وقال نساء لسن لي بنواصحن

وَقالَ نِساءٌ لَسنَ لي بِنَواصِحِنلِيَعلَمنَ ما أُخفي وَيَعلَمنَ ما أُبدي
أَأَحبَبتُ لَيلى جِهدَ حُبِّكِ كُلَّهُلِعَمرِ أَبي لَيلى وَزِدتَ عَلى الجَهدِ
عَلى ذاكَ ما يَمحو لِيَ الذَنبَ عِندَهاوَتَمحو دَواعي حُبِّها ذَنبَها عِندي
أَلا إِنَّ قُربَ الدارِ لَيسَ بِنافِعٍوَقَلبُ الَّذي تَهواهُ مِنكَ عَلى البُعدِ
قصيدة مجنون ليلى قيس بن الملوح

لم أنتظر أحدا

سأعرفُ مهما ذَهَبْتَ مَعَ الريح كيفَ
أُعيدُكَ. أَعرفُ من أَين يأتي بعيدُكَ
فذهَب كما تذهب الذكرياتُ إلى بئرها
الأَبديَّةِ لن تَجدَ السومريَّةَ حاملةً جَرَّة
للصدى في انتظارِكَ
أَمَّا أَنا فسأعرف كيف أُعيدُكَ
فاذهبْ تقودُكَ ناياتُ أَهل البحار القدامى
وقافلةُ الملح في سَيْرِها اللانهائيِّ واذهبْ
نشيدُكَ يُفْلِتُ منِّي ومنك ومن زَمَني
باحثاً عن حصان جديدٍ يُرَقِّصُ إِيقاعَهُ
الحُرَّ. لن تجد المستحيل َ كما كان يَوْمَ
وَجَدْتُكُ يوم وَلَدْتُكَ من شهوتي
جالساً في انتظارِك
أَمَّا أَنا فسأعرف كيف أُعيدُكَ
واُذهب مع النهر من قَدَرٍ نحو
آخر فالريحُ جاهزة لاقتلاعك من
قمري والكلامُ الأخيرُ على شجري جاهزٌ
للسقوط على ساحة الترو كاديرو تَلَفَّتْ
وراءك كي تجد الحُلْمَ واذهب
إلى أَيِّ شَرْقٍ وغربٍ يزيدُك منفىً
ويُبْعدُني خطوةً عن سريري وإحدى
سماوات نفسي الحزينةِ إنَّ النهاية
أُختُ البداية فاذهب تَجِدْ ما تركتَ
هنا في انتظارك
لم أَنتظِرْكَ ولم أَنتظر أَحداً
كان لا بُدَّ لي أَن أُمشِّطَ شعري
على مَهَلٍ أُسْوَةً بالنساء الوحيدات
في ليلهنَّ وأَن أَتدبَّرَ أَمري وأكسِرَ
فوق الرخام زجاجةَ ماء الكولونيا وأَمنعَ
نفسي من الانتباه إلى نفسها في
الشتاء كأني أَقولُ لها: دَفِّئيني
أُدفِّئْكِ يا اُمرأتي واُعْتَني بيديك
فنا هو شأنُهما بنزول السماء إلى
الأرض أَو رحْلةِ الأرض نحو السماء
اُعتني بيديك لكي تَحْمِلاَك يَدَاكِ
هُما سَيِّداكِ كما قال إيلور فاذهب
أُريدُكَ أو أريدُك
لمَ أنتظِرْكَ ولم أنتظر أَحداً
كان لا بُدَّ لي أَن أَصبَّ النبيذَ
بكأسين مكسورتين وأَمنعَ نفسي من
الانتباه إلى نفسها في انتظارك
قصيدة محمود درويش

الحزن و الغضب

الصوت في شفتيك لا يطرب
والنار في رئتيك لا تغلب
وأبو أبيك على حذاء مهاجر يصلب وشفاهها تعطي سواك و نهدها يحلب
فعلام لا تغضب
أمس التقينا في طريق الليل من حان لحان
شفتاك حاملتان
كل أنين غاب السنديان
ورويت لي للمرة الخمسين
حب فلانه و هوى فلان
وزجاجة الكونياك
والخيام و السيف اليماني
عبثا تخدر جرحك المفتوح
عربدة القناني
عبثا تطوع يا كنار الليل جامحة الأماني
الريح في شفتيك تهدم ما بنيت من الأغاني
فعلام لا تغضب
قالوا إبتسم لتعيش
فابتسمت عيونك للطريق
وتبرأت عيناك من قلب يرمده الحريق
وحلفت لي إني سعيد يا رفيق
وقرأت فلسفة ابتسامات الرقيق
الخمر و الخضراء و الجسد الرشيق
فإذا رأيت دمي بخمرك
كيف تشرب يا رفيق
القرية الأطلال
والناطور و الأرض و اليباب
وجذوع زيتوناتكم
أعشاش بوم أو غراب
من هيأ المحراث هذا العام
من ربي التراب
يا أنت أين أخوك أين أبوك
إنهما سراب
من أين جئت أمن جدار
أم هبطت من السحاب
أترى تصون كرامة الموتى
وتطرق في ختام الليل باب
وعلام لا تغضب
أتحبها
أحببت قبلك
وارتجفت على جدائلها الظليلة
كانت جميله
لكنها رقصت على قبري و أيامي القليلة
وتحاصرت و الآخرين بحلبة الرقص الطويلة
وأنا و أنت نعاتب التاريخ
والعلم الذي فقد الرجوله
من نحن
دع نزق الشوارع
يرتوي من ذل رايتنا القتيلة
فعلام لا تغضب
إنا حملنا الحزن أعواما و ما طلع الصباح
والحزن نار تخمد الأيام شهوتنا
وتوقظها الرياح
والريح عندك كيف تلجمها
وما لك من سلاح
إلا لقاء الريح و النيران
في وطن مباح
قصيدة محمود درويش

في البيت أجلس

في البيت أَجلس، لا حزيناً لا سعيداً
لا أَنا، أَو لا أَحَدْ
صُحُفٌ مُبَعْثَرَةٌ. ووردُ المزهريَّةِ لا يذكِّرني
بمن قطفته لي. فاليوم عطلتنا عن الذكرى
وعُطْلَةُ كُلِّ شيء… إنه يوم الأحدْ
يوم نرتِّبُ فيه مطبخنا وغُرْفَةَ نومنا
كُلِّ على حِدَةٍ. ونسمع نشرةَ الأخبار
هادئةً، فلا حَرْبٌ تُشَنُّ على بَلَدْ
ألأمبراطورُ السعيدُ يداعبُ اليومَ الكلابَ
ويشرب الشمبانيا في ملتقى نَهْدَين من
عاجٍ… ويَسْبَحُ في الزَّبَدْ
ألأمبراطور الوحيدُ اليوم في قيلولةٍ
مثلي ومثلك، لا يُفَكِّر بالقيامة .. فَهْيَ
مُلْك يَمينِهِ، هِيَ الحقيقةُ والأَبدْ
كَسَلٌ خفيفُ الوزن يطهو قهوتي
والهالُ يصهَلُ في الهواء وفي الجَسَدْ
وكأنني وحدي. أنا هو أو أنا الثاني
رآني واطمأَنَّ على نهاري وابتعدْ
يوم الأَحد
هو أوَّل الأيام في التوراة، لكنَّ
الزمان يغيِّر العاداتِ: إذ يرتاح
ربُّ الحرب في يوم الأحدْ
في البيت أجلس، لا سعيداً لا حزيناً
بين بين. ولا أُبالي إن علمت بأنني
حقاً أنا … أو لا أَحَدْ
قصائد محمود درويش

قاتل و بريء

هو الحب كالموج
تكرار غبطتنا بالقديم الجديد
سريع بطيء
بريء كظبي يسابق دراجة
وبذيء … كديك
جريء كذي حاجة
عصبي المزاج رديء
هادىء كخيال يرتب ألفاظه
مظلم معتم … ويضيء
فارغ ومليء بأضداده
هو الحيوان الملاك
بقوة ألف حصان وخفة طيف
وملتبس شرس سلس
كلما فر كر
ويحسن صنعاً بنا ويسيء
يفاجئناحين ننسى عواطفنا
ويجيء
هو الفوضوي الأناني
والسيد الواحد المتعدد
نؤمن حيناً ونكفر حيناً
ولكنه لا يبالي بنا
حين يصطادنا واحداً واحدة
ثم يصرعنا بيد باردة
إنه قاتل … بريء
قصيدة لشاعر فلسطين محمود درويش

لا أنام لأحلم

لا أَنام لأحلم قالت لَه
بل أَنام لأنساكَ. ما أطيب النوم وحدي
بلا صَخَب في الحرير، اَبتعدْ لأراكَ
وحيدا هناك، تفكٌِر بي حين أَنساكَ
لا شيء يوجعني في غيابكَ
لا الليل يخمش صدري ولا شفتاكَ
أنام علي جسدي كاملا كاملا
لا شريك له
لا يداك تشقَّان ثوبي، ولا قدماكَ
تَدقَّان قلبي كبنْدقَة عندما تغلق الباب
لاشيء ينقصني في غيابك
نهدايَ لي. سرَّتي. نَمَشي. شامتي
ويدايَ وساقايَ لي. كلّ ما فيَّ لي
ولك الصّوَر المشتهاة، فخذْها
لتؤنس منفاكَ، واَرفع رؤاك كَنَخْب
أخير. وقل إن أَردت هَواكِ هلاك
وأَمَّا أَنا، فسأصْغي إلي جسدي
بهدوء الطبيبة لاشيء، لاشيء
يوجِعني في الغياب سوي عزْلَةِ الكون
قصيدة حب لمحمود درويش