| مَنِ الجآذِرُ في زِيّ الأعَارِيبِ | حُمْرَ الحِلَى وَالمَطَايَا وَالجَلابيبِ | 
| إنْ كُنتَ تَسألُ شَكّاً في مَعارِفِها | فمَنْ بَلاكَ بتَسهيدٍ وَتَعذيبِ | 
| لا تَجْزِني بضَنًى بي بَعْدَهَا بَقَرٌ | تَجزي دُموعيَ مَسكوباً بمسكُوبِ | 
| سَوَائِرٌ رُبّمَا سارَتْ هَوَادِجُهَا | مَنيعَةً بَينَ مَطْعُونٍ وَمَضرُوبِ | 
| وَرُبّمَا وَخَدَتْ أيْدي المَطيّ بهَا | على نَجيعٍ مِنَ الفُرْسانِ مَصْبوبِ | 
| كمْ زَوْرَةٍ لَكَ في الأعرابِ خافِيَةٍ | أدهى وَقَد رَقَدوا مِن زَوْرَةِ الذيبِ | 
| أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي | وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي | 
| قد وَافقوا الوَحشَ في سُكنى مَراتِعِها | وَخالَفُوها بتَقْوِيضٍ وَتَطنيبِ | 
| جِيرانُها وَهُمُ شَرُّ الجِوارِ لهَا | وَصَحبُهَا وَهُمُ شَرُّ الأصاحيبِ | 
| فُؤادُ كُلّ مُحِبٍّ في بُيُوتِهِمِ | وَمَالُ كُلِّ أخيذِ المَالِ مَحرُوبِ | 
| ما أوْجُهُ الحَضَرِ المُسْتَحسَناتُ بهِ | كأوْجُهِ البَدَوِيّاتِ الرّعَابيبِ | 
| حُسْنُ الحِضارَةِ مَجلُوبٌ بتَطْرِيَةٍ | وَفي البِداوَةِ حُسنٌ غيرُ مَجلوبِ | 
| أينَ المَعيزُ مِنَ الآرَامِ نَاظِرَةً | وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطّيبِ | 
| أفدِي ظِبَاءَ فَلاةٍ مَا عَرَفْنَ بِهَا | مَضْغَ الكلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ | 
| وَلا بَرَزْنَ مِنَ الحَمّامِ مَاثِلَةً | أوراكُهُنَّ صَقيلاتِ العَرَاقيبِ | 
| وَمِنْ هَوَى كلّ مَن ليستْ مُمَوِّهَةً | ترَكْتُ لَوْنَ مَشيبي غيرَ مَخضُوبِ | 
| وَمِن هَوَى الصّدقِ في قَوْلي وَعادَتِهِ | رَغِبْتُ عن شَعَرٍ في الرّأس مكذوبِ | 
| لَيتَ الحَوَادِثَ باعَتني الذي أخذَتْ | مني بحِلمي الذي أعطَتْ وَتَجرِيبي | 
| فَمَا الحَداثَةُ من حِلْمٍ بمَانِعَةٍ | قد يُوجَدُ الحِلمُ في الشبّانِ وَالشِّيبِ | 
| تَرَعْرَعَ المَلِكُ الأستاذُ مُكْتَهِلاً | قَبلَ اكتِهالٍ أديباً قَبلَ تأديبِ | 
| مُجَرَّباً فَهَماً من قَبْلِ تَجْرِبَةٍ | مُهَذَّباً كَرَماً مِنْ غيرِ تَهذيبِ | 
| حتى أصَابَ منَ الدّنْيا نِهايَتَهَا | وَهَمُّهُ في ابْتِداءاتٍ وَتَشبيبِ | 
| يُدَبّرُ المُلْكَ منْ مِصرٍ إلى عَدَنٍ | إلى العِراقِ فأرْضِ الرّومِ فالنُّوبِ | 
| إذا أتَتْهَا الرّياحُ النُّكْبُ منْ بَلَدٍ | فَمَا تَهُبُّ بِهَا إلاّ بتَرْتِيبِ | 
| وَلا تُجاوِزُها شَمسٌ إذا شَرَقَتْ | إلاّ وَمِنْهُ لهَا إذْنٌ بتَغْرِيبِ | 
| يُصَرّفُ الأمْرَ فيها طِينُ خاتَمِهِ | وَلَوْ تَطَلّسَ مِنهُ كلُّ مكتُوبِ | 
| يَحُطّ كُلَّ طَوِيلِ الرّمْحِ حامِلُهُ | من سرْجِ كلّ طَوِيلِ الباعِ يَعبوبِ | 
| كَأنّ كُلّ سُؤالٍ في مَسَامِعِهِ | قَميصُ يوسُفَ في أجفانِ يَعقوبِ | 
| إذا غَزَتْهُ أعادِيهِ بِمَسْألَةٍ | فقد غَزَتْهُ بجَيْشٍ غَيرِ مَغْلُوبِ | 
| أوْ حارَبَتْهُ فَمَا تَنْجُو بتَقْدِمَةٍ | ممّا أرَادَ وَلا تَنْجُو بتَجْبِيبِ | 
| أضرَتْ شَجاعَتُهُ أقصَى كتائِبِهِ | على الحِمَامِ فَمَا مَوْتٌ بمَرْهوبِ | 
| قالُوا هَجَرْتَ إلَيْهِ الغَيثَ قلتُ لهمْ | إلى غُيُوثِ يَدَيْهِ وَالشّآبِيبِ | 
| إلى الذي تَهَبُ الدّوْلاتِ رَاحَتُهُ | وَلا يَمُنُّ على آثَارِ مَوْهُوبِ | 
| وَلا يَرُوعُ بمَغْدورٍ بِهِ أحَداً | وَلا يُفَزِّعُ مَوْفُوراً بمَنْكُوبِ | 
| بَلى يَرُوعُ بذي جَيْشٍ يُجَدّلُهُ | ذا مِثْلِهِ في أحَمّ النّقْعِ غِرْبِيبِ | 
| وَجَدْتُ أنْفَعَ مَالٍ كُنتُ أذخَرُهُ | مَا في السّوَابِقِ مِنْ جَرْيٍ وَتَقرِيبِ | 
| لمّا رَأينَ صُرُوفَ الدّهرِ تَغدُرُ بي | وَفَينَ لي وَوَفَتْ صُمُّ الأنابيبِ | 
| فُتْنَ المَهَالِكَ حتى قالَ قائِلُهَا | ماذا لَقينَا منَ الجُرْدِ السّراحِيبِ | 
| تَهْوِي بمُنْجَرِدٍ لَيسَتْ مَذاهِبُهُ | لِلُبْسِ ثَوْبٍ وَمأكولٍ وَمَشرُوبِ | 
| يَرَى النّجُومَ بعَيْنَيْ مَنْ يُحاوِلُها | كأنّهَا سَلَبٌ في عَينِ مَسلُوبِ | 
| حتى وَصَلْتُ إلى نَفْسٍ مُحَجَّبَةٍ | تَلقَى النّفُوسَ بفَضْلٍ غيرِ محْجوبِ | 
| في جِسْمِ أرْوَعَ صَافي العَقل تُضْحكُه | خلائِقُ النّاسِ إضْحاكَ الأعاجيبِ | 
| فَالحَمْدُ قَبْلُ لَهُ وَالحَمْدُ بَعدُ لها | وَلِلقَنَا وَلإدْلاجي وَتأوِيبي | 
| وَكَيْفَ أكْفُرُ يا كافُورُ نِعْمَتَهَا | وَقَدْ بَلَغْنَكَ بي يا كُلّ مَطلُوبي | 
| يا أيّهَا المَلِكُ الغَاني بتَسْمِيَةٍ | في الشّرْقِ وَالغرْبِ عن وَصْفٍ وتلقيبِ | 
| أنتَ الحَبيبُ وَلَكِنّي أعُوذُ بِهِ | من أنْ أكُونَ مُحِبّاً غَيرَ محْبوبِب | 
أجمل القصائد
أجمل قصائد الشعر من العصر الجاهلي والعصر الأموي والعصر العباسي والعصر الحديث هنا في صفحة أجمل القصائد.
ما أنصف القوم ضبة
| ما أنصف القوم ضبة | وأمه الطرطبة | 
| رموا برأس أبيه | وباكوا الأم غلبة | 
| فلا بمن مات فخر | ولا بمن نيك رغبة | 
| وإنما قلت ما قلـ | ـت رحمة لا محبة | 
| وحيلة لك حتى | عذرت لو كنت تأبه | 
| وما عليك من القتـ | ـل إنما هي ضربة | 
| وما عليك من الغد | ر إنما هو سبة | 
| وما عليك من العا | ر أن أمك قحبة | 
| وما يشق على الكلـ | ـب أن يكون ابن كلبة | 
| ما ضرها من أتاها | وإنما ضر صلبه | 
| ولم ينكها ولكن | عجانها ناك زبه | 
| يلوم ضبة قوم | ولا يلومون قلبه | 
| وقلبه يتشهى | ويلزم الجسم ذنبه | 
| لو أبصر الجذع شيئا | أحب في الجذع صلبه | 
| يا أطيب الناس نفسا | وألين الناس ركبة | 
| وأخبث الناس أصلا | في أخبث الأرض تربة | 
| وأرخص الناس أما | تبيع ألفا بحبة | 
| كل الفعول سهام | لمريم وهي جعبة | 
| وما على من به الدا | ء من لقاء الأطبة | 
| وليس بين هلوك | وحرة غير خطبة | 
| يا قاتلا كل ضيف | غناه ضيح وعلبة | 
| وخوف كل رفيق | أباتك الليل جنبه | 
| كذا خلقت ومن ذا الـ | ـذي يغالب ربه | 
| ومن يبالي بذم | إذا تعود كسبه | 
| أما ترى الخيل في النخـ | ـل سربة بعد سربة | 
| على نسائك تجلو | فعولها منذ سنبة | 
| وهن حولك ينظر | ن والأحيراح رطبة | 
| وكل غرمول بغل | يرين يحسدن قنبه | 
| فسل فؤادك يا ضبـ | ـب أين خلف عجبه | 
| وإن يخنك لعمري | لطالما خان صحبه | 
| وكيف ترغب فيه | وقد تبينت رعبه | 
| ما كنت إلا ذبابا | نفتك عنا مذبه | 
| وكنت تفخر تيها | فصرت تضرط رهبة | 
| وإن بعدنا قليلا | حملت رمحا وحربة | 
| وقلت ليت بكفي | عنان جرداء شطبة | 
| إن أوحشتك المعالي | فإنها دار غربة | 
| أو آنستك المخازي | فإنها لك نسبة | 
| وإن عرفت مرادي | تكشفت عنك كربة | 
| وإن جهلت مرادي | فإنه بك أشبه | 
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
| أجابَ دَمعي وما الدّاعي سوَى طَلَلِ | دَعَا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَّكبِ وَالإبِلِ | 
| ظَلِلْتُ بَينَ أُصَيْحابي أُكَفْكِفُهُ | وَظَلّ يَسفَحُ بَينَ العُذْرِ وَالعَذَلِ | 
| أشكُو النّوَى ولهُمْ من عَبرَتي عجبٌ | كذاكَ كنتُ وما أشكو سوَى الكِلَلِ | 
| وَمَا صَبابَةُ مُشْتاقٍ على أمَلٍ | مِنَ اللّقَاءِ كمُشْتَاقٍ بلا أمَلِ | 
| متى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيارَتَهَا | لا يُتْحِفُوكَ بغَيرِ البِيضِ وَالأسَلِ | 
| وَالهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ | أنَا الغَريقُ فَما خَوْفي منَ البَلَلِ | 
| مَا بالُ كُلّ فُؤادٍ في عَشيرَتِهَا | بهِ الذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ | 
| مُطاعَةُ اللّحْظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ | لمُقْلَتَيْها عَظيمُ المُلْكِ في المُقَلِ | 
| تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِسَاتُ بهَا | في مَشيِهَا فيَنَلنَ الحُسنَ بالحِيَلِ | 
| قَدْ ذُقْتُ شِدّةَ أيّامي وَلَذّتَهَا | فَمَا حَصَلتُ على صابٍ وَلا عَسَلِ | 
| وَقَد أراني الشبابُ الرّوحَ في بَدَني | وَقد أراني المَشيبُ الرّوحَ في بَدَلي | 
| وَقَدْ طَرَقْتُ فَتَاةَ الحَيّ مُرْتَدِياً | بصاحِبٍ غَيرِ عِزْهاةٍ وَلا غَزِلِ | 
| فَبَاتَ بَينَ تَراقِينَا نُدَفّعُهُ | ولَيسَ يَعلَمُ بالشّكوَى وَلا القُبَلِ | 
| ثمّ اغْتَدَى وَبِهِ مِنْ دِرْعِهَا أثَرٌ | على ذُؤابَتِهِ وَالجَفْنِ وَالخِلَلِ | 
| لا أكْسِبُ الذّكرَ إلاّ مِنْ مَضارِبه | أوْ مِنْ سِنانِ أصَمِّ الكَعْبِ مُعتَدِلِ | 
| جادَ الأميرُ بهِ لي في مَوَاهِبِهِ | فَزانَهَا وَكَسَاني الدّرْعَ في الحُلَلِ | 
| وَمِنْ عَليّ بنِ عَبْدِالله مَعْرِفَتي | بحَمْلِهِ، مَنْ كَعَبدِ الله أوْ كَعَلي | 
| مُعطي الكواعبِ وَالجُرْدِ السّلاهبِ وَالـ | ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذُّبُلِ | 
| ضاقَ الزّمانُ وَوَجهُ الأرْض عن ملِكٍ | مِلءِ الزّمانِ ومِلءِ السّهْلِ وَالجبَلِ | 
| فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَلٍ | وَالبَرّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ | 
| من تَغلِبَ الغالِبينَ النّاسَ مَنصِبُهُ | وَمِن عَديٍّ أعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ | 
| وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيْجاءِ تُنجِدُهُ | بالجاهِلِيّةِ عَينُ العِيّ وَالخَطَلِ | 
| لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ | فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ | 
| خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ | في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ | 
| وَقد وَجدتَ مكانَ القَوْلِ ذا سَعَةٍ | فإنْ وَجَدْتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ | 
| إنّ الهُمَامَ الذي فَخْرُ الأنَامِ بِهِ | خيرُ السّيوفِ بكَفّيْ خيرَةِ الدّوَلِ | 
| تُمسِي الأمانيُّ صَرْعَى دونَ مَبْلَغه | فَمَا يَقُولُ لشيءٍ لَيتَ ذلكَ لي | 
| أُنْظُرْ إذا اجتَمَعَ السّيْفانِ في رَهَجٍ | إلى اختِلافِهِمَا في الخَلْقِ وَالعَمَلِ | 
| هذا المُعَدُّ لرَيْبِ الدّهْرِ مُنْصَلِتاً | أعَدّ هذا لرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ | 
| فالعُرْبُ منهُ معَ الكُدْرِيّ طائرَةٌ | وَالرّومُ طائِرَةٌ منهُ مَعَ الحَجَلِ | 
| وَمَا الفِرارُ إلى الأجْبالِ مِنْ أسَدٍ | تَمشِي النّعَامُ به في معقِلِ الوَعِلِ | 
| جازَ الدّروبَ إلى ما خَلْفَ خَرْشَنَةٍ | وَزَالَ عَنْها وذاكَ الرّوْعُ لم يَزُلِ | 
| فكُلّما حَلَمَتْ عذراءُ عِندَهُمُ | فإنّمَا حَلَمَتْ بالسّبيِ وَالجَمَلِ | 
| إن كنتَ تَرْضَى بأنْ يعطوا الجِزَى بذلوا | منها رِضاكَ وَمَنْ للعُورِ بالحَوَلِ | 
| نادَيتُ مَجدَكَ في شعري وَقد صَدَرَا | يا غَيرَ مُنتَحَلٍ في غيرِ مُنتَحَلِ | 
| بالشّرْقِ وَالغَرْبِ أقْوامٌ نُحِبّهُمُ | فَطالِعاهُمْ وَكُونَا أبْلَغَ الرّسُلِ | 
| وَعَرّفَاهُمْ بأنّي في مَكارِمِهِ | أُقَلّبُ الطَّرْفَ بَينَ الخيلِ وَالخَوَلِ | 
| يا أيّها المُحسِنُ المَشكورُ من جهتي | وَالشكرُ من قِبَلِ الإحسانِ لا قِبَلي | 
| ما كانَ نَوْميَ إلاّ فَوْقَ مَعْرِفَتي | بأنّ رَأيَكَ لا يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ | 
| أقِلْ أنِلْ أقْطِعِ احملْ علِّ سلِّ أعدْ | زِدْ هشِّ بشِّ تفضّلْ أدنِ سُرَّ صِلِ | 
| لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ | فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ | 
| وَلاَ سَمِعْتُ وَلا غَيرِي بمُقْتَدِرٍ | أذَبَّ مِنكَ لزُورِ القَوْلِ عن رَجُلِ | 
| لأنّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لا تَكَلَّفُهُ | ليسَ التكحّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ | 
| وَمَا ثَنَاكَ كَلامُ النّاسِ عَنْ كَرَمٍ | وَمَنْ يَسُدّ طَريقَ العارِضِ الهطِلِ | 
| أنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ | وَلا مِطالٍ وَلا وَعْدٍ وَلا مَذَلِ | 
| أنتَ الشّجاعُ إذا ما لم يَطأ فَرَسٌ | غَيرَ السَّنَوّرِ وَالأشلاءِ وَالقُلَلِ | 
| وَرَدَّ بَعضُ القَنَا بَعضاً مُقارَعَةً | كأنّها مِنْ نُفُوسِ القَوْمِ في جَدَلِ | 
| لا زِلْتَ تضرِبُ من عاداكَ عن عُرُضٍ | بعاجِلِ النّصرِ في مُستأخِرِ الأجَلِ | 
نشيد الجبار ( هكذا غنى بروميثيوس )
| سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ | كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ | 
| أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً | بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ | 
| لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ..، ولا أَرى | ما في قرار الهَوّة ِ السوداءِ… | 
| وأسيرُ في دُنيا المشاعِر، حَالماَ، | غرِداً- وتلكَ سعادة ُ الشعراءِ | 
| أُصغِي لموسيقى الحياة ِ، وَوَحْيها | وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي | 
| وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ، الَّذي | يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ | 
| وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني | عن حرب آمالي بكل بلاءِ: | 
| “-لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي | موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ | 
| «فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ، فإنَّهُ | سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ» | 
| لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلة َ والبُكا، | وضَراعَة َ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء | 
| «ويعيشُ جبَّارا، يحدِّق دائماً | بالفَجْرِ..، بالفجرِ الجميلِ، النَّائي | 
| واملأْ طريقي بالمخاوفِ، والدّجى ، | وزَوابعِ الاَشْواكِ، والحَصْباءِ | 
| وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ، وانثُرْ فَوْقَهُ | رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأساءِ» | 
| «سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفاً | قيثارتي، مترنِّما بغنائي» | 
| «أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ | في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ» | 
| النّور في قلبِي وبينَ جوانحي | فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ» | 
| «إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي | أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ» | 
| «وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ، ليس تزيدُهُ | إلا حياة ً سَطْوة ُ الأنواءِ» | 
| أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقَضَى | عُمُري، وأخرسَتِ المنيَّة ُ نائي» | 
| «وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي | قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ | 
| فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ | عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضاءِ» | 
| «لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ | وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ” | 
| وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا | هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي | 
| ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً | فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي | 
| وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما | وجدوا..، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي | 
| ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، ليأكُلوا | لحمي، ويرتشفوا عليه دِمائي | 
| إنّي أقول ـ لَهُمْ ـ ووجهي مُشْرقٌ | وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ-: | 
| “إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي | والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي | 
| «فارموا إلى النَّار الحشائشَ..، والعبوا | يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي» | 
| «وإذا تمرّدتِ العَواصفُ، وانتشى | بالهول قَلْبُ القبّة ِ الزَّرقاءِ» | 
| «ورأيتموني طائراً، مترنِّماً | فوقَ الزّوابعِ، في الفَضاءِ النائي | 
| «فارموا على ظلّي الحجارة َ، واختفوا | خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..» | 
| وهُناك، في أمْنِ البُيوتِ،تَطارَحُوا | عثَّ الحديثِ، وميِّتَ الآراءِ» | 
| «وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي | وتجاهَرُوا ـ ما شئتمُ ـ بِعدائي» | 
| أما أنا فأجيبكم من فوقِكم | والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي: | 
| مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُه | لم يحتفِلْ بفداحة الأعباءِ” | 
في الليل ناديت الكواكب ساخطا
| في اللّيل نَادَيتُ الكَوَاكِبَ ساخطاً | متأجَّجَ الآلام والآراب | 
| “الحقلُ يملكه جبابرة ُ الدّجى | والروضُ يسكنه بنو الأرباب | 
| «والنَّهرُ، للغُول المقدّسة التي | لا ترتوي، والغابُ للحَطّابِ» | 
| «وعرائسُ الغابِ الجميلِ، هزيلة ٌ | ظمأى لِكُلِّ جَنى ً، وَكُلِّ شَرابِ» | 
| ما هذه الدنيا الكريهة ُ؟ ويلَها! | حَقّتْ عليها لَعْنَة ُ الأَحْقابِ!» | 
| الكونُ مُصغٍ، ياكواكبُ، خاشعٌ | طال انتظاري، فانطقي بِجواب”! | 
| فسمعتُ صوتاً ساحراً، متموجاً | فوق المروجِ الفيحِ، والأَعْشابِ | 
| وَحَفيفَ أجنحة ٍ ترفرف في الفضا | وصدى ً يَرنُّ على سُكون الغابِ: | 
| الفجرُ يولدُ باسماً، مُتَهَلِّلاً | في الكونِ، بين دُحنِّة ٍ وضباب | 
يا عذارى الجمال والحب والأحلام
| يا عذارى الجمال والحب والأحلامِ | بل يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ | 
| قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ | كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ | 
| ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ..، أو تَحْلُمُ | بالنُّورِ، بالهوى ، بِالنّشيدِ | 
| وَرَأينا الخُدودَ، ضرّجَها السِّحْرُ، | فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود | 
| ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا | من الورد غضّة ٍ أملُود | 
| ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ، كالأزهارِ | في نشوة الشباب السعيدِ | 
| فتنة ٌ، توقظ الغرام، وتذكيه | وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ | 
| ما الذي خلف سحرها الحالي، السكران، | في ذلك القرارِ البعيدِ..؟ | 
| أنفوسٌ جميلة ٌ، كطيور الغابِ | تشدوُ بساحر التغريدِ | 
| طاهراتٌ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهارِ | في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد؟ | 
| وقلوبٌ مُضيئة ٌ، كنجوم الليل | ضَوَاعة ٌ، كغضِّ الورودِ؟ | 
| أم ظلامٌ، كأنهُ قِطَعُ الليل، | وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ | 
| وخِضَمُّ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْ | رِ، والشَّرِّ، والظِّلالِ المَديدِ؟ | 
| لستُ أدري، فرُبّ زهرٍ شذيِّ | قاتل رغمَ حسنه المشهودِ | 
| صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمة ِ الرّوحِ | وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ | 
| إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ | سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ | 
| يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ، | ويشقى بعِيشة المنكودِ | 
| وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ، | ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ | 
| غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ | الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ |