النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ | والجنة ُ شاطئه الأخضرْ |
ريَّانُ الصَّفحة ِ والمنظرْ | ما أبهى الخلدَ وما أنضرْ ! |
البحرُ الفَيَّاضُ، القُدسُ | الساقي الناسَ وما غرسوا |
وهو المِنْوالُ لما لبِسوا | والمُنْعِمُ بالقطنِ الأَنوَر |
جعلَ الإحسانَ له شرعا | لم يُخلِ الواديَ من مَرْعى |
فتَرَى زرعا يَتلو زرعاً | وهُنا يُجنى ، وهُنا يُبْذَر |
جارٍ ويُرَى ليس بجارِ | لأناة ٍ فيه ووقار |
ينصبُّ كتلٍّ منهارِ | ويضجُّ فتحسبه يزأر |
حبشيُّ اللَّونِ كجيرته | من منبعه وبحيرته |
صَبَغَ الشَّطَّيْنِ بسُمْرَته | لوناً كالمسكِ وكالعنبرِ |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا
بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا | فَهَيَّا مَهدُوا للمُلكِ هيَّا |
خذوا شمسَ له حليَّا | أَلم تَكُ تاجَ أَوّلِكم مَلِيَّا؟! |
على الأخلاقِ الملكَ وابنوا | فليسَ وراءَها للعِزِّ رُكن |
أليس لكم بوادي النِّيل عدنُ | وكوثرها الذي يجري شهيّا ؟ ! |
لنا وطنٌ بأَنفسِنا نَقيه | وبالدُّنيا العريضة ِ نَفتديه |
إذا ما سيلتِ الأرواحُ فيه | بذلناها كأنْ لم نعطِ شيَّا |
لنا الهرَمُ الذي صحِبَ الزمانا | ومن حَدَثانِه أَخذ الأَمانا |
ونحنُ بنو السَّنا العلي ، نمانا | أَوائلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُّقِيا |
تطاولَ عهدهمْ عزا وفخرا | فلما آل للتاريخِ ذُخْرا |
نشأنا نشأة ً في الجدِ أخرى | جَعَلنا الحقَّ مَظْهرَها العَلِيّا |
جعلنا مِصْرَ مِلَّة َ ذي الجَلالِ | وألفنا الصليبَ على الهلالِ |
وأقبلنا كصفٍّ من عوالِ | يشدُّ السَّمْهَرِيُّ السَّمْهَرِيّا |
نرومُ لمصرَ عزًّا لا يرامُ | يرفُّ على جوانبه السَّلامُ |
وينعَمُ فيه جيِرانٌ كِرامُ | فلن تجدَ النَّزيلَ بنا شقيَّا |
نقومُ على البناية ِ محسنينا | ونعهَدُ بالتَّمامِ إلى بنينا |
إليْكِ نَموتُ ـ مِصْرُ ـ كما حَيينا | ويبقى وجهكِ المفديُّ حيَّا |
نحنُ الكشافة ُ في الوادي
نحنُ الكشافة ُ في الوادي | جَبريلُ الروحُ لنا حادِي |
يا ربِّ، بعيسى ، والهادي | وبموسى خُذْ بيَدِ الوطنِ |
كشَّافة ُ مِصرَ، وصبيَتُها | ومناة ُ الدارِ، ومنيتها |
وجمالُ الأرضِ، وحليتها | وطلائعُ أَفراحِ المدُنِ |
نَبتدِرُ الخيرَ، ونَستبِقُ | ما يَرضَى الخالقُ والخُلُقُ |
بالنفسِ وخالِقِها نثِقُ | ونزيد وثوقاً في المحن |
في السَّهلِ نَرِفُّ رَياحِينا | ونجوبُ الصخر شياطينا |
نبني الأبدانَ وتبنينا | والهمَّة ُ في الجسم المرنِ |
ونخلِّي الخلقَ وما اعتقدوا | ولوجه الخالقِ نجتهدُ |
نأسو الجرْحى أَنَّى وُجِدُوا | ونداوي من جرح الزمن |
في الصدقِ نشأنا والكومِ | والعفَّة ِ عن مسِّ الحرم |
ورعاية ِ طفلٍ أو هرمِ | والذودِ عن الغيدِ الحصن |
ونُوافي الصَّارخَ في اللُّجَجِ | والنارِ الساطعة ِ الوَهَجِ |
لا نسأَلُهُ ثمنَ المُهَجِ | وكفى بالواجبِ من ثمنِ |
يا ربِّ، فكثِّرنا عدَدا | وابذُل لأُبوَّتِنا المَدَدا |
هيىء ْ لهمُ ولنا رشدا | يا ربِّ، وخذ بيد الوطن |
قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا
قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا! | وأجلَّ في العلياءِ بدرَ سماكا! |
تتساءلُ العربُ المقدسُ بيتها: | أَأُعِيدَ بانِي رُكنِه فبَناكا؟! |
وتقولُ إذ تأتيكَ تلتمسُ الهدى : | سِيَّانِ هذا في الجلال وذاكا |
يا مُلتَقى القمَرَيْنِ، ما أَبهاكَ! بل | يا مَجْمَعَ البَحْرَين، ما أَصفاكا! |
إنّ الأَمَانَة َ، والجلالة َ، والعُلا | في هالة ٍ دارتْ على مغناكا |
ما العِزُّ إلا في ثرَى القدَمِ التي | حَسَدَتْ عليها النيِّراتُ ثراكا |
يا سادسَ الأمراءِ من آبائه | ما للإمارة ِ مَنْ يُعَدُّ سِواكا |
التركُ تقرأُ باسمِ جدَّك في الوغى | والعُرْبُ تَذكرُ في الكتاب أَباكا |
نسبٌ لو انتمت النجومُ لعقدهِ | لتَرَفَّعَتْ أَن تَسكنَ الأَفلاكا |
شرفاً – عزيزَ العصرِ – فتَّ ملوكهُ | فضلاً، وفاتَ بينهمُ نجلاكا |
لك جنَّة ُ الدنيا، وكوثرها الذي | يجري به في الملكِ شرطُ غناكا |
ملكٌ رعيتَ اللهَ فيه، مؤيداً | باسم النبي، موفقاً مسعاكا |
فأَقمتَ أمراً ـ يا أَبا العباسِ ـمأْ | مونَ السبيلِ على رشيد نهاكا |
إن يَعرضوهُ على الجبال تَهنْ له | وهيَ الجبالُ، فما أشدَّ قواكا |
بسياسة تقفُ العقولُ كليلة ً | لا تستطيع لكُنْهِها إدراكا |
وبحكمة ٍ في الحكمِ توفيقيَّة ٍ | لك يَقتَفي فيها الرجالُ خُطاكا |
مَولايَ، عيدُ الفطرِ صُبحُ سُعودِه | في مصرَ أسفر عن سنا بشراكا |
فاستقبلِ الآمالَ فيه بشائراً | وأشائراً تجالى على علياكا |
وتلقَّ أَعيادَ الزمان مُنيرة ً | فهناؤُه ما كان فيه هَناكا |
أيامكَ الغرُّ السعيدة ُ كلها | عيدٌ، فعيدُ العالمين بَقاكا |
فليبقَ بيتكَ، وليدمْ ديوانه | وليحيَ جندكَ، ولتعشْ شوراكا |
وليهنني بك كلّ يومٍ أنني | في ألفِ عيدٍ من سعودِ رضاكا |
يا أيها الملك الأَريبُ، إليكها | عذراءَ هامتْ في صفاتِ عُلاكا |
فطوتْ إليكَ البحرَ أَبيضَ نِسبة ً | لِنظيرهِ المورودِ من يُمناكا |
قدِمَتْ على عيدٍ لبابك بعدما | قدِمَتْ عليَّ جديدة ً نُعماكا |
أو كلما جادتْ نداكَ رويتي | سَبَقتْ ثَنايَ بالارتجالِ يداكا؟ |
أنتَ الغنيُّ عن الثناِ، فإن تردْ | ما يُطربُ الملكَ الأَديبَ فهاكا |
مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي
مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي | آمنتُ باللهِ وجنَّاته! |
العيشُ فيه ليس في غيرهِ | يا طالبَ العيشِ ولذاته |
قصورُ عزٍّ باذخاتُ الذرى | يودها كسرى مشيداته |
من كل راسي الأصل تحت الثرى | مُحير النجمِ بِذِرواته |
دارتْ على البحرِ سلاليمهُ | فبتن أَطواقاً لِلَبَّاتِه |
مُنتظِماتٌ مائجاتٌ به | مُنمقاتٌ مثلَ لُجَّاتِه |
من الرخامِ الندرِ، لكنها | تُنازعُ الجوهَرَ قيماته |
من عملِ الإنسِ، سوى أنها | تُنسي سليمانَ وجِنَّاته |
والريحُ في أَبوابِه، والجوا | ري مائلاتٌ دون ساحاته |
وغابه منْ سارَ في ظلها | يأتي على البسفورِ غاباته |
بالطولِ والعرضِ تباهي، فذا | وافٍ، وهذا عند غاياته |
والرملُ حالٍ بالضحى مذهبٌ | يُصدِّىء ُ الظلُّ سَبيكاتِه |
وتُرْعة ٌ لو لم تكن حُلوَة ً | أَنْسَتْ لَمَرْتِينَ بُحَيْراتِه |
أَوْ لم تكنْ ثمَّ حياة َ الثرَى | لم تبقِ في الوصفِ لحيَّاته |
وفي فمِ البحرِ لمنْ جاءهُ | لسانُ أرضٍ فاقَ فرضاته |
تَنْحَشِدُ الطَّيْرُ بأَكنافِه | ويَجمعُ الوحشُ جماعاتِه |
من معزٍ وحشية ٍ، إن جرتْ | أَرَتْ من الجرْي نِهاياتِه |
أو وثبتْ فالنجمُ من تحتها | والسورُ في أسرِ أسيراته |
وأرنبٌ كالنملِ إن أحصيتْ | تنبتُ في الرملِ وأبياته |
يعلو بها الصيدُ ويعلو إذا | ما قيْصَرُ أَلقَى حِبالاته |
ومن ظِباءٍ في كِناساتِها | تهيجُ للعاشقِ لوعاته |
والخَيْلُ في الحيِّ عراقِيَّة ٌ | تَحمِي وتُحمَى في بُيوتاته |
غيرٌّ كأيامِ عزيزِ الورى | محجَّلاتٌ مثل أوقاته |
ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ
ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ | إلا وأَنت لعيْنِ الدَّهْرِ إنسانُ |
وما تَهلَّلتَ إذْ وافاكَ ذو أَمَلٍ | إلا وأَدهَشَه حُسْنٌ وإحسان |
لله ساحتكَ المسعودُ قاصدها | فإنما ظِلُّها أَمْنٌ وإيمان! |
لئنْ تباهى بك الدِّينُ الحنيفُ لكمْ | تقوَّمَتْ بك للإسلامِ أَركان |
تُراقِبُ الله في مُلكٍ تدَبِّرُه | فأَنت في العدْلِ والتَّقوى سُليمان |
أَنجَى لك الله أَنجالاً لا يُهيِّئُهم | لرفعة ِ الملكِ إقبالٌ وعرفان |
أعزَّة ٌ أينما حلتْ ركائبهم | لهم مكانٌ كماَ شاؤوا وإمكان |
لم تثنِهمْ عن طِلابِ العِلمِ في صِغَرٍ | في عزِّ مُلكِك أَوطارٌ وأَوطان |
تأتي السعادة ُ إلا أَن تُسايِرَهم | لأنهم لموكِ الأرضِ ضيفان |
نجلانِ قد بلغا في المجدِ ما بلغا | مُعَظَّمٌ لهما بين الورى شان |
يكفيهما في سبيلِ الفخرِ أن شهدتْ | بفضلِ سبقهما روسٌ وألمان |
هُما هُما، تعرِفُ العَلياءُ قدرَهُما | كِلاهُما كَلِفٌ بالمجدِ يَقظان |
ما الفَرْقَدانِ إذا يوماً هُما طلعا | في مَوكِبٍ بهما يَزهو ويزدان؟ |
يا كافِيَ الناس بعد الله أَمْرَهُمُ | النَّصرُ إلا على أَيديكَ خِذْلان |
ويا منيل المعالي والنَّدى كرماً | الربح من غير هذا البابِ خسران |
مولايَ، هل لِفتى بالبابِ مَعذرَة ٌ | فعقلهُ في جلالِ الملكِ حيرانُ؟! |
سعى على قدمِ الإخلاصِ ملتمساً | رضاك ، فهوَ على اإقبالِ عنوان |
أَرى جَنابَكَ رَوضاً للندى نَضِراً | لأنّ غصنَ رجائي فيه ريَّان |
لا زالَ مُلككَ بالأَنجالِ مُبتَهِجاً | ما باتَ يُثني على عَلياكَ إنسان |