| حِكايَةُ الكَلبِ مَعَ الحَمامَة | تَشهَدُ لِلجِنسَينِ بِالكَرامَة |
| يُقالُ كانَ الكَلبُ ذاتَ يَومِ | بَينَ الرِياضِ غارِقاً في النَومِ |
| فَجاءَ مِن وَرائِهِ الثُعبانُ | مُنتَفِخاً كَأَنَّهُ الشَيطانُ |
| وَهَمَّ أَن يَغدِرَ بِالأَمينِ | فَرَقَّتِ الوَرقاءُ لِلمِسكينِ |
| وَنَزَلَت توّاً تُغيثُ الكَلبا | وَنَقَرَتهُ نَقرَةً فَهَبّا |
| فَحَمَدَ اللَهَ عَلى السَلامَة | وَحَفِظَ الجَميلَ لِلحَمامَة |
| إِذ مَرَّ ما مَرَّ مِنَ الزَمانِ | ثُمَّ أَتى المالِكُ لِلبُستانِ |
| فَسَبَقَ الكَلبُ لِتِلكَ الشَجَرَة | لِيُنذِرَ الطَيرَ كَما قَد أَنذَرَه |
| وَاِتَّخَذَ النَبحَ لَهُ عَلامَة | فَفَهِمَت حَديثَهُ الحَمامَة |
| وَأَقلَعَت في الحالِ لِلخَلاصِ | فَسَلِمَت مِن طائِرِ الرَصاصِ |
| هَذا هُوَ المَعروفُ يَا أَهلَ الفِطَن | الناسُ بِالناسِ وَمَن يُعِن يُعَن |
قصيدة احمد شوقي
مجموعة مميزة لقصائد أمير الشعراء و احد شعراء العصر الحديث أحمد شوقي.
عصفورتان في الحجاز
| عُصفورَتانِ في الحِجازِ | حَلَّتا عَلى فَنَن |
| في خامِلٍ مِنَ الرِياضِ | لا نَدٍ وَلا حَسَن |
| بَيناهُما تَنتَجِيانِ | سَحَراً عَلى الغُصُن |
| مَرَّ عَلى أَيكِهِما | ريحٌ سَرى مِنَ اليَمَن |
| حَيّا وَقالَ دُرَّتانِ | في وِعاءٍ مُمتَهَن |
| لَقَد رَأَيتُ حَولَ صَنعاءَ | وَفي ظِلِّ عَدَن |
| خَمائِلاً كَأَنَّها | بَقِيَّةٌ مِن ذي يَزَن |
| الحَبُّ فيها سُكَّرٌ | وَالماءُ شُهدٌ وَلَبَن |
| لَم يَرَها الطَيرُ وَلَم | يَسمَع بِها إِلّا اِفتَتَن |
| هَيّا اِركَباني نَأتِها | في ساعَةٍ مِنَ الزَمَن |
| قالَت لَهُ إِحداهُما | وَالطَيرُ مِنهُنَّ الفَطِن |
| يا ريحُ أَنتَ اِبنُ السَبيلِ | ما عَرَفتَ ما السَكَن |
| هَب جَنَّةَ الخُلدِ اليَمَن | لا شَيءَ يَعدِلُ الوَطَن |
لكل زمان مضى آية
| لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ – وَآيَةُ هَذا الزَمانِ الصُحُف |
| لِسانُ البِلادِ وَنَبضُ العِبادِ – وَكَهفُ الحُقوقِ وَحَربُ الجَنَف |
| تَسيرُ مَسيرَ الضُحى في البِلادِ – إِذا العِلمُ مَزَّقَ فيها السَدَف |
| وَتَمشي تُعَلِّمُ في أُمَّةٍ – كَثيرَةِ مَن لا يَخُطُّ الأَلِف |
| فَيا فِتيَةَ الصُحفُ صَبراً إِذا – نَبا الرِزقُ فيها بِكُم وَاِختَلَف |
| فَإِنَّ السَعادَةَ غَيرُ الظُهورِ – وَغَيرُ الثَراءِ وَغَيرُ التَرَف |
| وَلَكِنَّها في نَواحي الضَميرِ – إِذا هُوَ بِاللَومِ لَم يُكتَنَف |
| خُذوا القَصدَ وَاِقتَنِعوا بِالكَفافِ – وَخَلّوا الفُضولَ يَغِلها السَرَف |
| وَروموا النُبوغَ فَمَن نالَهُ – تَلَقّى مِنَ الحَظِّ أَسنى التُحَف |
| وَما الرِزقُ مُجتَنِبٌ حِرفَةً – إِذا الحَظُّ لَم يَهجُرِ المُحتَرِف |
| إِذا آخَتِ الجَوهَرِيَّ الحُظوظُ – كَفَلنَ اليَتيمَ لَهُ في الصَدَف |
| وَإِن أَعرَضَت عَنهُ لَم يَحلُ في – عُيونِ الخَرائِدِ غَيرُ الخَزَف |
| رَعى اللَهُ لَيلَتَكُم إِنَّها – تَلَت عِندَهُ لَيلَةَ المُنتَصَف |
| لَقَد طَلَعَ البَدرُ مِن جُنحِها – وَأَوما إِلى صُبحِها أَن يَقِف |
| جَلَوتُم حَواشِيَها بِالفُنونِ – فَمِن كُلِّ فَنٍّ جَميلٍ طَرَف |
| فَإِن تَسأَلوا ما مَكانُ الفُنونِ – فَكَم شَرَفٍ فَوقَ هَذا الشَرَف |
| أَريكَةُ مولِييرَ فيما مَضى – وَعَرشُ شِكِسبيرَ فيما سَلَف |
| وَعودُ اِبنِ ساعِدَةٍ في عُكاظَ – إِذا سالَ خاطِرُهُ بِالطُرَف |
| فَلا يَرقَيَن فيهِ إِلّا فَتىً – إِلى دَرَجاتِ النُبوغِ اِنصَرَف |
| تُعَلِّمُ حِكمَتُهُ الحاضِرينَ – وَتُسمِعُ في الغابِرينَ النُطَف |
| حَمَدنا بَلاءَكُمُ في النِضالِ – وَأَمسُ حَمَدنا بَلاءَ السَلَف |
| وَمَن نَسِيَ الفَضلَ لِلسابِقينَ – فَما عَرَفَ الفَضلَ فيما عَرَف |
| أَلَيسَ إِلَيهِم صَلاحُ البِناءِ – إِذا ما الأَساسُ سَما بِالغُرَف |
| فَهَل تَأذَنونَ لِذي خِلَّةٍ – يَفُضُّ الرَياحينَ فَوقَ الجِيَف |
| فَأَينَ اللِواءُ وَرَبُّ اللِواءِ – إِمامُ الشَبابِ مِثالُ الشَرَف |
| وَأَينَ الَّذي بَينَكُم شِبلُهُ – عَلى غايَةِ الحَقِّ نِعمَ الخَلَف |
| وَلا بُدَّ لِلغَرسِ مِن نَقلِهِ – إِلى مَن تَعَهَّدَ أَو مَن قَطَف |
| فَلا تَجحَدَنَّ يَدَ الغارِسينَ – وَهَذا الجَنى في يَدَيكَ اِعتَرَف |
| أُولَئِكَ مَرّوا كَدودِ الحَريرِ – شَجاها النَفاعُ وَفيهِ التَلَف |
ضج الحجاز وضج البيت والحرم
| ضَجَّ الحِجازُ وَضَجَّ البَيتُ وَالحَرَمُ – وَاِستَصرَخَت رَبَّها في مَكَّةَ الأُمَمُ |
| قَد مَسَّها في حِماكَ الضُرُّ فَاِقضِ لَها – خَليفَةَ اللَهِ أَنتَ السَيِّدُ الحَكَمُ |
| لَكَ الرُبوعُ الَّتي ريعَ الحَجيجُ بِها – أَلِلشَريفِ عَلَيها أَم لَكَ العَلَمُ |
| أُهينَ فيها ضُيوفُ اللَهِ وَاِضطُهِدوا – إِن أَنتَ لَم تَنتَقِم فَاللَهُ مُنتَقِمُ |
| أَفي الضُحى وَعُيونُ الجُندِ ناظِرَةٌ – تُسبى النِساءُ وَيُؤذى الأَهلُ وَالحَشَمُ |
| وَيُسفِكُ الدَمُ في أَرضٍ مُقَدَّسَةٍ – وَتُستَباحُ بِها الأَعراضُ وَالحُرَمُ |
| يَدُ الشَريفِ عَلى أَيدي الوُلاةِ عَلَت – وَنَعلُهُ دونَ رُكنِ البَيتِ تُستَلَمُ |
| نَيرونُ إِن قيسَ في بابِ الطُغاةِ بِهِ – مُبالَغٌ فيهِ وَالحَجّاجُ مُتَّهَمُ |
| أَدِّبهُ أَدِّب أَميرَ المُؤمِنينَ فَما – في العَفوِ عَن فاسِقٍ فَضلٌ وَلا كَرَمُ |
| لا تَرجُ فيهِ وَقاراً لِلرَسولِ فَما – بَينَ البُغاةِ وَبَينَ المُصطَفى رَحِمُ |
| اِبنُ الرَسولِ فَتىً فيهِ شَمائِلُهُ – وَفيهِ نَخوَتُهُ وَالعَهدُ وَالشَمَمُ |
| ما كانَ طَهَ لِرَهطِ الفاسِقينَ أَباً – آلَ النَبِيِّ بِأَعلامِ الهُدى خُتِموا |
| خَليفَةَ اللَهِ شَكوى المُسلِمينَ رَقَت – لِسُدَّةِ اللَهِ هَل تَرقى لَكَ الكَلِمُ |
| الحَجُّ رُكنٌ مِنَ الإِسلامِ نُكبِرُهُ – وَاليَومَ يوشِكُ هَذا الرُكنُ يَنهَدِمُ |
| مِنَ الشَريفِ وَمِن أَعوانِهِ فَعَلَت – نُعمى الزِيادَةِ ما لا تَفعَلُ النِقَمُ |
| عَزَّ السَبيلُ إِلى طَهَ وَتُربَتِهِ – فَمَن أَرادَ سَبيلاً فَالطَريقُ دَمُ |
| مُحَمَّدٌ رُوِّعتَ في القَبرِ أَعظَمُهُ – وَباتَ مُستَأمَناً في قَومِهِ الصَنَمُّ |
| وَخانَ عَونُ الرَفيقِ العَهدَ في بَلَدٍ – مِنهُ العُهودُ أَتَت لِلناسِ وَالذِمَمُ |
| قَد سالَ بِالدَمِ مِن ذَبحٍ وَمِن بَشَرٍ – وَاِحمَرَّ فيهِ الحِمى وَالأَشهُرُ الحُرُمُ |
| وَفُزِّعَت في الخُدورِ الساعِياتُ لَهُ – الداعِياتُ وَقُربُ اللَهِ مُغتَنَمُ |
| آبَت ثَكالى أَيامى بَعدَ ما أَخَذَت – مِن حَولِهِنَّ النَوى وَالأَينُقُ الرَسُمُ |
| حُرِمنَ أَنوارَ خَيرِ الخَلقِ مِن كَثَبٍ – فَدَمعُهُنَّ مِنَ الحِرمانِ مُنسَجِمُ |
| أَيُّ الصَغائِرِ في الإِسلامِ فاشِيَةً – تودى بِأَيسَرِها الدَولاتُ وَالأُمَمُ |
| يَجيشُ صَدري وَلا يَجري بِها قَلَمي – وَلَو جَرى لَبَكى وَاِستَضحَكَ القَلَمُ |
| أَغضَيتُ ضَنّاً بِعِرضي أَن أَلَمَّ بِهِ – وَقَد يَروقُ العَمى لِلحُرِّ وَالصَمَمِ |
| مَوِّه عَلى الناسِ أَو غالِطهُمُ عَبَثاً – فَلَيسَ تَكتُمُهُم ما لَيسَ يَنكَتِمُ |
| مِنَ الزِيادَةِ في البَلوى وَإِن عَظُمَت – أَن يَعلَمَ الشامِتونَ اليَومَ ما عَلِموا |
| كُلُّ الجِراحِ بِآلامٍ فَما لَمَسَت – يَدُ العَدُوِّ فَثَمَّ الجُرحُ وَالأَلَمُ |
| وَالمَوتُ أَهوَنُ مِنها وَهيَ دامِيَةٌ – إِذا أَساها لِسانٌ لِلعِدى وَفَمُ |
| رَبَّ الجَزيرَةِ أَدرِكها فَقَد عَبَثَت – بِها الذِئابُ وَضَلَّ الراعِيَ الغَنَمُ |
| إِنَّ الَّذينَ تَوَلَّوا أَمرَها ظَلَموا – وَالظُلمُ تَصحَبُهُ الأَهوالُ وَالظُلَمُ |
| في كُلِّ يَومٍ قِتالٌ تَقشَعِرُّ لَهُ – وَفِتنَةٌ في رُبوعِ اللَهِ تَضطَرِمُ |
| أَزرى الشَريفُ وَأَحزابُ الشَريفِ بِها – وَقَسَّموها كَإِرثِ المَيتِ وَاِنقَسَموا |
| لا تُجزِهِم عَنكَ حُلماً وَاِجزِهِم عَنَتاً – في الحِلمِ ما يَسَمُ الأَفعالَ أَو يَصِمِ |
| كَفى الجَزيرَةَ ما جَرّوا لَها سَفَهاً – وَما يُحاوِلُ مِن أَطرافِها العَجَمُ |
| تِلكَ الثُغورُ عَلَيها وَهيَ زينَتُها – مَناهِلٌ عَذُبَت لِلقَومِ فَاِزدَحَموا |
| في كُلِّ لُجٍّ حَوالَيها لَهُم سُفُنٌ – وَفَوقَ كُلِّ مَكانٍ يابِسٍ قَدَمُ |
| والاهُمُ أُمَراءُ السوءِ وَاِتَّفَقوا – مَعَ العُداةِ عَلَيها فَالعُداةُ هُمُ |
| فَجَرِّدِ السَيفَ في وَقتٍ يُفيدُ بِهِ – فَإِنَّ لِلسَيفِ يَوماً ثُمَّ يَنصَرِمُ |
خدعوها بقولهم حسناء
| خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ – وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ |
| أَتُراها تَناسَت اِسمِيَ لَمّا – كَثُرَت في غَرامِها الأَسماءُ |
| إِن رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَن لَم – تَكُ بَيني وَبَينَها أَشياءُ |
| نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ |
| يَومَ كُنّا وَلا تَسَل كَيفَ كُنّا – نَتَهادى مِنَ الهَوى ما نَشاءُ |
| وَعَلَينا مِنَ العَفافِ رَقيب – تَعِبَت في مِراسِهِ الأَهواءُ |
| جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وَقالَت – أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراء |
| فَاِتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى – فَالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواء |
| نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلام – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاء |
| فَفِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواء – أَو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ |
قم للمعلم وفه التبجيلا
| قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا ~ كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا |
| أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي ~ يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا |
| سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ ~ عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى |
| أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ ~ وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا |
| وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً ~ صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا |
| أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً ~ وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا |
| وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً ~ فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا |
| عَلَّمتَ يوناناً وَمِصرَ فَزالَتا ~ عَن كُلِّ شَمسٍ ما تُريدُ أُفولا |
| وَاليَومَ أَصبَحَتا بِحالِ طُفولَةٍ ~ في العِلمِ تَلتَمِسانِهِ تَطفيلا |
| مِن مَشرِقِ الأَرضِ الشَموسُ تَظاهَرَت ~ ما بالُ مَغرِبِها عَلَيهِ أُديلا |
| يا أَرضُ مُذ فَقَدَ المُعَلِّمُ نَفسَهُ ~ بَينَ الشُموسِ وَبَينَ شَرقِكِ حيلا |
| ذَهَبَ الَّذينَ حَمَوا حَقيقَةَ عِلمِهِم ~ وَاِستَعذَبوا فيها العَذابَ وَبيلا |
| في عالَمٍ صَحِبَ الحَياةَ مُقَيَّداً ~ بِالفَردِ مَخزوماً بِهِ مَغلولا |
| صَرَعَتهُ دُنيا المُستَبِدِّ كَما هَوَت ~ مِن ضَربَةِ الشَمسِ الرُؤوسُ ذُهولا |
| سُقراطُ أَعطى الكَأسَ وَهيَ مَنِيَّةٌ ~ شَفَتَي مُحِبٍّ يَشتَهي التَقبيلا |
| عَرَضوا الحَياةَ عَلَيهِ وَهيَ غَباوَةٌ ~ فَأَبى وَآثَرَ أَن يَموتَ نَبيلا |
| إِنَّ الشَجاعَةَ في القُلوبِ كَثيرَةٌ ~ وَوَجَدتُ شُجعانَ العُقولِ قَليلا |
| إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَقيقَةَ عَلقَماً ~ لَم يُخلِ مِن أَهلِ الحَقيقَةِ جيلا |
| وَلَرُبَّما قَتَلَ الغَرامُ رِجالَها ~ قُتِلَ الغَرامُ كَمِ اِستَباحَ قَتيلا |
| أَوَكُلُّ مَن حامى عَنِ الحَقِّ اِقتَنى ~ عِندَ السَوادِ ضَغائِناً وَذُحولا |
| لَو كُنتُ أَعتَقِدُ الصَليبَ وَخَطبُهُ ~ لَأَقَمتُ مِن صَلبِ المَسيحِ دَليلا |
| أَمُعَلِّمي الوادي وَساسَةَ نَشئِهِ ~ وَالطابِعينَ شَبابَهُ المَأمولا |
| وَالحامِلينَ إِذا دُعوا لِيُعَلِّموا ~ عِبءَ الأَمانَةِ فادِحاً مَسؤولا |
| كانَت لَنا قَدَمٌ إِلَيهِ خَفيفَةٌ ~ وَرِمَت بِدَنلوبٍ فَكانَ الفيلا |
| حَتّى رَأَينا مِصرَ تَخطو إِصبَعاً ~ في العِلمِ إِن مَشَتِ المَمالِكُ ميلا |
| تِلكَ الكُفورُ وَحَشوُها أُمِّيَّةٌ ~ مِن عَهدِ خوفو لا تَرَ القِنديلا |
| تَجِدُ الَّذينَ بَنى المِسَلَّةَ جَدُّهُم ~ لا يُحسِنونَ لِإِبرَةٍ تَشكيلا |
| وَيُدَلَّلونَ إِذا أُريدَ قِيادُهُم ~ كَالبُهمِ تَأنَسُ إِذ تَرى التَدليلا |
| يَتلو الرِجالُ عَلَيهُمُ شَهَواتِهِم ~ فَالناجِحونَ أَلَدُّهُم تَرتيلا |
| الجَهلُ لا تَحيا عَلَيهِ جَماعَةٌ ~ كَيفَ الحَياةُ عَلى يَدَي عِزريلا |
| وَاللَهِ لَولا أَلسُنٌ وَقَرائِحٌ ~ دارَت عَلى فِطَنِ الشَبابِ شَمولا |
| وَتَعَهَّدَت مِن أَربَعينَ نُفوسَهُم ~ تَغزو القُنوطَ وَتَغرِسُ التَأميلا |
| عَرَفَت مَواضِعَ جَدبِهِم فَتَتابَعَت ~ كَالعَينِ فَيضاً وَالغَمامِ مَسيلا |
| تُسدي الجَميلَ إِلى البِلادِ وَتَستَحي ~ مِن أَن تُكافَأَ بِالثَناءِ جَميلا |
| ما كانَ دَنلوبٌ وَلا تَعليمُهُ ~ عِندَ الشَدائِدِ يُغنِيانِ فَتيلا |
| رَبّوا عَلى الإِنصافِ فِتيانَ الحِمى ~ تَجِدوهُمُ كَهفَ الحُقوقِ كُهولا |
| فَهوَ الَّذي يَبني الطِباعَ قَويمَةً ~ وَهوَ الَّذي يَبني النُفوسَ عُدولا |
| وَيُقيمُ مَنطِقَ كُلِّ أَعوَجِ مَنطِقٍ ~ وَيُريهِ رَأياً في الأُمورِ أَصيلا |
| وَإِذا المُعَلِّمُ لَم يَكُن عَدلاً مَشى ~ روحُ العَدالَةِ في الشَبابِ ضَئيلا |
| وَإِذا المُعَلِّمُ ساءَ لَحظَ بَصيرَةٍ ~ جاءَت عَلى يَدِهِ البَصائِرُ حولا |
| وَإِذا أَتى الإِرشادُ مِن سَبَبِ الهَوى ~ وَمِنَ الغُرورِ فَسَمِّهِ التَضليلا |
| وَإِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم ~ فَأَقِم عَلَيهِم مَأتَماً وَعَويلا |
| إِنّي لَأَعذُرُكُم وَأَحسَبُ عِبئَكُم ~ مِن بَينِ أَعباءِ الرِجالِ ثَقيلا |
| وَجَدَ المُساعِدَ غَيرُكُم وَحُرِمتُمُ ~ في مِصرَ عَونَ الأُمَّهاتِ جَليلا |
| وَإِذا النِساءُ نَشَأنَ في أُمِّيَّةً ~ رَضَعَ الرِجالُ جَهالَةً وَخُمولا |
| لَيسَ اليَتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن ~ هَمِّ الحَياةِ وَخَلَّفاهُ ذَليلا |
| فَأَصابَ بِالدُنيا الحَكيمَةِ مِنهُما ~ وَبِحُسنِ تَربِيَةِ الزَمانِ بَديلا |
| إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ ~ أُمّاً تَخَلَّت أَو أَباً مَشغولا |
| مِصرٌ إِذا ما راجَعَت أَيّامَها ~ لَم تَلقَ لِلسَبتِ العَظيمِ مَثيلا |
| البَرلَمانُ غَداً يُمَدُّ رُواقُهُ ~ ظِلّاً عَلى الوادي السَعيدِ ظَليلا |
| نَرجو إِذا التَعليمُ حَرَّكَ شَجوَهُ ~ أَلّا يَكونَ عَلى البِلادِ بَخيلا |
| قُل لِلشَبابِ اليَومَ بورِكَ غَرسُكُم ~ دَنَتِ القُطوفُ وَذُلِّلَت تَذليلا |
| حَيّوا مِنَ الشُهَداءِ كُلَّ مُغَيَّبٍ ~ وَضَعوا عَلى أَحجارِهِ إِكليلا |
| لِيَكونَ حَظُّ الحَيِّ مِن شُكرانِكُم ~ جَمّاً وَحَظُّ المَيتِ مِنهُ جَزيلا |
| لا يَلمَسُ الدُستورُ فيكُم روحَهُ ~ حَتّى يَرى جُندِيَّهُ المَجهولا |
| ناشَدتُكُم تِلكَ الدِماءَ زَكِيَّةً ~ لا تَبعَثوا لِلبَرلَمانِ جَهولا |
| فَليَسأَلَنَّ عَنِ الأَرائِكِ سائِلٌ ~ أَحَمَلنَ فَضلاً أَم حَمَلنَ فُضولا |
| إِن أَنتَ أَطلَعتَ المُمَثِّلَ ناقِصا ~ لَم تَلقَ عِندَ كَمالِهِ التَمثيلا |
| فَاِدعوا لَها أَهلَ الأَمانَةِ وَاِجعَلوا ~ لِأولى البَصائِرِ مِنهُمُ التَفضيلا |
| إِنَّ المُقَصِّرَ قَد يَحولُ وَلَن تَرى ~ لِجَهالَةِ الطَبعِ الغَبِيِّ مُحيلا |
| فَلَرُبَّ قَولٍ في الرِجالِ سَمِعتُم ~ ثُمَّ اِنقَضى فَكَأَنَّهُ ما قيلا |
| وَلَكَم نَصَرتُم بِالكَرامَةِ وَالهَوى ~ مَن كانَ عِندَكُمُ هُوَ المَخذولا |
| كَرَمٌ وَصَفحٌ في الشَبابِ وَطالَما ~ كَرُمَ الشَبابُ شَمائِلاً وَمُيولا |
| قوموا اِجمَعوا شَعبَ الأُبُوَّةِ وَاِرفَعوا ~ صَوتَ الشَبابِ مُحَبَّباً مَقبولا |
| ما أَبعَدَ الغاياتِ إِلّا أَنَّني ~ أَجِدُ الثَباتَ لَكُم بِهِنَّ كَفيلا |
| فَكِلوا إِلى اللَهِ النَجاحَ وَثابِروا ~ فَاللَهُ خَيرٌ كافلاً ووكيلا |