لوحة على الجدار

ونقول الأن أشياء كثيرة
عن غروب الشمس في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
ليلة تمضي و لا نأخذ من عالمنا
غير شكل الموت
في عز الظهيرة
و لعينيك زمان آخر
ولجسمي قصة أخرى
وفي الحلم نريد الياسمين
عندما وزّعنا العالم من قبل سنين
كانت الجدران تستعصي على الفهم
وكان الأسبرين
يرجع الشبّاك و الزيتون و الحلم إلى أصحابه
كان الحنين
لعبة تلهيك عن فهم السنين
و نقول الآن أشياء كثيرة
عن ذبول القمح في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
خنجرا يلمح كالحق و لا نأخذ عن عالمنا
غير لون الموت
في عز الظهيرة
في اشتعال القبلة الأولى
يذوب الحزن
والموت يغني
وأنا لا أحزن الآن
ولكني أغني
أي جسم لا يكون الآن صوتا
أي حزن
لا يضم الكرة الأرضية الآن
إلى صدر المغني
و نقول الآن أشياء كثيرة
عن عذاب العشب في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
قبلة تنسى ولا نأخذ من عالمنا
غير طعم الموت
في عزّ الظهيرة
ألف نهر يركض الآن
وكل الأقوياء
يلعبون النرد في المقهى
ولحم الشهداء
يختفي في الطين أحيانا
وأحيانا يسلي الشعراء
وأنا يا امرأتي أمتصّ من صمتك
في الليل حليب الكبرياء
و نقول الآن أشياء كثيرة
عن ضياع اللون في الأرض الصغيرة
وعلى الحائط تبكي هيروشيما
طفلة ماتت و لا نأخذ من عالمنا
غير صوت الموت
في عز الظهيرة
قصيدة محمود درويش

أما العتاب فبالأحبة أخلق

أَمّا العِتابُ فَبِالأَحِبَّةِ أَخلَقُوَالحُبُّ يَصلُحُ بِالعِتابِ وَيَصدُقُ
يا مَن أُحِبُّ وَمَن أُجِلُّ وَحَسبُهُفي الغيدِ مَنزِلَةً يُجَلُّ وَيُعشَقُ
البُعدُ أَدناني إِلَيكَ فَهَل تُرىتَقسو وَتَنفُرُ أَم تَلينُ وَتَرفُقُ
في جاهِ حُسنِكَ ذِلَّتي وَضَراعَتيفَاِعطِف فَذاكَ بِجاهِ حُسنِكَ أَليَقُ
خَلُقَ الشَبابُ وَلا أَزالُ أَصونُهُوَأَنا الوَفِيُّ مَوَدَّتي لا تَخلُقُ
صاحَبتُهُ عِشرينَ غَيرَ ذَميمَةٍحالي بِهِ حالٍ وَعَيشِيَ مونِقُ
قَلبي اِدَّكَرتَ اليَومَ غَيرُ مُوَفَّقٍأَيّامَ أَنتَ مَعَ الشَبابِ مُوَفَّقُ
فَخَفَقتَ مِن ذِكرى الشَبابِ وَعَهدِهِلَهفي عَلَيكَ لِكُلِّ ذِكرى تَخفُقُ
كَم ذُبتَ مِن حُرَقِ الجَوى وَاليَومَ مِنأَسَفٍ عَلَيهِ وَحَسرَةٍ تَتَحَرَّقُ
كُنتَ الشِباكَ وَكانَ صَيداً في الصِباما تَستَرِقُّ مِنَ الظِباءِ وَتُعتِقُ
خَدَعَت حَبائِلُك المِلاحَ هُنَيَّةًوَاليَومَ كُلُّ حِبالَةٍ لا تَعلَقُ
هَل دونَ أَيّامِ الشَبيبَةِ لِلفَتىصَفوٌ يُحيطُ بِهِ وَأُنسٌ يُحدِقُ
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

يؤدبك الدهر بالحادثات

يؤدّبك الدهر بالحادثات إذا كان شيخاك ما أدّبا
بدت فتنٌ مثلُ سودِ الغمامِألقتْ على العالم الهيدبا
ومن دونِها اختلفتْ غالبٌوأبْعدَ عُثمانُها جُندُبا
فلا تضحكنّ ابنةُ السّنبسيّفأوجبُ منْ ذاك أنْ تَنْدُبا
إذا عامرٌ تَبِعتْ صالحاًوزجتْ بنُو قرّةَ الحُردَبا
وأردف حسّانُ في مائحٍ،متى هَبطوا مُخْصِبا أجدَبا
وإنْ فرَعُوا جبلاً شامِخاًفليسَ يُعَنَّفُ أنْ يحدَبا
رأيتُ نظيرَ الدَّبَا كثرةًقتيرُهُم كعُيون الدَّبَا
أشعار أبو العلاء المعري

لقد سر العدو وساء سعدا

لَقَدْ سَرّ العَدُوَّ وَسَاءَ سَعْداًعَلى القَعقاعِ قَبرِ فَتىً هِجانِ
ألا تَبْكِي بَنُو سَعْدٍ فَتَاهَالِأَيّامِ السَماحَةِ وَالطِعانِ
فَتاها لِلعَظائِمِ إِن أَلَمَّتوَلِلحَربِ المُشَمِّرَةِ العَوانِ
كَأَنَّ اللَحدَ يَومَ أَقامَ فيهِتَضَمَّنَ صَدرَ مَصقولٍ يَماني
فَتىً كَانَتْ يَدَاهُ بِكُلّ عُرْفٍإِذا جَمَدَ الأَكُفُّ تَدَفَّقانِ
قصيدة الفرزدق

أعقاب في عنان الجو لاح

أَعُقابٌ في عَنانِ الجَوِّ لاحأَم سَحابٌ فَرَّ مِن هَوجِ الرِياح
أَم بِساطُ الريحِ رَدَّتهُ النَوىبَعدَ ما طَوَّفَ في الدَهرِ وَساح
أَو كَأَنَّ البُرجَ أَلقى حوتَهُفَتَرامى في السَماواتِ الفِساح
أَقبَلَت مِن بُعُدٍ تَحسَبُهانَحلَةً عَنَّت وَطَنَّت في الرِياح
يا سِلاحَ العَصرِ بُشِّرنا بِهِكُلُّ عَصرٍ بِكَمِيٍّ وَسِلاح
إِنَّ عِزّاً لَم يُظَلَّل في غَدٍبِجَناحَيكَ ذَليلٌ مُستَباح
فَتَكاثَر وَتَأَلَّف فَيلَقاًتَعصِمُ السِلمَ وَتَعلو لِلكِفاح
مِصرُ لِلطَيرِ جَميعاً مَسرَحٌما لَنا فيهِ ذُنابى أَو جَناح
رُبَّ سِربٍ قاطِعٍ مَرَّ بِهِهَبَطَ الأَرضَ مَلِيّاً وَاِستَراح
لِمَ لا يُفتَنُ فِتيانَ الحِمىذَلِكَ الإِقدامُ أَو ذاكَ الطِماح
مِن فَتىً حَلَّ مِنَ الجَوِّ بِهِمفَتَلَقّوهُ عَلى هامٍ وَراح
إِنَّهُ أَوَّلُ عُصفورٍ لَهُمهَزَّ في الجَوِّ جَناحَيهِ وَصاح
دَبَّت الهِمَّةُ فيهِ وَمَشَتعَزَماتٌ مِنكَ يا حَربُ صِحاح
ناطَحَ النَجمَ فَتىً عَلَّمتُهُفي حَياةٍ حُرَّةٍ كَيفَ النِطاح
لَكَ في الأَجيالِ تِمثالٌ مَشىوَجَدوا الرُشدَ عَلَيهِ وَالصَلاح
جاوَزَ النيلَ وَعَبرَيهِ إِلىأَكَمِ الشامِ وَهاتيكَ البِطاح
فارِسَ الجَوِّ سَلامٌ في الذُرىوَعَلى الماءِ وَمِن كُلِّ النَواح
ثِب إِلىالنَجمِ وَزاحِم رُكنَهُوَاِمتَلِئ مِن خُيَلاءٍ وَمِراح
إِنَّ هَذا الفَتحَ لا عَهدَ بِهِلِضِفافِ النيلِ مِن عَهدِ فِتاح
تِلكَ أَبوابُ السَماءِ اِنفَتَحَتما وَراءَ البابِ يا طَيرَ النَجاح
أَسَماءُ النيلِ أَيضاً حَرَمٌمِن طَريقِ الهِندِ أَم جَوٌّ مُباح
عَينُ شَمسٍ مُلِأَت مِن مَوكِبٍكانَ لِلأَبطالِ أَحياناً يُتاح
رُبَّما جَلَّلَ وَجهَ الأَرضِ أَورُبَّما سَدَّ عَلى الشَمسِ السَراح
إِن يَفُتهُ الجَيشُ أَو رَوَّعتُهُلَم يَفُتهُ النَشَأُ الزُهرُ الصِباح
وَفِدى فائِزَةٍ سُمرُ القَناوَفِدى حارِسِها بيضُ الصِفاح
وَلَقَد أَبطَأَت حَتّى لَم يَنَملِلحِمى لَيلٌ وَلَم يَنعَم صَباح
فَاِبتَغي العُذرَ كِرامٌ وَاِنبَرَتأَلسُنٌ في الثَلمِ وَالهَدمِ فِصاح
تَلتَوي الخَيلُ عَلى راكِبِهاكَيفَ بِالعاصِفِ في يَومِ الجِماح
لَيسَ مَن يَركَبُ سَرجاً لَيِّناًمِثلَ مَن يَركَبُ أَعرافَ الرِياح
سِر رُوَيداً في فَضاءٍ سافِرٍضاحِكِ الصَفحَةِ كَالفِردَوسِ صاح
طَرَفَت عَيناً بِهِ الشَمسُ فَلَوخُيِّرَت لَم تَتَحَفَّز لِلرَواح
وَتَكادُ الطَيرُ مِن خِفَّتِهِتَتَعالى فيهِ مِن غَيرِ جَناح
قِف تَأَمَّل مِن عُلُوٍّ قُبَّةًرُفِعَت لِلفَصلِ وَالرَأيِ الصُراح
نَزَلَ النُوّابُ فيها فِتيَةًفي جَناحٍ وَشُيوخاً في جَناح
حَمَلوا الحَقَّ وَقاموا دونَهُكَرَعيلِ الخَيلِ أَو صَفِّ الرِماح
يا أَبا الفاروقِ مَن تَرعى فَفيكَنَفِ الفَضلِ وَفي ظِلِّ السِماح
أَنتَ مِن آباؤُكِ السُحبُ وَمافي بِناءِ السُحُبِ الأَيدي الشِحاح
يَدُكَ السَمحَةُ في الخَيرِ وَفيهِمَّةِ الغَرسِ وَفي أُسوِ الجِراح
نَحنُ أَفلَحنا عَلى الأَرضِ بِكُموَرَجَونا في السَماواتِ الفَلاح
قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي

ريم على القاع بين البان و العلم

ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِأَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًايا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةًيا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِديجُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍإِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌلَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍوَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًاأَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًىأَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَساوَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ
مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًااللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي
السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًىيُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ
القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌوَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَماأُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ
المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْعَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ
الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًاأَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتالِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ
يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍإِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ
وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًىيَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ
يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُأَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُأَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍوَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌوَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًىمَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍوَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْكَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌمِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِهاجُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِهاالمَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌلَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍوَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ
كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُإِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ
يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَهامُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَماأَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُهاوَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُفَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍوَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًىطَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌفي اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ
أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلىمُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُعِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍقَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَنيُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ
فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِفي يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ
يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُوَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُوَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌمَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةًفَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُمِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًاوَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُنورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُبِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِمامَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِمابَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ
وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُماأَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِوَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍفاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِغَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَهاقَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِهايُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ
وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُهالَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْأَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُهاوَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْرَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ
يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِهَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍوَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْبِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْوَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌيَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍيوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةًحَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِفي كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُتُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِفي الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍوَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْمِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْإِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌلِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِوَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍوَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْكَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُوَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْكَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍوَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْعَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍلا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ
مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُوَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَهاعَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِوَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ
خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُمايا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَتلَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍبِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةًلَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ
هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعواهَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ
وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْكَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ
فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْكَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِماوَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَراوَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ
يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتيوَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌلِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ
مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًىوَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ
اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُمن ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْيَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌتَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍوَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ
شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْوَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِإِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي
تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَهافي الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُعَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ
كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًىيُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُكَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ
ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةًوَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ
اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُوَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
إِن قُلتَ في الأَمرِ (لا) أَو قُلتَ فيهِ (نَعَم)فَخيرَةُ اللهِ في (لا) مِنكَ أَو (نَعَمِ)
أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُوَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ
وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةًفَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ
قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوالِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ
جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌفَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ
لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍتَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ
وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْبِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ
طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُهافي كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ
لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِهابِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ
لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِوَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ
لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلىلَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ
جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُإِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ
أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍفَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ
عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِحَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ
دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْوَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ
لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ
تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍفي الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌلَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ
أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍوَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ
مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَهاتَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ
عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍللهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ
مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍشَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ
لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمىبِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ
بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْمِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ
كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍمَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ
لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَماتَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ
شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِهاعَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُهاكَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ
غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًىوَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِهاتَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلىحُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ
لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْمَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ
وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةًرَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِهافي الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموامِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْوَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ
ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْإِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُوَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعواعَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتاكُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ
وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِهَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ
وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُفي نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ
دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْدارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ
ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍوَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ
وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِهاعَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ
مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْتَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ
وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍفَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ
يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوامِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ
وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍوَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ
خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍفَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ
مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةًوَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ
وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًابِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ
الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍوَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ
أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِيَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ
وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُهاعِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ
جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَماجُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي
وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍبَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ
بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍأَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ
وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍفي المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ
يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُفي أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ
لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلىنَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُهاإِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاًضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ
رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًاوَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍجَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍشُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى
وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةًفي الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ
الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌالضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ
يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِهاوَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُتُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِأَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِناوَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِفَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ
قصيدة مشهورة لأمير الشعراء أحمد شوقي