من أيّةِ الطُّرْقِ يأتي مثلَكَ الكَرَمُ | أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ |
جازَ الأُلى مَلكَتْ كَفّاكَ قَدْرَهُمُ | فعُرّفُوا بكَ أنّ الكَلْبَ فوْقَهُمُ |
ساداتُ كلّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ | وَسادَةُ المُسلِمينَ الأعْبُدُ القَزَمُ |
أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم | يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ |
ألا فَتًى يُورِدُ الهِنْدِيَّ هَامَتَهُ | كَيما تزولَ شكوكُ النّاسِ وَالتُّهمُ |
فإنّهُ حُجّةٌ يُؤذي القُلُوبَ بهَا | مَنْ دينُهُ الدّهرُ وَالتّعطيلُ وَالقِدمُ |
ما أقدَرَ الله أنْ يُخْزِي خَليقَتَهُ | وَلا يُصَدِّقَ قَوْماً في الذي زَعَمُوا |
أجمل القصائد
أجمل قصائد الشعر من العصر الجاهلي والعصر الأموي والعصر العباسي والعصر الحديث هنا في صفحة أجمل القصائد.
الرأي قبل شجاعة الشجعان
الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ | هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني |
فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ | بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ |
وَلَرُبّما طَعَنَ الفَتى أقْرَانَهُ | بالرّأيِ قَبْلَ تَطَاعُنِ الأقرانِ |
لَوْلا العُقولُ لكانَ أدنَى ضَيغَمٍ | أدنَى إلى شَرَفٍ مِنَ الإنْسَانِ |
وَلما تَفَاضَلَتِ النّفُوسُ وَدَبّرَتْ | أيدي الكُماةِ عَوَاليَ المُرّانِ |
لَوْلا سَميُّ سُيُوفِهِ وَمَضَاؤهُ | لمّا سُلِلْنَ لَكُنّ كالأجْفانِ |
خاضَ الحِمَامَ بهنّ حتى ما دُرَى | أمِنِ احتِقارٍ ذاكَ أمْ نِسْيَانِ |
وَسَعَى فَقَصّرَ عن مَداهُ في العُلى | أهْلُ الزّمانِ وَأهْلُ كلّ زَمَانِ |
تَخِذُوا المَجالِسَ في البُيُوتِ وَعندَه | أنّ السّرُوجَ مَجالِسُ الفِتيانِ |
وَتَوَهّموا اللعِبَ الوَغى والطعنُ في الـ | ـهَيجاءِ غَيرُ الطّعْنِ في الميدانِ |
قادَ الجِيَادَ إلى الطّعانِ وَلم يَقُدْ | إلاّ إلى العاداتِ وَالأوْطانِ |
كُلَّ ابنِ سَابقَةٍ يُغيرُ بحُسْنِهِ | في قَلْبِ صاحِبِهِ عَلى الأحزانِ |
إنْ خُلِّيَتْ رُبِطَتْ بآدابِ الوَغَى | فدُعاؤها يُغني عنِ الأرْسانِ |
في جَحْفَلٍ سَتَرَ العُيُونَ غبارُهُ | فكأنّمَا يُبْصِرْنَ بالآذانِ |
يَرْمي بهَا البَلَدَ البَعيدَ مُظَفَّرٌ | كُلُّ البَعيدِ لَهُ قَرِيبٌ دانِ |
فكأنّ أرْجُلَهَا بتُرْبَةِ مَنْبِجٍ | يَطرَحنَ أيديَها بحِصْنِ الرّانِ |
حتى عَبرْنَ بأرْسَنَاسَ سَوَابحاً | يَنْشُرْنَ فيهِ عَمَائِمَ الفُرْسانِ |
يَقْمُصْنَ في مثلِ المُدَى من بارِدٍ | يَذَرُ الفُحُولَ وَهنّ كالخصْيانِ |
وَالماءُ بَينَ عَجاجَتَينِ مُخَلِّصٌ | تَتَفَرّقانِ بِهِ وَتَلْتَقِيَانِ |
رَكَضَ الأميرُ وَكاللُّجَينِ حَبَابُهُ | وَثَنى الأعِنّةَ وَهْوَ كالعِقيانِ |
فَتَلَ الحِبالَ مِنَ الغَدائِرِ فوْقَهُ | وَبَنى السّفينَ لَهُ منَ الصّلْبانِ |
وَحَشاهُ عادِيَةً بغَيرِ قَوَائِمٍ | عُقُمَ البطونِ حَوَالِكَ الألوَانِ |
تأتي بما سَبَتِ الخُيُولُ كأنّهَا | تحتَ الحِسانِ مَرَابضُ الغِزْلانِ |
بَحْرٌ تَعَوّدَ أنْ يُذِمّ لأهْلِهِ | من دَهْرِهِ وَطَوَارِقِ الحِدْثَانِ |
فتَرَكْتَهُ وَإذا أذَمّ مِنَ الوَرَى | رَاعَاكَ وَاستَثنى بَني حَمدانِ |
ألمُخْفِرِينَ بكُلّ أبيَضَ صَارِمٍ | ذِممَ الدّرُوعِ على ذوي التّيجانِ |
مُتَصَعْلِكينَ على كَثَافَةِ مُلكِهم | مُتَوَاضِعِينَ على عَظيمِ الشّانِ |
يَتَقَيّلُونَ ظِلالَ كُلّ مُطَهَّمٍ | أجَلِ الظّليمِ وَرِبْقَةِ السِّرْحانِ |
خَضَعتْ لمُنصُلكَ المَناصِلُ عَنوَةً | وَأذَلّ دِينُكَ سَائِرَ الأدْيانِ |
وَعلى الدّروبِ وَفي الرّجوعِ غضَاضَةٌ | وَالسّيرُ مُمْتَنِعٌ مِنَ الإمْكانِ |
وَالطّرْقُ ضَيّقَةُ المَسَالِكِ بالقَنَا | وَالكُفْرُ مُجتَمعٌ على الإيمَانِ |
نَظَرُوا إلى زُبَرِ الحَديدِ كأنّمَا | يَصْعَدْنَ بَينَ مَناكِبِ العِقْبانِ |
وَفَوَارِسٍ يُحيي الحِمامُ نُفوسَها | فكأنّهَا لَيستْ مِنَ الحَيَوَانِ |
مَا زِلتَ تَضرِبهُم دِرَاكاً في الذُّرَى | ضَرْباً كأنّ السّيفَ فيهِ اثْنانِ |
خصّ الجَماجمَ وَالوُجوهَ كأنّمَا | جاءتْ إليكَ جُسُومُهمْ بأمانِ |
فرَمَوْا بما يَرْمونَ عَنْهُ وَأدْبَرُوا | يَطَأونَ كُلّ حَنِيّةٍ مِرْنَانِ |
يَغشاهُمُ مَطَرُ السّحاب مُفَصَّلاً | بمُهَنّدٍ وَمُثَقَّفٍ وَسِنَانِ |
حُرِموا الذي أمَلُوا وَأدرَكَ منهُمُ | آمَالَهُ مَنْ عادَ بالحِرْمانِ |
وَإذا الرّماحُ شَغَلنَ مُهجَةَ ثائِرٍ | شَغَلَتْهُ مُهْجَتُهُ عَنِ الإخْوَانِ |
هَيهاتِ عاقَ عنِ العِوادِ قَوَاضِبٌ | كَثُرَ القَتيلُ بها وَقَلّ العَاني |
وَمُهَذَّبٌ أمَرَ المَنَايَا فِيهِمِ | فأطَعْنَهُ في طاعَةِ الرّحْمانِ |
قد سَوّدتْ شجرَ الجبالِ شُعُورُهم | فكأنّ فيهِ مُسِفّةَ الغِرْبانِ |
وَجَرَى على الوَرَقِ النّجيعُ القَاني | فكأنّهُ النّارَنْجُ في الأغصانِ |
إنّ السّيُوفَ معَ الذينَ قُلُوبُهُمْ | كقُلُوبهنّ إذا التَقَى الجَمعانِ |
تَلْقَى الحُسامَ على جَرَاءَةِ حدّهِ | مثلَ الجَبانِ بكَفّ كلّ جَبَانِ |
رَفعتْ بكَ العرَبُ العِمادَ وَصَيّرَتْ | قِمَمَ المُلُوكِ مَوَاقِدَ النّيرانِ |
أنسابُ فَخرِهِمِ إلَيْكَ وَإنّمَا | أنْسَابُ أصْلِهِمِ إلى عَدْنَانِ |
يا مَنْ يُقَتِّلُ مَنْ أرَادَ بسَيْفِهِ | أصْبَحتُ منْ قَتلاكَ بالإحْسانِ |
فإذا رَأيتُكَ حارَ دونَكَ نَاظرِي | وَإذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني |
أفاضل الناس أغراض لدى الزمن
أفاضِلُ النّاسِ أغراضٌ لَدى الزّمَنِ | يَخلُو مِنَ الهَمّ أخلاهم من الفِطَنِ |
وإنّما نَحْنُ في جيلٍ سَواسِيَةٍ | شَرٍّ على الحُرّ من سُقْمٍ على بدَنِ |
حَوْلي بكُلّ مكانٍ مِنهُمُ خِلَقٌ | تُخطي إذا جِئتَ في استِفهامِها بمَنِ |
لا أقْتَري بَلَداً إلاّ على غَرَرٍ | ولا أمُرّ بخَلْقٍ غيرِ مُضْطَغِنِ |
ولا أُعاشِرُ من أملاكِهِمْ مَلِكاً | إلاّ أحَقَّ بضَرْبِ الرّأسِ من وَثَنِ |
إنّي لأعْذِرُهُمْ مِمّا أُعَنّفُهُمْ | حتى أُعَنّفُ نَفْسِي فيهِمِ وأني |
فَقْرُ الجَهُولِ بِلا قَلْبٍ إلى أدَبٍ | فَقْرُ الحِمارِ بلا رَأسٍ إلى رَسَنِ |
ومُدْقِعِينَ بسُبْرُوتٍ صَحِبْتُهُمُ | عارِينَ من حُلَلٍ كاسينَ من دَرَنِ |
خُرّابِ بادِيَةٍ غَرْثَى بُطُونُهُمُ | مَكْنُ الضِّبابِ لهمْ زادٌ بلا ثَمَنِ |
يَسْتَخْبِرُون فَلا أُعْطيهِمِ خَبَري | وما يَطيشُ لَهُمْ سَهْمٌ منَ الظِّنَنِ |
وخَلّةٍ في جَليسٍ ألْتَقيهِ بهَا | كَيما يرَى أنّنا مِثْلانِ في الوَهَنِ |
وكِلْمَةٍ في طَريقٍ خِفْتُ أُعْرِبُها | فيُهْتَدَى لي فلَمْ أقدِرْ على اللَّحَنِ |
قد هَوّنَ الصّبرُ عِندي كلَّ نازِلَةٍ | ولَيّنَ العَزْمُ حَدَّ المَركَبِ الخشنِ |
كم مَخلَصٍ وعُلًى في خوضِ مَهْلَكَةٍ | وقَتْلَةٍ قُرِنَتْ بالذّمّ في الجُبُنِ |
لا يُعْجِبَنّ مَضيماً حُسْنُ بِزّتِهِ | وهَلْ تَرُوقُ دَفيناً جُودَةُ الكفَنِ |
لله حَالٌ أُرَجّيها وتُخْلِفُني | وأقْتَضِي كَوْنَها دَهْري ويَمطُلني |
مَدَحْتُ قَوْماً وإنْ عِشنا نَظَمتُ لهم | قَصائِداً مِنْ إناثِ الخَيلِ والحُصُنِ |
تَحْتَ العَجاجِ قَوافيها مُضَمَّرَةٌ | إذا تُنُوشِدْنَ لم يَدْخُلْنَ في أُذُنِ |
فلا أُحارِبُ مَدْفُوعاً إلى جُدُرٍ | ولا أُصالِحُ مَغروراً على دَخَنِ |
مُخَيِّمُ الجَمْعِ بالبَيداءِ يَصْهَرُهُ | حَرُّ الهَواجِرِ في صُمٍّ من الفِتَنِ |
ألقَى الكِرامُ الأُلى بادوا مكارِمَهُمْ | على الخَصيبيّ عندَ الفَرْضِ والسُّننِ |
فَهُنّ في الحَجْرِ منهُ كلّما عرَضَتْ | لَهُ اليَتَامَى بَدا بالمَجْدِ والمِنَنِ |
قاضٍ إذا التَبَسَ الأمرانِ عَنّ لَهُ | رأيٌ يُخَلِّصُ بَينَ الماءِ واللّبَنِ |
غَضُّ الشّبابِ بَعيدٌ فَجْرُ لَيْلَتِهِ | مُجانِبُ العَينِ للفَحْشاءِ والوَسَنِ |
شَرابُهُ النَّشْحُ لا للرّيّ يَطْلُبُهُ | وطُعْمُهُ لِقَوامِ الجِسْمِ لا السِّمَنِ |
ألقائِلُ الصّدْقَ فيهِ ما يُضِرّ بهِ | والواحِدُ الحالَتَينِ السّرِّ والعَلَنِ |
ألفاصِلُ الحُكْمَ عَيَّ الأوَّلونَ بهِ | والمُظْهِرُ الحَقَّ للسّاهي على الذَّهِنِ |
أفْعالُهُ نَسَبٌ لَوْ لم يَقُلْ مَعَها | جَدّي الخَصيبُ عرَفنا العِرْقَ بالغُصُنِ |
العارِضُ الهَتِنُ ابنُ العارِضِ الهتنِ ابـ | ـنِ العارِضِ الهَتنِ ابنِ العارِضِ الهتنِ |
قد صَيّرَتْ أوّلَ الدّنْيا وآخِرَها | آباؤهُ مِنْ مُغارِ العِلْمِ في قَرَنِ |
كأنّهُمْ وُلدوا مِنْ قبلِ أنْ وُلِدوا | أو كانَ فَهْمُهُمُ أيّامَ لم يَكُنِ |
الخاطِرِينَ على أعْدائِهِمْ أبداً | منَ المَحامِدِ في أوقَى من الجُنَنِ |
للنّاظِرِينَ إلى إقْبالِهِ فَرَحٌ | يُزيلُ ما بِجباهِ القَوْمِ مِنْ غَضَنِ |
كأنّ مالَ ابنِ عبدِالله مُغْتَرَفٌ | من راحَتَيْهِ بأرْضِ الرّومِ واليَمَنِ |
لم نَفْتَقِدْ بكَ من مُزْنٍ سوَى لَثَقٍ | ولا منَ البَحرِ غيرَ الرّيحِ والسُّفُنِ |
ولا مِنَ اللّيثِ إلاّ قُبحَ مَنْظَرِهِ | ومِنْ سِواهُ سوَى ما لَيسَ بالحَسَنِ |
مُنذُ احْتَبَيْتَ بإنْطاكِيّةَ اعتَدَلَتْ | حتى كأنّ ذَوي الأوْتارِ في هُدَنِ |
ومُذْ مَرَرْتَ على أطْوَادِها قُرِعَتْ | منَ السّجودِ فلا نَبْتٌ على القُنَنِ |
أخلَتْ مَواهبُكَ الأسواقَ من صَنَعٍ | أغنى نَداكَ عنِ الأعمالِ والمِهَنِ |
ذا جُودُ مَن لَيسَ مِنْ دَهرٍ على ثقةٍ | وزُهْدُ مَنْ ليسَ من دُنياهُ في وَطنِ |
وهَذِهِ هِمّةٌ لم يُؤتَهَا بَشَرٌ | وذا اقْتِدارُ لِسانٍ لَيسَ في المُنَنِ |
فمُرْ وأومىء تُطَعْ قُدّستَ من جبلٍ | تَبارَكَ الله مُجْرِي الرّوحِ في حَضَنِ |
ألناس ما لم يروك أشباه
ألنّاسُ ما لم يَرَوْكَ أشْباهُ | والدّهْرُ لَفْظٌ وأنتَ مَعْناهُ |
والجُودُ عَينٌ وأنْتَ ناظِرُها | والبأسُ باعٌ وأنتَ يُمْناهُ |
أفْدي الذي كلُّ مَأزِقٍ حَرِجٍ | أغْبَرَ فُرْسانُهُ تَحَاماهُ |
أعْلى قَنَاةِ الحُسَينِ أوْسَطُها | فيهِ وأعْلى الكَميّ رِجْلاهُ |
تُنْشِدُ أثُوابُنا مَدائِحَهُ | بِألْسُنٍ ما لَهُنّ أفْواهُ |
إذا مَرَرْنا على الأصَمّ بهَا | أغْنَتْهُ عَنْ مِسْمَعَيْهِ عَيْناهُ |
سُبحانَ مَن خارَ للكَواكِبِ بالـ | ـبُعْدِ ولَوْ نُلْنَ كُنّ جَدواهُ |
لَوْ كانَ ضَوْءُ الشّموسِ في يَده | لَصاعَهُ جُودُهُ وأفْنَاهُ |
يا راحِلاً كُلُّ مَنْ يُوَدّعُهُ | مُوَدِّعٌ دينَهُ ودُنْيَاهُ |
إنْ كانَ فيما نَراهُ مِنْ كَرَمٍ | فيكَ مَزيدٌ فَزادَكَ الله |
لئن تك طيء كانت لئاما
لَئِنْ تَكُ طَيّءٌ كَانَتْ لِئَاماً | فألأمُهَا رَبِيعَةُ أوْ بَنُوهُ |
وَإنْ تَكُ طَيّءٌ كانَتْ كِراماً | فَوَرْدانٌ لِغَيرِهِمِ أبُوهُ |
مَرَرْنَا مِنْهُ في حِسْمَى بعَبْدٍ | يَمُجّ اللّؤمَ مَنْخِرُهُ وَفُوهُ |
أشَذَّ بعِرْسِهِ عَنّي عَبيدي | فأتْلَفَهُمْ وَمَالي أتْلَفُوهُ |
فإنْ شَقِيَتْ بأيديهِمْ جِيادي | لَقد شَقِيَتْ بمُنصُليَ الوُجُوهُ |
فُدِيتَ بمَاذا يُسَرُّ | وَأنتَ الصّحيحُ بذا لا العَليلُ |
عَوَاقِبُ هَذا تَسُوءُ العَدُوَّ | وَتَثْبُتُ فيهِمْ وَهذا يَزُولُ |
رَأى خَلّتي من حَيثُ يخفَى مكانُهَا | فكانَتْ قَذَى عَينَيهِ حتى تجَلّتِ |
أتُنْكِرُ يا ابنَ إسْحَقٍ إخائي | وتَحْسَبُ ماءَ غَيرِي من إنائي؟ |
أأنْطِقُ فيكَ هُجْراً بعدَ عِلْمي | بأنّكَ خَيرُ مَن تَحْتَ السّماءِ |
وأكْرَهُ مِن ذُبابِ السّيفِ طَعْماً | وأمْضَى في الأمورِ منَ القَضاءِ |
ومَا أرْبَتْ على العِشْرينَ سِنّي | فكَيفَ مَلِلْتُ منْ طولِ البَقاءِ؟ |
وما استَغرقتُ وَصْفَكَ في مَديحي | فأنْقُصَ مِنْهُ شَيئاً بالهِجَاءِ |
وهَبْني قُلتُ: هذا الصّبْحُ لَيْلٌ | أيَعْمَى العالمُونَ عَنِ الضّياءِ؟ |
تُطيعُ الحاسِدينَ وأنْتَ مَرْءٌ | جُعِلْتُ فِداءَهُ وهُمُ فِدائي |
وهاجي نَفْسِهِ مَنْ لم يُمَيّزْ | كَلامي مِنْ كَلامِهِمِ الهُراءِ |
وإنّ مِنَ العَجائِبِ أنْ تَراني | فَتَعْدِلَ بي أقَلّ مِنَ الهَبَاءِ |
وتُنْكِرَ مَوْتَهُمْ وأنا سُهَيْلٌ | طَلَعْتُ بمَوْتِ أوْلادِ الزّناءِ |
أنَا عاتِبٌ لتَعَتّبِكْ | مُتَعَجّبٌ لتَعَجّبِكْ |
إذ كُنتُ حينَ لَقيتَني | مُتَوَجّعاً لتَغَيُّبِكْ |
فَشُغِلْتُ عَنْ رَدّ السّلا | مِ وكانَ شُغلي عنكَ بكْ |
وَلا عَيبَ فيهم غيرَ أنّ سُيوفَهمْ | بهِنّ فُلُولٌ مِن قِرَاعِ الكتائِبِ |
تُخُيِّرْنَ من أزمانِ يوْمِ حَليمَةٍ | إلى اليوْم قد جُرِّبْنَ كلّ التّجارِبِ |
أوه بديل من قولتي واها
أوْهِ بَدِيلٌ مِنْ قَوْلَتي وَاهَا | لمَنْ نَأتْ وَالبَديلُ ذِكْراهَا |
أوْهِ لِمَنْ لا أرَى مَحَاسِنَها | وَأصْلُ وَاهاً وَأوْهِ مَرْآهَا |
شَامِيّةٌ طَالَمَا خَلَوْتُ بهَا | تُبْصِرُ في ناظِري مُحَيّاهَا |
فَقَبّلَتْ نَاظِري تُغالِطُني | وَإنّمَا قَبّلَتْ بهِ فَاهَا |
فَلَيْتَهَا لا تَزَالُ آوِيَةً | وَلَيْتَهُ لا يَزَالُ مَأوَاهَا |
كُلُّ جَرِيحٍ تُرْجَى سَلامَتُهُ | إلاّ فُؤاداً رَمَتْهُ عَيْنَاهَا |
تَبُلُّ خَدّيّ كُلّمَا ابتَسَمَتْ | مِنْ مَطَرٍ بَرْقُهُ ثَنَايَاهَا |
مَا نَفَضَتْ في يدي غَدائِرُهَا | جَعَلْتُهُ في المُدامِ أفْوَاهَا |
في بَلَدٍ تُضْرَبُ الحِجالُ بهِ | عَلى حِسَانٍ وَلَسْنَ أشْبَاهَا |
لَقِينَنَا وَالحُمُولُ سَائِرَةٌ | وَهُنّ دُرٌّ فَذُبنَ أمْوَاهَا |
كُلُّ مَهَاةٍ كأنّ مُقْلَتَهَا | تَقُولُ إيّاكُمُ وَإيّاهَا |
فيهِنّ مَنْ تَقْطُرُ السّيُوفُ دَماً | إذا لِسَانُ المُحِبّ سَمّاهَا |
أُحِبّ حِمْصاً إلى خُناصِرَةٍ | وَكُلُّ نَفْسٍ تُحبّ مَحْيَاهَا |
حَيثُ التَقَى خَدُّها وَتُفّاحُ لُبْـ | ـنَانَ وَثَغْري عَلى حُمَيّاهَا |
وَصِفْتُ فِيها مَصِيفَ بَادِيَةٍ | شَتَوْتُ بالصّحصَحانِ مَشتاهَا |
إنْ أعشَبَتْ رَوْضَةٌ رَعَيْنَاهَا | أوْ ذُكِرَتْ حِلّةٌ غَزَوْنَاهَا |
أوْ عَرَضَتْ عَانَةٌ مُقَزَّعَةٌ | صِدْنَا بأُخْرَى الجِيادِ أُولاهَا |
أوْ عَبَرَتْ هَجْمَةٌ بنا تُرِكَتْ | تَكُوسُ بَينَ الشُّرُوبِ عَقرَاهَا |
وَالخَيْلُ مَطْرُودَةٌ وَطارِدَةٌ | تَجُرّ طُولى القَنَا وَقُصْرَاهَا |
يُعْجِبُهَا قَتْلُهَا الكُماةَ وَلا | يُنظِرُهَا الدّهْرُ بعدَ قَتْلاهَا |
وَقَدْ رَأيْتُ المُلُوكَ قاطِبَةً | وَسِرْتُ حتى رَأيْتُ مَوْلاهَا |
وَمَنْ مَنَايَاهُمْ بِرَاحَتِهِ | يأمُرُهَا فيهِمِ وَيَنْهَاهَا |
أبَا شُجاعٍ بِفارِسٍ عَضُدَ الدّوْ | لَةِ فَنّاخُسْرُواً شَهَنْشَاهَا |
أسَامِياً لم تَزِدْهُ مَعْرِفَةً | وَإنّمَا لَذّةً ذَكَرْنَاهَا |
تَقُودُ مُسْتَحْسَنَ الكَلامِ لَنَا | كما تَقُودُ السّحابَ عُظْمَاهَا |
هُوَ النّفِيسُ الذي مَوَاهِبُهُ | أنْفَسُ أمْوَالِهِ وَأسْنَاهَا |
لَوْ فَطِنَتْ خَيْلُهُ لِنَائِلِهِ | لم يُرْضِهَا أنْ تَرَاهُ يَرْضَاهَا |
لا تَجِدُ الخَمْرُ في مَكارِمِهِ | إذا انْتَشَى خَلّةً تَلافَاهَا |
تُصَاحِبُ الرّاحُ أرْيَحِيّتَهُ | فَتَسْقُطُ الرّاحُ دونَ أدْنَاهَا |
تَسُرُّ طَرْبَاتُهُ كَرَائِنَهُ | ثمّ تُزِيلُ السّرُورَ عُقْبَاهَا |
بكُلّ مَوْهُوبَةٍ مُوَلْوِلَةٍ | قَاطِعَةٍ زِيرَهَا وَمَثْنَاهَا |
تَعُومُ عَوْمَ القَذاةِ في زَبَدٍ | مِن جُودِ كَفّ الأميرِ يَغشَاهَا |
تُشْرِقُ تِيجَانُهُ بِغُرّتِهِ | إشْرَاقَ ألْفاظِهِ بمَعْنَاهَا |
دانَ لَهُ شَرْقُهَا وَمَغْرِبُهَا | وَنَفْسُهُ تَسْتَقِلّ دُنْيَاهَا |
تَجَمّعَتْ في فُؤادِهِ هِمَمٌ | مِلْءُ فُؤادِ الزّمَانِ إحْداهَا |
فإنْ أتَى حَظُّهَا بأزْمِنَةٍ | أوْسَعَ مِنْ ذا الزّمانِ أبْداهَا |
وَصَارَتِ الفَيْلَقَانِ وَاحِدَةً | تَعْثُرُ أحْيَاؤهَا بمَوْتَاهَا |
وَدارَتِ النّيّرَاتُ في فَلَكٍ | تَسْجُدُ أقْمَارُهَا لأبْهَاهَا |
ألفَارِسُ المُتّقَى السّلاحُ بِهِ الـ | ـمُثْني عَلَيْهِ الوَغَى وَخَيْلاهَا |
لَوْ أنْكَرَتْ منْ حَيَائِهَا يَدُهُ | في الحَرْبِ آثَارَهَا عَرَفْنَاهَا |
وَكَيفَ تَخْفَى التي زِيادَتُهَا | وَنَاقِعُ المَوْتِ بَعضُ سِيمَاها |
ألوَاسعُ العُذْرِ أنْ يَتِيهَ على الـ | ـدّنْيَا وَأبْنَائِهَا وَمَا تَاهَا |
لَوْ كَفَرَ العالَمُونَ نِعْمَتَهُ | لمَا عَدَتْ نَفْسُهُ سَجَايَاهَا |
كالشَمسِ لا تَبتَغي بما صَنَعَتْ | مَعْرِفَةً عِنْدَهُمْ وَلا جَاهَا |
وَلِّ السّلاطِينَ مَنْ تَوَلاّهَا | وَالجَأْ إلَيْهِ تَكُنْ حُدَيّاهَا |
وَلا تَغُرّنّكَ الإمَارَةُ في | غَيرِ أمِيرٍ وَإنْ بهَا بَاهَى |
فإنّمَا المَلْكُ رَبّ مَمْلَكَةٍ | قَدْ أفْعَمَ الخافِقَينِ رَيّاهَا |
مُبْتَسِمٌ وَالوُجُوهُ عَابِسَةٌ | سِلْمُ العِدى عِندَهُ كَهَيْجاهَا |
ألنّاسُ كالعَابِدِينَ آلِهَةً | وَعَبْدُهُ كالمُوَحِّدِ اللّهَ |