وحرف كجفن السيف أدرك نقيها

وَحَرْفٍ كجَفنِ السّيْفِ أدرَكَ نِقيَها – وَرَاءَ الذي يُخشَى وَجيِفُ التّنائِفِ
قَصَدْتَ بها للغَوْرِ حَتى أنَخْتَها – إلى منكِرِ النّكْرَاءِ للحَقّ عارِفِ
تَزِلُّ جُلُوسُ الرّحْلِ عن مُتماحِلٍ – من الصُّلبِ دامٍ من عَضِيضِ الظلائِفِ
وكَمْ خَبطَتْ نَعلاً بخُفٍّ وَمَنْسِمٍ – تُدَهْدي بهِ صُمّ الجلاميدِ رَاعِفِ
فَلَوْلا تَراخَيهنّ بي، بَعدَما دَنَت – بِكَفِّيَ أسْبَابُ المَنَايا الدّوَالِف
لَكُنْتُ كَظَبْيٍ أدْرَكَتْهُ حِبَالَةٌ – وَقَد كانَ يخشَى الظبيّ إحدى الكَفائِفِ
أرَى الله قَد أعطى ابنَ عاتكَة الذي – لَهُ الدِّينُ أمسَى مُستَقيمَ السّوالِفِ
تُقَى الله والحُكمَ الذي لَيسَ مثلُه – ورَأفَة مَهدِيٍّ على النّاسِ عاطِفِ
وَلا جارَ بعْدَ الله خَيرٌ مِن الّذِي – وَضَعْتُ إلى أبْوَابِهِ رَحْل خائِفِ
إلى خَيْرِ جَارٍ مُسْتَجارٍ بحَبْلِه – وَأوْفَاهُ حَبْلاً للطّرِيدِ المُشَارِفِ
عَلى هُوّةِ المَوْتِ التي إنْ تَقاذَفَت – بِهِ قَذَفَتْهُ في بَعِيدِ النّفانِفِ
فَلابَأس أنّي قَدْ أخَذْتُ بعُرْوَة – هيَ العُرْوَةُ الوُثقَى لخَيرِ الحَلائِف
أتَى دُونَ ما أخشَى بكَفِّيَ مِنهُما – حَيا النّاسِ وَالأقْدارُ ذاتُ المَتالِفِ
فَطامَنَ نَفْسِي بَعْدَما نَشَزَتْ بِه – ليَخْرُجَ تَنْزَاءُ القُلُوبِ الرّوَاجِفِ
وَرَدّ الّذي كادُوا وَما أزمَعُوا لَهُ – عَليّ وما قَدْ نَمّقُوا في الصّحائِفِ
لَدَى مَلِكٍ وابنِ المُلُوكِ، كَأنّه – تَمَامُ بُدُورٍ ضَوْءُهُ غَيرُ كَاسِفِ
أبُوهُ أبُو العاصِي وَحَرْبٌ تَلاقَيا – إلَيْهِ بِمَجْدِ الأكْرَمِينَ الغَطارِفِ
هُمُ مَنَعُوني مِنْ زِيادٍ وَغَيْرِهِ – بِأيْدٍ طِوَالٍ أمّنَتْ كُلَّ خَائِفِ
وكمْ من يَدٍ عندي لكُمْ كان فَضْلُها – عَليّ لكُمْ يا آلَ مَرْوَانَ ضَاعِفِ
فمِنهُنّ أنْ قَدْ كُنتُ مِثْلَ حَمامةٍ – حَرَاماً، وكم من نابِ غَضْبَانَ صَارِفِ
رَدَدْتُ عَلَيْهِ الغَيظَ تحتَ ضُلُوعِهِ – فأصْبَحَ مِنهُ المَوْتُ تحتَ الشّرَاسِفِ
قصيدة لشاعر العصر الاموي الفرزدق التميمي

ندمت ندامة الكسعي لما

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيّ لَمّا – غَدَتْ مِنّي مُطَلَّقَة نَوَارُ
وَكَانَتْ جَنّتي، فَخَرَجْتُ منها – كَآدَمَ حِينَ لَجّ بِهِ الضِّرَارُ
وَكُنْتُ كَفاقىءٍ عَيْنَيْهِ عَمْداً – فَأصْبَحَ مَا يُضِيءُ لَهُ النّهَارُ
وَلا يُوفي بحبِّ نَوَارَ عِندِي – وَلا كَلَفي بهَا إلاّ انْتِحَارُ
وَلَوْ رَضِيتْ يَدايَ بهَا وَقَرّت – لَكَانَ لهَا عَلى القَدَرِ الخِيَارُ
وَمَا فَارَقْتُهَا شِبَعاً، وَلَكِن – رَأيْتُ الدّهْرَ يَأخُذُ مَا يُعَارُ
أبيات شاعر العصر الأموي الفرزدق التميمي

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

هَذا الّذي تَعرفُ البَطحاءُ وَطْأتهُ – وَالبيت يعرفُه والحل وَالحرم
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ – هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ
هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ – بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا بضَائرِه – العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا – يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ – يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا – حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ
ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ – لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ
عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ – عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ
إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها – إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه – فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ – من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ
يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ – رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ
الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ – جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ – لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ
مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا – فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَت – عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ
مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِياءِ لَهُ – وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ – طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ – كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ – كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ – في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهم – أو قيل: من خيرُ أهل الأرْض قيل: هم
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ – وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ – وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ – سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ – وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ
أبيات شاعر العصر الأموي الفرزدق

أيا ليل بكى لي بعينيك رحمة

أَيا لَيلُ بَكّى لي بِعَينَيكِ رَحمَة – مِنَ الوَجدِ مِمّا تَعلَمينَ وَأَعلَمُ
أَلَيسَ عَجيباً أَن نَكونَ بِبَلدَةٍ – كِلانا بِها يَشقى وَلا نَتَكَلَّمُ
لَإِن كانَ ما أَلقى مِنَ الحُبِّ أَنَّني – بِهِ كَلِفٌ جَمُّ الصَبابَةِ مُغرَمُ
لَعَلَّكِ أَن تَرثي لِعَبدٍ مُتَيَّم – فَمِثلُكِ يا لَيلى يَرِقُّ وَيَرحَمُ
بَكى لِيَ يا لَيلى الضَميرُ وَإِنَّه – لَيَبكي بِما يَلقى الفُؤادُ وَيَعلَمُ
قصيدة لمجنون ليلى الشاعر قيس ابن الملوح

تعلقت ليلى وهي غر صغيرة

تَعَلَّقتُ لَيلى وَهيَ غِرٌّ صَغيرَةٌ – ولم يَبد للأَتراب مِن ثَديِها حَجم
صَغيرَينِ نَرعى البَهمَ يا لَيتَ أَنَّنا – إِلى اليَومِ لَم نَكبَر وَلَم تَكبر البَهم
قصيدة حب لمجنون ليلى الشاعر قيس ابن الملوح

هنيئا مريئا ما أخذت وليتني

هَنيئاً مَريئاً ما أَخَذتِ وَلَيتَني – أَراها وَأُعطى كُلَّ يَومٍ ثِيابِيا
وَيا لَيتَها تَدري بِأَنّي خَليلُها – وَإِنّي أَنا الباكي عَلَيها بُكائِيا
خَليلَيَّ لَو أَبصَرتُماني وَأَهلُها – لَدَيَّ حُضورٌ خِلتُماني سَوائِيا
وَلَمّا دَخَلتُ الحَيَّ خَلَّفتُ موقِدي – بِسِلسِلَةٍ أَسعى أَجُرُّ رِدائِيا
أَميلُ بِرَأسي ساعَةً وَتَقودُني – عَجوزٌ مِنَ السُؤالِ تَسعى أَمامِيا
وَقَد أَحدَقَ الصِبيانُ بي وَتَجَمَّعوا – عَلَيَّ وَشَدّوا بِالكِلابِ ضَوارِيا
نَظَرتُ إِلى لَيلى فَلَم أَملِكِ البُكا – فَقُلتُ اِرحَموا ضَعفي وشدة ما بِيا
فَقامَت هَبوباً وَالنِساءُ مِنَ اَجلِها – تَمَشَّينَ نَحوي إِذ سَمِعنَ بُكائِيا
مُعَذِّبَتي لَولاكِ ما كُنتُ سائِلاً – أَدورُ عَلى الأَبوابِ في الناسِ عاريا
وَقائِلَةٍ وارَحمَةً لِشَبابِه – فَقُلتُ أَجَل وارَحمَةً لِشَبابِيا
أَصاحِبَةَ المِسكينِ ماذا أَصابَهُ – وَما بالُهُ يَمشي الوَجى مُتَناهِيا
وَما بالُهُ يَبكي فَقالَت لِما بِهِ – أَلا إِنَّما أَبكي لَها لا لِما بِيا
بَني عَمِّ لَيلى مَن لَكُم غَيرَ أَنَّني – مُجيدٌ لِلَيلى عُمرُها مِن حَياتِيا
فَما زادَني الواشونَ إِلّا صَبابَة – وَما زادَني الناهونَ إِلّا أَعادِيا
فَيا أَهلَ لَيلى كَثَّرَ اللَهُ فيكُم – مِنَ اَمثالِها حَتّى تَجودوا بِها لِيا
فَما مَسَّ جَنبي الأَرضَ حَتّى ذَكَرتُها – وَإِلّا وَجَدتُ ريحَها في ثِيابِيا
قصيدة لمجنون ليلى الشاعر قيس ابن الملوح