يا أيها المغرورُ لَبَّ من الحِجى | وإذا دعاك إلى التقى داعٍ فَلبْ |
إِنَّ الشُرورَ لَكَالسَحابَةِ أَثجَمَت | لاكِ السرورُ كأنّهُ برقٌ خَلَبْ |
وأبرُّ من شُربِ المدامة صُفّنَتْ | في عسجدٍ، شُربُ الرثيئة في العُلَب |
جاءَتكَ مثلَ دمِ الغزالِ بكأسها | مقتولةً قَتلتْكَ، فالهُ عن السّلب |
حلَبِيّةٌ في النّسبتينِ لأنّهما | حلَبُ الكُرومِ وأنّ موطنها حلَب |
والعقلُ أنفسُ ما حُبيتَ وإن يُضَعْ | يوماً، يَضعْ، فغْوى الشّراب وما حلب |
والنّفسُ تعلمُ أنّها مطلوبةٌ | بالحادثات، فما تُراع من الطّلب |
والدّهرُ أرقمُ بالصباح وبالدُّجى | كالصِّلّ يفتُكُ باللّديغِ إذا انقلب |
وأرى الملوكَ ذوي المراتِب، غالبوا | أيامهم، فانظرْ بعيشكَ من غَلَب |
سيّانِ عندي مادحٌ متحرضٌ | في قولهِ وأخو الهجاءِ إذا ثلَب |
أبو العلاء المعري
أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري, من شعراء العصر العباسي ولد وتوفي في معرة النعمان بسوريا.
إذا أقبل الإنسان في الدهر صدقت
إذا أقبلَ الإنسانُ في الدهر صُدّقتْ | أحاديثُهُ عن نفسه وهو كاذبُ |
أتوهِمُني بالمَكر أنّكَ نافعي | وما أنتَ إلا في حِبالكَ جاذِبُ |
وتأكلُ لحم الخِلّ مُستعذبِاً له | وتَزعُمُ للأقوام أنّكَ عاذِب |
صحبت الحياة فطال العناء
صحبتُ الحياةَ، فطالَ العَناءُ | ولا خيرَ في العيش مُستصحبَا |
وقد كنتُ فيما مضى جامحاً | ومن راضَهُ دهرُهُ أصحَبا |
متى ما شحَبْتَ لوجه المليكِ | كُسيتَ جمالاً بأنْ تَشحبا |
حبا الشيخُ لا طامعاً في النهوض | نقيضَ الصّبيّ إذا ما حَبا |
ولم يحبُني أحَدٌ نعمةً | ولكن مَوْلى المَوالي حبا |
نصَحْتُكَ، فاعملْ له دائماً | وإن جاء موتٌ فقلْ مرحبا |
لا تطيعي هواك أيتها النفس
لا تُطيعي هواكِ، أيّتُها النفـ | سُ، فنعمى المليك فينا ربيبَهْ |
وابن جحشٍ، لمّا تنصّر، لم ترْ | كُنْ، إلى ما يقولُ، أمُّ حَبيبه |
وبلالٌ يَحكي ابنَ تمرةَ في الخِفّة | أوفى من عنترَ ابنِ زَبيبه |
لا أغادي مَفارقي بصبيبٍ | وأخلّي والقفرَ آلَ صبيبه |
إنّ خيراً من اختراشِ ضِباب الأر | ضِ، للناشىء، اتخاذُ ضبيبه |
كيف أضحتْ شبيبة القلب حمرا | ءَ، وزالت من السّواد الشّبيبه |
فالزمي النّسك إن علقتِ، وفرّي | من ذوي الجهل كي تُعَدّي لبيبه |
سنح الغراب لنا فبت أعيفه
سَنَحَ الغُرابُ لنا فبِتُّ أَعيفُهُ | خَبَراً أمَضُّ من الحِمامِ لَطِيفُهُ |
زَعَمَتْ غَوادي الطّيرِ أنّ لِقاءَها | بَسْلٌ تَنَكّرَ عندَنا مَعْروفُهُ |
ولقد ذكرْتُكِ يا أمامَةُ بَعْدَما | نَزَلَ الدّليلُ إلى التّرابِ يسُوفُه |
والعِيسُ تُعْلِنُ بالحنينِ إليْكُمُ | ولُغامُها كالبِرْسِ طارَ نَديفُه |
فَنَسِيتُ ما كَلّفْتِنيهِ وطالَما | كلّفْتِني ما ضَرّني تَكْليفُه |
وهَواكِ عِنْدي كالغِناءِ لأنّه | حَسَنٌ لَدَيّ ثَقِيلُهُ وخَفيفُه |