وَغايَةُ الرّوح طَيَّ الرّوح قَد خَفيت | فَلا المَظاهِرُ تُبديها وَلا الصُّوَرُ |
فَذا يَقولُ هِيَ الأَرواحُ إِن بَلَغَت | حَدَّ الكَمالِ تَلاشَت وَاِنقَضى الخَبَرُ |
كَأَنَّما هيَ أَثمارٌ إِذا نَضِجَت | وَمَرّتِ الرّيحُ يَوماً عافَها الشَّجَرُ |
وَإِذ يَقولُ هِيَ الأَجسامُ إِن هَجَعَت | لَم يَبقَ في الرّوحِ تَهويمٌ وَلا سَمَرُ |
كَأَنَّما هِيَ ظِلٌّ في الغَديرِ إِذا | تَعكّرَ الماءُ وَلّت وَامّحى الأَثَرُ |
ظَلَّ الجَميع فَلا الذرّاتُ في جَسَدٍ | تُثوى وَلا هِيَ في الأَرواحِ تحتضَرُ |
فَما طَوَت شَمألٌ أَذيالَ عاقِلَةٍ | إِلّا وَمَرّ بِها الشّرقي فَتَنتَشِرُ |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
والحر في الأرض يبني من منازعه
وَالحرُّ في الأَرضِ يَبني مِن منازعِهِ | سِجناً لَهُ وَهوَ لا يَدري فَيؤتَسَرُ |
فَإِن تَحرّر مِن أَبناء بجدَتِهِ | يَظَلّ عَبداً لِمَن يَهوى وَيَفتَكِرُ |
فَهوَ الأَريبُ وَلَكن في تَصَلُّبِهِ | حَتّى وَلِلحَقِّ بُطلٌ بَل هُوَ البَطَرُ |
وَهوَ الطَّليقُ وَلَكن في تَسَرُّعِهِ | حَتّى إِلى أَوجِ مَجدٍ خالِدٍ صِغَرُ |
والحق للعزم والأرواح إن قويت
وَالحَقّ لِلعَزم وَالأَرواحُ إِن قويت | سادت وَإِن ضعفت حَلَّت بِها الغِيَرُ |
فَفي العَرينَةِ ريحٌ لَيسَ يقربُهُ | بَنو الثَّعالبِ غابَ الأُسدُ أَم حَضرُوا |
وَفي الزَّرازيرِ جُبنٌ وَهيَ طائِرَةٌ | وَفي البزاةِ شُموخٌ وَهيَ تحتَضرُ |
وَالعَزمُ في الرُّوحِ حَقٌّ لَيسَ يُنكرُهُ | عَزمُ السَّواعدِ شاءَ النّاسُ أَم نكرُوا |
فَإِن رَأَيتَ ضَعيفاً سائِداً فَعَلى | قَومٍ إِذا ما رَأوا أَشباهَهم نَفَرُوا |
ليس في الغابات موت
لَيسَ في الغاباتِ مَوتٌ | لا وَلا فيها القُبور |
فَإِذا نيسانُ وَلّى | لَم يمُت مَعهُ السُّرور |
إِنّ هَولَ المَوتِ وَهمٌ | يَنثَني طَيَّ الصُّدور |
فَالَّذي عاشَ رَبيعاً | كَالَّذي عاشَ الدُّهور |
أَعطِني النّايَ وَغَنِّ | فَالغِنا سِرُّ الخُلود |
وَأَنِينُ النّايِ يَبقى | بَعدَ أَن يَفنى الوُجُود |
سكوتي إنشاد وجوعي تخمة
سُكُوتِيَ إِنشادٌ وَجُوعِيَ تخمَةٌ | وَفي عَطَشي ماء وَفي صَحوَتي سكرُ |
وَفي لَوعَتي عُرسٌ وَفي غُربَتي لقاً | وَفي باطِني كَشفٌ وَفي مَظهَري سترُ |
وَكَم أَشتَكي هَمّاً وَقَلبي مُفاخرٌ | بِهَمّي وَكَم أَبكي وَثَغريَ يَفترُ |
وَكَم أَرتَجي خِلاً وَخِلّي بِجانِبي | وَكَم أَبتَغي أَمراً وَفي حَوزَتي الأَمرُ |
وَقَد يَنثُرُ اللَّيلُ البَهيمُ منازِعي | عَلى بسطِ أَحلامي فَيَجمَعُها الفَجرُ |
نَظَرتُ إِلى جِسمي بِمِرآةِ خاطِري | فَأَلفَيتُهُ روحاً يُقَلِّصُهُ الفِكرُ |
فَبِي من بَراني وَالَّذي مَدَّ فسحَتي | وَبِي المَوتُ وَالمَثوى وَبِي البَعثُ وَالنَشرُ |
فَلو لَم أَكُن حَيّاً لَما كُنتُ مائِتاً | وَلَولا مُرامُ النَّفسِ ما رامَني القَبرُ |
وَلما سَأَلتُ النَّفسَ ما الدَّهرُ فاعِلٌ | بِحَشدِ أَمانينا أَجابَت أَنا الدَّهرُ |
أيها الشحرور غرد
أَيّها الشَّحرُورُ غَرّد | فَالغِنا سرُّ الوُجود |
لَيتَني مِثلكَ حرٌ | مِن سُجونٍ وَقُيود |
لَيَتني مِثلكُ رُوحاً | في فَضا الوَادي أَطير |
أَشرَبُ النُّورَ مُداماً | في كُؤوس مِن أَثِير |
لَيتَني مِثلك طهراً | وَاِقتِناعاً وَرضى |
مُعرِضاً عَمّا سَيَأتي | غافِلاً عَمّا مَضى |
لَيتَني مِثلُكَ ظرفاً | وَجَمالاً وَبَها |
تبسطُ الرّيح جَناحي | كَي يُوشِّيهِ النَّدى |
لَيتَني مِثلُكَ فِكراً | سابِحاً فَوقَ الهِضاب |
أسكبُ الأَنغام عَفواً | بَينَ غابٍ وَسَحاب |
أَيُّها الشّحرورُ غَنِّ | وَاِصرف الأَشجان عَني |
إِنَّ في صَوتِكَ صَوتاً | نافِخاً في أُذن أُذني |