نحن نمشي وحولنا هاته الأكوان

نحنُ نمشي وحولَنَا هاته الأَكــوانُ تمشي لكنْ لأَيَّةِ غايَة
نحنُ نشدو مع العَصافيرِ للشَّمْــسِ وهذا الرَّبيعُ ينفُخُ نَايَهْ
نحنُ نَتْلو روايَةَ الكونِ للموتِ ولكنْ ماذا خِتامُ الرِّواية
هكذا قلتُ للرِّياحِ فقالتْسَلْ ضميرَ الوُجُودِ كيف البدايَة
وتغشَّى الضَّبابُ نفسي فصاحتْفي مَلالٍ مُرٍّ إلى أَيْنَ أَمشي
قلتُ سيري معَ الحَيَاةِ فقالتْمَا جنينا تُرى من السَّيْرِ أَمسِ
فَتَهافَتُّ كالهشيمِ على الأَرضِ وناديتُ أَيْنَ يا قلبُ رفشي
هاتِهِ علَّني أَخُطُّ ضريحيفي سكونِ الدُّجى وأَدفُنُ نفسي
هاتِهِ فالظَّلامُ حولي كثيفٌوضبابُ الأَسى مُنيخٌ عليَّا
وكؤوسُ الغرامِ أَترعَهَا الفَجْــرُ ولكنْ تَحَطَّمَتْ في يدَيَّا
والشَّبابُ الغرير ولَّى إلى الماضي وخلَّى النَّحيبَ في شَفَتَيَّا
هاتِهِ يا فؤادُ إنَّا غَريبانِ نَصُوعُ الحَيَاةَ فنًّا شَجِيَّا
قَدْ رقصْنا معَ الحَيَاةِ طويلاًوشدوْنا مع الشَّبابِ سنينا
وعدَوْنا مع اللَّيالي حُفاةًفي شِعابِ الحَيَاةِ حتَّى دَمينا
وأكلْنا التُّرابَ حتَّى مَلِلْناوشَربْنا الدُّموعَ حتَّى رَوِينا
ونَثَرْنا الأَحْلامَ والحبَّ والآلامَ واليأسَ والأَسى حيثُ شِينا
ثمَّ ماذا هذا أنا صرتُ في الدُّنيا بعيداً عن لهوِها وغِنَاها
في ظلامِ الفَنَاءِ أَدفُنُ أَيَّامي ولا أستطيعُ حتَّى بكاها
وزهورُ الحياة تهوي بِصَمْتٍمحزنٍ مُضْجِرٍ على قدميَّا
جَفَّ سِحْرُ الحَيَاةِ يا قلبيَ البــاكي فهيَّا نُجَرِّبُ الموتَ هيَّا
قصيدة أبو القاسم الشابي