بخِيفَةِ اللَّهِ تَعَبّدْتَنا | وأنتَ عَينُ الظّالمِ اللاّهي |
تأمُرُنا بالزّهدِ في هذِهِ الـ | دّنيا ما هَمُّكَ إلاّ هي |
أبو العلاء المعري
أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري, من شعراء العصر العباسي ولد وتوفي في معرة النعمان بسوريا.
خذي رأيي وحسبك ذاك مني
خُذي رأيي وحسبكِ ذاك منّي | على ما فيّ من عِوَجٍ وأمْتِ |
وماذا يبتغي الجُلساءُ عندي | أرادوا منطِقي وأردتُ صَمتي |
ويوجدُ بيننا أمدٌ قصِيٌّ | فأمّوا سَمتَهُمْ وأمَمْتُ سَمتي |
فإنّ القرّ يدفعُ لابسيه | إلى يومٍ من الأيامِ حَمت |
أرى الأشياءَ تجمعها أُصول | وكم في الدّهر من ثُكل وشمت |
هو الحيوانُ من إنْسٍ ووحشٍ | وهنّ الخَيلُ من دُهمٍ وكُمت |
وجدتك أعطيت الشجاعة حقها
وجدتُكَ أعطيتَ الشجاعةَ حقّها | غداةَ لقيتَ الموتَ غيرَ هَيوبِ |
إذا قُرِنَ الظنُّ المصيبُ من الفتى | بتجربةٍ جاءا بعلمِ غيوب |
وإنّكَ، إن أهديتَ لي عيبَ واحدٍ | جديرٌ إلى غيري بنقل عيوبي |
وإنّ جيوبَ السردِ من سُبُلِ الرّدى | إذا لم يكن من تحتُ نُصح جيوب |
ألا إن أخلاق الفتى كزمانه
ألا إنّ أخلاقَ الفتى كزمانِه | فمنْهَنّ بِيضٌ في العيون وسودُ |
وتأكلنا أيّامُنا، فكأنّما | تمرّ بنا الساعاتُ وهي أُسودُ |
وقد يَخمُلُ الإنسانُ في عنفوانِه | ويَنْبَهُ من بعد النُّهَى، فيسود |
فلا تحسُدَنْ يوماً على فضلِ نعمةٍ | فحسبُكَ عاراً أن يقال حسود |
لا يحسب الجود من رب النخيل جدا
لا يحسب الجود من ربّ النخيل جَداً | حتى تجودَ على السّود الغرابيبِ |
ما أغدرَ الإنس كم خَشْفٍ تربَّبَهُم | فغادَرُوهُ أكيلاً بعد تَربيب |
هذي الحياةُ، أجاءتنا، بمعرفةٍ | إلى الطّعامِ، وسَترٍ بالجلابيبِ |
لو لم تُحِسّ لكان الجسمُ مُطّرحاً | لذْعَ الهَواجِرِ، أو وقَعَ الشّآبيب |
فاهجرْ صديقك، إن خِفْتَ الفساد به | إنّ الهجاءَ لمبدُوءٌ بتشبيب |
والكفُّ تُقطعُ، إن خيفَ الهلاكُ بها | على الذّراعِ بتقديرٍ وتسبيب |
طُرْقُ النفوس إلى الأخرى مضلَّلة | والرُّعبُ فيهنّ من أجل الرّعابيب |
ترجو انفساحاً، وكم للماءِ من جهةٍ | إذا تخلّصَ من ضيق الأنابيب |
أمَا رأيتَ صروفَ الدهرِ غاديةً | على القلوب، بتبغيضٍ وتحبيب |
وكلُّ حيٍّ، إذا كانتْ لهُ أُذُنٌ | لم تُخلِه من وشاياتٍ وتخبيب |
عجبتُ للرّوم، لم يَهدِ الزمانُ لها | حتفاً، هداهُ إلى سابورَ أو بيب |
إن تجعَلِ اللّجّةَ الخضراء واقية | فالملكُ يُحفظُ بالخضرِ اليعابيب |
يؤدبك الدهر بالحادثات
يؤدّبك الدهر بالحادثات | إذا كان شيخاك ما أدّبا |
بدت فتنٌ مثلُ سودِ الغمامِ | ألقتْ على العالم الهيدبا |
ومن دونِها اختلفتْ غالبٌ | وأبْعدَ عُثمانُها جُندُبا |
فلا تضحكنّ ابنةُ السّنبسيّ | فأوجبُ منْ ذاك أنْ تَنْدُبا |
إذا عامرٌ تَبِعتْ صالحاً | وزجتْ بنُو قرّةَ الحُردَبا |
وأردف حسّانُ في مائحٍ، | متى هَبطوا مُخْصِبا أجدَبا |
وإنْ فرَعُوا جبلاً شامِخاً | فليسَ يُعَنَّفُ أنْ يحدَبا |
رأيتُ نظيرَ الدَّبَا كثرةً | قتيرُهُم كعُيون الدَّبَا |