لملمت جرحك يا أبي |
برموش أشعاري |
فبكت عيون الناس |
من حزني و من ناري |
وغمست خبزي في التراب |
وما التمست شهامة الجار |
وزرعت أزهاري |
في تربة صماء عارية |
بلا غيم و أمطار |
فترقرقت لما نذرت لها |
جرحا بكى برموش أشعاري |
عفوا أبي |
قلبي موائدهم |
وتمزقي و تيتمي العاري |
ما حيلة الشعراء يا أبتي |
غير الذي أورثت أقداري |
إن يشرب البؤساء من قدحي |
لن يسألوا |
من أي كرم خمري الجاري |
قصائد محمود درويش
في حب الوطن و قصائد محمود درويش في الحب مجموعة كبيرة من قصائد محمود درويش الشاعر الفلسطيني المشهور.
ليلك من ليلك
يجلسُ الليلُ حيث تكونين ليلُك من |
لَيْلَكٍ بين حين وآخر تُفْلتُ إيماءة |
من أَشعَّة غمَّازتَيْك فتكسر كأسَ النبيذ |
وتُشْعل ضوء النجوم وليلُك ظِلُّكِ |
قطعةُ أرضٍ خرافيَّةٍ للمساواة ما بين |
أَحلامنا ما أَنا بالمسافر أَو بالمُقيم على |
لَيْلكِ الليلكيِّ أَنا هُوَ مَنْ كان يوماً |
أَنا كُلَّما عَسْعَسَ الليلُ فيك حَدَسْتُ |
بمَنْزلَةِ القلب ما بين مَنْزلَتَيْن فلا |
النفسُ ترضى ولا الروحُ ترضى وفي |
جَسَدَيْنا سماءٌ تُعانق أَرضاً وكُلُّك |
ليلُكِ لَيْلٌ يشعُّ كحبر الكواكب.لَيْلٌ |
على ذمَّة الليل يزحف في جسدي |
خَدَراً على لُغَتي كُلَّما اتَّضَحَ اُزدَدْتُ |
خوفاً من الغد في قبضة اليد ليلٌ |
يُحدَّقُ في نفسه آمناً مطمئناً إلى لا |
نهاياته لا تحفُّ به غيرُ مرآته |
وأَغاني الرُعاة القُدَامى لصيف أَباطرةٍ |
يمرضون من الحبِّ ليل ترعرع في شِعْرِهِ |
الجاهليِّ على نزوات امرئ القيس والآخرين |
ووسَّع للحالمين طريقَ الحليب إلى قمرٍ |
جائعٍ في أَقاصي الكلام |
صوت وسوط
لو كان لي برج |
حبست البرق في جيبي |
وأطفأت السحاب |
لو كان لي في البحر أشرعة |
أخذت الموج و الإعصار في كفّي |
ونوّمت العباب |
لو كان عندي سلّم |
لغرست فوق الشمس رايتي التي |
اهترأت على الأرض الخراب |
لو كان لي فرس |
تركت عنانها |
ولجمت حوذيّ الرياح على الهضاب |
لو كان لي حقل و محراث |
زرعت القلب و الأشعار |
في بطن التراب |
لو كان لي عود |
ملأت الصمت أسئلة ملحّنة |
وسلّيت الصحاب |
لو كان لي قدم |
مشيت مشيت حتى الموت |
من غاب لغاب |
لو كان لي |
حتى صليبي ليس لي |
إنّي له |
حتى العذاب |
ماذا تبقّى أيّها المحكوم؟ |
إنّ الليل خيّم مرّة أخرى |
وتهتف لا أهاب |
يا سيداتي سادتي |
يا شامخين على الحراب |
الساق تقطع و الرقاب |
والقلب يطفأ لو أردتم |
والسحاب |
يمشي على أقدامكم |
والعين تُسمل و الهِضاب |
تنهار لو صحتم بها |
ودمي المملّح بالتراب |
إن جفّ كرمكم |
يصير إلى شراب |
والنيل يسكب في الفرات |
إذا أردتم و الغراب |
لو شئتم في الليل شاب |
لكنّ صوتي صاح يوما |
لا أهاب |
فلتجلدوه إذا استطعتم |
واركضوا خلف الصدى |
ما دام يهتف: لا أهاب |
اللامبالي
لا يبال بشيء إذا قطعوا الماء |
عن بيته قال لا بأس إن الشتاء |
قريب وإن أوقفوا ساعة الكهرباء |
تثاءب لا بأس فالشمس تكفي |
وإن هددوه بتخفيض راتبه قال لا |
بأس سوف أصوم عن الخمر |
والتبغ شهراً وإن أخذوه إلى السجن |
قال ولا بأس أخلو قليلاً إلى النفس |
في صحبة الذكريات |
وإن أرجعوه إلى بيته قال |
لا بأس فالبيت بيتي |
وقلت له مرة غاضباً كيف تحيا غداً |
قال لا شأن لي بغدي إنه فكرة |
لا تراودني وأنا هكذا هكذا لن |
يغيرني أي شيء كما لم أغير أنا |
أي شيء فلا تحجب الشمس عني |
فقلت له لستُ اسكند المتعالي |
ولست ديوجين |
فقال ولكن في اللامبالاة فلسفة |
إنها صفة من صفات الأمل |
شال حرير
شال على غصن شجرة مرَّت فتاةٌ من هنا |
أو مرّت ريح بدلاً منها وعلَّقت شالها على |
الشجرة ليس هذا خبراً بل هو مطلع |
قصيدة لشاعر متمهِّل أَعفاه الحُبُّ من الأَلم |
فصار ينظر اليه عن بعد كمشهد |
طبيعةٍ جميل وضع نفسه في المشهد |
الصفصافة عالية والشال من حرير وهذا |
يعني أن الفتاة كانت تلتقي فتاها في |
الصيف ويجلسان على عشب ناشف وهذا |
يعني أيضاً أنهما كانا يستدرجان العصافير |
إلى عرس سري فالأفق الواسع أمامهما |
على هذه التلة يغري بالطيران ربما قال |
لها أَحنُّ اليك، وأَنتِ معي كما لو |
كنتِ بعيدة وربما قالت له أَحضنكَ |
وأَنت بعيد كما لو كنتَ نهديَّ وربما |
قال لها نظرتك إليَّ تذوِّبني فأصير |
موسيقى وربما قالت له ويدك على |
ركبتي تجعل الوقت يَعرَق فافْرُكْني لأذوب |
واسترسل الشاعر في تفسير شال الحرير |
دون أن ينتبه الى أن الشال كان غيمة |
تعبر مصادفة بين أغصان الشجر عند |
الغروب |
جهة المنفى
يتلفت المنفيّ نحو جهاته |
وتفر منه المفردات الذكريات |
ليس الأمام أمامه |
ليس الوراء وراءه |
وعلى اليمين إشارة ضوئية |
وعلى اليسار إشارة أخرى |
فيسأل نفسه |
من أين تبتديء الحياة |
لابد لي من نرجس |
لأكون صاحب صورتي |
ويقول إن الحر من يختار منفاه |
لأمر ما |
أنا حرٌ إذن |
أمشي فتتضح الجهات |