الحزن و الغضب

الصوت في شفتيك لا يطرب
والنار في رئتيك لا تغلب
وأبو أبيك على حذاء مهاجر يصلب وشفاهها تعطي سواك و نهدها يحلب
فعلام لا تغضب
أمس التقينا في طريق الليل من حان لحان
شفتاك حاملتان
كل أنين غاب السنديان
ورويت لي للمرة الخمسين
حب فلانه و هوى فلان
وزجاجة الكونياك
والخيام و السيف اليماني
عبثا تخدر جرحك المفتوح
عربدة القناني
عبثا تطوع يا كنار الليل جامحة الأماني
الريح في شفتيك تهدم ما بنيت من الأغاني
فعلام لا تغضب
قالوا إبتسم لتعيش
فابتسمت عيونك للطريق
وتبرأت عيناك من قلب يرمده الحريق
وحلفت لي إني سعيد يا رفيق
وقرأت فلسفة ابتسامات الرقيق
الخمر و الخضراء و الجسد الرشيق
فإذا رأيت دمي بخمرك
كيف تشرب يا رفيق
القرية الأطلال
والناطور و الأرض و اليباب
وجذوع زيتوناتكم
أعشاش بوم أو غراب
من هيأ المحراث هذا العام
من ربي التراب
يا أنت أين أخوك أين أبوك
إنهما سراب
من أين جئت أمن جدار
أم هبطت من السحاب
أترى تصون كرامة الموتى
وتطرق في ختام الليل باب
وعلام لا تغضب
أتحبها
أحببت قبلك
وارتجفت على جدائلها الظليلة
كانت جميله
لكنها رقصت على قبري و أيامي القليلة
وتحاصرت و الآخرين بحلبة الرقص الطويلة
وأنا و أنت نعاتب التاريخ
والعلم الذي فقد الرجوله
من نحن
دع نزق الشوارع
يرتوي من ذل رايتنا القتيلة
فعلام لا تغضب
إنا حملنا الحزن أعواما و ما طلع الصباح
والحزن نار تخمد الأيام شهوتنا
وتوقظها الرياح
والريح عندك كيف تلجمها
وما لك من سلاح
إلا لقاء الريح و النيران
في وطن مباح
قصيدة محمود درويش