خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا | وهادَنَّا، ولم نُلقِ السِّلاحَا |
رضينا في هوى الوطنِ المفدَّى | دمَ الشهداءِ والماَ المطاحا |
ولمّا سلّّت البيضُ المواضي | تقلدنا لها الحقَّ الصراحا |
فحطَّمْنا الشَّكيمَ سِوَى بقايا | إذا عَضَّتْ أَرَيْناها الجِماحا |
وقمنا في شِراعِ الحق نَلْقَى | وندفع عن جوانيه الرياحا |
نعالج شدة ً، ونروض أخرى | ونسعى السعيَ مشروعاً مباحا |
ونستولي على العقبات إلا | كمينَ الغيبِ والقدرَ المتاحا |
ومنْ يصبرْ يجدْ طولَ التمنِّي | على الأَيام قد صار اقتراحا |
وأَيامٍ كأَجواف الليالي | فقدنَ النجمَ والقمرَ اللياحا |
قضيناها حيالَ الحربِ نخشى | بقاءَ الرِّق، أو نرجو السراجا |
تَرَكْنَ الناسَ بالوادي قعودا | من الإعياءِ كالإبل الرَّزاحى |
جنود السلم لا ظفرٌ جزاهم | بما صبروا، ولا موتٌ أَراحا |
ولا تلْقى سوى حيٍّ كَميْتٍ | ومنزوفٍ وإن لم يسقَ راحا |
ترى أسرى وما شهدوا قتالاً | ولا اعتقلوا الأسنَّة والصفاحا |
وجَرْحَى السَّوْطِ لا جَرْحَى المواضي | بما عمل الجواسيسُ اجتراحا |
صباحُك كان إقبالاً وسعداً | فيا يومَ الرِّسالة ِ، عِمْ صَباحا |
وما تألوا نهاركَ ذكرياتٍ | ولا برهانَ عزتك التماحا |
تكاد حِلاك في صفحات مصرٍ | بها التاريخُ يفتتح افتتاحا |
جلالك عن سنا الأضحى تجلَّى | ونورك عن هلالِ الفطر لاحا |
هما حقٌّ، وأنت ملئتَ حقَّا | ومثَّلتْ الضحيَّة َ والسماحا |
بعثنا فيك هاروناً وموسى | إلى فرعونَ فکبتَدَآ الكفاحا |
وكان أعزَّ من روما سيوفاً | وأطغى من قياصرها رماحا |
يكاد من الفتوح وما سَقَتْهُ | يخالُ وراءَ هيكلهِ فتاحا |
وردَّ المسلمون فقيل: خابوا | فيا لَكِ خيبة ً عادت نجاحا! |
أَثارت وادياً من غايَتَيْه | ولامت فرقة ً وأستْ جراحا |
وشَدَّتْ مِن قُوَى قَومٍ مِراضٍ | عزائمهم فردَّتْها صِحاحا |
كأن بلالَ نوديَ: قم فأذَّنْ | فرجَّ شعابَ مكة َ والبطاحا |
كأَن الناس في دينٍ جديدٍ | على جنباته استبَقوا الصلاحا |
وقد هانت حياتهمُ عليهم | وكانوا بالحياة ِ هُمُ الشّحاحا |
فتسمع في مآتمهم غناءً | وتسمع في ولائمهم نُواحا |
حواريينَ أوفدنا ثقاتٍ | إذا تركَ البلاغُ لهم، فصاحا |
فكانوا الحقَّ منقبضاً حيياً | تحدَّى السيفَ مُنصلِتاً وَقاحا |
لهم منَّا براءة ُ أهلِ بدرٍ | فلا إثماً نَعُدُّ ولا جُناحا |
ترى الشَّحناءَ بينهم عِتاباً | وتحسب جدَّهم فيها مزاحا |
جعلنا الخلدَ منزلَهم، وزدنا | على الخلدِ الثناءَ والامتداحا |
يميناً بالتي يسعى إليها | غُدُوّاً بالندامة ، أَو رَوَاحا |
وتَعبَقُ في أنوف الحجِّ رُكناً | وتحتَ جِباهِهم رَحْباً، وساحا |
وبالدستور، وهْوَ لنا حياة ٌ | نرى فيه السلامة َ والفلاحا |
أَخذناه على المُهَجِ الغوالي | ولم نأخذه نَيلاً مُستماحا |
بنينا فيه من دمعٍ رواقاً | ومن دمِ كلِّ نابتة ٍ جناحا… |
… لما ملأ الشبابَ كروح سعدٍ | ولا جعل الحياة َ لهم طماحا |
سلواعنه القضية َ، هل حماها | وكان حمى القضية ِ مستباحا؟ |
وهل نظم الكهولَ الصِّيدَ صَفّاً | وألف من تجاربهم رداحا؟ |
هو الشيخُ الفتيُّ، لو استراحت | من الدأبِ الكواكبُ ما استراحا |
وليس بذائقِ النومِ اغتباقاً | إذا دار الرقادُ، ولا اصطِباحا |
فيالَكَ ضَيْغَماً سهِر الليالي | وناضل دونَ غايتِه، ولاحَى |
ولا حَطَمَتْ لك الأَيامُ ناباً | ولا غضَّت لك الدنيا صياحا |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
معالي العهد قمت بها فطيما
معالي العهدِ قمتَ بها فطيما | وكانَ إليكَ مرجعها قديما |
تنقَّلْ من يدٍ ليدٍ كريما | كروحِ الله إذ خلفَ الكليما |
تَنَحَّى لابنِ مريمَ حينَ جاءَ | وخلَّى النَّجْمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ |
ضِياءٌ لِلعيون تَلا ضِياءَ | يَفيضُ مَيامِناً، وهدى ً عَميما |
كذا أنتم بني البيتِ الكريمِ | وهل مُتَجَزِّىء ٌ ضوْءُ النُّجوم؟ |
وأَين الشُّهْبُ من شرفٍ صَميمِ | تألقَ عقدهُ بكمو نظيما؟ |
أرى مستقبلاً يبدو عجابا | وعنواناً يكنُّ لنا كتابا |
وكان محمدٌ أملاً شهابا | وكان اليأسُ شيطاناً رجيما |
وأَشرقتِ الهياكِلُ والمباني | كما كانت وأزينَ في الزمانِ |
وأصبحَ ما تكنُّ من المعاني | على الآفاق مسطوراً رقيما |
سألتُ، فقيل له: وضعتهُ طفلا | وهذا عِيدُهُ في مِصْرَ يُجْلَى |
في انتفاضٍ كانتفاضِ البلبل | |
فقلت: كذلِكم آنَسْتُ قَبْلا | فأَما أَنتَ يا نجلَ المعالي |
يمنتزهِ الإمارة ِ هلَّ فجرا | هلالاً في منازله أغرَّا |
فباتت مِصرُ حوْلَ المهدِ ثغرا | وباتَ الثغر للدنيا نديما |
لجيلكَ في عدٍ جيلِ المعالي | وشعبِ المجدِ والهممِ العوالي |
… أَزُفُّ نوابغَ الكَلِمِ الغَوالي | وأُهدِي حكمتي الشَّعْبَ الحكيما |
إذا أَقبلتَ يا زمن البنينا | وشَبُّوا فيك واجتازوا السنينا |
فدُرْ مِنْ بَعدِنا لهُم يَمينا | وكن لوُرودِك الماءَ الحميما |
ويا جيلَ الأميرِ، إذا نشأتا | وشاءً الجدُّ أن تعطى ، وشئتا |
فخذ سُبُلاً إلى العلياء شَتَّى | وخلِّ دليلكَ الدينَ القويما |
وضِنَّ به، فإن الخير فيه | وخُذْهُ من الكتابِ وما يَليهِ |
ولا تأخُذْهُ من شَفَتَيْ فقيهِ | ولا تهجرْ مع الدين العلوما |
وثقْ بالنفسِ في كلِّ الشئونِ | وكن مما اعتقدتَ على يَقين |
كأنك من ضميرك عند دين | فمن شرفِ المبادىء أن تقيما |
وإن ترمِ المظاهرَ في الحياة | فرُمْها باجتهادِك والثباتِ |
وخذها بالمساعي باهراتِ | تنافسُ في جلالتها النجوما |
وإن تخرجْ لحربٍ أو سلامِ | فأقدمْ قبلَ إقدامِ الأنام |
وكن كالليث: يَأْتي من أَمامِ | فيَمْلأ كلَّ ناطِقة ٍ وُجُوما |
وكنْ شَعْبَ الخصائصِ والمزايا | فأقدمْ قبلَ إقدامِ الأنام |
وكن كالنحلِ والدُنيا الخلايا | يمرُّ بها، ولا يَمضِي عَقيما |
ولا تطمحْ إلى طَلَبِ المُحالِ | ولا تقنعْ إلى هجرِ المعالي |
فإن أَبطأنَ فاصبرْ غيرَ سالِ | كصبرِ الأنبياءِ لها قديما |
ولا تقبَلْ لغير الله حُكما | ولا تحمل لغير الدهرِ ظلما |
ولا ترضَ القليلَ الدُّونَ قسما | إذا لم تقدرِ الأمرَ المروما |
ولا تيأَسْ، ولا تكُ بالضَّجُور | ولا تثِقَنَّ من مَجرَى الأُمورِ |
فليسَ مع الحوادثِ من قديرِ | ولا أَحدٌ بما تأْتِي عليما |
وفي الجُهّالِ لا تَضَع الرجاءَ | كوَضع الشمْسِ في الوَحَلِ الضِّياءَ |
يَضيعُ شُعاعُها فيه هَباءَ | وكان الجهلُ ممقوتاً ذَميما |
وبالغ في التدبر والتحري | ولا تَعجَلْ، وثِق من كلِّ أَمر |
وكن كالأُسْدِ: عند الماءِ تجرِي | وليست وُرَّداً حتى تَحوما |
وما الدنيا بمثوى للعبادِ | فكن ضَيْفَ الرِّعاية ِ والوِدادِ |
ولا تَستَكثِرَنّ من الأَعادي | فشَرُّ الناسِ أَكثرُهم خُصوما |
ولا تجعلْ تودُّدَكَ ابتِذَالا | ولا تسمحْ بحلمك أن يذالا |
وكن ما بين ذاك وذاك حالا | فلن تُرضِي العدُوَّ ولا الحميما |
وصلِّ صلاة َ من يرجو ويخشى | وقبلَ الصَّوْمِ صُمْ عن كلِّ فَحْشا |
ولا تحسب بأن الله يرشى | وأَنَّ مُزَكِّياً أَمِنَ الجحيما |
لكلِّ جنى زكاة ٌ في الحياة ِ | ومعنى البِرِّ في لفظِ الزكاة |
وما لله فينا من جُباة ِ | ولا هو لاِمْرِىء ٍ زكَّى غَرِيما |
فإن تكُ عالماً فاعملْ، وفَطِّنْ | وإن تك حاكماً فاعدِلْ، وأَحسِنْ |
وإن تك صانعاً شيئاً فأَتقِنْ | وكن للفرْضِ بعدئذٍ مُقيما |
وصُنْ لغة ً يَحِقُّ لها الصِّيانُ | فخيرُ مظاهِرِ الأُممِ البَيَانُ |
وكان الشعبُ ليس له لِسانُ | غريباً في مواطنه مضيما |
ألم ترها تنالُ بكل ضيرِ | وكان الخيرُ إذ كانت بخير؟ |
أَيَنطِقُ في المَشَارقِ كلُّ طيرِ | ويبقى أهلها رخماً وبوما؟ |
فعلِّمْها صغيرَك قبلَ كلِّ | ودعْ دعوى تمدُّنهم وخلِّ |
فما بالعيِّ في الدنيا التحلِّي | ولا خَرَسُ الفتى فضلاً عظيما |
وخذ لغة َ المعاصرِ، فهيَ دنيا | ولا تجعل لِسانَ الأَصلِ نسْيَا |
كما نقلَ الغرابُ فضلَّ مشيا | وما بلغَ الجديدَ، ولا القديما |
لجيلك يومَ نشأته مقالي | فأما أنتَ يا نجلَ العالي |
فتنظرُ من أَبيكَ إلى مِثال | يُحيِّرُ في الكمالات الفهُوما |
نصائحُ ما أَردتُ بها لأَهدِي | ولا أبغي بها جدواكَ بعدي |
ولكنِّي أحبُّ النَّفعَ جهدي | وكان النفع في الدنيا لزوما |
فإن أقرئتَ – يا مولاي – شعري | فإن أَباك يَعرِفُه ويَدْرِي |
وجدُّكَ كان شأوي حينَ أجري | فأَصرَعُ في سوابِقِها تَميما |
بنونا أنتَ صبحهمو الأجلُّ | وعهدكَ عصمة ٌ لهمو وظلُّ |
فلمْ لا نَرْتَجيكَ لهم وكلُّ | يعيشُ بأَنْ تعيش وأَن تَدوما؟ |
أبكيك إسماعيل مصر وفي البكا
أَبكيكَ إسماعيلَ مِصرَ، وفي البُكا | بعدَ التَّذَكُّرِ راحة ُ المسْتَعبِر |
ومن القيام ببعض حقِّك أنني | أَرْقى لِعِزِّكَ والنعيم المدبِرِ |
هذي بيوتُ الرُّومِ، كيف سكنتها | بعد القصورِ المزريااتِ بقيصر؟ |
ومن العجائبِ أَن نفسَك أَقصَرَتْ | والدهرُ في إحراجها لم يقصر |
ما زالَ يُخلي منكَ كلَّ مَحِلَّة ٍ | حتى دُفِعْتَ إلى المكانِ الأَقفَرِ |
نظرَ الزمان إلى دياركَ كلِّها | نظرَ الرشيدِ إلى منازلِ جعفر |
الله يحكم في المداين والقرى
الله يحكمُ في المداينِ والقُرى | يا مِيتَ غَمْرَ خُذِي القضاءَ كما جرى |
ما جَلَّ خَطْبٌ ثم قِيسَ بغيْرِه | إلا وهوَّنه القياسُ وصغَّرا |
فسَلي عمورَة َ أَو سدُون تأَسِّياً | أَو مرْتنيقَ غداة وورِيَتِ الثرى |
مُدنٌ لقِينَ من القضاءِ ونارِه | شَرراً بجَنب نَصيبِها مُستَصْغَرا |
هذي طلولكِ أنفساً وحجارة ً | هل كنتِ رُكناً من جَهَنَّمَ مُسْعَرا؟! |
قد جئتُ أبكيها وآخذُ عبرة ً | فوقفتُ معتبراً بها مستعبرا |
أجدُ الحياة َ حياة َ دهرٍ ساعة ً | وأرى النعيمَ نعيمَ عمرٍ مقصرا |
وأَعُدُّ من حَزْمِ الأُمورِ وعزمها | للنفس أَن ترضَى ، وأَلاَّ تَضْجَرا |
ما زلتُ أسمعُ بالشَّقاءِ رواية ً | حتى رأيتُ بكِ الشَّقاءَ مصوَّرا |
فعل الزمانُ بشمْلِ أَهلِك فِعْلَهُ | ببني أميَّة َ ، أو قرابة ِ جعفرا |
بالأمسِ قد سكنوا الديارَ ، فأصبحوا | لا يُنظَرون، ولا مساكنُهم تُرَى |
فإذا لقِيت لقيت حيّاً بائساً | وإذا رأيت رأيت مَيْتاً مُنْكرا |
والأُمهاتُ بغير صبرٍ: هذه | تبكي الصغيرَ ، وتلك تبكي الأصغرا |
من كلِّ مُودِعَة ِ الطُّلولِ دموعَها | من أَجْلِ طفلٍ في الطلولِ استأْخرا |
كانت تؤمِّل أن تطولَ حياته | واليومَ تسألُ أن يعودَ فيقبرا |
طلعتْ عليكِ النارُ شؤمها | فمحتكِ آساساً ، وغيرتِ الذرا |
مَلَكَتْ جهاتِكَ ليلة ً ونهارَها | حمراءَ يبدو الموتُ منها أحمرا |
لا ترهبُ الوفانَ في طغيانها | لو قابَلَتْه، ولا تهابُ الأَبْحُرا |
لو أن نيرون الجمادَ فؤاده | يُدْعَى ليَنْظُرَها لعاف المنظرا |
أوأنه ابتلى َ الخليلُ بمثلها | ـ أَستغفِرُ الرحمنَ ـ ولَّى مُدْبِرا |
أو أن سيلاً عاصمٌ من شرها | عصمَ الديارَ من المامع مال جرى |
أَمْسَى بها كلُّ البيوتِ مُبَوَّباً | ومطنَّباً ، ومسيَّجاً ، ومسوَّرا |
أسرتهمو ، وتملَّكتْ طرقاتهم | مَنْ فرَّ لم يجدِ الطريقَ مُيَسَّرا |
خفَّتْ عليهم يومَ ذلك مورداً | وأَضلَّهُمْ قدَرٌ، فضَلُّوا المَصْدَرا |
حيثُ التفتَّ ترى الطريقَ كأنها | ساحاتُ حاتمِ غبَّ نيرانِ القرى |
وترى الدعائمَ في السوادِ كهيكلٍ | خمدَتْ به نارُ المجوسِ، وأَقْفَرا |
وتَشَمُّ رائحة َ الرُّفاتِ كريهة ً | وتشمُّ منها الثاكلاتُ العَنْبَرا |
كثرتْ عليها الطيرُ في حوماتها | يا طيرُ، «كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرا» |
هل تأمنين طوارقَ الأحداثِ أن | تغشى عليكِ الوكرَ في سنة ِ الكرى |
والناسُ مِنْ داني القُرى وبعيدِها | تأْتي لتمشِيَ في الطُّلولِ وتَخْبُرا |
يتساءلون عن الحريقِ وهوله | وأرى الفرائسَ بالتساؤلِ أجدرا |
يا رَبِّ، قد خَمَدَتْ، وليس سواكَ مَنْ | يُطفِي القلوبَ المُشْعَلاتِ تَحسُّرا |
فتحوا اكتتاباً للإغانة فاكتتبْ | بالصبر فهوَ بمالِهم لا يُشترى |
إن لم تكن للبائسين فمن لهم؟ | أَو لم تكن للاجئين فمَنْ ترى ؟! |
فتولَّ جَمْعاً في اليَبَاب مُشتَّتاً | وارحم رميما في التراب مبعثرا |
فعلتَ بمصرَ النارُ ما لم تأتهِ | آياتكَ السبعُ القديمة ُ في الورى |
أوَ ما تراها في البلاد كقاهرٍ | في كلِّ ناحية يُسيِّر عَسْكرا؟! |
فادفعْ قضاءَك، أَو فصيِّرْ نارَه | برداً، وخذْ باللأُّطفِ فيما قدِّرا |
مُدُّوا الأَكفَّ سَخِيَّة ً، واستغفِري | يا أُمَّة ً قد آن أَن تَستغفرا |
أولى بعهطفِ الموسرين وبرِّهم | مَنْ كان مِثلَهُمُ فأَصبَح مُعْسِرا |
يا أيُّها السُّجناءُ في أموالهم | أأمنتموا الأيامَ أن تتغيَّرا؟ |
لا يملكُ الإنسانُ من أحواله | ما تملك الأَقدارُ، مهما قَدَّرا |
لا يُبْطِرنَّكَ من حرير مَوْطِىء ٌ | فلرُبَّ ماشٍ في الحريرِ تَعثَّرَا |
وإذا الزمانُ تنكرتْ أحداثه | لأخيكَ، فاذكره عسى أن تذكرا |
شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً
شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً | وتَلقَّ من أوطانك الإكليلا |
يَهنِيكَ ما أُعطِيتَ من إكرامِها | ومُنِحْتَ مِن عطف ابنِ إسماعيلا |
اليومَ يَومُ السَّابِقين، فكنْ فتًى | لم يبغِ من قصبِ الرِّهانِ بديلا |
وإذا جَرَيْتَ مع السوابق فاقتحِمْ | غرراً تسيل إلى المدى وحجولا |
حتى يراكَ الجمعُ أوَّلَ طالعٍ | ويَرَوْا على أَعرافِك المِنْديلا |
هذا زمانٌ لا توسُّط عنده | يَبْغِي المُغامِرُ عالياً وجليلا |
كنْ سابقاً فيه، أَو کبْقَ بِمَعْزِلٍ | ليس التوسُّطُ للنُبوغِ سبيلا |
ياقاهرَ الغربِ العتيدِ ، ملأته | بثناءِ مِصْرَ على الشفاهِ جَميلا |
قلَّبتَ فيه يداً تكاد لشدَّة ٍ | في البأْسِ ترفع في الفَضاءِ الفِيلا! |
إن الذي خلق الحديدَ وبأسه | جعل الحديد لساعديكَ ذليلا |
زَحْزَحْتَه، فتخاذلتْ أَجلادُه | وطَرحْتَه أَرضاً، فصَلَّ صَليلا |
لِمَ لا يَلِينُ لك الحديدُ ولم تزَلْ | تتلو عليه وتقرأُ التَّنزِيلا؟ |
الأَزْمَة اشْتَدَّتْ ورانَ بلاؤُها | فاصدمْ بركنك ركنها ليميلا |
شمشونُ أَنت، وقد رَستْ أَركانُها | فتَمشَّ في أَركانِها لِتَزولا |
قلْ لي نصيرُ وأنت برٌّ صادقٌ | أحملتَ إنساناً عليك ثقيلا ؟ |
أحملتَ ديناً في حياتك مرَّة ً ؟ | أحملتَ يوماً في الضُّلوعِ غليلا ؟ |
أحملتَ ظلماً من قريبٍ غادرٍ | أو كاشحٍ بالأَمسِ كان خَليلا؟ |
أحملتَ منًّا من قريبٍ مكرَّراً | والليلِ، مِنْ مُسْدٍ إليك جَميلا؟ |
أحملتَ طغيانَ اللثيمِ إذا اغتنى | أَو نال مِنْ جاهِ الأُمورِ قليلا؟ |
أحملتَ في النادي الغبيَّ إذا التقى | من سامعيه الحمدَ والتّبجيلا ؟ |
تلك الحياة ُ، وهذه أَثقالُها | وزن الحديدُ بها فعاد ضئيلا ! |
ياابنَ زيدونَ ، مرحبا
ياابنَ زيدونَ ، مرحبا | قد أطلتَ التغيُّبا |
إن ديوانَكَ الذي | ظلَّ سرًّ محجبَّا ، |
يشتكي اليتيم درُّه | ويقاسي التَّغرُّبا. . . |
. . . صار في كل بلدة ٍ | للأَلِبَّاءِ مَطْلبا |
جاءنا كاملٌ به | عربيًّا مهذَّبا |
تجدُ النَّصَّ معجبا | وترى الشَّرح أعجبا |
أنتَ في القول كلِّه | أَجْملُ الناسِ مَذهبا |
بأبي أنتَ هيكلاً | مِن فنونٍ مُركَّبا |
شاعِراً أَم مُصَوِّراً | كنتَ ، أم كنتَ مطربا ؟ |
ترسل اللحنَ كلَّه | مبدعاً فيه ، مربا |
أحسنَ الناس هاتفاً | بالغواني مشبِّبا |
ونزيلَ المتوَّج | ـينَ، النديمَ المُقرَّبا |
كم سقاهم بشعره | مِدْحَة ً أَو تَعَتُّبا |
ومن المدحِ ما جزى | وأَذاعَ المناقِبا |
وإذا الهجرُ هاجهُ | لمُعَاناته أبى |
ورآه رذيلهً | لا تماشي التأدُّبا |
ما رأَى الناسُ شاعِراً | فاضل الخُلْقِ طيِّبا |
دَسَّ للناشقين في | زَنبَقِ الشعرِ عَقربا |
جُلتَ في الخُلد جوْلة ً | هل عن الخلد مِنْ نَبا؟ |
صف لنا ما وراءه | من عيونٍ، ومن رُبَى |
ونعيمٍ ونَضرة ٍ | وظلالٍ من الصِّبا |
وصِفِ الحور موجزاً | |
قم ترى الأرضَ مثلما | كنتمو أمسِ ملعبا |
وترى العيشَ لم يزلْ | لبني الموتِ مأربا |
وترى ذَاكَ بالذي | عند هذا مُعَذَّبا |
إنَّ مروانَ عصبة ٌ | يَصنعونَ العجائبَا |
طوَّفوا الأَرض مَشرِقاً | بالأيادي ومغربا |
هالة ٌ أَطلعتْكَ في | ذِروة المجدِ كوكبا |
أَنت للفتحِ تنتمي | وكفى الفتحُ منصبا |
لستُ أَرْضَى بغيره | لك جدًّا ولا أبا |