| يَا بَالِغَ السِّتِّينَ مِنْ عُمْرِهِ | نَوَدُّ لَوْ بُلِّغْتَ فِيهِ المِئِينْ |
| دُمْ رَافِعاً بَيْنَ مَنَارِ الهُدَى | مَنَارَةَ المَشْرِقِ فِي العَالَمِينْ |
| مِنْ فَحَمَاتِ اللَّيْلِ تَجْلُو الضُّحَى | وَظُلُمَاتِ الرَّيْبِ تَجْلُو اليَقِينْ |
| وَمِنْ طَوَايَا النَّاسِ تُبْدِي بِمَا | خَبْرْتَ مِنْهُمْ كُلَّ كَنْزٍ دَفِينْ |
انفرد اللَّه بسلطانه
| انفردَ اللَّهُ بسلطانه | فما له في كلّ حالٍ كِفاءْ |
| ما خَفِيَتْ قدرتُه عنكمُ | وهل لها عن ذي رشادٍ خَفاءْ |
| إن ظهَرت نارٌ، كما خبّروا | في كلّ أرضٍ، فعلينا العَفاءْ |
| تهوي الثريّا، ويلين الصّفا | من قبل أن يوجَدَ أهلُ الصّفاء |
| قد فُقِد الصدق ومات الهدى | واستُحسنَ الغدرُ وقلّ الوفاء |
| واستشعر العاقلُ، في سُقمهِ | أنّ الردى، مما عناه، الشِّفاء |
| واعترفَ الشيخُ بأبنائهِ | وكلهم يَنذِرُ منه انتفاء |
| رَبّهم بالرفقِ، حتى إذا | شبّوا عنا الوالدَ منهم جفاء |
| والدّهرُ يشتفُّ أخلاّءهُ | كأنما ذلك منه اشتفاء |
لم يقدر اللَّه تهذيبا لعالمنا
| لم يقدُر اللَّه تهذيباً لعالَمِنا | فلا ترومنّ للأقوام تهذيبا |
| ولا تصدّق بما البرهانُ يُبطلهُ | فتستفيدَ من التّصديق تكذيبا |
| إن عذّبَ اللَّه قوماً باجترامِهمُ | فما يريدُ لأهل العدلِ تعذيبا |
| يغدو على خلّه الإنسانُ يظلمُه | كالذّيبِ يأكلُ عند الغِرّةِ الذّيبا |
كم أمة لعبت بها جهالها
| كم أمّةٍ لعبتْ بها جُهّالُها | فتنطّستْ من قبلُ في تعذيبها |
| الخوفُ يلجئها إلى تصديقها | والعقلُ يَحمِلُها على تكذيبها |
| وجِبلّةُ الناس الفساد، فظَلَّ من | يسمو بحكمتهِ إلى تهذيبها |
| يا ثُلّةً في غفلةٍ، وأُوَيسُها الـ | قَرَنيُّ مثلُ أُوَيسها، أي ذيبها |
| سبحان مُجمد راكِدٍ ومُقرِّه | ومُمِير لجّة زاخرٍ ومذيبها |
يا بنت بيروت ويا نفحة
| يا بنت بيروت ويا نفحة | من روح لبنان القديم الوقور |
| إليك من أنبائه آية | عصرية أزرت بآي العصور |
| مرت بذاك الشيخ في ليلة | ذكرى جمال وعبير ونور |
| ذكرى صبا طابت لها نفسه | وافتر عنها رأسه من حبور |
| أسر نجواها إلى أرزه | فلم يطقها في حجاب الضمير |
| وبثها في زفرة فانبرت | بخفة البشرى ولطف السرور |
| دارجة في السفح مرتادة | كل مكان فيه نبت نضير |
| فضحك النبت ابتهاجا بها | عن زهر رطب ذكي قرير |
| عن زهر حمل ريح الصبا | تبسما مستترا في عبير |
| سرى لبيروت ولاقى شذا | من بحرها رأد الصباح المنير |
| فعقدا في ثغرها درة | أجمل شيء بين در الثغور |
| أسماء هل أبصرتها مرة | تزين مرآتك وقت البكور |
هذي رؤوس القمم الشماء
| هذي رؤوس القمم الشماء | نواهضا بالقبة الزرقاء |
| نواصع العمائم البيضاء | روائع المناطق الخضراء |
| يا حسن هذي الرملة الوعساء | وهذه الأودية الغناء |
| وهذه المنازل الحمراء | راقية معارج العلاء |
| وهذه الخطوط في البيداء | كأنها أسرة العذراء |
| وذلك التدبيج في الصحراء | من كل رسم باهر للرائي |
| وهذه المياه في الصفاء | آنا وفي الإزباد والإرغاء |
| تنساب في الروض على التواء | خفية ظاهرة اللألاء |
| ونسم قواتل للداء | يشفين كل فاقد الشفاء |
| ومعشر كأنجم الجوزاء | يلتمسون سترة المساء |
| في ملعب للطيب والهواء | ومرتع للنفس والأهواء |
| ومبعث للفكر والذكاء | ومنتدى للشعر والغناء |
| يا وطنا نفديه بالدماء | والأنفس الصادقة الولاء |
| ما أسعد الظافر باللقاء | والقرب بعد الهجر والجلاء |
| إن أك باكيا من السراء | فإن طول الشوق في التنائي |