| رُدَّتِ الروحُ عَلى المُضنى مَعَك | أَحسَنُ الأَيّامِ يَومٌ أَرجَعَك |
| مَرَّ مِن بُعدِكَ ما رَوَّعَني | أَتُرى يا حُلوُ بُعدي رَوَّعَك |
| كَم شَكَوتُ البَينَ بِاللَيلِ إِلى | مَطلَعِ الفَجرِ عَسى أَن يُطلِعَك |
| وَبَعَثتُ الشَوقَ في ريحِ الصَبا | فَشَكا الحُرقَةَ مِمّا اِستَودَعَك |
| يا نَعيمي وَعَذابي في الهَوى | بِعَذولي في الهَوى ما جَمَعَك |
| أَنتَ روحي ظَلَمَ الواشي الَّذي | زَعَمَ القَلبَ سَلا أَو ضَيَّعَك |
| مَوقِعي عِندَكَ لا أَعلَمُه | آهِ لَو تَعلَمُ عِندي مَوقِعَك |
| أَرجَفوا أَنَّكَ شاكٍ موجَعٌ | لَيتَ لي فَوقَ الضَنا ما أَوجَعَك |
| نامَتِ الأَعيُنُ إِلّا مُقلَةً | تَسكُبُ الدَمعَ وَتَرعى مَضجَعَك |
أحمد شوقي
أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك هو شاعر مصري أحد أعظم شعراء العصر الحديث ولقبه أمير الشعراء ولد و توفي في القاهرة.
سنون تعاد ودهر يعيد
| سُنونٌ تُعادُ وَدَهرٌ يُعيد | لَعَمرُكَ ما في اللَيالي جَديد |
| أَضاءَ لِآدَمَ هَذا الهِلالُ | فَكَيفَ تَقولُ الهِلالُ الوَليد |
| نَعُدُّ عَلَيهِ الزَمانَ القَريبَ | وَيُحصي عَلَينا الزَمانَ البَعيد |
| عَلى صَفحَتَيهِ حَديثُ القُرى | وَأَيّامُ عادٍ وَدُنيا ثَمود |
| وَطيبَةُ آهِلَةٌ بِالمُلوكِ | وَطيبَةُ مُقفِرَةٌ بِالصَعيد |
| يَزولُ بِبَعضِ سَناهُ الصَفا | وَيَفنى بِبَعضِ سَناهُ الحَديد |
| وَمِن عَجَبٍ وَهوَ جَدُّ اللَيالي | يُبيدُ اللَيالِيَ فيما يُبيد |
| يَقولونَ يا عامُ قَد عُدتَ لي | فَيالَيتَ شِعري بِماذا تَعود |
| لَقَد كُنتَ لي أَمسِ ما لَم أُرِد | فَهَل أَنتَ لي اليَومَ ما لا أُريد |
| وَمَن صابَرَ الدَهرَ صَبري لَهُ | شَكا في الثَلاثينَ شَكوى لَبيد |
| ظَمِئتُ وَمِثلي بَرِيٍّ أَحَقُّ | كَأَنّي حُسَينٌ وَدَهري يَزيد |
| تَغابَيتُ حَتّى صَحِبتُ الجَهولَ | وَدارَيتُ حَتّى صَحِبتُ الحَسود |
لقد لامني يا هند في الحب لائم
| لَقَد لامَني يا هِندُ في الحُبِّ لائِمٌ | مُحِبٌّ إِذا عُدَّ الصِحابُ حَبيبُ |
| فَما هُوَ بِالواشي عَلى مَذهَبِ الهَوى | وَلا هُوَ في شَرعِ الوِدادِ مُريبُ |
| وَصَفتُ لَهُ مَن أَنتِ ثُمَّ جَرى لَنا | حَديثٌ يَهُمُّ العاشِقينَ عَجيبُ |
| وَقُلتُ لَه صَبراً فَكُلُّ أَخي هَوى | عَلى يَدِ مَن يَهوى غَداً سَيَتوبُ |
قف بطوكيو وطف على يوكاهامه
| قِف بِطوكِيو وَطُف عَلى يوكاهامَه | وَسَلِ القَريَتَينِ كَيفَ القِيامَة |
| دَنَتِ الساعَةُ الَّتي أُنذِرَ الناسُ | وَحَلَّت أَشراطُها وَالعَلامَة |
| قِف تَأَمَّل مَصارِعَ القَومِ وَاِنظُر | هَل تَرى دِيارَ عادٍ دِعامَة |
| خُسِفَت بِالمَساكِنِ الأَرضُ خَسفاً | وَطَوى أَهلُها بِساطَ الإِقامَة |
| طَوَّفَت بِالمَدينَتَينِ المَنايا | وَأَدارَ الرَدى عَلى القَومِ جامَة |
| لا تَرى العَينُ مِنهُما أَينَ جالَت | غَيرَ نِقضٍ أَو رِمَّةٍ أَو حُطامَه |
| حازَهُم مِن مَراجِلِ الأَرضِ قَبرٌ | في مَدى الظَنِّ عُمقُهُ أَلفُ قامَة |
| تَحسَبُ المَيتَ في نَواحيهِ يُعي | نَفخَةَ الصورِ أَن تَلُمَّ عِظامَه |
| أَصبَحوا في ذَرا الحَياةِ وَأَمسَوا | ذَهَبَت ريحُهُم وَشالوا نَعامَه |
| ثِق بِما شِئتَ مِن زَمانِكَ إِلّا | صُحبَةَ العَيشِ أَو جِوارَ السَلامَة |
| دَولَةُ الشَرقِ وَهيَ في ذِروَةِ العِزِّ | تَحارُ العُيونُ فيها فَخامَة |
| خانَها الجَيشُ وَهوَ في البَرِّ دِرعٌ | وَالأَساطيلُ وَهيَ في البَحرِ لامَه |
| لَو تَأَمَّلتَها عَشِيَّةَ جاشَت | خِلتَها في يَدِ القَضاءِ حَمامَة |
| رَجَّها رَجَّةً أَكَبَّت عَلى قَرتَيهِ | بوذا وَزَلزَلَت أَقدامَه |
| اِستَعَذنا بِاللَهِ مِن ذَلِكَ السَيلِ | الَّذي يَكسَحُ البِلادَ أَمامَه |
| مَن رَأى جَلمَداً يَهُبُّ هُبوباً | وَحَميماً يَسُحَّ سَحَّ الغَمامَة |
| وَدُخاناً يَلُفُّ جُنحاً بِجُنحٍ | لا تَرى فيهِ مِعصَمَيها اليَمامَة |
| وَهَزيماً كَما عَوى الذِئبُ في كُللِ | مَكانٍ وَزَمجَرَ الضِرغامَة |
| أَتَتِ الأَرضُ وَالسَماءُ بِطوفانٍ | يُنَسّي طوفانَ نوحٍ وَعامَه |
| فَتَرى البَحرَ جُنَّ حَتّى أَجازَ البَرَّ | وَاِحتَلَّ مَوجُهُ أَعلامَه |
| مُزبِداً ثائِرَ اللُجاجِ كَجَيشٍ | قَوَّضَ العاصِفُ الهَبوبُ خِيامَه |
| فُلكُ نوحٍ تَعوذُ مِنهُ بِنوحٍ | لَو رَأَتهُ وَتَستَجيرُ زِمامَه |
| قَد تَخَيَّلتُهُم مَتابيلَ سِحرٍ | مِن قِراعِ القَضاءِ صَرعى مُدامَه |
| وَتَخَيَّلتُ مَن تَخَلَّفَ مِنهُمُ | ظَنَّ لَيلَ القِيامِ ذاكَ فَنامَه |
| أَبَراكينُ تِلكَ أَم نَزَواتٌ | مِن جِراحٍ قَديمَةٍ مُلتامَه |
| تَجِدُ الأَرضَ راحَةً حَيثُ سالَت | راحَةُ الجِسمِ مِن وَراءِ الحَجامَة |
| ما لَها لا تَضِجُّ مِمّا أَقَلَّت | مِن فَسادٍ وَحُمِّلَت مِن ظُلامَه |
| كُلَّما لُبِّسَت بِأَهلِ زَمانٍ | شَهِدَت مِن زَمانِهِم آثامَه |
| اِستَوَوا بِالأَذى ضِرِيّاً وَبِالشَررِ | وُلوعاً وَبِالدِماءِ نَهامَه |
| لَبَّسَت هَذِهِ الحَياةُ عَلَينا | عالَمَ الشَرِّ وَحشَهُ وَأَنامَه |
| ذاكَ مِن مُؤنِساتِهِ الظُفرُ وَالنابُ | وَهَذا سِلاحُهُ الصَمصامَة |
| سَرَّهُ مِن أُسامَةَ البَطشُ وَالفَتكُ | فَسَمّى وَليدَهُ بِأُسامَة |
| لَؤُمَت مِنهُما الطِباعُ وَلَكِن | وَلَدُ العاصِيَينِ شَرٌّ لَآمَه |
رأيت على لوح الخيال يتيمة
| رَأَيتُ عَلى لَوحِ الخَيالِ يَتيمَةً | قَضى يَومَ لوسيتانيا أَبَواها |
| فَيا لَكَ مِن حاكٍ أَمينٍ مُصَدَّقٍ | وَإِن هاجَ لِلنَفسِ البُكا وَشَجاها |
| فَواهاً عَلَيها ذاقَتِ اليُتمَ طِفلَةً | وَقُوِّضَ رُكناها وَذَلَّ صِباها |
| وَلَيتَ الَّذي قاسَت مِنَ المَوتِ ساعَةً | كَما راحَ يَطوي الوالِدَينِ طَواها |
| كَفَرخٍ رَمى الرامي أَباهُ فَغالَهُ | فَقامَت إِلَيهِ أُمُّهُ فَرَماها |
| فَلا أَبَ يَستَذري بِظِلِّ جَناحِهِ | وَلا أُمَّ يَبغي ظِلَّها وَذَراها |
| وَدَبّابَةٍ تَحتَ العُبابِ بِمَكمَنٍ | أَمينٍ تَرى الساري وَلَيسَ يَراها |
| هِيَ الحوتُ أَو في الحوتِ مِنها مَشابِهٌ | فَلَو كانَ فولاذاً لَكانَ أَخاها |
| أَبَثُّ لِأَصحابِ السَفينِ غَوائِلاً | وَأَلأَمُ ناباً حينَ تَفغَرُ فاها |
| خَئونٌ إِذا غاصَت غَدورٌ إِذا طَفَت | مُلَعَّنَةٌ في سَبحِها وَسُراها |
| تُبَيِّتُ سُفنَ الأَبرِياءِ مِنَ الوَغى | وَتَجني عَلى مَن لا يَخوضُ رَحاها |
| فَلَو أَدرَكَت تابوتُ موسى لَسَلَّطَت | عَلَيهِ زُباناها وَحَرَّ حُماها |
| وَلَو لَم تُغَيَّب فُلكُ نوحٍ وَتَحتَجِب | لَما أَمِنَت مَقذوفَها وَلَظاها |
| فَلا كانَ بانيها وَلا كانَ رَكبُها | وَلا كانَ بَحرٌ ضَمَّها وَحَواها |
| وَأُفٍّ عَلى العِلمِ الَّذي تَدَّعونَهُ | إِذا كانَ في عِلمِ النُفوسِ رَداها |
عرضوا الأمان على الخواطر
| عَرَضوا الأَمانَ عَلى الخَواطِر | وَاِستَعرَضوا السُمرَ الخَواطِر |
| فَوَقَفتُ في حَذَرٍ وَيَأبى | القَلبُ إِلّا أَن يُخاطِر |
| يا قَلبُ شَأنَكَ وَالهَوى | هَذي الغُصونُ وَأَنتَ طائِر |
| إِنَّ الَتي صادَتكَ تَسعى | بِالقُلوبِ لَها النَواظِر |
| يا ثَغرَها أَمسَيتُ كَال | غَوّاصِ أَحلُمُ بِالجَواهِر |
| يا لَحظَها مَن أُمُّها | أَو مَن أَبوها في الجَآذِر |
| يا شَعرَها لا تَسعَ في | هَتكي فَشَأنُ اللَيلِ ساتِر |
| يا قَدَّها حَتّامَ تَغدو | عاذِلاً وَتَروحُ جائِر |
| وَبِأَيِّ ذَنبٍ قَد طَعَنتَ | حَشايَ يا قَدَّ الكَبائِر |