زارت عليها للظلام رواق

زارَتْ عليها للظّلامِ رِواقومِنَ النّجومِ قَلائِدٌ ونِطاقُ
والطوْقُ من لُبْسِ الحَمامِ عهِدتُهوظِباءُ وَجْرَةَ ما لها أطْواقُ
ومن العجائِبِ أنّ حَلْيَكِ مُثْقِلٌوعليكِ من سَرَقِ الحَريرِ لِفاق
وصُوَيْحِباتُكِ بالفَلاةِ ثِيابُهاأوْبارُها وحُلِيّها الأرْواق
لم تُنْصِفي غُذّيتِ أطيَبَ مَطْعَمٍوغِذاؤهُنّ الشَّتُّ والطُّبّاق
هل أنتِ إلّا بعضُهُنّ وإنّماخَيرُ الحَياةِ وشَرُّها أرْزاق
حَقٌّ عليها أنْ تَحِنّ لمَنْزِلٍغُذِيَتْ به اللذّاتِ وهْيَ حِقاق
لِيْمَتْ وليْلُ اللائِمِينَ تَعانُقٌحتى الصّباحِ وليْلُها الإِعْناق
ما الجِزْعُ أهْلٌ أنْ تُرَدّدَ نَظْرَةٌفيه وتُعْطَفَ نحوَهُ الأعْناق
لا تَنْزِلي بِلِوَى الشقائِقِ فاللّوىألْوَى المَواعِدَ والشقِيقُ شِقاق
قصيدة شعر أبو العلاء المعري

لوحة على الجدار

ونقول الأن أشياء كثيرة
عن غروب الشمس في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
ليلة تمضي و لا نأخذ من عالمنا
غير شكل الموت
في عز الظهيرة
و لعينيك زمان آخر
ولجسمي قصة أخرى
وفي الحلم نريد الياسمين
عندما وزّعنا العالم من قبل سنين
كانت الجدران تستعصي على الفهم
وكان الأسبرين
يرجع الشبّاك و الزيتون و الحلم إلى أصحابه
كان الحنين
لعبة تلهيك عن فهم السنين
و نقول الآن أشياء كثيرة
عن ذبول القمح في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
خنجرا يلمح كالحق و لا نأخذ عن عالمنا
غير لون الموت
في عز الظهيرة
في اشتعال القبلة الأولى
يذوب الحزن
والموت يغني
وأنا لا أحزن الآن
ولكني أغني
أي جسم لا يكون الآن صوتا
أي حزن
لا يضم الكرة الأرضية الآن
إلى صدر المغني
و نقول الآن أشياء كثيرة
عن عذاب العشب في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
قبلة تنسى ولا نأخذ من عالمنا
غير طعم الموت
في عزّ الظهيرة
ألف نهر يركض الآن
وكل الأقوياء
يلعبون النرد في المقهى
ولحم الشهداء
يختفي في الطين أحيانا
وأحيانا يسلي الشعراء
وأنا يا امرأتي أمتصّ من صمتك
في الليل حليب الكبرياء
و نقول الآن أشياء كثيرة
عن ضياع اللون في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
طفلة ماتت و لا نأخذ من عالمنا
غير صوت الموت
في عز الظهيرة
قصيدة محمود درويش

أما العتاب فبالأحبة أخلق

أَمّا العِتابُ فَبِالأَحِبَّةِ أَخلَقُوَالحُبُّ يَصلُحُ بِالعِتابِ وَيَصدُقُ
يا مَن أُحِبُّ وَمَن أُجِلُّ وَحَسبُهُفي الغيدِ مَنزِلَةً يُجَلُّ وَيُعشَقُ
البُعدُ أَدناني إِلَيكَ فَهَل تُرىتَقسو وَتَنفُرُ أَم تَلينُ وَتَرفُقُ
في جاهِ حُسنِكَ ذِلَّتي وَضَراعَتيفَاِعطِف فَذاكَ بِجاهِ حُسنِكَ أَليَقُ
خَلُقَ الشَبابُ وَلا أَزالُ أَصونُهُوَأَنا الوَفِيُّ مَوَدَّتي لا تَخلُقُ
صاحَبتُهُ عِشرينَ غَيرَ ذَميمَةٍحالي بِهِ حالٍ وَعَيشِيَ مونِقُ
قَلبي اِدَّكَرتَ اليَومَ غَيرُ مُوَفَّقٍأَيّامَ أَنتَ مَعَ الشَبابِ مُوَفَّقُ
فَخَفَقتَ مِن ذِكرى الشَبابِ وَعَهدِهِلَهفي عَلَيكَ لِكُلِّ ذِكرى تَخفُقُ
كَم ذُبتَ مِن حُرَقِ الجَوى وَاليَومَ مِنأَسَفٍ عَلَيهِ وَحَسرَةٍ تَتَحَرَّقُ
كُنتَ الشِباكَ وَكانَ صَيداً في الصِباما تَستَرِقُّ مِنَ الظِباءِ وَتُعتِقُ
خَدَعَت حَبائِلُك المِلاحَ هُنَيَّةًوَاليَومَ كُلُّ حِبالَةٍ لا تَعلَقُ
هَل دونَ أَيّامِ الشَبيبَةِ لِلفَتىصَفوٌ يُحيطُ بِهِ وَأُنسٌ يُحدِقُ
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

يؤدبك الدهر بالحادثات

يؤدّبك الدهر بالحادثات إذا كان شيخاك ما أدّبا
بدت فتنٌ مثلُ سودِ الغمامِألقتْ على العالم الهيدبا
ومن دونِها اختلفتْ غالبٌوأبْعدَ عُثمانُها جُندُبا
فلا تضحكنّ ابنةُ السّنبسيّفأوجبُ منْ ذاك أنْ تَنْدُبا
إذا عامرٌ تَبِعتْ صالحاًوزجتْ بنُو قرّةَ الحُردَبا
وأردف حسّانُ في مائحٍ،متى هَبطوا مُخْصِبا أجدَبا
وإنْ فرَعُوا جبلاً شامِخاًفليسَ يُعَنَّفُ أنْ يحدَبا
رأيتُ نظيرَ الدَّبَا كثرةًقتيرُهُم كعُيون الدَّبَا
أشعار أبو العلاء المعري

لقد سر العدو وساء سعدا

لَقَدْ سَرّ العَدُوَّ وَسَاءَ سَعْداًعَلى القَعقاعِ قَبرِ فَتىً هِجانِ
ألا تَبْكِي بَنُو سَعْدٍ فَتَاهَالِأَيّامِ السَماحَةِ وَالطِعانِ
فَتاها لِلعَظائِمِ إِن أَلَمَّتوَلِلحَربِ المُشَمِّرَةِ العَوانِ
كَأَنَّ اللَحدَ يَومَ أَقامَ فيهِتَضَمَّنَ صَدرَ مَصقولٍ يَماني
فَتىً كَانَتْ يَدَاهُ بِكُلّ عُرْفٍإِذا جَمَدَ الأَكُفُّ تَدَفَّقانِ
قصيدة الفرزدق

أعقاب في عنان الجو لاح

أَعُقابٌ في عَنانِ الجَوِّ لاحأَم سَحابٌ فَرَّ مِن هَوجِ الرِياح
أَم بِساطُ الريحِ رَدَّتهُ النَوىبَعدَ ما طَوَّفَ في الدَهرِ وَساح
أَو كَأَنَّ البُرجَ أَلقى حوتَهُفَتَرامى في السَماواتِ الفِساح
أَقبَلَت مِن بُعُدٍ تَحسَبُهانَحلَةً عَنَّت وَطَنَّت في الرِياح
يا سِلاحَ العَصرِ بُشِّرنا بِهِكُلُّ عَصرٍ بِكَمِيٍّ وَسِلاح
إِنَّ عِزّاً لَم يُظَلَّل في غَدٍبِجَناحَيكَ ذَليلٌ مُستَباح
فَتَكاثَر وَتَأَلَّف فَيلَقاًتَعصِمُ السِلمَ وَتَعلو لِلكِفاح
مِصرُ لِلطَيرِ جَميعاً مَسرَحٌما لَنا فيهِ ذُنابى أَو جَناح
رُبَّ سِربٍ قاطِعٍ مَرَّ بِهِهَبَطَ الأَرضَ مَلِيّاً وَاِستَراح
لِمَ لا يُفتَنُ فِتيانَ الحِمىذَلِكَ الإِقدامُ أَو ذاكَ الطِماح
مِن فَتىً حَلَّ مِنَ الجَوِّ بِهِمفَتَلَقّوهُ عَلى هامٍ وَراح
إِنَّهُ أَوَّلُ عُصفورٍ لَهُمهَزَّ في الجَوِّ جَناحَيهِ وَصاح
دَبَّت الهِمَّةُ فيهِ وَمَشَتعَزَماتٌ مِنكَ يا حَربُ صِحاح
ناطَحَ النَجمَ فَتىً عَلَّمتُهُفي حَياةٍ حُرَّةٍ كَيفَ النِطاح
لَكَ في الأَجيالِ تِمثالٌ مَشىوَجَدوا الرُشدَ عَلَيهِ وَالصَلاح
جاوَزَ النيلَ وَعَبرَيهِ إِلىأَكَمِ الشامِ وَهاتيكَ البِطاح
فارِسَ الجَوِّ سَلامٌ في الذُرىوَعَلى الماءِ وَمِن كُلِّ النَواح
ثِب إِلىالنَجمِ وَزاحِم رُكنَهُوَاِمتَلِئ مِن خُيَلاءٍ وَمِراح
إِنَّ هَذا الفَتحَ لا عَهدَ بِهِلِضِفافِ النيلِ مِن عَهدِ فِتاح
تِلكَ أَبوابُ السَماءِ اِنفَتَحَتما وَراءَ البابِ يا طَيرَ النَجاح
أَسَماءُ النيلِ أَيضاً حَرَمٌمِن طَريقِ الهِندِ أَم جَوٌّ مُباح
عَينُ شَمسٍ مُلِأَت مِن مَوكِبٍكانَ لِلأَبطالِ أَحياناً يُتاح
رُبَّما جَلَّلَ وَجهَ الأَرضِ أَورُبَّما سَدَّ عَلى الشَمسِ السَراح
إِن يَفُتهُ الجَيشُ أَو رَوَّعتُهُلَم يَفُتهُ النَشَأُ الزُهرُ الصِباح
وَفِدى فائِزَةٍ سُمرُ القَناوَفِدى حارِسِها بيضُ الصِفاح
وَلَقَد أَبطَأَت حَتّى لَم يَنَملِلحِمى لَيلٌ وَلَم يَنعَم صَباح
فَاِبتَغي العُذرَ كِرامٌ وَاِنبَرَتأَلسُنٌ في الثَلمِ وَالهَدمِ فِصاح
تَلتَوي الخَيلُ عَلى راكِبِهاكَيفَ بِالعاصِفِ في يَومِ الجِماح
لَيسَ مَن يَركَبُ سَرجاً لَيِّناًمِثلَ مَن يَركَبُ أَعرافَ الرِياح
سِر رُوَيداً في فَضاءٍ سافِرٍضاحِكِ الصَفحَةِ كَالفِردَوسِ صاح
طَرَفَت عَيناً بِهِ الشَمسُ فَلَوخُيِّرَت لَم تَتَحَفَّز لِلرَواح
وَتَكادُ الطَيرُ مِن خِفَّتِهِتَتَعالى فيهِ مِن غَيرِ جَناح
قِف تَأَمَّل مِن عُلُوٍّ قُبَّةًرُفِعَت لِلفَصلِ وَالرَأيِ الصُراح
نَزَلَ النُوّابُ فيها فِتيَةًفي جَناحٍ وَشُيوخاً في جَناح
حَمَلوا الحَقَّ وَقاموا دونَهُكَرَعيلِ الخَيلِ أَو صَفِّ الرِماح
يا أَبا الفاروقِ مَن تَرعى فَفيكَنَفِ الفَضلِ وَفي ظِلِّ السِماح
أَنتَ مِن آباؤُكِ السُحبُ وَمافي بِناءِ السُحُبِ الأَيدي الشِحاح
يَدُكَ السَمحَةُ في الخَيرِ وَفيهِمَّةِ الغَرسِ وَفي أُسوِ الجِراح
نَحنُ أَفلَحنا عَلى الأَرضِ بِكُموَرَجَونا في السَماواتِ الفَلاح
قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي