لوصف زهر اللوز، لا موسوعة الأزهار |
تسعفني، ولا القاموس يسعفني |
سيخطفني الكلام إلى أحابيل البلاغة |
والبلاغة تجرح المعنى وتمدح جرحه |
كمذكر يملي على الأنثى مشاعرها |
فكيف يشع زهر اللوز في لغتي أنا |
وأنا الصدى |
وهو الشفيف كضحكة مائية نبتت |
على الأغصان من خفر الندى |
وهو الخفيف كجملة بيضاء موسيقية |
وهو الضعيف كلمح خاطرة |
تطل على أصابعنا |
ونكتبها سدى |
وهو الكثيف كبيت شعر لا يدون |
بالحروف |
لوصف زهر اللوز تلمزني زيارات إلى |
اللاوعي ترشدني إلى أسماء عاطفة |
معلقة على الأشجار. ما اسمه |
ما اسم هذا الشيء في شعرية اللاشيء |
يلزمني اختراق الجاذبية والكلام |
لكي أحس بخفة الكلمات حين تصير |
طيفا هامسا فأكونها وتكونني |
شفافة بيضاء |
لا وطن ولا منفى هي الكلمات |
بل ولع البياض بوصف زهر اللوز |
لا ثلج ولا قطن فما هو في |
تعاليه على الأشياء والأسماء |
لو نجح المؤلف في كتابة مقطع ٍ |
في وصف زهر اللوز، لانحسر الضباب |
عن التلال، وقال شعب كامل |
هذا هوَ |
هذا كلام نشيدنا الوطني |
قصائد محمود درويش عن الحب
أروع ما كتب شاعر فلسطين محمود درويش عن الحب قصائد حب متنوعة و مميزة لمحمود درويش.
قال لها ليتني كنت أصغر
قال لها: ليتني كُنْتُ أَصْغَرَ |
قالت لَهُ: سوف أكبر ليلاً كرائحة |
الياسمينة في الصيفِ |
ثم أَضافت: وأَنت ستصغر حين |
تنام، فكُلُّ النيام صغارٌ وأَمَّا أَنا |
فسأسهر حتى الصباح ليسودَّ ما تحت |
عينيَّ. خيطان من تَعَبٍ مُتْقَنٍ يكفيان |
لأَبْدوَ أكبرَ. أَعصرُ ليمونةً فوق |
بطني لأُخفيَ طعم الحليب ورائحة القُطْنِ. |
أَفرك نهديَّ بالملح والزنجبيل فينفر نهدايَ |
أكثر |
قال لها: ليس في القلب مُتَّسَعٌ |
للحديقة يا بنت… لا وقت في جسدي |
لغدٍ… فاكبري بهدوءٍ وبُطْءٍ |
فقالت له لا نصيحةَ في الحب. خذني |
لأكبَرَ خذي لتصغرَ |
قال لها: عندما تكبرين غداً ستقولين |
يا ليتني كُنتُ أَصغرَ |
قالت له شهوتي مثل فاكهةٍ لا |
تُؤَجَّلُ… لا وَقْتَ في جسدي لانتظار غدي |
في البيت أجلس
في البيت أَجلس، لا حزيناً لا سعيداً |
لا أَنا، أَو لا أَحَدْ |
صُحُفٌ مُبَعْثَرَةٌ. ووردُ المزهريَّةِ لا يذكِّرني |
بمن قطفته لي. فاليوم عطلتنا عن الذكرى |
وعُطْلَةُ كُلِّ شيء… إنه يوم الأحدْ |
يوم نرتِّبُ فيه مطبخنا وغُرْفَةَ نومنا |
كُلِّ على حِدَةٍ. ونسمع نشرةَ الأخبار |
هادئةً، فلا حَرْبٌ تُشَنُّ على بَلَدْ |
ألأمبراطورُ السعيدُ يداعبُ اليومَ الكلابَ |
ويشرب الشمبانيا في ملتقى نَهْدَين من |
عاجٍ… ويَسْبَحُ في الزَّبَدْ |
ألأمبراطور الوحيدُ اليوم في قيلولةٍ |
مثلي ومثلك، لا يُفَكِّر بالقيامة .. فَهْيَ |
مُلْك يَمينِهِ، هِيَ الحقيقةُ والأَبدْ |
كَسَلٌ خفيفُ الوزن يطهو قهوتي |
والهالُ يصهَلُ في الهواء وفي الجَسَدْ |
وكأنني وحدي. أنا هو أو أنا الثاني |
رآني واطمأَنَّ على نهاري وابتعدْ |
يوم الأَحد |
هو أوَّل الأيام في التوراة، لكنَّ |
الزمان يغيِّر العاداتِ: إذ يرتاح |
ربُّ الحرب في يوم الأحدْ |
في البيت أجلس، لا سعيداً لا حزيناً |
بين بين. ولا أُبالي إن علمت بأنني |
حقاً أنا … أو لا أَحَدْ |
قاتل و بريء
هو الحب كالموج |
تكرار غبطتنا بالقديم الجديد |
سريع بطيء |
بريء كظبي يسابق دراجة |
وبذيء … كديك |
جريء كذي حاجة |
عصبي المزاج رديء |
هادىء كخيال يرتب ألفاظه |
مظلم معتم … ويضيء |
فارغ ومليء بأضداده |
هو الحيوان الملاك |
بقوة ألف حصان وخفة طيف |
وملتبس شرس سلس |
كلما فر كر |
ويحسن صنعاً بنا ويسيء |
يفاجئناحين ننسى عواطفنا |
ويجيء |
هو الفوضوي الأناني |
والسيد الواحد المتعدد |
نؤمن حيناً ونكفر حيناً |
ولكنه لا يبالي بنا |
حين يصطادنا واحداً واحدة |
ثم يصرعنا بيد باردة |
إنه قاتل … بريء |
لا أنام لأحلم
لا أَنام لأحلم قالت لَه |
بل أَنام لأنساكَ. ما أطيب النوم وحدي |
بلا صَخَب في الحرير، اَبتعدْ لأراكَ |
وحيدا هناك، تفكٌِر بي حين أَنساكَ |
لا شيء يوجعني في غيابكَ |
لا الليل يخمش صدري ولا شفتاكَ |
أنام علي جسدي كاملا كاملا |
لا شريك له |
لا يداك تشقَّان ثوبي، ولا قدماكَ |
تَدقَّان قلبي كبنْدقَة عندما تغلق الباب |
لاشيء ينقصني في غيابك |
نهدايَ لي. سرَّتي. نَمَشي. شامتي |
ويدايَ وساقايَ لي. كلّ ما فيَّ لي |
ولك الصّوَر المشتهاة، فخذْها |
لتؤنس منفاكَ، واَرفع رؤاك كَنَخْب |
أخير. وقل إن أَردت هَواكِ هلاك |
وأَمَّا أَنا، فسأصْغي إلي جسدي |
بهدوء الطبيبة لاشيء، لاشيء |
يوجِعني في الغياب سوي عزْلَةِ الكون |
إلى أمي
أحنُّ إلى خبزِ أمّي |
وقهوةِ أمّي |
ولمسةِ أمّي |
وتكبرُ فيَّ الطفولةُ |
يوماً على صدرِ يومِ |
وأعشقُ عمري لأنّي |
إذا متُّ |
أخجلُ من دمعِ أمّي |
خذيني، إذا عدتُ يوماً |
وشاحاً لهُدبكْ |
وغطّي عظامي بعشبٍ |
تعمّد من طُهرِ كعبكْ |
وشدّي وثاقي |
بخصلةِ شَعر |
بخيطٍ يلوّحُ في ذيلِ ثوبكْ |
عساني أصيرُ إلهاً |
إلهاً أصير |
إذا ما لمستُ قرارةَ قلبكْ |
ضعيني، إذا ما رجعتُ |
وقوداً بتنّورِ ناركْ |
وحبلِ الغسيلِ على سطحِ دارِكْ |
لأني فقدتُ الوقوفَ |
بدونِ صلاةِ نهارِكْ |
هرِمتُ، فرُدّي نجومَ الطفولة |
حتّى أُشارِكْ |
صغارَ العصافيرِ |
دربَ الرجوع |
لعشِّ انتظاركْ |