روما على جلودنا |
أرقام أسرى و السياط |
تفكها إذا هوت، أو ترتخي |
كان العبيد عزّلا |
ففتتوا البلاط |
بابل حول جيدنا |
وشم سبايا عائدة |
تغيرت ملابس الطاغوت |
من عاش بعد الموت |
لو آمنت.. لا يموت |
متنا و عشنا، و الطريق واحدة |
إفريقيا في رقصنا |
طبل.. و نار حافية |
وشهوة على دخان غانية |
في ذات يوم.. أحسن العزف على |
ناي الجذوع الهاوية |
أنوّم الأفعى |
وأرمي نابها في ناحية |
فتلقي في رقصة جديدة.. جديدة |
إفريقيا..وآسيه |
قصائد محمود درويش عن الوطن
أقوى ما كتب شاعر فلسطين محمود درويش عن الوطن و حب الوطن مجموعة قصائد مميزة و خالدة في التاريخ لمحمود درويش.
كمقهى صغير هو الحب
كمقهي صغير علي شارع الغرباء |
هو الحبّ يفتح أبوابه للجميع |
كمقهي يزيد وينقص وفق المناخ |
إذا هَطَلَ المطر ازداد روَّاده |
وإذا اعتدل الجوّ قَلّوا ومَلّوا |
أَنا هاهنا يا غريبة في الركن أجلس |
ما لون عينيكِ ما إسمك كيف |
أناديك حين تمرِّين بي وأَنا جالس |
في انتظاركِ |
مقهي صغيرٌ هو الحبّ أَطلب كأسيْ |
نبيذ وأَشرب نخبي ونخبك أَحمل |
قبَّعتين وشمسيَّة إنها تمطر الآن |
تمطر أكثر من أيِّ يوم ولا تدخلينَ |
أَقول لنفسي أَخيرا لعلَّ التي كنت |
أنتظر انتظَرتْني أَو انتظرتْ رجلا |
آخرَ انتظرتنا ولم تتعرف عليه عليَّ |
وكانت تقول أَنا هاهنا في انتظاركَ |
ما لون عينيكَ أَيَّ نبيذٍ تحبّ |
وما اَسمكَ كيف أناديكَ حين |
تمرّ أَمامي |
كمقهي صغير هو الحب |
ثلاث صور
كان القمر |
كعهده منذ ولدنا باردا |
الحزن في جبينه مرقرق |
روافدا روافدا |
قرب سياج قرية |
خر حزينا |
شاردا |
كان حبيبي |
كعهده منذ التقينا ساهما |
الغيم في عيونه |
يزرع أفقا غائما |
والنار في شفاهه |
تقول لي ملاحما |
ولم يزل في ليله يقرأ شعرا حالما |
يسألني هديه |
وبيت شعر ناعما |
كان أبي |
كعهده محملا متاعبا |
يطارد الرغيف أينما مضى |
لأجله يصارع الثعالبا |
ويصنع الأطفال |
والتراب |
والكواكبا |
أخي الصغير اهترأت |
ثيابه فعاتبا |
وأختي الكبرى اشترت جواربا |
وكل من في بيتنا يقدم المطالبا |
ووالدي كعهده |
يسترجع المناقبا |
ويفتل الشواربا |
ويصنع الأطفال |
والتراب |
والكواكبا |
مرثية
لملمت جرحك يا أبي |
برموش أشعاري |
فبكت عيون الناس |
من حزني و من ناري |
وغمست خبزي في التراب |
وما التمست شهامة الجار |
وزرعت أزهاري |
في تربة صماء عارية |
بلا غيم و أمطار |
فترقرقت لما نذرت لها |
جرحا بكى برموش أشعاري |
عفوا أبي |
قلبي موائدهم |
وتمزقي و تيتمي العاري |
ما حيلة الشعراء يا أبتي |
غير الذي أورثت أقداري |
إن يشرب البؤساء من قدحي |
لن يسألوا |
من أي كرم خمري الجاري |
ليلك من ليلك
يجلسُ الليلُ حيث تكونين ليلُك من |
لَيْلَكٍ بين حين وآخر تُفْلتُ إيماءة |
من أَشعَّة غمَّازتَيْك فتكسر كأسَ النبيذ |
وتُشْعل ضوء النجوم وليلُك ظِلُّكِ |
قطعةُ أرضٍ خرافيَّةٍ للمساواة ما بين |
أَحلامنا ما أَنا بالمسافر أَو بالمُقيم على |
لَيْلكِ الليلكيِّ أَنا هُوَ مَنْ كان يوماً |
أَنا كُلَّما عَسْعَسَ الليلُ فيك حَدَسْتُ |
بمَنْزلَةِ القلب ما بين مَنْزلَتَيْن فلا |
النفسُ ترضى ولا الروحُ ترضى وفي |
جَسَدَيْنا سماءٌ تُعانق أَرضاً وكُلُّك |
ليلُكِ لَيْلٌ يشعُّ كحبر الكواكب.لَيْلٌ |
على ذمَّة الليل يزحف في جسدي |
خَدَراً على لُغَتي كُلَّما اتَّضَحَ اُزدَدْتُ |
خوفاً من الغد في قبضة اليد ليلٌ |
يُحدَّقُ في نفسه آمناً مطمئناً إلى لا |
نهاياته لا تحفُّ به غيرُ مرآته |
وأَغاني الرُعاة القُدَامى لصيف أَباطرةٍ |
يمرضون من الحبِّ ليل ترعرع في شِعْرِهِ |
الجاهليِّ على نزوات امرئ القيس والآخرين |
ووسَّع للحالمين طريقَ الحليب إلى قمرٍ |
جائعٍ في أَقاصي الكلام |
صوت وسوط
لو كان لي برج |
حبست البرق في جيبي |
وأطفأت السحاب |
لو كان لي في البحر أشرعة |
أخذت الموج و الإعصار في كفّي |
ونوّمت العباب |
لو كان عندي سلّم |
لغرست فوق الشمس رايتي التي |
اهترأت على الأرض الخراب |
لو كان لي فرس |
تركت عنانها |
ولجمت حوذيّ الرياح على الهضاب |
لو كان لي حقل و محراث |
زرعت القلب و الأشعار |
في بطن التراب |
لو كان لي عود |
ملأت الصمت أسئلة ملحّنة |
وسلّيت الصحاب |
لو كان لي قدم |
مشيت مشيت حتى الموت |
من غاب لغاب |
لو كان لي |
حتى صليبي ليس لي |
إنّي له |
حتى العذاب |
ماذا تبقّى أيّها المحكوم؟ |
إنّ الليل خيّم مرّة أخرى |
وتهتف لا أهاب |
يا سيداتي سادتي |
يا شامخين على الحراب |
الساق تقطع و الرقاب |
والقلب يطفأ لو أردتم |
والسحاب |
يمشي على أقدامكم |
والعين تُسمل و الهِضاب |
تنهار لو صحتم بها |
ودمي المملّح بالتراب |
إن جفّ كرمكم |
يصير إلى شراب |
والنيل يسكب في الفرات |
إذا أردتم و الغراب |
لو شئتم في الليل شاب |
لكنّ صوتي صاح يوما |
لا أهاب |
فلتجلدوه إذا استطعتم |
واركضوا خلف الصدى |
ما دام يهتف: لا أهاب |