| يتلفت المنفيّ نحو جهاته |
| وتفر منه المفردات الذكريات |
| ليس الأمام أمامه |
| ليس الوراء وراءه |
| وعلى اليمين إشارة ضوئية |
| وعلى اليسار إشارة أخرى |
| فيسأل نفسه |
| من أين تبتديء الحياة |
| لابد لي من نرجس |
| لأكون صاحب صورتي |
| ويقول إن الحر من يختار منفاه |
| لأمر ما |
| أنا حرٌ إذن |
| أمشي فتتضح الجهات |
بين ريتا وعيوني بندقية
| بين ريتا وعيوني بندقية |
| والذي يعرف ريتا ينحني |
| ويصلي |
| لإله في العيون العسلية |
| وأنا قبَّلت ريتا |
| عندما كانت صغيرة |
| وأنا أذكر كيف التصقت |
| بي، وغطت ساعدي أحلى ضفيرة |
| وأنا أذكر ريتا |
| مثلما يذكر عصفورٌ غديره |
| آه ريتا |
| بينما مليون عصفور وصورة |
| ومواعيد كثيرة |
| أطلقت ناراً عليها بندقية |
| اسم ريتا كان عيداً في فمي |
| جسم ريتا كان عرساً في دمي |
| وأنا ضعت بريتا سنتين |
| وهي نامت فوق زندي سنتين |
| وتعاهدنا على أجمل كأس، واحترقنا |
| في نبيذ الشفتين |
| وولدنا مرتين |
| آه ريتا |
| أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ |
| سوى إغفاءتين |
| وغيوم عسلية |
| قبل هذي البندقية |
| كان يا ما كان |
| يا صمت العشيّة |
| قمري هاجر في الصبح بعيداً |
| في العيون العسلية |
| والمدينة |
| كنست كل المغنين وريتا |
| بين ريتا وعيوني بندقية |
عن الصمود
| لو يذكر الزيتون غارسه |
| لصار الزيت دمعا |
| يا حكمة الأجداد |
| لو من لحمنا نعطيك درعا |
| لكنّ سهل الريح |
| لا يعطي عبيد الريح زرعا |
| إنّا سنقلع بالرموش |
| الشوك و الأحزان .. قلعا |
| وإلام نحمل عارنا و صليبنا |
| والكون يسعى |
| سنظل في الزيتون خضرته |
| وحول الأرض درعا |
| إنّا نحبّ الورد |
| لكنّا نحبّ القمح أكثر |
| ونحبّ عطر الورد |
| لكن السنابل منه أطهر |
| فاحموا سنابلكم من الأعصار |
| بالصدر المسمّر |
| هاتوا السياج من الصدور |
| من الصدور فكيف يكسر |
| إقبض على عنق السنابل |
| مثلما عانقت خنجر |
| الأرض و الفلاح و الإصرار |
| قل لي كيف تقهر |
| هذي الأقانيم الثلاثة |
| كيف تقهر |
| عيناك يا صديقتي العجوز يا صديقتي المراهقة |
| عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة |
| لا يضحك الرجاء فيهما و لا تنام الصاعقة |
| لم يبق شيء عندنا .. إلّا الدموع الغارقة |
| قولي: متى ستضحكين مرة و إن تكن منافقة |
| كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان |
| مصّي بقايا دمنا، و بعدنا الطوفان |
| وإن سغبت مرة، لا تتركي الجثمان |
| وإن سئمت بعدها، فعندك الديدان |
| إنّا خلقنا غلطة .. في غفلة من الزمان |
| وأنت يا صديقي العجوز .. يا صديقتي المراهقة |
| كوني على أشلائنا، كالزنبقات العابقة |
| الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار |
| وحولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار |
| والشمس عند بابنا معمية الأنوار |
| واشية، لكنها لا تعبر الأسوار |
| إن الحياة خلفنا غريبة منافقة |
| فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة |
| أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء |
| أسمعهم من فجوة في خيمة السماء |
| يا ويل من تنفست رئاته الهواء |
| من رئة مسروقة |
| ياويل من شرابه دماء |
| ومن بنى حديقة .. ترابها أشلاء |
| يا ويله من وردها المسموم |
ألبنى لقد جلت عليك مصيبتي
| ألُبنى لًقًد جًلًت عًليكِ مُصيبتي | غَدَاة َ غدً إذا حَلَّ ما أتَوَقَّعُ |
| تُمَنِّينَني نَيلاً وَتَلوِينني بِه | فَنَفْسِيَ شَوْقاً كُلَّ يَوْمٍ تَقَطَّعُ |
| وَقَلْبُكِ قَطُّ مَا يَلِينُ لِمَا يَرَى | فَوَا كَبِدِي قَدْ طَالَ هذا التَّضَرُّعُ |
| ألُومُكِ فِي شَأني وأنتِ مُليمَة | لعمري وأجفَى لِلمُحِبِّ وأقطَعُ |
| أخُبِّرتِ أني فيكِ مَيِّتُ حَسرَتي | فَمَا فَاضَ مِنْ عَيْنَيْكِ لِلْوَجْدِ مَدْمَعُ |
| وَلكِن لَعَمري قَد بَكيتُكِ جاهداً | وإنْ كَانَ دَائِي كُلُّهُ مِنْكِ أجْمَعُ |
| صَبيحَة َ جاءَ العائِداتُ يَعُدنني | فَظَلَّت عَلَيَّ العائداتُ تَفَجَّعُ |
| فَقَائِلَة ٌ جِئْنَا إلَيْهِ وَقَدْ قَضَى | وَقَائِلَة ٌ لا بَلْ تَرَكْنَاهُ يَنْزِعُ |
| فَمَا غَشِيَتْ عَيْنَيْكِ مِنْ ذَاكَ عَبْرَة | وَعَيْنِي على ما بي بِذِكْرَاكِ تَدْمَعُ |
| إذا أنتِ لم تَبكي عليَّ جِنازة ً | لَدَيْكِ فَلاَ تَبْكِي غَداً حِينَ أُرْفَعُ |
كيف السلو ولا أزال أرى لها
| كيفَ السُّلُوُّ ولا أزالُ أرى لها | رَبْعاً كحاشِيَة ِ اليَماني المُخْلَقِ |
| رَبْعاً لواضِحَة ِ الجَبِينِ غَريرَة | كالشَّمسِ إذا طلعَتْ رَخيمِ المنطِقِ |
| قَدْ كُنْتُ أعْهَدُها بِهِ في عِزَّة | والعَيْشُ صَافٍ والعِدَى لَمْ تَنْطِقِ |
| حَتَّى إذا نَطَقُوا وآذانَ فيهِمُ | داعي الشَّتاتِ بِرِحلَة ٍ وَتَفَرقِ |
| خَلَتِ الدِّيَارُ فِزُرْتُها وَكَأَنَّنِي | ذُو حَيَّة ٍ مِنْ سُمِّهَا لم يَعْرَقِ |
تباكر أم تروح غدا رواحا
| تُبَاكِرُ أمْ تَرُوحُ غداً رَوَاحا | وَلَنْ يَسْطِيعَ مُرْتَهَنٌ بَرَاحَا |
| سقيمٌ لا يُصَابُ له دواءٌ | أصَابَ الُحبُّ مُقْتلَهُ فَنَاحَا |
| وعذَّبهُ الهوَى حتَّى بَرَاهُ | كَبَرْيِ القَيْنِ بالسَّفنِ القداحَا |
| فَكَاَد يُذِيقُهُ جُرَعَ المَنَايَا | وَلَوْ سَقّاهُ ذلِكَ لاسْتَرَاحَا |