لم يَتَّفِقْ مما جَرَى في المركبِ | ككذبِ القردِ على نوحِ النبي |
فإنه كان بأقصى السطحِ | فاشتاقَ من خفته للمزحِ |
وصاحَ: يا للطير والأسماكِ | لِموْجَة ٍ تجِدُّ في هَلاكي! |
فَبعثَ النبي له النسورا | فوجَدَتْه لاهياً مسرورا |
ثم أتى ثانية ً يصيحُ | قد ثقبتْ مركبنا يا نوحُ! |
فأَرسَل النبيُّ كلَّ مَن حَضرْ | فلم يروا كما رأى القرد خطر |
وبينما السَّفيهُ يوماً يَلعبُ | جادَتْ به على المِياهِ المركبُ |
فسمعوه في الدُّجى ينوحُ | يقولُ: إني هالكٌ يا نوحُ |
سَقطْتُ من حماقتي في الماءِ | وصِرْتُ بين الأَرضِ والسماءِ |
فلم يصدقْ أحدٌ صياحهْ | وقيلَ حقاً هذه وقاحَهْ |
قد قال في هذا المقامِ مَن سَبَقْ | أكذبُ ما يلفي الكذوبُ إن صدق |
من كان ممنواً بداءِ الكذبِ | لا يَترُكُ الله، ولا يُعفِي نبي! |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
قد ود نوح أن يباسط قومه
قد وَدّ نوحٌ أَن يُباسِطَ قوْمَهُ | فدعا إليهِ معاشرَ الحيوانِ |
وأشار أنْ يليَ السفينة َ قائدٌ | منهم يكونُ من النهى بمكان |
فتقدّمَ الليثُ الرفيع جلاله | وتعرّضَ الفيلُ الفخيمُ الشان |
وتلاهما باقي السباعِ، وكلهمْ | خَرُّوا لهيبتِهِ إلى الأَذقان |
حتى إذا حيُّوا المؤيَّدَ بالهدى | ودَعَوْا بطولِ العزِّ والإمكان |
سبقتهم لخطابِ نوحٍ نملة ٌ | كانت هناكَ بجانِبِ الأَرْدان |
قالت: نبيَّ اللهِ، أرضى فارسٌ | وأَنا يَقيناً فارسُ الميْدانِ |
سأديرُ دفتها، وأحمي أهلها | وأقودها في عصمة ٍ وأمان |
ضحكَ النبيُّ وقال: إنّ سفينتيَ | لهِيَ الحياة ، وأَنتِ كالإنسان |
كل الفضائِل والعظائمِ عنده | هو أَوّلٌ، والغيْرُ فيها الثاني |
ويودُّ لو ساسَ الزَّمانَ، وما لَهُ | بأَقلِّ أَشغالِ الزمان يَدان |
الدبُّ معروفٌ بسوءِ الظنِّ
الدبُّ معروفٌ بسوءِ الظنِّ | فاسمعْ حديثَهُ العجيبَ عنِّي |
لمَّا استطال المُكْثَ في السَّفينهْ | ملَّ دوامَ العيشة ِ الظنينه |
وقال: إن الموْتَ في انتظاري | والماءُ لا شكَّ به قراري |
ثم رأى موجاً على بعدٍ علا | فظنَّ أن في الفضاء جبلا |
فقال: لا بُدَّ من النزولِ | وصَلْتُ، أَو لم أَحْظَ بالوُصولِ |
قد قال مَن أَدَّبَهُ اختبارُه | السعيُ للموتِ ولا انتظاره! |
فأَسلمَ النفسَ إلى الأمواجِ | وهْيَ مع الرياحِ في هياجِ |
فشرِبَ التعيسُ منها، فانتفَخْ | ثم رَسا على القرارِ، ورسَخ |
وبعدَ ساعتَينِ غِيضَ الماءُ | وأَقلَعَتْ بأَمْرِهِ السماءُ |
وكان في صاحبنا بعض الرمق | إذ جاءَهُ الموتُ بطيئاً في الغرَقْ |
وكان في صاحبنا فوقَ الجودي | والرَّكبُ في خيْرٍ وفي سُعودِ |
فقال: يا لجدِّي التعيسِ | أسأت ظني بالنبي الرئيسِ! |
ما كان ضَرّني لو امتثَلتُ | ومِثلَما قد فعلوا فعلتُ؟! |
يقال إنّ الليثَ في ذي الشدّهْ
يقال إنّ الليثَ في ذي الشدّهْ | رأَى من الذِّئبِ صَفا الموَدَّه |
فقال: يا منْ صانَ لي محلِّي | في حالتي ولا يتي وعزلي |
إنْ عُدْتُ للأَرض بإذنِ الله | وعاد لي فيها قديمُ الجاهِ |
أُعطيكَ عِجْليْنِ وأَلفَ شاة | ثم تكونُ واليَ الولاة ِ |
وصاحِبَ اللِّواءِ في الذِّئابِ | وقاهرَ الرعاة ِ والكلابِ |
حتى إذا ما تَمَّتِ الكرامَهْ | ووَطِىء الأَرضَ على السلاَمه |
سعى إليه الذئبُ بعدَ شهرِ | وهوَ مطاعُ النهيِ ماضي الأمرِ |
فقال: يا منْ لا تداسُ أرضه | ومنْ له طولُ الفلا وعرضه |
قد نِلتَ ما نِلتَ منَ التكريمِ | وذا أَوان الموْعِدِ الكريمِ |
قال: تجرَّأتَ وساءَ زعمكا | فمن تكونُ يا فتى ؟ وما اسمكا؟ |
أجابه: إن كان ظنِّي صادقا | فإنَّني والي الوُلاة ِ سابِقَا! |
أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ
أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ | فقال: يا مولايَ، إني مذنبْ |
قد سوَّدتْ صحيفتي الذنوبُ | وإن وجدْتُ شافعاً أَتوب |
فاسألْ إلهي عفوهُ الجليلا | لتائبٍ قد جاءهُ ذليلا |
وإنني وإن أسأتُ السيرا | عملتُ شرَّا، وعملتُ خيرا |
فقد أتاني ذاتَ يومٍ أرنبُ | يرتَعُ تحتَ منزلي ويَلعَبُ |
ولم يكن مراقِبٌ هُنالكا | لكنَّني تَركتُهُ معْ ذلكا |
إذ عفتُ في افتراسهِ الدناءهْ | فلم يصلهُ من يدي مساءهْ |
وكان في المجلس ذاكَ الأرنبُ | يسمعُ ما يبدي هناكَ الثعلبُ |
فقال لمَّا انقطعَ الحديثُ: | قد كان ذاكَ الزهدُ يا خبيث |
وأنت بينَ الموتِ والحياة ِ | من تُخمة ٍ أَلقتْك في الفلاة ِ! |
قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ
قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ | وحلَّ يومُ وضعها في المركبِ |
فقلقَ الرُّكابُ من بكائها | وبينما الفتاة ُ في عَنائها |
جاءت عجوزٌ من بناتِ عرسٍ | تقولُ: أَفدِي جارَتي بنفسي |
أنا التي أرجى لهذي الغايهْ | لأَنني كنتُ قديماً دَأيَهْ |
فقالتِ الأَرنبُ: لا يا جارَه | فإن بعدَ الألفة ِ الزياره |
ما لي وثوقٌ ببناتِ عرسِ | إني أريدُ داية ً من جنسي! |