لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني – كخط زبور في عسيب يمانِ |
دِيَارٌ لهِنْدٍ وَالرَّبَابِ وَفَرْتَني – ليالينا بالنعفِ من بدلان |
ليالي يدعوني الهوى فأجيبه – وأعينُ من أهوى إليّ رواني |
فإن أمس مكروباً فيا ربّ بهمة – كشَفتُ إذا ما اسود وجه الجبان |
وإن أمس مكروبا فيارُبّ قينة – منعمة أعملتُها بكران |
لهَا مِزْهَرٌ يَعْلُو الخَمِيسَ بِصَوته – أجَشُّ إذَا مَا حَرّكَتْهُ اليَدَان |
وان أمس مكروباً فيا ربُ غارة – شَهِدْتُ عَلى أقَبَّ رَخْوِ اللَّبَان |
على ربذٍ يزدادُ عفواً إذا جرى – مسحٍّ حثيث الركض والزالان |
ويخدي على صم صلاب ملاطس – شَدِيدَاتِ عَقْدٍ، لَيّنَات متَان |
وغيث من الوسمي حو تلاعه – تبطنتهُ بشيظم صلتان |
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً – كَتَيسِ ظِبَاءِ الحُلّبِ العَدَوَان |
إذا ما جنبناهُ نأود متنُه – كعِرْقِ الرُّخامى اهْتَزّ في الهَطَلان |
تَمَتّعْ مِنَ الدّنْيَا فَإنّكَ فَاني – مِنَ النَّشَوَاتِ وَالنّسَاءِ الحِسَانِ |
مِنَ البِيضِ كالآرَامِ وَالأُدمِ كالدّمى – حواصنها والمبرقات الرواني |
أمِن ذكر نبْهَانية حل أهلها – بِجِزْعِ المَلا عَيْنَاكَ تبتدِرَان |
فَدَمْعُهُمَا سَكْبٌ وَسَحٌّ وَدِيمَة – ٌ وَرَشٌّ وَتَوْكَافٌ وتنهملان |
كَأنّهُمَا مَزَادَتَا متعَجِل – فريانِ لما تُسلقا بدهانِ |
أجمل القصائد
أجمل قصائد الشعر من العصر الجاهلي والعصر الأموي والعصر العباسي والعصر الحديث هنا في صفحة أجمل القصائد.
خدعوها بقولهم حسناء
خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ – وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ |
أَتُراها تَناسَت اِسمِيَ لَمّا – كَثُرَت في غَرامِها الأَسماءُ |
إِن رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَن لَم – تَكُ بَيني وَبَينَها أَشياءُ |
نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ |
يَومَ كُنّا وَلا تَسَل كَيفَ كُنّا – نَتَهادى مِنَ الهَوى ما نَشاءُ |
وَعَلَينا مِنَ العَفافِ رَقيب – تَعِبَت في مِراسِهِ الأَهواءُ |
جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وَقالَت – أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراء |
فَاِتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى – فَالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواء |
نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلام – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاء |
فَفِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواء – أَو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ |
أنا كئيب
أَنَا كَئِيب – أَنَا غَريبْ |
كَآبتي خالَفَتْ نَظَائِرَهَا – غَرِيبَةٌ في عَوَالِمِ الحَزَن |
كَآبتي فِكْرَةٌ مُغَرِّدَة – مَجْهُولةٌ مِنْ مَسَامِعِ الزَّمَنِ |
لكنَّني قَدْ سَمِعْتُ رَنَّتَها – بمُهْجَتي في شَبابِيَ الثَّمِلِ |
سَمِعْتُها فانْصَرَفْتُ مُكْتَئِبَا – أَشْدو بحُزْنِي كطائِرِ الجَبَل |
سَمِعْتُها أَنَّةً يرجِّعُها – صَوْتُ اللَّيالي ومُهْجَةُ الأزل |
سَمِعْتُها صَرْخَةً مُضَعْضَعَةً – كَجَدْوَلٍ في مَضايِقِ السُّبُلِ |
سَمِعْتُها رَنَّةً يعَانِقُها – شوقٌ إلى عالمٍ يُضَعْضِعُها |
ضَعيفةً مثلَ أنَّةٍ صَعَدَتْ – مِنْ مُهْجَةٍ هدَّها تَوَجُّعُها |
كآبَةُ النَّاسِ شُعلةٌ وَمَتى – مرَّتْ ليالٍ خَبَتْ مع الأَمَد |
أَمَّا اكتِئابي فَلَوْعَةٌ سَكَنَت – رُوحي وتَبْقَى بها إلى الأَبدِ |
أَنا كئيبٌ أَنا غَريبٌ |
وليسَ في عالمِ الكَآبَةِ مَنْ – يحمِلُ مِعْشارَ بَعْضِ مَا أَجِدُ |
كآبتي مرَّةٌ وإنْ صَرَخَتْ – روحي فلا يسمعنَّها الجَسَدُ |
كآبَتي ذاتُ قَسْوَةٍ صَهَرَت – مَشَاعِري في جَهَنَّمَ الأَلَمِ |
لمْ يسمَعِ الدَّهْرُ مِثْلَ قَسْوَتِها – في يَقْظَةٍ قطُّ لا ولا حُلُمِ |
كآبتي شُعْلةٌ مؤجَّجَةٌ – تحتَ رَمَادِ الكَوْنِ تستعرُ |
سَيَعْلَمُ الكَوْنُ مَا حَقِيقَتُهَا – ويَطْلَعُ الفَجْرُ يومَ تَنْفَجِرَ |
كآبةُ النَّاسِ شُعْلَةٌ ومتى – مرَّت ليالٍ خَبَتْ مِنَ الأَمَدِ |
أَمَّا اكتئابي فَلَوْعَةٌ سَكَنَتْ – رُوحي وَتَبْقَى بِها إلى الأَبَدِ |
أقبل الصبح يغني
أَقْبَلَ الصُّبْحُ يُغنِّي – للحياةِ النَّاعِسَة |
والرُّبى تَحلمُ في ظِلِّ – الغُصونِ المائِسَة |
والصَّبا تُرْقِصُ أَوراقَ – الزُّهورِ اليابسَة |
وتَهادى النُّورَ في – تِلْكَ الفِجاجِ الدَّامسَة |
أَقبلَ الصُّبْحُ جميلاً – يملأُ الأُفْقَ بَهَاهْ |
فتَمَطَّى الزَّهرُ والطَّيْرُ – وأَمواجُ المياهْ |
قَدْ أَفاقَ العالم الحيُّ – وغَنَّى للحياة |
فأَفيقي يا خِرافي – وهَلُمِّي يا شِياهْ |
واتبعِيني يا شِياهي – بَيْنَ أَسرابِ الطُّيورْ |
واملإِي الوادي ثُغاءً – ومِراحاً وحُبُورْ |
واسمعي هَمْسَ السَّواقي – وانشقي عِطْرَ الزُّهُورْ |
وانظري الوادي يُغَشِّيهِ – الضَّبابُ المُسْتَنيرْ |
واقطُفي من كلإِ الأَرضِ – ومَرعاها الجَديدْ |
واسمعي شبَّابتي تَشْدُو – بمعسولِ النَّشيدْ |
نَغَمٌ يَصْعَدُ مِنْ قلبي – كأَنفاسِ الوُرودْ |
ثمَّ يَسْمو طائراً كالبلبلِ – الشَّادي السَّعيدْ |
وإذا جئْنا إلى الغابِ – وغطَّانا الشَّجَرْ |
فاقطُفي مَا شئْتِ مِنْ عُشْبٍ – وزهرٍ وثَمَرْ |
أرضَعَتْهُ الشَّمسُ بالضَّوءِ – وغذَّاهُ القَمَرْ |
وارتَوَى مِنْ قَطَراتِ الظَّلِ – في وقتِ السَّحَرْ |
وامْرَحي مَا شئتِ في الوديانِ – أَو فَوْقَ التِّلالْ |
واربضي في ظلِّها الوارِفِ – إنْ خِفْتِ الكَلالْ |
وامْضَغي الأَعشابَ والأَفكارَ – في صَمْتِ الظِّلالْ |
واسمعي الرِّيحَ تُغَنِّي – في شَمَاريخِ الجِبَالْ |
إنَّ في الغابِ أَزاهيراً – وأَعشاباً عِذابْ |
يُنشِدُ النَّحْلُ حوالَيْها – أَهازيجاً طِرابْ |
لمْ تُدَنِّسْ عِطرها الطَّاهر – أَنفاسَ الذِّئابْ |
لا ولا طافَ بها الثَّعْلَبُ – في بعضِ الصِّحابْ |
وشذاً حلواً وسِحْراً – وسَلاماً وظِلالْ |
ونَسيماً ساحرَ الخطوَة – مَوْفُورَ الدَّلالْ |
وغُصوناً يرقُصُ النُّور – عليها والجَمالْ |
واخضراراً أَبديًّا – لَيْسَ تَمحوهُ اللَّيالْ |
لن تَملِّي يا خِرافي – في حِمى الغابِ الظَّليلْ |
فزَمَانُ الغابِ طفلٌ لاعب – عَذْبٌ جميلْ |
وزمانُ النَّاسِ شَيْخ – عابِسُ الوجهِ ثَقيلْ |
يتمشَّى في مَلال – فَوْقَ هاتيكَ السُّهولْ |
لكِ في الغاباتِ مرعاكِ – ومَسْعاكِ الجميل |
وليَ الإِنْشادُ والعَزْفُ – إلى وَقْتِ الأَصيلْ |
فإذا طالتْ ظِلالُ الكَلإ – الغضِّ الضَّئيل |
فهلمِّي نُرْجِعِ المَسْعَى – إلى الحيِّ النَّبيل |
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ ~ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ |
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها ~ وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ |
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ ~ وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ |
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ ~ وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ |
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمرًا سِلاحَهُ ~ نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ |
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ ~ وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ |
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها ~ وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ |
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ ~ فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ |
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا ~ وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ |
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَتْ ~ وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ |
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها ~ عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ |
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ ~ وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ |
إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعًا ~ مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ |
وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها ~ وَذا الطَعنُ آساسٌ لَها وَدَعائِمُ |
وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ ~ فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ |
أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُمْ ~ سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ |
إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ ~ ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ |
خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ ~ وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ |
تَجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ ~ فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلا التَراجِمُ |
فَلِلهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ ~ فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ |
تَقَطَّعَ ما لا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا ~ وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ |
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ ~ كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ |
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً ~ وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ |
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى ~ إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ |
ضَمَمتَ جَناحَيهِمْ عَلى القَلبِ ضَمَّةً ~ تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ |
بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ ~ وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ |
حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها ~ وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ |
وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما ~ مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ |
نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ نَثْرَةً ~ كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ |
تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى ~ وَقَد كَثُرَتْ حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ |
تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها ~ بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ |
إِذا زَلِقت مَشَّيتَها بِبِطونِها ~ كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ |
أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ ~ قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِم |
أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ ~ وَقَد عَرَفَتْ ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ |
وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ ~ وَبِالصِهرِ حَمْلاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ |
مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبا ~ بِما شَغَلَتها هامُهُمْ وَالمَعاصِمُ |
وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمُ ~ عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ |
يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَن جَهالَةٍ ~ وَلَكِنَّ مَغنومًا نَجا مِنكَ غانِمُ |
وَلَستَ مَليكًا هازِمًا لِنَظيرِهِ ~ وَلَكِنَّكَ التَوحيدُ لِلشِركِ هازِمُ |
تَشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ ~ وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ |
لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ ~ فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ |
وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى ~ فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ |
عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ ~ إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ |
أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَدًا ~ وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ |
هَنيئًا لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلا ~ وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ |
وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى ~ وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِم |
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي ~ وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي |
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني ~ عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي |
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي ~ رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي |
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً ~ وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ |
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ ~ وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ |
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِن ~ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي |
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني ~ وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي |
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني ~ أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي |
أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً ~ وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ |
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّنا ~ فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِمات |
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِب ~ يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي |
وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُم ~ بِما تَحتَهُ مِن عَثرَةٍ وَشَتات |
سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً ~ يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي |
حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُه ~ لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَرات |
وَفاخَرتُ أَهلَ الغَربِ وَالشَرقُ مُطرِق ~ حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ |
أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً ~ مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ |
وَأَسمَعُ لِلكُتّابِ في مِصرَ ضَجَّة ~ فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي |
أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ ~ إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ |
سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى ~ لُعابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ |
فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً ~ مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ |
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ ~ بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي |
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيتَ في البِلى ~ وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي |
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ ~ مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ |