حبيبتي هي القانون

أيتها الأنثى التي في صوتها
تمتزج الفضة … بالنبيذ … بالأمطار
ومن مرايا ركبتيها يطلع النهار
ويستعد العمر للإبحار
أيتها الأنثى التي
يختلط البحر بعينيها مع الزيتون
يا وردتي
ونجمتي
وتاج رأسي
ربما أكون
مشاغبا … أو فوضوي الفكر
أو مجنون
إن كنت مجنونا … وهذا ممكن
فأنتِ يا سيدتي
مسؤولة عن ذلك الجنون
أو كنت ملعونا وهذا ممكن
فكل من يمارس الحب بلا إجازة
في العالم الثالث
يا سيدتي ملعون
فسامحيني مرة واحدة
إذا انا خرجت عن حرفية القانون
فما الذي أصنع يا ريحانتي
إن كان كل امرأة أحببتها
صارت هي القانون
أبيات نزار قباني

أحبك أحبك

هل عندك شك انك أحلى امرأه في الدنيا – وأهم امرأه في الدنيا
هل عندك شك أني حين عثرت عليك – ملكت مفاتيح الدنيا
هل عندك شك أن دخولك في قلبي – هو أعظم يوم في التاريخ.. وأجمل خبر في الدنيا
هل عندك شك في من أنت – يا من تحتل بعينيها اجزاء الوقت
يا امرأه تكسر، حين تمر، جدار الصوت
لا أدري ماذا يحدث لي – فكأنك أنثاي الأولى.. وكأني قبلك ما أحببت
وكأني ما مارست الحب … ولا قبلت ولا قبلت…
ميلادي أنت … وقبلك لا أتذكر أني كنت.. وغطائي أنت .. وقبل حنانك لا أتذكر أني عشت
وكأني أيتها الملكه… من بطنك كالعصفور خرجت
هل عندك شك أنك جزء من ذاتي – وبأني من عينيك سرقت النار
وقمت بأ خطر ثوراتي – أيتها الورده …والياقوته ….والريحانه
والسلطانه – والشعبيه… والشرعيه بين جميع الملكات
يا سمكا يسبح في ماء حياتي – ياقمرا يطلع كل مساء من نافذه الكلمات
يا أعظم فتح بين جميع فتوحاتي.. يا أ خر وطن أولد فيه.. وأدفن فيه
وأنشر فيه كتاباتي – يا أمرأه الدهشه …يا أمرأتي
لا أدري كيف رماني الموج على قدميك
لا أدري كيف مشيت إلي – وكيف مشيت اليك
يا من تتزاحم كل طيور البحر – لكي تستوطن في نهديك
كم كان كبيرا حظي حين عليك – يا أمرأة تدخل في تركيب الشعر
دافئه أنت كرمل البحر – رائعه أنت كليله قدر
من يوم طرقت الباب علي …. ابتدأ العمر
كم صار جميلا شعري – حين تثقف بين يديك
كم صرت غنيا …وقويا – لما أهداك الله إلي
هل عندك شك أنك قبس من عيني – ويداك هما استمرار ضوئي ليدي
هل عندك شك – أن كلامك يخرج من شفتي؟
هل عندك شك – أني فيك …وأنك في؟؟
يا نارا تجتاح كياني – يا ثمرا يملأ أغصاني
يا جسدا يقطع مثل السيف – ويضرب مثل البركان
يا نهدا …. يعبق مثل حقول التبغ – ويركض نحوي كحصان
قولي لي … كيف سأنقذ نفسي من أمواج الطوفان
قولي لي… ماذا أفعل فيك؟ أنا في حاله أدمان
قولي ما الحل؟ فأ شواقي – وصلت لحدود الهذيان
يا ذات الأنف الأ غريقي – وذات الشعر الأسباني
يا امرأة لا تتكرر في الآف الأزمان .. يا أمراه ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني
من أين أتيت؟ وكيف أتيت – وكيف عصفتي بوجداني
يا إحدى نعم الله علي – وغيمه حب وحنان
يا أغلى لؤلؤه بيدي – آه كم ربي أعطاني
أقوى قصائد الشاعر نزار قباني

هذا أنا

1
أدمنت أحزاني
فصرت أخاف أن لا أحزنا
وطعنت آلافاً من المرات
حتى صار يوجعني ، بأن لا أطعنا
ولعنت في كل اللغات ..
وصار يقلقني بأن لا ألعنا …
ولقد شنقت على جدار قصائدي
ووصيتي كانت ..
بأن لا أدفنا .
وتشابهت كل البلاد ..
فلا أرى نفسي هناك
ولا أرى نفسي هنا …
وتشابهت كل النساء
فجسم مريم في الظلام .. كما منى ..
ما كان شعري لعبةً عبثيةً
أو نزهةً قمريةً
إني أقول الشعر ـ سيدتي ـ
لأعرف من أنا ….
2
يا سادتي:
إني أسافر في قطار مدامعي
هل يركب الشعراء إلا في قطارات الضنى ؟
إني أفكر باختراع الماء ..
إن الشعر يجعل كل حلمٍ ممكنا
وأنا أفكر باختراع النهد ..
حتى تطلع الصحراء ، بعدي ، سوسنا
وأنا أفكر باختراع الناي ..
حتى يأكل الفقراء ، بعدي ، (الميجنا ) .
إن صادروا وطن الطفولة من يدي
فلقد جعلت من القصيدة موطنا ..
3
يا سادتي:
إن السماء رحيبةً جداً..
ولكن الصيارفة الذين تقاسموا ميراثنا ..
وتقاسموا أوطاننا ..
وتقاسموا أجسادنا ..
لم يتركوا شبراً لنا..
يا سادتي:
قاتلت عصراً لا مثيل لقبحه
وفتحت جرح قبيلتي المتعفنا ..
أنا لست مكترثاً
بكل الباعة المتجولين ..
وكل كتاب البلاط ..
وكل من جعلوا الكتابة حرفةً
مثل الزنى …
4
يا سادتي :
عفواً إذا أقلقتكم
أنا لست مضطراً لأعلن توبتي
هذا أنا …
هذا أنا …
هذا أنا …

عودة أيلول

لا زيت .. لا قشه
لا فحمةٌ في الدار
جهز وجاق النار
في حلمتي رعشه..
أيلول للضم
فمد لي زندك
هل أخبروا أمي؟
أني هنا عندك ..
***
ما أطيب الوحده
والساعد المفتوح
***
تفرق الصبيان
في ساحة البلده
وصوح الوزان
***
معطر الضحكه
لاشت الأقمار
في موطن (الدبكه)
***
من عتمة الرف
في كرمنا الصيفي..
***
يا طيب أيلولا
يلحن الأبواب
كانت مواويلا؟..
لآثر اللينا
من هذه الأخشاب
كانت كراسينا ..
***
نرطب التله
في خاطر السله
***
لا آه .. لا موال
يزركش القريه ..
يكحل الآجال
بمجد سوريه ..
إذا مضى الصيف
وأقفر البيدر
في بؤبؤٍ أخضر
كنا مع النسمات
نرطب التله
ونحشر النجمات
في خاطر السله
***
لا آه .. لا موال
يزركش القريه ..
يكحل الآجال
بمجد سوريه ..
إذا مضى الصيف
وأقفر البيدر
فموطني يغفو
في بؤبؤٍ أخضر

صباحك سكر

إذا مر يومٌ. ولم أتذكر
به أن أقول: صباحك سكر
ورحت أخط كطفلٍ صغير
كلاماً غريباً على وجه دفتر
فلا تضجري من ذهولي وصمتي
ولا تحسبي أن شيئاً تغير
فحين أنا . لا أقول: أحب
فمعناه أني أحبك أكثر
*
إذا جئتني ذات يوم بثوبٍ
كعشب البحيرات.. أخضر .. أخضر
وشعرك ملقىً على كتفيك
كبحرٍ.. كأبعاد ليلٍ مبعثر
ونهدك.. تحت ارتفاف القميص
شهي.. شهي.. كطعنة خنجر
ورحت أعب دخاني بعمقٍ
وأرشف حبر دواتي وأسكر
فلا تنعتيني بموت الشعور
ولا تحسبي أن قلبي تحجر
فبالوهم أخلق منك إلهاً
وأجعل نهدك.. قطعة جوهر
وبالوهم.. أزرع شعرك دفلى
وقمحاً.. ولوزاً.. وغابات زعتر
*
إذا ما جلست طويلاً أمامي
كمملكةٍ من عبيرٍ ومرمر
وأغمضت عن طيباتك عيني
وأهملت شكوى القميص المعطر
فلا تحسبي أنني لا أراك
فبعض المواضيع بالذهن يبصر
ففي الظل يغدو لعطرك صوتٌ
وتصبح أبعاد عينيك أكبر
أحبك فوق المحبة.. لكن
دعيني أراك كما أتصور

كل عام وأنت حبيبتي

1
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
أقولها لك،
عندما تدق الساعة منتصف الليل
وتغرق السنة الماضية في مياه أحزاني
كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورق..
أقولها لك على طريقتي..
متجاوزاً كل الطقوس الاحتفاليه
التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة..
وكاسراً كل تقاليد الفرح الكاذب
التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة..
ورافضاً..
كل العبارات الكلاسيكية..
التي يرددها الرجال على مسامع النساء
منذ 1975 سنة..
2
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
أقولها لك بكل بساطه..
كما يقرأ طفلٌ صلاته قبل النوم
وكما يقف عصفورٌ على سنبلة قمح..
فتزداد الأزاهير المشغولة على ثوبك الأبيض..
زهرةً..
وتزداد المراكب المنتظرة في مياه عينيك..
مركباً..
أقولها لك بحرارةٍ ونزق
كما يضرب الراقص الاسباني قدمه بالأرض
فتتشكل ألوف الدوائر
حول محيط الكرة الأرضيه..
……………………………….
……………………………….
……………………………….
3
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
هذه هي الكلمات الأربع..
التي سألفها بشريطٍ من القصب
وأرسلها إليك ليلة رأس السنه.
كل البطاقات التي يبيعونها في المكتبات
لا تقول ما أريده..
وكل الرسوم التي عليها..
من شموعٍ.. وأجراسٍ.. وأشجارٍ.. وكرات
ثلج..
وأطفالٍ.. وملائكه..
لا تناسبني..
إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزه..
ولا للقصائد الجاهزه..
ولا للتمنيات التي برسم التصدير
فهي كلها مطبوعة في باريس، أو لندن،
أو أمستردام..
ومكتوبةٌ بالفرنسية، أو الانكليزية..
لتصلح لكل المناسبات
وأنت لست امرأة المناسبات..
بل أنت المرأة التي أحبها..
أنت هذا الوجع اليومي..
الذي لا يقال ببطاقات المعايده..
ولا يقال بالحروف اللاتينيه…
ولا يقال بالمراسله..
وإنما يقال عندما تدق الساعة منتصف الليل..
وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئه..
وتستحمين هناك..
ويسافر فمي في غابات شعرك الغجري
ويستوطن هناك..
4
لأنني أحبك..
تدخل السنة الجديدة علينا..
دخول الملوك..
ولأنني أحبك..
أحمل تصريحاً خاصاً من الله..
بالتجول بين ملايين النجوم..
5
لن نشتري هذا العيد شجره
ستكونين أنت الشجره
وسأعلق عليك..
أمنياتي.. وصلواتي..
وقناديل دموعي..
6
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
أمنيةٌ أخاف أن أتمناها
حتى لا أتهم بالطمع أو بالغرور
فكرةٌ أخاف أن أفكر بها..
حتى لا يسرقها الناس مني..
ويزعموا أنهم أول من اخترع الشعر..
7
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
كل عامٍ وأنت حبيبك..
أنا أعرف أنني أتمنى أكثر مما ينبغي..
وأحلم أكثر من الحد المسموح به..
ولكن..
من له الحق أن يحاسبني على أحلامي؟
من يحاسب الفقراء؟..
إذا حلموا أنهم جلسوا على العرش
لمدة خمس دقائق؟
من يحاسب الصحراء إذا توحمت على جدول ماء؟
هناك ثلاث حالاتٍ يصبح فيها الحلم شرعياً:
حالة الجنون..
وحالة الشعر..
وحالة التعرف على امرأة مدهشةٍ مثلك..
وأنا أعاني – لحسن الحظ-
من الحالات الثلاث..
8
اتركي عشيرتك..
واتبعيني إلى مغائري الداخليه
اتركي قبعة الورق..
وموسيقى الجيرك..
والملابس التنكريه..
واجلسي معي تحت شجر البرق..
وعباءة الشعر الزرقاء..
سأغطيك بمعطفي من مطر بيروت
وسأسقيك نبيذاً أحمر..
من أقبية الرهبان..
وسأصنع لك طبقاً إسبانياً..
من قواقع البحر..
إتبعيني – يا سيدتي- إلى شوارع الحلم الخلفيه..
فلسوف أطلعك على قصائد لم أقرأها لأحد..
وأفتح لك حقائب دموعي..
التي لم أفتحها لأحد..
ولسوف أحبك..
كما لا أحبك أحد..
9
عندما تدق الساعة الثانية عشره
وتفقد الكرة الأرضية توازنها
ويبدأ الراقصون يفكرون بأقدامهم..
سأنسحب إلى داخل نفسي..
وأسحبك معي..
فأنت امرأةٌ لا ترتبط بالفرح العام
ولا بالزمن العام..
ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمر أمامنا..
ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا..
ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل
سوى رجالٍ من ورق..
ونساءٍ من ورق..
10
آه.. يا سيدتي
لو كان الأمر بيدي..
إذن لصنعت سنةً لك وحدك
تفصلين أيامها كما تريدين..
وتسندين ظهرك على أسابيعها كما تريدين
وتتشمسين..
وتستحمين..
وتركضين على رمال شهورها..
كما تريدين..
آه.. يا سيدتي..
لو كان الأمر بيدي..
لأقمت عاصمةً لك في ضاحية الوقت
لا تأخذ بنظام الساعات الشمسية والرمليه
ولا يبدأ فيها الزمن الحقيقي
إلا..
عندما تأخذ يدك الصغيرة قيلولتها..
داخل يدي..
11
كل عامٍ وعيناك أيقونتان بيزنطيتان..
ونهداك طفلان أشقران..
يتدحرجان على الثلج..
كل عامٍ.. وأنا متورطٌ بك..
وملاحقٌ بتهمة حبك..
كما السماء متهمةٌ بالزرقه
والعصافير متهمةٌ بالسفر
والشفة متهمةٌ بالإستداره…
كل عامٍ وأنا مضروبٌ بزلازلك..
ومبللٌ بأمطارك..
ومحفورٌ – كالإناء الصيني – بتضاريس جسمك
كل عامٍ وأنت.. لا أدري ماذا أسميك..
إختاري أنت أسماءك..
كما تختار النقطة مكانها على السطر
وكما يختار المشط مكانه في طيات الشعر..
وإلى أن تختاري إسمك الجديد
إسمحي لي أن أناديك:
“يا حبيبتي”…