لا يبال بشيء إذا قطعوا الماء |
عن بيته قال لا بأس إن الشتاء |
قريب وإن أوقفوا ساعة الكهرباء |
تثاءب لا بأس فالشمس تكفي |
وإن هددوه بتخفيض راتبه قال لا |
بأس سوف أصوم عن الخمر |
والتبغ شهراً وإن أخذوه إلى السجن |
قال ولا بأس أخلو قليلاً إلى النفس |
في صحبة الذكريات |
وإن أرجعوه إلى بيته قال |
لا بأس فالبيت بيتي |
وقلت له مرة غاضباً كيف تحيا غداً |
قال لا شأن لي بغدي إنه فكرة |
لا تراودني وأنا هكذا هكذا لن |
يغيرني أي شيء كما لم أغير أنا |
أي شيء فلا تحجب الشمس عني |
فقلت له لستُ اسكند المتعالي |
ولست ديوجين |
فقال ولكن في اللامبالاة فلسفة |
إنها صفة من صفات الأمل |
قصائد محمود درويش عن الوطن
أقوى ما كتب شاعر فلسطين محمود درويش عن الوطن و حب الوطن مجموعة قصائد مميزة و خالدة في التاريخ لمحمود درويش.
شال حرير
شال على غصن شجرة مرَّت فتاةٌ من هنا |
أو مرّت ريح بدلاً منها وعلَّقت شالها على |
الشجرة ليس هذا خبراً بل هو مطلع |
قصيدة لشاعر متمهِّل أَعفاه الحُبُّ من الأَلم |
فصار ينظر اليه عن بعد كمشهد |
طبيعةٍ جميل وضع نفسه في المشهد |
الصفصافة عالية والشال من حرير وهذا |
يعني أن الفتاة كانت تلتقي فتاها في |
الصيف ويجلسان على عشب ناشف وهذا |
يعني أيضاً أنهما كانا يستدرجان العصافير |
إلى عرس سري فالأفق الواسع أمامهما |
على هذه التلة يغري بالطيران ربما قال |
لها أَحنُّ اليك، وأَنتِ معي كما لو |
كنتِ بعيدة وربما قالت له أَحضنكَ |
وأَنت بعيد كما لو كنتَ نهديَّ وربما |
قال لها نظرتك إليَّ تذوِّبني فأصير |
موسيقى وربما قالت له ويدك على |
ركبتي تجعل الوقت يَعرَق فافْرُكْني لأذوب |
واسترسل الشاعر في تفسير شال الحرير |
دون أن ينتبه الى أن الشال كان غيمة |
تعبر مصادفة بين أغصان الشجر عند |
الغروب |
جهة المنفى
يتلفت المنفيّ نحو جهاته |
وتفر منه المفردات الذكريات |
ليس الأمام أمامه |
ليس الوراء وراءه |
وعلى اليمين إشارة ضوئية |
وعلى اليسار إشارة أخرى |
فيسأل نفسه |
من أين تبتديء الحياة |
لابد لي من نرجس |
لأكون صاحب صورتي |
ويقول إن الحر من يختار منفاه |
لأمر ما |
أنا حرٌ إذن |
أمشي فتتضح الجهات |
عن الصمود
لو يذكر الزيتون غارسه |
لصار الزيت دمعا |
يا حكمة الأجداد |
لو من لحمنا نعطيك درعا |
لكنّ سهل الريح |
لا يعطي عبيد الريح زرعا |
إنّا سنقلع بالرموش |
الشوك و الأحزان .. قلعا |
وإلام نحمل عارنا و صليبنا |
والكون يسعى |
سنظل في الزيتون خضرته |
وحول الأرض درعا |
إنّا نحبّ الورد |
لكنّا نحبّ القمح أكثر |
ونحبّ عطر الورد |
لكن السنابل منه أطهر |
فاحموا سنابلكم من الأعصار |
بالصدر المسمّر |
هاتوا السياج من الصدور |
من الصدور فكيف يكسر |
إقبض على عنق السنابل |
مثلما عانقت خنجر |
الأرض و الفلاح و الإصرار |
قل لي كيف تقهر |
هذي الأقانيم الثلاثة |
كيف تقهر |
عيناك يا صديقتي العجوز يا صديقتي المراهقة |
عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة |
لا يضحك الرجاء فيهما و لا تنام الصاعقة |
لم يبق شيء عندنا .. إلّا الدموع الغارقة |
قولي: متى ستضحكين مرة و إن تكن منافقة |
كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان |
مصّي بقايا دمنا، و بعدنا الطوفان |
وإن سغبت مرة، لا تتركي الجثمان |
وإن سئمت بعدها، فعندك الديدان |
إنّا خلقنا غلطة .. في غفلة من الزمان |
وأنت يا صديقي العجوز .. يا صديقتي المراهقة |
كوني على أشلائنا، كالزنبقات العابقة |
الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار |
وحولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار |
والشمس عند بابنا معمية الأنوار |
واشية، لكنها لا تعبر الأسوار |
إن الحياة خلفنا غريبة منافقة |
فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة |
أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء |
أسمعهم من فجوة في خيمة السماء |
يا ويل من تنفست رئاته الهواء |
من رئة مسروقة |
ياويل من شرابه دماء |
ومن بنى حديقة .. ترابها أشلاء |
يا ويله من وردها المسموم |
أمل
ما زال في صحونكم بقية من العسل |
ردوا الذباب عن صحونكم |
لتحفظوا العسل |
ما زال في كرومكم عناقد من العنب |
ردوا بنات آوى |
يا حارسي الكروم |
لينضج العنب |
ما زال في بيوتكم حصيرة .. وباب |
سدوا طريق الريح عن صغاركم |
ليرقد الأطفال |
الريح برد قارس .. فلتغلقوا الأبواب |
ما زال في قلوبكم دماء |
لا تسفحوها أيّها الآباء |
فإن في أحشائكم جنين |
مازال في موقدكم حطب |
وقهوة .. وحزمة من اللهب |
الجميلات هن الجميلات
الجميلات هن الجميلات |
نقش الكمنجات في الخاصرة |
الجميلات هن الضعيفات |
عرشٌ طفيفٌ بلا ذاكرة |
الجميلات هن القويات |
يأسٌ يضيء ولا يحترق |
الجميلات هن الأميرات |
ربَّاتُ وحي قلق |
الجميلات هن القريبات |
جاراتُ قوس قزح |
الجميلات هن البعيدات |
مثل أغاني الفرح |
الجميلات هن الفقيرات |
مثل الوصيفات في حضرة الملكة |
الجميلات هن الطويلات |
خالات نخل السماء |
الجميلات هن القصيرات |
يُشرَبْنَ في كأس ماء |
الجميلات هن الكبيرات |
مانجو مقشرةٌ ونبيذٌ معتق |
الجميلات هن الصغيرات |
وَعْدُ غدٍ وبراعم زنبق |
الجميلات، كلّْ الجميلات، أنت ِ |
إذا ما اجتمعن ليخترن لي أنبل القاتلات |