| كان لبعض الناسِ ببغاءُ | ما ملَّ يوماً نطقها الإصغاءُ | 
| رفيعة القدْرِ لَدَى مولاها | وكلُّ مَنْ في بيتِه يهواها | 
| وكان في المنزل كلبٌ عالي | أرخصتهُ وجودُ هذا الغالي | 
| كذا القليلُ بالكثيرِ ينقصُ | والفضلُ بعضُه لبعضٍ مُرْخِصُ | 
| فجاءَها يوماً على غِرارِ | وقلبُهُ من بُغضِها في نارِ | 
| وقال: يا مليكة َ الطُّيورِ | ويا حياة َ الأنسِ والسرورِ | 
| بحسنِ نطقكِ الذي قد أصبى | إلا أَرَيْتنِي اللِّسانَ العذْبا | 
| لأَنني قد حِرْتُ في التفكُّر | لمَّا سمعتُ أنه من سكُّر | 
| فأَخْرَجتْ من طيشِها لسانها | فعضَّهُ بنابه، فشانها | 
| ثم مضى من فوره يصيحُ | قطعتُه لأنه فصِيحُ | 
| وما لها عنديَ من ثأْرٍ يُعدّ | غيرَ الذي سمَّوْهُ قِدْماً بالحسدْ | 
امير الشعراء
هو لقب للشاعر الكبير أحمد شوقي وهو شاعر مصري من شعراء العصر الحديث.
كان لبعضهم حمار وجمل
| كان لبعضهمْ حمارٌ وجملْ | نالهما يوماً من الرقّ مللْ | 
| فانتظرَا بَشائِرَ الظَّلماءِ | وانطَلقا معاً إلى البَيْداءِ | 
| يجتليان طلعة َ الحريَّهْ | وينشقانِ ريحها الزكيَّهْ | 
| فاتفقا أن يقضيا العمرَ بها | وارتضَيا بمائِها وعُشبِها | 
| وبعدَ ليلة ٍ من المسيرِ | التفت الحِمارُ لِلبعيرِ | 
| وقال: كربٌ يا أَخي عظيمُ | فقفْ، فمشي كلَّهُ عقيمُ | 
| فقال: سَلْ فِداكَ أُمِّي وأَبي | عسى تَنالُ بي جليلَ المطلبِ | 
| قال: انطلقْ معي لإدراكِ المُنى | أَو انتظِر صاحبَكَ الحرَّ هنا | 
| لابدّ لي من عودة للبلد | لأَنني تركتُ فيه مِقوَدِي | 
| فقال سر والزَمْ أَخاك الوتِدا | فإنما خُلِقْتَ كي تُقيَّدا | 
لدودة القز عندي
| لدودة ِ القزِّ عندي | ودودة ِ الأضواءِ | 
| حكاية ٌ تشتَهيها | مسامعُ الأَذكياءِ | 
| لمَّا رأَت تِلكَ هذِي | تنيرُ في الظلماءِ | 
| سَعَتْ إليها، وقالت | تعيشُ ذاتُ الضِّياءِ | 
| أَنا المؤمَّلُ نفعي | أَنا الشهيرُ وفائي | 
| حلا ليَ النفعُ حتى | رضيتُ فيه فنائي | 
| وقد أتيتُ لأحظى | بوجهكِ الوضَّاءِ | 
| فهل لنورِ الثرى في | مَوَدّتي وإخائي | 
| قالت: عَرَضتِ علينا | وجهاً بغيرِ حياءِ | 
| من أنتِ حتى تداني | ذاتَ السَّنا والسَّناءِ | 
| أنا البديعُ جمالي | أَنا الرفيعُ عَلائي | 
| أين الكواكبُ مني | بل أين بدرُ السماءِ | 
| فامضي؛ فلا وُدّ عندي | إذ لستِ من أكفائي | 
| وعند ذلك مرَّتْ | حسناءُ معْ حسناءِ | 
| تقولُ: لله ثوبي | في حُسنِه والبَهاءِ | 
| كم عندنا من أَيادٍ | للدودة ِ الغراءِ | 
| ثم انثنتْ فأتتْ ذي | تقولُ للحمقاءِ | 
| هل عندكِ الآنَ شَكٌّ | في رُتبتي القَعساءِ | 
| إن كان فيك ضياءٌ | إن الثناءَ ضيائي | 
| وإنه لضياءٌ | مؤيَّدٌ بالبقاءِ | 
كان على بعض الدروب جمل
| كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُ | حَمَّلهُ المالكُ ما لا يُحملُ | 
| فقال يا للنَّحسِ والشقاءِ | إن طال هذا لم يطلْ بقائي | 
| لم تحمِلِ الجبالُ مثلَ حِملي | أظنُّ مولاي يريدُ قتلي | 
| فجاءَهُ الثعلبُ من أَمامِهْ | وكان نالَ القصدُ من كلامهْ | 
| فقال مهلاً يا أخا الأحمالِ | ويا طويلَ الباعِ في الجِمالِ | 
| فأَنتَ خيرٌ من أَخيكَ حالا | لأَنني أَتعَبُ منك بالا | 
| كأَن قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ | تسألني عن دمها المسفوكِ | 
| كأَنّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنبِ | إذا نهضتُ جاذبتني ذنبي | 
| وربَّ أمٍّ جئتُ في مناخها | فجعتُها بالفتكِ في أَفراخِها | 
| يبعثني منْ مرقدي بكاها | وأَفتحُ العيْن على شكواها | 
| وقد عرفتَ خافيَ الأحمالِ | فاصبِرْ. وقلْ لأُمَّة ِ الجِمال | 
| ليسَ بحملٍ ما يملُّ الظهرُ | ما الحملُ إلا ما يعافي الصَّدرُ | 
غزالة مرت على أتان
| غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ | تُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ | 
| وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشا | بودِّها لو حملهُ في الحشا | 
| ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِ | فِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ | 
| فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِ | وجاءها والضحكُ ملءُ فمهِ | 
| يصيحُ: يا أُمّاه ماذا قد دَها | حتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها | 
قد سمع الثعلب أهل القرى
| قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى | يدعونَ محتالا بيا ثعلبُ | 
| فقال حقّاً هذه غاية ٌ | في الفخرِ لا تؤتى ولا تطلب | 
| من في النُّهى مثلي حتى الورى | أَصبَحْتُ فيهم مَثلاً يُضْرب | 
| ما ضَرَّ لو وافيْتُهم زائراً | أُرِيهِمُ فوقَ الذي استغرَبوا | 
| لعلهم يحيون لي زينة ً | يحضرها الدِّيكُ أو الأرنب | 
| وقصَدَ القوْمَ وحياهُم | وقام فيما بينهم يخطب | 
| فأُخِذَ الزائِرُ من أُذنِه | وأعطيَ الكلبَ به يلعب | 
| فلا تَثِق يوماً بِذي حِيلة ٍ | إذْ رُبَّما يَنخَدِعُ الثعلب |