| كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ | يقولُ: جلَّ الواحدُ المنفردْ | 
| فقامتي في ظرفها قامتي | ومثلُ حسني في الورى ما عهدْ | 
| فأَقبلت خُنفُسَة ٌ تنثَني | ونجلها يمشي بجنبِ الكبدْ | 
| تقول: يا زَيْنَ رياضِ البَها | إنّ الذي تطلبهُ قد وجد | 
| فانظر لقدِّ ابني، ولا تفتخر | ما دام في العالم أمٌّ تلد! | 
أحمد شوقي
أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك هو شاعر مصري أحد أعظم شعراء العصر الحديث ولقبه أمير الشعراء ولد و توفي في القاهرة.
رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ
| رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ | تُطَيِّرُ ابنَها بأَعلى الشَّجَره | 
| وهْيَ تقولُ: يا جمالَ العُشِّ | لا تعتَمِدْ على الجَناح الهَشِّ | 
| وقِفْ على عودٍ بجنبِ عودِ | وافعل كما أَفعلُ في الصُّعودِ | 
| فانتقلَت من فَننٍ إلى فَنَنْ | وجعلتْ لكلِّ نقلة ٍ زمنْ | 
| كيْ يَسْتريحَ الفرْخُ في الأَثناءِ | فلا يَمَلُّ ثِقَلَ الهواءِ | 
| لكنَّه قد خالف الإشاره | لمَّا أَراد يُظهرُ الشَّطارهْ | 
| وطار في الفضاءِ حتى ارتفعا | فخانه جَناحُه فوقعا | 
| فانكَسَرَتْ في الحالِ رُكبتاهُ | ولم يَنَلْ منَ العُلا مُناهُ | 
| ولو تأنى نالَ ما تمنَّى | وعاشَ طولَ عُمرِهِ مُهَنَّا | 
| لكلِّ شيءٍ في الحياة وقتهُ | وغاية ُ المستعجلين فوته! | 
كان لبعضِ الناسِ نعجتان
| كان لبعضِ الناسِ نعجتان | وكانتا في الغيْطِ ترعيانِ | 
| إحداهما سمينة ٌ، والثانِيهْ | عِظامها منَ الهُزالِ باديَه | 
| فكانتِ الأولى تباهي بالسمنْ | وقولهم بأنها ذات الثمنْ | 
| وتَدَّعي أَن لها مقدارا | وأنها تستوقفُ الأبصارا | 
| فتصبرُ الأختُ على الإذلالِ | حاملة ً مَرارة َ الإدلال | 
| حتى أتى الجزَّارُ ذاتَ يوم | وقلبَ النعجة َ دون القومِ | 
| فقال لِلمالِكِ: أَشْترِيها | ونقدَ الكيسَ النفيسَ فيها | 
| فانطلقتْ من فورِها لأُختِها | وهْيَ تَشكُّ في صلاح بختِها | 
| تقولُ: يا أُختاهُ خبِّرِيني | هل تعرِفينَ حاملَ السِّكين؟ | 
| قالت: دعيني وهزالي والزمنَ | وكلِّمِي الجزّارَ يا ذاتَ الثَّمَنْ! | 
| لكلِّ حال حلوها ومرُّها | ما أَدَبُ النعجة ِ إلا صبرُها | 
لما أتم نوح السفينة
| لمَّا أَتمَّ نوحٌ السَّفِينة | وحَرَّكَتْها القُدْرَة المُعِينة | 
| جَرى بها ما لا جَرَى بِبالِ | فما تعالى الموْجُ كالجِبالِ | 
| حتى مشى الليثُ مع الحمار | وأَخَذ القِطُّ بأَيدِي الفارِ | 
| واستمعَ الفيلَ إلى الخنزيرِ | مُؤتَنِساً بصوتِه النَّكيرِ | 
| وجلس الهِرُّ بجنب الكلبِ | وقبَّل الخروفُ نابَ الذِّئبِ | 
| وعطفَ البازُ على الغزالِ | واجتمع النملُ على الأكَّال | 
| وفلت الفرخة ُ صوفَ الثعلب | وتيَّمَ ابنَ عرسَ حبُّ الأرنبِ | 
| فذهبتْ سوابقُ الأحقادِ | وظَهر الأَحبابُ في الأَعادي | 
| حتى إذا حطُّوا بسفحِ الجودي | وأيقنوا بعودة ِ الوجودِ | 
| عادوا إلى ما تَقتَضيهِ الشِّيمة | وَرَجَعُوا للحالة القديمة | 
| فقسْ على ذلك أحوالَ البشرْ | إذْ كلهم على الزمان العادي | 
لم يَتَّفِقْ مما جَرَى في المركبِ
| لم يَتَّفِقْ مما جَرَى في المركبِ | ككذبِ القردِ على نوحِ النبي | 
| فإنه كان بأقصى السطحِ | فاشتاقَ من خفته للمزحِ | 
| وصاحَ: يا للطير والأسماكِ | لِموْجَة ٍ تجِدُّ في هَلاكي! | 
| فَبعثَ النبي له النسورا | فوجَدَتْه لاهياً مسرورا | 
| ثم أتى ثانية ً يصيحُ | قد ثقبتْ مركبنا يا نوحُ! | 
| فأَرسَل النبيُّ كلَّ مَن حَضرْ | فلم يروا كما رأى القرد خطر | 
| وبينما السَّفيهُ يوماً يَلعبُ | جادَتْ به على المِياهِ المركبُ | 
| فسمعوه في الدُّجى ينوحُ | يقولُ: إني هالكٌ يا نوحُ | 
| سَقطْتُ من حماقتي في الماءِ | وصِرْتُ بين الأَرضِ والسماءِ | 
| فلم يصدقْ أحدٌ صياحهْ | وقيلَ حقاً هذه وقاحَهْ | 
| قد قال في هذا المقامِ مَن سَبَقْ | أكذبُ ما يلفي الكذوبُ إن صدق | 
| من كان ممنواً بداءِ الكذبِ | لا يَترُكُ الله، ولا يُعفِي نبي! | 
قد ود نوح أن يباسط قومه
| قد وَدّ نوحٌ أَن يُباسِطَ قوْمَهُ | فدعا إليهِ معاشرَ الحيوانِ | 
| وأشار أنْ يليَ السفينة َ قائدٌ | منهم يكونُ من النهى بمكان | 
| فتقدّمَ الليثُ الرفيع جلاله | وتعرّضَ الفيلُ الفخيمُ الشان | 
| وتلاهما باقي السباعِ، وكلهمْ | خَرُّوا لهيبتِهِ إلى الأَذقان | 
| حتى إذا حيُّوا المؤيَّدَ بالهدى | ودَعَوْا بطولِ العزِّ والإمكان | 
| سبقتهم لخطابِ نوحٍ نملة ٌ | كانت هناكَ بجانِبِ الأَرْدان | 
| قالت: نبيَّ اللهِ، أرضى فارسٌ | وأَنا يَقيناً فارسُ الميْدانِ | 
| سأديرُ دفتها، وأحمي أهلها | وأقودها في عصمة ٍ وأمان | 
| ضحكَ النبيُّ وقال: إنّ سفينتيَ | لهِيَ الحياة ، وأَنتِ كالإنسان | 
| كل الفضائِل والعظائمِ عنده | هو أَوّلٌ، والغيْرُ فيها الثاني | 
| ويودُّ لو ساسَ الزَّمانَ، وما لَهُ | بأَقلِّ أَشغالِ الزمان يَدان |