أعيدوا مجدنا دنيا و دينا

أَعيدوا مَجدَنا دُنيا وَدينا – وَذودوا عَن تُراثِ المُسلِمينا
فَمَن يَعنو لِغَيرِ اللَهِ فينا – وَنَحنُ بَنو الغُزاةِ الفاتِحينا
مَلَكنا الأَمرَ فَوقَ الأَرضِ دَهراً – وَخَلَّدنا عَلى الأَيّامِ ذِكرى
أَتى عُمَرٌ فَأَنسى عَدلَ كِسرى – كَذَلِكَ كانَ عَهدُ الراشِدينا
جَبَينا السُحبَ في عَهدِ الرَشيدِ – وَباتَ الناسُ في عَيشٍ رَغيدِ
وَطَوَّقَتِ العَوارِفُ كُلَّ جيدِ – وَكانَ شِعارُنا رِفقاً وَلينا
سَلوا بَغدادَ وَالإِسلامَ دينُ – أَكانَ لَها عَلى الدُنيا قَرينُ
رِجالٌ لِلحَوادِثِ لا تَلينُ – وَعِلمٌ أَيَّدَ الفَتحَ المُبينا
فَلَسنا مِنهُمُ وَالشَرقُ عانى – إِذا لَم نَكفِهِ عَنَتَ الزَمانِ
وَنَرفَعُهُ إِلى أَعلى مَكانٍ – كَما رَفَعوهُ أَو نَلقى المَنونا
قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم

رفرفت في دجية الليل الحزين

رَفْرَفَتْ في دُجْيَةِ اللَّيْلِ الحَزينْ – زُمرةُ الأَحْلامْ
فَوْقَ سِرْبٍ من غَمَاماتِ الشُّجُونْ – مِلْؤُها الآلامْ
شَخَصَتْ لمَّا رَأَتْ عَيْنُ النُّجُومْ – بَعْثَةَ العُشَّاقْ
وَرَمَتْها مِنْ سَمَاها بِرُجُومْ – تَسْكُبُ الأَحْراقْ
كنتُ إذْ ذاكَ على ثَوْبِ السُّكُون – أَنْثُرُ الأَحْزانْ
والهَوَى يَسْكُبُ أَصْداءَ المَنُونْ – في فُؤادٍ فَانْ
سَاكِتاً مِثْلَ جَميعِ الكَائِناتْ – رَاكِدَ الأَلْحانْ
هائِمٌ قَلْبي بأَعْماقِ الحَيَاةْ – تَائِهٌ حَيْرانْ
إنَّ للحُبِّ على النَّاسِ يَدا – تَقْصِفُ الأَعْمارْ
وَلَهُ فَجْرٌ على طُولِ المدى – سَاطِعُ الأَنْوارْ
ثَوْرَةُ الشَّرِّ وأَحْلامُ السَّلامْ – وجَمالُ النُّورْ
وابتسامُ الفَجْرِ في حُزْنِ الظَّلامْ – في العُيونِ الحُورْ
أبيات شعر أبو القاسم الشابي

أرى الموت لايبقي على ذي جلادة

أرَى المَوْتَ لا يُبقي على ذي جَلادَةٍ – وَلا غَيْرَةٍ، إلاّ دَنَا لَهُ مُرْصِدَا
أمَا تُصْلِحُ الدّنْيَا لَنا بَعْض لَيْلَةٍ – مِنَ الدّهْرِ إلاّ عَادَ شَيْءٌ فَأفَسدَا
وَمَنْ حَمَلَ الخَيلَ العتاقَ على الوَجا – تُقادُ إلى الأعداءِ مَثْنىً وَمَوْحَدَا
لَعَمرُكَ ما أنسَى ابن أحوَزَ ما جرَتْ – رِيَاحٌ، وَمَا فَاءَ الحَمَامُ وَغَرّدَا
لَقَدْ أدْرَك الأوْتَارَ إذْ حَميَ الوَغى – بِأزْدِ عُمانَ، إذْ أبَاحَ وَأشْهَدَا
قصيدة للفرزدق

عيد بأية حال عدت يا عيد

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ – بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ – فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ
لَولا العُلا لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها – وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً – أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ
لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي – شَيئًا تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما – أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ
أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني – هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ
إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً – وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ
ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُا – أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ
أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِنًا وَيَدًا – أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ
إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ – عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ
جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ – مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ
ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ – إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ
مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ – لا في الرِجالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ
أَكُلَّما اغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ – أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ
صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها – فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ
نامَت نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها – فَقَد بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ
العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ – لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ
لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ – إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ
ما كُنتُ أَحسَبُني أبقى إِلى زَمَنٍ – يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا – وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ
وَأَنَّ ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ – تُطيعُهُ ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ
جَوعانُ يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني – لِكَي يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصودُ
إِنَّ امرأً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ – لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ
وَيلُمِّها خُطَّةً وَيلُمِّ قابِلِها – لِمِثلِها خُلِقَ المَهرِيَّةُ القُودُ
وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ – إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ
مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً – أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ
أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً – أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ
أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ – في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ – عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ
قصيدة شهيرة للشاعر أبو الطيب المتنبي

لكل امرئ من دهره ماتعودا

لِكُلِّ امرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا – وَعادَتُ سَيفِ الدَولَةِ الطَعنُ في العِدا
وَأَن يُكذِبَ الإِرجافَ عَنهُ بِضِدِّهِ – وَيُمسي بِما تَنوي أَعاديهِ أَسعَدا
وَرُبَّ مُريدٍ ضَرَّهُ ضَرَّ نَفسَهُ – وَهادٍ إِلَيهِ الجَيشَ أَهدى وَما هَدى
وَمُستَكبِرٍ لَم يَعرِفِ اللهَ ساعَةً – رَأى سَيفَهُ في كَفِّهِ فَتَشَهَّدا
هُوَ البَحرُ غُص فيهِ إِذا كانَ راكدًا – عَلى الدُرِّ وَاحذَرهُ إِذا كانَ مُزبِدا
فَإِنّي رَأَيتُ البَحرَ يَعثُرُ بِالفَتى – وَهَذا الَّذي يَأتي الفَتى مُتَعَمِّدا
تَظَلُّ مُلوكُ الأَرضِ خاشِعَةً لَهُ – تُفارِقُهُ هَلكى وَتَلقاهُ سُجَّدا
وَتُحيِي لَهُ المالَ الصَوارِمُ وَالقَنا – وَيَقتُلُ ما يُحيِي التَبَسُّمُ وَالجَدا
ذَكيٌّ تَظَنّيهِ طَليعَةُ عَينِهِ – يَرى قَلبُهُ في يَومِهِ ما تَرى غَدا
وَصولٌ إِلى المُستَصعَباتِ بِخَيلِهِ – فَلَو كانَ قَرنُ الشَمسِ ماءً لَأَورَدا
لِذَلِكَ سَمّى ابنُ الدُمُستُقِ يَومَهُ – مَماتًا وَسَمّاهُ الدُمُستُقُ مَولِدا
سَرَيتَ إِلى جَيحانَ مِن أَرضِ آمِدٍ – ثَلاثًا لَقَد أَدناكَ رَكضٌ وَأَبعَدا
فَوَلّى وَأَعطاكَ ابنَهُ وَجُيوشَهُ – جَميعًا وَلَم يُعطِ الجَميعَ لِيُحمَدا
عَرَضتَ لَهُ دونَ الحَياةِ وَطَرفِهِ – وَأَبصَرَ سَيفَ اللهِ مِنكَ مُجَرَّدا
وَما طَلَبَت زُرقُ الأَسِنَّةِ غَيرَ – وَلَكِنَّ قُسطَنطينَ كانَ لَهُ الفِدا
فَأَصبَحَ يَجتابُ المُسوحَ مَخافَةً – وَقَد كانَ يَجتابُ الدِلاصَ المُسَرَّدا
وَيَمشي بِهِ العُكّازُ في الدَيرِ تائِبًا – وَما كانَ يَرضى مَشيَ أَشقَرَ أَجرَدا
وَما تابَ حَتّى غادَرَ الكَرُّ وَجهَهُ – جَريحًا وَخَلّى جَفنَهُ النَقعُ أَرمَدا
فَلَو كانَ يُنجي مِن عَليٍّ تَرَهُّبٌ – تَرَهَّبَتِ الأَملاكُ مَثنى وَمَوحِدا
وَكُلُّ امرِئٍ في الشَرقِ وَالغَربِ بَعدَها – يُعِدُّ لَهُ ثَوبًا مِنَ الشَعرِ أَسوَدا
هَنيئًا لَكَ العيدُ الَّذي أَنتَ عيدُهُ – وَعيدٌ لِمَن سَمّى وَضَحّى وَعَيَّدا
وَلا زالَتِ الأَعيادُ لُبسَكَ بَعدَهُ – تُسَلِّمُ مَخروقًا وَتُعطي مُجَدَّدا
فَذا اليَومُ في الأَيّامِ مِثلُكَ في الوَرى – كَما كُنتَ فيهِم أَوحَدًا كانَ أَوحَدَ
هُوَ الجَدُّ حَتّى تَفضُلَ العَينُ أُختَها – وَحَتّى يَصيرَ اليَومُ لِليَومِ سَيِّدا
فَيا عَجَبًا مِن دائِلٍ أَنتَ سَيفُهُ – أَما يَتَوَقّى شَفرَتَي ما تَقَلَّدا
وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازًا لِصَيدِهِ – يُصَيِّرُهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا
رَأَيتُكَ مَحضَ الحِلمِ في مَحضِ قُدرَةٍ – وَلَو شِئتَ كانَ الحِلمُ مِنكَ المُهَنَّدا
وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ – وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا
إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ – وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا
وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا – مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى
وَلَكِن تَفوقُ الناسَ رَأيًا وَحِكمَةً – كَما فُقتَهُم حالًا وَنَفسًا وَمَحتِدا
يَدِقُّ عَلى الأَفكارِ ما أَنتَ فاعِلٌ – فَيُترَكُ ما يَخفى وَيُؤخَذُ ما بَدا
أَزِل حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بِكَبتِهِمْ – فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَهُمْ لِيَ حُسَّدا
إِذا شَدَّ زَندي حُسنُ رَأيِكَ فيهِمِ – ضَرَبتُ بِنَصْلٍ يَقطَعُ الهامَ مُغمَدا
وَما أَنا إِلّا سَمهَرِيٌّ حَمَلتَهُ – فَزَيَّنَ مَعروضًا وَراعَ مُسَدَّدا
وَما الدَهرُ إِلّا مِن رُواةِ قَلائِدي – إِذا قُلتُ شِعرًا أَصبَحَ الدَهرُ مُنشِدًا
فَسارَ بِهِ مَن لا يَسيرُ مُشَمِّرا – وَغَنّى بِهِ مَن لا يُغَنّي مُغَرِّدا
أَجِزني إِذا أُنشِدتَ شِعرًا فَإِنَّما – بِشِعري أَتاكَ المادِحونَ مُرَدَّدا
وَدَع كُلَّ صَوتٍ غَيرَ صَوتي فَإِنَّني – أَنا الصائِحُ المَحكِيُّ وَالآخَرُ الصَدى
تَرَكتُ السُرى خَلفي لِمَن قَلَّ مالُهُ – وَأَنعَلتُ أَفراسي بِنُعماكَ عَسجَدا
وَقَيَّدتُ نَفسي في ذَراكَ مَحَبَّةً – وَمَن وَجَدَ الإِحسانَ قَيدًا تَقَيَّدا
إِذا سَأَلَ الإِنسانُ أَيّامَهُ الغِنى – وَكُنتَ عَلى بُعدٍ جَعَلنَكَ مَوعِدا
قصيدة شهيرة للشاعر أبو الطيب المتنبي

دعي الذين هم البخال وانطلقي

دَعي الذينَ هُمُ البُخّالُ وَانطَلِقي – إلى كَثِيرٍ، فَتى الجُودِ ابنِ سَيّارِ
إلى الّذي يَفْضُلُ الفِتْيَانَ نَائِلُهُ – يَدَاهُ مِثْلُ خَليجَيْ دِجلةَ الجارِي
إنّا وَجَدْنَا كَثِيراً يَقْدَحُونَ لَهُ – بخَيرِ عُودٍ عَتِيق، زَنْدُهُ وَارِي
إنّ كَثِيراً كَثِيرٌ فَضْلُ نَائِلِهِ – مُرْتَفَعٌ، في تَمِيمٍ، مُوقَدَ النّارِ
المَالىءُ الجَفْنَةَ الشِّيزَى إذا سَغبُوا – وَالطّاعِنُ الكَبْشَ وَالمَنّاعُ للجَارِ
إذا السّمَاءُ غَدَتْ أرْوَاحُ قِطْقِطِها – كَأنّهُ كُرْسُفٌ يُرْمَى بِأوْتَارِ
تَرَى المَرَاضِيعَ بِالأوْلادِ تَحْمِلُها – إلى كَثِيرٍ عَلى عُسْرٍ وَأيْسَارِ
الحَامِلُ الثّقْلَ قَدْ أعْيَاهُ حَامِلُهُ – وَالمُوقِدُ النّارَ للمُسْتَنْبِحِ السّارِي
وَالعابِطُ الكُومَ للأضْيَافِ إذْ نَزَلُوا – في يَوْمِ صِرٍّ مِنَ الصُّرَّادِ هرّارِ
قصيدة الفرزدق