ |
ما هذه الدنيا، وهذا الورى | وذلكَ الأُفْقُ، وَتِلْكَ النُّجُومْ |
النَّارُ أوْلى بعبيدِ الأسى | ومسرحِ الموتِ، وعشِّ الهمومْ |
يا أيّها الماضِي الذي قد قَضَى | وضمَّهُ الموتُ، وليلُ الأَبَدْ |
يا حاضِرَ النَّاس الذي لم يَزُل | يا أيُّها الآتي الذي لم يَلِدْ |
سَخَافة ٌ دنياكُمُ هذه | تائهة ٌ في ظلمة ِ لا تُحَدْ |
نحن نمشي وحولنا هاته الأكوان
نحنُ نمشي وحولَنَا هاته الأَكــ | وانُ تمشي لكنْ لأَيَّةِ غايَة |
نحنُ نشدو مع العَصافيرِ للشَّمْــ | سِ وهذا الرَّبيعُ ينفُخُ نَايَهْ |
نحنُ نَتْلو روايَةَ الكونِ للمو | تِ ولكنْ ماذا خِتامُ الرِّواية |
هكذا قلتُ للرِّياحِ فقالتْ | سَلْ ضميرَ الوُجُودِ كيف البدايَة |
وتغشَّى الضَّبابُ نفسي فصاحتْ | في مَلالٍ مُرٍّ إلى أَيْنَ أَمشي |
قلتُ سيري معَ الحَيَاةِ فقالتْ | مَا جنينا تُرى من السَّيْرِ أَمسِ |
فَتَهافَتُّ كالهشيمِ على الأَر | ضِ وناديتُ أَيْنَ يا قلبُ رفشي |
هاتِهِ علَّني أَخُطُّ ضريحي | في سكونِ الدُّجى وأَدفُنُ نفسي |
هاتِهِ فالظَّلامُ حولي كثيفٌ | وضبابُ الأَسى مُنيخٌ عليَّا |
وكؤوسُ الغرامِ أَترعَهَا الفَجْــ | رُ ولكنْ تَحَطَّمَتْ في يدَيَّا |
والشَّبابُ الغرير ولَّى إلى الما | ضي وخلَّى النَّحيبَ في شَفَتَيَّا |
هاتِهِ يا فؤادُ إنَّا غَريبا | نِ نَصُوعُ الحَيَاةَ فنًّا شَجِيَّا |
قَدْ رقصْنا معَ الحَيَاةِ طويلاً | وشدوْنا مع الشَّبابِ سنينا |
وعدَوْنا مع اللَّيالي حُفاةً | في شِعابِ الحَيَاةِ حتَّى دَمينا |
وأكلْنا التُّرابَ حتَّى مَلِلْنا | وشَربْنا الدُّموعَ حتَّى رَوِينا |
ونَثَرْنا الأَحْلامَ والحبَّ والآلا | مَ واليأسَ والأَسى حيثُ شِينا |
ثمَّ ماذا هذا أنا صرتُ في الدُّن | يا بعيداً عن لهوِها وغِنَاها |
في ظلامِ الفَنَاءِ أَدفُنُ أَيَّا | مي ولا أستطيعُ حتَّى بكاها |
وزهورُ الحياة تهوي بِصَمْتٍ | محزنٍ مُضْجِرٍ على قدميَّا |
جَفَّ سِحْرُ الحَيَاةِ يا قلبيَ البــا | كي فهيَّا نُجَرِّبُ الموتَ هيَّا |
ذكر الصبي ومراتع الآرام
ذِكَرُ الصّبَي وَمَرَاتِعِ الآرَامِ | جَلَبَتْ حِمامي قَبلَ وَقْتِ حِمامي |
دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمُومُ عَليّ في | عَرَصَاتِها كَتَكاثُرِ اللُّوّامِ |
وَكَأنّ كُلّ سَحَابَةٍ وَقَفَتْ بهَا | تَبكي بعَيْنيْ عُرْوَةَ بنِ حِزَامِ |
وَلَطَالَمَا أفْنَيْتُ رِيقَ كَعَابِهَا | فِيهَا وَأفْنَتْ بالعِتابِ كَلامي |
قَد كُنْتَ تَهْزَأُ بالفِراقِ مَجَانَةً | وَتَجُرّ ذَيْلَيْ شِرّةٍ وَعُرَامِ |
لَيسَ القِبابُ على الرّكَابِ وَإنّمَا | هُنّ الحَيَاةُ تَرَحّلَتْ بسَلامِ |
ليتَ الذي فَلَقَ النّوَى جعَل الحَصَى | لخِفافِهِنّ مَفَاصِلي وَعِظامي |
مُتَلاحِظَينِ نَسُحُّ مَاءَ شُؤونِنَا | حَذَراً مِنَ الرُّقَبَاءِ في الأكْمَامِ |
أرْوَاحُنَا انهَمَلَتْ وَعِشْنَا بَعدَهَا | من بَعدِ ما قَطَرَتْ على الأقدامِ |
لَوْ كُنّ يَوْمَ جرَينَ كُنّ كصَبرِنَا | عندَ الرّحيلِ لَكُنّ غَيرَ سِجَامِ |
لم يَتْرُكُوا لي صاحِباً إلاّ الأسَى | وَذَمِيلَ ذِعْلِبَةٍ كَفَحْلِ نَعَامِ |
وَتَعَذُّرُ الأحْرارِ صَيّرَ ظَهْرَهَا | إلاّ إلَيْكَ عَليَّ ظَهْرَ حَرَامِ |
أنتَ الغَريبَةُ في زَمَانٍ أهْلُهُ | وُلِدَتْ مَكارِمُهُمْ لغَيرِ تَمَامِ |
أكْثَرْتَ من بَذْلِ النّوَالِ وَلم تزَلْ | عَلَماً على الإفْضالِ وَالإنْعَامِ |
صَغّرْتَ كلّ كَبيرَةٍ وَكَبُرْتَ عَنْ | لَكَأنّهُ وَعَدَدْتَ سِنّ غُلامِ |
وَرَفَلْتَ في حُلَلِ الثّنَاءِ وَإنّمَا | عَدَمُ الثّنَاءِ نِهَايَةُ الإعْدامِ |
عَيْبٌ عَلَيكَ تُرَى بسَيفٍ في الوَغى | مَا يَصْنَعُ الصّمْصَامُ بالصّمصَامِ |
إنْ كانَ مِثْلُكَ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ | فَبَرِئْتُ حِينَئِذٍ مِنَ الإسْلامِ |
مَلِكٌ زُهَتْ بِمَكَانِهِ أيّامُهُ | حتى افتَخَرْنَ بهِ على الأيّامِ |
وَتَخالُهُ سَلَبَ الوَرَى مِن حِلْمِهِ | أحْلامَهُمْ فَهُمُ بِلا أحْلامِ |
وَإذا امتَحَنْتَ تَكَشّفَتْ عَزَمَاتُهُ | عَن أوْحَدِيّ النّقْضِ وَالإبْرامِ |
وَإذا سَألْتَ بَنَانَهُ عَنْ نَيْلِهِ | لم يَرْضَ بالدّنْيَا قَضاءَ ذِمَامِ |
مَهْلاً ألا لِلّهِ ما صَنَعَ القَنَا | في عَمْرِو حَابِ وَضَبّةَ الأغْتَامِ |
لمّا تَحَكّمَتِ الأسِنّةُ فِيهِمِ | جَارَتْ وَهُنّ يَجُرْنَ في الأحكامِ |
فَتَرَكْتَهُمْ خَلَلَ البُيُوتِ كأنّما | غَضِبَتْ رُؤوسُهُمُ على الأجْسامِ |
أحجارُ ناسٍ فَوْقَ أرْضٍ مِنْ دَمٍ | وَنُجُومُ بَيْضٍ في سَمَاءِ قَتَامِ |
وَذِراعُ كُلّ أبي فُلانٍ كُنْيَةً | حَالَتْ فَصَاحِبُها أبُو الأيْتَامِ |
عَهْدي بمَعْرَكَةِ الأميرِ وَخَيْلُهُ | في النّقْعِ مُحْجِمَةٌ عنِ الإحجامِ |
صَلّى الإل?هُ عَلَيْكَ غَيرَ مُوَدَّعٍ | وَسَقَى ثَرَى أبَوَيْكَ صَوْبَ غَمَامِ |
وَكَسَاكَ ثَوْبَ مَهَابَةٍ مِنْ عِنْدِهِ | وَأرَاكَ وَجهَ شَقيقِكَ القَمْقَامِ |
فَلَقَدْ رَمَى بَلَدَ العَدُوّ بنَفْسِهِ | في رَوْقِ أرْعَنَ كالغِطَمّ لُهَامِ |
قَوْمٌ تَفَرّسَتِ المَنَايَا فِيكُمُ | فرَأتْ لكُمْ في الحرْبِ صَبرَ كِرَامِ |
تَالله مَا عَلِمَ امرُؤٌ لَوْلاكُمُ | كَيفَ السّخاءُ وَكَيفَ ضرْبُ الهَامِ |