فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ | مُعَذَّباً في أَضيَقِ الحِصار |
والكلبُ في حالتهِ المعهوده | مستجمعاً للوثبة ِ الموعوده |
فحاولَ الفأرُ اغتنامَ الفرصه | وقال أكفي القطَّ هذي الغصَّه |
لعلّه يكتبُ بالأمانِ | لي ولأَصحابي من الجيران |
فسارَ للكلبِ على يديهِ | ومَكَّنَ الترابَ من عينَيه |
فاشتغل الرّاعي عن الجدار | ونزلَ القطُّ على بدار |
مبتهجاً يفكر في وليمه | وفي فريسة ٍ لها كريمه |
يجعلها لِخَطْبِه علامه | يذكرُها فيذكرُ السَّلامه |
فجاءَ ذاكَ الفأرُ في الأثناءِ | وقال: عاشَ القِطُّ في هَناءِ |
رأَيتَ في الشِّدّة ِ من إخلاصِي | ما كان منها سببَ الخلاص |
وقد أتيتُ أطلبُ الأمانا | فامنُنْ به لِمعشَري إحسانا |
فقال: حقّاً هذه كرامَه | غنيمة ٌ وقبلَها سَلامه |
يكفيكَ فخراً يا كريمَُ الشِّمه | أَنك فأرُ الخطْبِ والوليمه |
وانقَضَّ في الحالِ على الضَّعيفِ | يأكلُه بالمِلحِ والرغيف |
فقلت في المقام قوْلاً شاعا | «مَنْ حفِظَ الأَعداءَ يوماً ضاعا» |
أجمل أبيات الشعر العربي
مجموعة من أجمل أبيات الشعر العربي مقتطفات أبو الطيب المتنبي وشعر أبو العلاء المعري وأجمل قصائد نزار قباني.
سمعتُ بأَنَّ طاوُوساً
سمعتُ بأَنَّ طاوُوساً | أَتى يوماً سليمانا |
يُجَرِّرُ دون وفْدِ الطَّيْـ | ـرِ أذيالاً وأردانا |
ويُظْهِرُ ريشَهُ طوْراً | ويُخفي الرِّيشَ أَحيانا |
فقال: لدَيَّ مسأَلة ٌ | أَظنُّ أَوانَها آنا |
وها قد جئتُ أَعرضُها | على أَعتابِ مولانا: |
ألستُ الروضَ بالأزها | رِ والأَنوارِ مُزْدانا؟ |
ألم أستوفِ آيَ الظرْ | ف أشكالاً وألوانا؟ |
ألم أصبح ببابكمُ | لجمعِ الطيرِ سلطانا؟ |
فكيف يَليقُ أَن أَبقَى | وقوْمِي الغُرُّ أَوثانا؟! |
فحسنُ الصوتِ قد أمسى | نصيبي منه حرمانا |
فما تيَّمتُ أفئدة ً | ولا أَسكَرْتُ آذانا |
وهذي الطيرُ أحقرها | يزيدُ الصَّبَّ أَشجانا |
وتهتزُّ الملوكُ له | إذا ما هزَّ عيدانا؟ |
فقال له سليمانُ | لقد كان الذي كانا |
تعالت حكمة ُ الباري | وجلَّ صنيعُهُ شانا |
لقد صغرتَ يا مغرو | رُ نعمى الله كفرانا |
وملك الطير لم تحفل | به، كبرا وطغيانا |
فلو أَصبَحت ذا صوْت | لمَا كلَّمْتَ إنسانا! |
كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ
كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ | يقولُ: جلَّ الواحدُ المنفردْ |
فقامتي في ظرفها قامتي | ومثلُ حسني في الورى ما عهدْ |
فأَقبلت خُنفُسَة ٌ تنثَني | ونجلها يمشي بجنبِ الكبدْ |
تقول: يا زَيْنَ رياضِ البَها | إنّ الذي تطلبهُ قد وجد |
فانظر لقدِّ ابني، ولا تفتخر | ما دام في العالم أمٌّ تلد! |
رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ
رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ | تُطَيِّرُ ابنَها بأَعلى الشَّجَره |
وهْيَ تقولُ: يا جمالَ العُشِّ | لا تعتَمِدْ على الجَناح الهَشِّ |
وقِفْ على عودٍ بجنبِ عودِ | وافعل كما أَفعلُ في الصُّعودِ |
فانتقلَت من فَننٍ إلى فَنَنْ | وجعلتْ لكلِّ نقلة ٍ زمنْ |
كيْ يَسْتريحَ الفرْخُ في الأَثناءِ | فلا يَمَلُّ ثِقَلَ الهواءِ |
لكنَّه قد خالف الإشاره | لمَّا أَراد يُظهرُ الشَّطارهْ |
وطار في الفضاءِ حتى ارتفعا | فخانه جَناحُه فوقعا |
فانكَسَرَتْ في الحالِ رُكبتاهُ | ولم يَنَلْ منَ العُلا مُناهُ |
ولو تأنى نالَ ما تمنَّى | وعاشَ طولَ عُمرِهِ مُهَنَّا |
لكلِّ شيءٍ في الحياة وقتهُ | وغاية ُ المستعجلين فوته! |
كان لبعضِ الناسِ نعجتان
كان لبعضِ الناسِ نعجتان | وكانتا في الغيْطِ ترعيانِ |
إحداهما سمينة ٌ، والثانِيهْ | عِظامها منَ الهُزالِ باديَه |
فكانتِ الأولى تباهي بالسمنْ | وقولهم بأنها ذات الثمنْ |
وتَدَّعي أَن لها مقدارا | وأنها تستوقفُ الأبصارا |
فتصبرُ الأختُ على الإذلالِ | حاملة ً مَرارة َ الإدلال |
حتى أتى الجزَّارُ ذاتَ يوم | وقلبَ النعجة َ دون القومِ |
فقال لِلمالِكِ: أَشْترِيها | ونقدَ الكيسَ النفيسَ فيها |
فانطلقتْ من فورِها لأُختِها | وهْيَ تَشكُّ في صلاح بختِها |
تقولُ: يا أُختاهُ خبِّرِيني | هل تعرِفينَ حاملَ السِّكين؟ |
قالت: دعيني وهزالي والزمنَ | وكلِّمِي الجزّارَ يا ذاتَ الثَّمَنْ! |
لكلِّ حال حلوها ومرُّها | ما أَدَبُ النعجة ِ إلا صبرُها |
لما أتم نوح السفينة
لمَّا أَتمَّ نوحٌ السَّفِينة | وحَرَّكَتْها القُدْرَة المُعِينة |
جَرى بها ما لا جَرَى بِبالِ | فما تعالى الموْجُ كالجِبالِ |
حتى مشى الليثُ مع الحمار | وأَخَذ القِطُّ بأَيدِي الفارِ |
واستمعَ الفيلَ إلى الخنزيرِ | مُؤتَنِساً بصوتِه النَّكيرِ |
وجلس الهِرُّ بجنب الكلبِ | وقبَّل الخروفُ نابَ الذِّئبِ |
وعطفَ البازُ على الغزالِ | واجتمع النملُ على الأكَّال |
وفلت الفرخة ُ صوفَ الثعلب | وتيَّمَ ابنَ عرسَ حبُّ الأرنبِ |
فذهبتْ سوابقُ الأحقادِ | وظَهر الأَحبابُ في الأَعادي |
حتى إذا حطُّوا بسفحِ الجودي | وأيقنوا بعودة ِ الوجودِ |
عادوا إلى ما تَقتَضيهِ الشِّيمة | وَرَجَعُوا للحالة القديمة |
فقسْ على ذلك أحوالَ البشرْ | إذْ كلهم على الزمان العادي |