جهة المنفى

يتلفت المنفيّ نحو جهاته
وتفر منه المفردات الذكريات
ليس الأمام أمامه
ليس الوراء وراءه
وعلى اليمين إشارة ضوئية
وعلى اليسار إشارة أخرى
فيسأل نفسه
من أين تبتديء الحياة
لابد لي من نرجس
لأكون صاحب صورتي
ويقول إن الحر من يختار منفاه
لأمر ما
أنا حرٌ إذن
أمشي فتتضح الجهات
قصيدة شاعر فلسطين محمود درويش

بين ريتا وعيوني بندقية

بين ريتا وعيوني بندقية
والذي يعرف ريتا ينحني
ويصلي
لإله في العيون العسلية
وأنا قبَّلت ريتا
عندما كانت صغيرة
وأنا أذكر كيف التصقت
بي، وغطت ساعدي أحلى ضفيرة
وأنا أذكر ريتا
مثلما يذكر عصفورٌ غديره
آه ريتا
بينما مليون عصفور وصورة
ومواعيد كثيرة
أطلقت ناراً عليها بندقية
اسم ريتا كان عيداً في فمي
جسم ريتا كان عرساً في دمي
وأنا ضعت بريتا سنتين
وهي نامت فوق زندي سنتين
وتعاهدنا على أجمل كأس، واحترقنا
في نبيذ الشفتين
وولدنا مرتين
آه ريتا
أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ
سوى إغفاءتين
وغيوم عسلية
قبل هذي البندقية
كان يا ما كان
يا صمت العشيّة
قمري هاجر في الصبح بعيداً
في العيون العسلية
والمدينة
كنست كل المغنين وريتا
بين ريتا وعيوني بندقية
قصيدة رومانسية لمحمود درويش

عن الصمود

لو يذكر الزيتون غارسه
لصار الزيت دمعا
يا حكمة الأجداد
لو من لحمنا نعطيك درعا
لكنّ سهل الريح
لا يعطي عبيد الريح زرعا
إنّا سنقلع بالرموش
الشوك و الأحزان .. قلعا
وإلام نحمل عارنا و صليبنا
والكون يسعى
سنظل في الزيتون خضرته
وحول الأرض درعا
إنّا نحبّ الورد
لكنّا نحبّ القمح أكثر
ونحبّ عطر الورد
لكن السنابل منه أطهر
فاحموا سنابلكم من الأعصار
بالصدر المسمّر
هاتوا السياج من الصدور
من الصدور فكيف يكسر
إقبض على عنق السنابل
مثلما عانقت خنجر
الأرض و الفلاح و الإصرار
قل لي كيف تقهر
هذي الأقانيم الثلاثة
كيف تقهر
عيناك يا صديقتي العجوز يا صديقتي المراهقة
عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة
لا يضحك الرجاء فيهما و لا تنام الصاعقة
لم يبق شيء عندنا .. إلّا الدموع الغارقة
قولي: متى ستضحكين مرة و إن تكن منافقة
كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان
مصّي بقايا دمنا، و بعدنا الطوفان
وإن سغبت مرة، لا تتركي الجثمان
وإن سئمت بعدها، فعندك الديدان
إنّا خلقنا غلطة .. في غفلة من الزمان
وأنت يا صديقي العجوز .. يا صديقتي المراهقة
كوني على أشلائنا، كالزنبقات العابقة
الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار
وحولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار
والشمس عند بابنا معمية الأنوار
واشية، لكنها لا تعبر الأسوار
إن الحياة خلفنا غريبة منافقة
فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة
أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء
أسمعهم من فجوة في خيمة السماء
يا ويل من تنفست رئاته الهواء
من رئة مسروقة
ياويل من شرابه دماء
ومن بنى حديقة .. ترابها أشلاء
يا ويله من وردها المسموم
قصيدة محمود درويش

ألبنى لقد جلت عليك مصيبتي

ألُبنى لًقًد جًلًت عًليكِ مُصيبتيغَدَاة َ غدً إذا حَلَّ ما أتَوَقَّعُ
تُمَنِّينَني نَيلاً وَتَلوِينني بِهفَنَفْسِيَ شَوْقاً كُلَّ يَوْمٍ تَقَطَّعُ
وَقَلْبُكِ قَطُّ مَا يَلِينُ لِمَا يَرَىفَوَا كَبِدِي قَدْ طَالَ هذا التَّضَرُّعُ
ألُومُكِ فِي شَأني وأنتِ مُليمَةلعمري وأجفَى لِلمُحِبِّ وأقطَعُ
أخُبِّرتِ أني فيكِ مَيِّتُ حَسرَتيفَمَا فَاضَ مِنْ عَيْنَيْكِ لِلْوَجْدِ مَدْمَعُ
وَلكِن لَعَمري قَد بَكيتُكِ جاهداًوإنْ كَانَ دَائِي كُلُّهُ مِنْكِ أجْمَعُ
صَبيحَة َ جاءَ العائِداتُ يَعُدننيفَظَلَّت عَلَيَّ العائداتُ تَفَجَّعُ
فَقَائِلَة ٌ جِئْنَا إلَيْهِ وَقَدْ قَضَىوَقَائِلَة ٌ لا بَلْ تَرَكْنَاهُ يَنْزِعُ
فَمَا غَشِيَتْ عَيْنَيْكِ مِنْ ذَاكَ عَبْرَةوَعَيْنِي على ما بي بِذِكْرَاكِ تَدْمَعُ
إذا أنتِ لم تَبكي عليَّ جِنازة ًلَدَيْكِ فَلاَ تَبْكِي غَداً حِينَ أُرْفَعُ
قصيدة حب لمجنون لبنى قيس بن ذريح

كيف السلو ولا أزال أرى لها

كيفَ السُّلُوُّ ولا أزالُ أرى لهارَبْعاً كحاشِيَة ِ اليَماني المُخْلَقِ
رَبْعاً لواضِحَة ِ الجَبِينِ غَريرَةكالشَّمسِ إذا طلعَتْ رَخيمِ المنطِقِ
قَدْ كُنْتُ أعْهَدُها بِهِ في عِزَّةوالعَيْشُ صَافٍ والعِدَى لَمْ تَنْطِقِ
حَتَّى إذا نَطَقُوا وآذانَ فيهِمُداعي الشَّتاتِ بِرِحلَة ٍ وَتَفَرقِ
خَلَتِ الدِّيَارُ فِزُرْتُها وَكَأَنَّنِيذُو حَيَّة ٍ مِنْ سُمِّهَا لم يَعْرَقِ
قصيدة مجنون لبنى قيس بن ذريح

تباكر أم تروح غدا رواحا

تُبَاكِرُ أمْ تَرُوحُ غداً رَوَاحاوَلَنْ يَسْطِيعَ مُرْتَهَنٌ بَرَاحَا
سقيمٌ لا يُصَابُ له دواءٌأصَابَ الُحبُّ مُقْتلَهُ فَنَاحَا
وعذَّبهُ الهوَى حتَّى بَرَاهُكَبَرْيِ القَيْنِ بالسَّفنِ القداحَا
فَكَاَد يُذِيقُهُ جُرَعَ المَنَايَاوَلَوْ سَقّاهُ ذلِكَ لاسْتَرَاحَا
أبيات شعر لمجنون لبنى قيس بن ذريح