غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ | تُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ |
وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشا | بودِّها لو حملهُ في الحشا |
ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِ | فِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ |
فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِ | وجاءها والضحكُ ملءُ فمهِ |
يصيحُ: يا أُمّاه ماذا قد دَها | حتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها |
أشهر قصائد العرب
أشهر و أقوى القصائد العربية أبيات شعر خالدة في التاريخ و مميزة قصائد المتنبي و قصائد أحمد شوقي و قصائد أبو القاسم الشابي وامرؤ القيس وغيرهم.
الشعر ديوان العرب
الشعرُ دِيوانُ العَرَب – أبداً وعنوانُ النسبْ |
لَمْ أعْدُ فِيهِ مَفَاخِري – و مديحَ آبائي النجبْ |
ومقطعاتٍ ربما – حَلّيتُ مِنْهُنّ الكُتُبْ |
لا في المديحِ ولا الهجاءِ – وَلا المُجُونِ وَلا اللّعِبْ |
لك يا منازل في القلوب منازل
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ | أقفَرْتِ أنْتِ وهنّ منكِ أواهِلُ |
يَعْلَمْنَ ذاكَ وما عَلِمْتِ وإنّمَا | أوْلاكُما يُبْكَى عَلَيْهِ العاقِلُ |
وأنَا الذي اجتَلَبَ المَنيّةَ طَرْفُهُ | فَمَنِ المُطالَبُ والقَتيلُ القاتِلُ |
تَخْلُو الدّيارُ منَ الظّباءِ وعِنْدَهُ | من كُلّ تابِعَةٍ خَيالٌ خاذِلُ |
أللاّءِ أفْتَكُهَا الجَبانُ بمُهْجَتي | وأحَبُّهَا قُرْباً إليّ البَاخِلُ |
ألرّامِياتُ لَنَا وهُنّ نَوافِرٌ | والخاتِلاتُ لَنَا وهُنّ غَوافِلُ |
كافأنَنَا عَنْ شِبْهِهِنّ مِنَ المَهَا | فَلَهُنّ في غَيرِ التّرابِ حَبَائِلُ |
مِنْ طاعِني ثُغَرِ الرّجالِ جآذِرٌ | ومِنَ الرّماحِ دَمَالِجٌ وخَلاخِلُ |
ولِذا اسمُ أغطِيَةِ العُيُونِ جُفُونُها | مِنْ أنّها عَمَلَ السّيُوفِ عَوامِلُ |
كم وقْفَةٍ سَجَرَتكَ شوْقاً بَعدَما | غَرِيَ الرّقيبُ بنا ولَجّ العاذِلُ |
دونَ التّعانُقِ ناحِلَينِ كشَكْلَتيْ | نَصْبٍ أدَقَّهُمَا وضَمَّ الشّاكِلُ |
إنْعَمْ ولَذّ فَلِلأمورِ أواخِرٌ | أبَداً إذا كانَتْ لَهُنّ أوائِلُ |
ما دُمْتَ مِنْ أرَبِ الحِسانِ فإنّما | رَوْقُ الشّبابِ علَيكَ ظِلٌّ زائِلُ |
للّهْوِ آوِنَةٌ تَمُرّ كأنّهَا | قُبَلٌ يُزَوَّدُهَا حَبيبٌ راحِلُ |
جَمَحَ الزّمانُ فَلا لَذيذٌ خالِصٌ | ممّا يَشُوبُ ولا سُرُورٌ كامِلُ |
حتى أبو الفَضْلِ ابنُ عَبْدِالله رُؤ | يَتُهُ المُنى وهيَ المَقامُ الهَائلُ |
مَمْطُورَةٌ طُرُقي إلَيهَا دونَهَا | مِنْ جُودِهِ في كلّ فَجٍّ وابِلُ |
مَحْجُوبَةٌ بسُرادِقٍ مِنْ هَيْبَةٍ | تَثْني الأزِمّةَ والمَطيُّ ذَوامِلُ |
للشّمسِ فيهِ وللسّحابِ وللبِحَا | رِ وللأسُودِ وللرّياحِ شَمَائِلُ |
ولَدَيْهِ مِلْعِقْيَانِ والأدَبِ المُفَا | دِ ومِلْحيَاةِ ومِلْمَماتِ مَنَاهِلُ |
لَوْ لم يَهَبْ لجَبَ الوُفُودِ حَوَالَهُ | لَسَرَى إلَيْهِ قَطَا الفَلاةِ النّاهِلُ |
يَدْري بمَا بِكَ قَبْلَ تُظْهِرُهُ لَهُ | مِن ذِهْنِهِ ويُجيبُ قَبْلَ تُسائِلُ |
وتَراهُ مُعْتَرِضاً لَهَا ومُوَلّياً | أحْداقُنا وتَحارُ حينَ يُقابِلُ |
كَلِماتُهُ قُضُبٌ وهُنّ فَوَاصِلٌ | كلُّ الضّرائبِ تَحتَهُنّ مَفاصِلُ |
هَزَمَتْ مَكارِمُهُ المَكارِمَ كُلّهَا | حتى كأنّ المَكْرُماتِ قَنَابِلُ |
وقَتَلْنَ دَفْراً والدُّهَيْمَ فَما تَرَى | أُمُّ الدُّهَيْمِ وأُمُّ دَفْرٍ ثَاكِلُ |
عَلاّمَةُ العُلَمَاءِ واللُّجُّ الّذي | لا يَنْتَهي ولِكُلّ لُجٍّ ساحِلُ |
لَوْ طابَ مَوْلِدُ كُلّ حَيٍّ مِثْلِهِ | وَلَدَ النّساءُ وما لَهنّ قَوابِلُ |
لَوْ بانَ بالكَرَمِ الجَنينُ بَيانَهُ | لَدَرَتْ بهِ ذَكَرٌ أمْ أنثى الحامِلُ |
ليَزِدْ بَنُو الحَسَنِ الشِّرافُ تَواضُعاً | هَيهاتِ تُكْتَمُ في الظّلامِ مشاعلُ |
جَفَختْ وهم لا يجفَخونَ بها بهِمْ | شِيَمٌ على الحَسَبِ الأغَرّ دَلائِلُ |
مُتَشابِهُو وَرَعِ النّفُوسِ كَبيرُهم | وصَغيرُهمْ عَفُّ الإزارِ حُلاحِلُ |
يا کفخَرْ فإنّ النّاسَ فيكَ ثَلاثَةٌ | مُسْتَعْظِمٌ أو حاسِدٌ أو جاهِلُ |
ولَقَدْ عَلَوْتَ فَما تُبالي بَعدَمَا | عَرَفُوا أيَحْمَدُ أمْ يَذُمُّ القائِلُ |
أُثْني عَلَيْكَ ولَوْ تَشاءُ لقُلتَ لي | قَصّرْتَ فالإمْساكُ عنّي نائِلُ |
لا تَجْسُرُ الفُصَحاءُ تُنشِدُ ههُنا | بَيْتاً ولكِنّي الهِزَبْرُ البَاسِلُ |
ما نالَ أهْلُ الجاهِلِيّةِ كُلُّهُمْ | شِعْرِي ولا سمعتْ بسحري بابِلُ |
وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ | فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ |
مَنْ لي بفَهْمِ أُهَيْلِ عَصْرٍ يَدّعي | أنْ يَحْسُبَ الهِنديَّ فيهِمْ باقِلُ |
وأمَا وحَقّكَ وهْوَ غايَةُ مُقْسِمٍ | لَلْحَقُّ أنتَ وما سِواكَ الباطِلُ |
ألطِّيبُ أنْتَ إذا أصابَكَ طِيبُهُ | والماءُ أنتَ إذا اغتَسَلْتَ الغاسِلُ |
ما دارَ في الحَنَكِ اللّسانُ وقَلّبَتْ | قَلَماً بأحْسَنَ مِنْ ثَنَاكَ أنَامِلُ |
لحن الحياة
إذا الشعبُ يوما أراد الحياة | فلا بد أن يستجيب القـدر |
ولا بـد لليـل أن ينجلي | ولا بـد للقيـد أن ينكسـر |
ومن لم يعانقْـه شـوْقُ الحياة | تبخر فــي جوها واندثر |
فويل لمن لم تَشُـقهُ الحياة | من صفْعـة العــدَم المنتصر |
كـذلك قـالت ليَ الكائناتُ | وحدثني روحُها المستترْ |
ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج | وفوق الجبال وتحت الشجرْ |
إذا ما طمحتُ إلــى غايةٍ | ركبتُ المُنى, ونسِـيت الحذرْ |
ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب | ولا كُبَّةَ اللّهَب المستعرْ |
ومن يتهيب صعود الجبال | يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحفرْ |
فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب | وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ |
وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ | وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ |
وقـالت لـي الأرضُ لمـا سـألت | أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــر |
أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح | ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ |
وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ | ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ |
هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة | ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ |
فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ | ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ |
ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم | لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ |
فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا | ة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ |
وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف | مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجــرْ |
ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم | وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ |
سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ | لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــر |
فلـــم تتكلّم شــفاه الظــلام | ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ |
وقال ليَ الغــابُ في رقَّـةٍ | مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ |
يجــئ الشــتاءُ شــتاء الضبـاب | شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ |
فينطفــئُ السِّـحرُ سـحرُ الغصـونِ | وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ |
وســحرُ السـماءِ الشـجيُّ الـوديعُ | وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ |
وتهـــوِي الغصــونُ وأوراقُهــا | وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ |
وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ | ويدفنُهَــا الســيلُ أنَّــى عــبرْ |
ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ | تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ |
وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ | ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ غَــبَرْ |
وذكــرى فصــولٍ ورؤيـا حيـاةٍ | وأشــباحَ دنيــا تلاشــتْ زُمَـرْ |
معانقــةً وهـي تحـت الضبـابِ | وتحــت الثلـوجِ وتحـت المَـدَرْ |
لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ | وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ |
وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ | وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ |
ويمشـي الزمـانُ, فتنمـو صـروفٌ | وتــذوِي صــروفٌ, وتحيـا أُخَـرْ |
وتُصبِـــحُ أحلامُهـــا يقظَـــةً | مُوَشَّـــحةً بغمـــوضِ السَّــحَرْ |
تُســائل: أيــن ضبـابُ الصبـاحِ | وسِــحْرُ المسـاء? وضـوء القمـر |
وأســرابُ ذاك الفَــراشِ الأنيــق | ونحــلٌ يغنِّــي, وغيــمٌ يمــر |
وأيـــن الأشـــعَّةُ والكائنــاتُ | وأيــن الحيــاةُ التــي أنتظــر |
ظمِئـتُ إلـى النـور, فـوق الغصونِ | ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ |
ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ, بيـن المـروجِ | يغنِّــي, ويــرقص فـوقَ الزّهَـرْ |
ظمِئــتُ إلــى نَغَمــاتِ الطيـورِ | وهَمْسِ النّســيمِ, ولحــنِ المطــرْ |
ظمِئـتُ إلـى الكـونِ! أيـن الوجـودُ | وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــر |
هـو الكـونُ, خـلف سُـباتِ الجـمودِ | وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ |
ومـــا هــو إلا كخــفقِ الجنــا | حِ حــتى نمــا شــوقُها وانتصـرْ |
فصَـــدّعت الأرضَ مــن فوقهــا | وأبْصــرتِ الكـونَ عـذبَ الصُّـوَرْ |
وجـــاء الـــربيعُ, بأنغامِـــه | وأحلامِـــه, وصِبـــاه العطِــرْ |
وقبَّلهـــا قُبَـــلاً فــي الشــفاهِ | تعيــدُ الشــبابَ الــذي قـد غَـبَرْ |
وقــال لهــا: قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَ | وخُــلِّدْتِ فــي نســلكِ المُدّخَــرْ |
وبـــاركَكِ النُّـــورُ, فاســتقبلي | شــبابَ الحيــاةِ وخِــصْبَ العُمـرْ |
ومَــن تعبــدُ النــورَ أحلامُــه | يُبَارِكُـــهُ النّــورُ أنّــى ظهــرْ |
إليــكِ الفضــاءَ, إليــكِ الضيـاءَ | إليــك الــثرى, الحـالمَ, المزدهـرْ |
إليــكِ الجمــالَ الــذي لا يَبيــدُ! | إليــكِ الوجـودَ, الرحـيبَ, النضِـرْ |
فميـدي كمـا شئتِ فوق الحقولِ | بحــلوِ الثمــارِ وغــضِّ الزّهَــرْ |
ونــاجي النســيمَ ونـاجي الغيـومَ | ونــاجي النجــومَ, ونـاجي القمـرْ |
ونـــاجي الحيـــاةَ وأشــواقَها | وفتنــةَ هــذا الوجــود الأغــرْ |
وشـفَّ الدجـى عـن جمـالٍ عميـقٍ | يشُــبُّ الخيــالَ, ويُــذكي الفِكَـرْ |
ومُــدّ عـلى الكـون سِـحرٌ غـريبٌ | يُصَرّفــــه ســـاحرٌ مقتـــدرْ |
وضـاءت شـموعُ النجـومِ الوِضـاءِ | وضــاع البَخُــورُ, بخـورُ الزّهَـرْ |
ورفــرف روحٌ غــريبُ الجمـال | بأجنحــةٍ مــن ضيــاء القمــرْ |
ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ | سُ فــي هيكـلٍ, حـالمٍ قـد سُـحِرْ |
وأعْلِــنَ فــي الكـون أنّ الطمـوحَ | لهيـــبُ الحيــاةِ ورُوحُ الظفَــرْ |
إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ | فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر |
إن الحياة صراع
إنَّ الحياة َ صِراعٌ | فيها الضّعيفُ يُداسْ |
ما فَازَ في ماضِغيها | إلا شديدُ المراسْ |
للخِبِّ فيها شجونٌ | فَكُنْ فتى الإحتراسْ |
الكونُ كونُ شفاءٍ | الكونُ كونُ التباسْ |
الكونُ كونُ اختلاقٍ | وضجّة ٌ واختلاسْ |
السرور | والابتئاسْ |
بين النوائبِ بونٌ | للنّاس فيه مزايا |
البعضُ لم يدرِ إلا | البِلى ينادي البلايا |
والبعضُ مَا ذَاقَ منها | سوى حقيرِ الرزايا |
إنَّ الحياة َ سُبَاتٌ | سينقضي بالمنايا |
وما الرُّؤى فيهِ إلاَّ | آمالُنَا، والخَطايا |
فإن تيقّظَ كانتْ | بين الجفون بقايا |
كلُّ البلايا…جميعاً | تفْنى ويحْيا السلامْ |
والذلُّ سبُّهُ عارٍ | لا يرتضيهِ الكِرامْ |
الفجر يسطع بعد الدّ | ُجى ، ويأتي الضِّياءْ |
ويرقُدُ اللَّيْلُ قَسْراً | على مِهَادِ العَفَاءْ |
وللشّعوب حياة ٌ | حِينا وحِينا فَنَاءْ |
واليأْسُ موتٌ ولكنْ | موتٌ يثيرُ الشّقاءْ |
والجِدُّ للشَّعْبِ روحٌ | تُوحِي إليهِ الهَناءْ |
فإن تولَّتْ تصدَّت | حَيَاتُهُ لِلبَلاءْ |
سينية
اختلاف النهار والليل ينسي | اذكرا لي الصبا وأيام أنسي |
وصفا لي ملاوة من شباب | صورت من تصورات ومس |
عصفت كالصبا اللعوب ومرت | سنة حـلوة ولذة خلس |
وسلا مصر: هل سلا القلب عنها | أو أسا جرحه الزمان المؤسي |
كلما مرت الـليالـي عليه | رق، والعهد فـي الليالي تقسي |
مستطار إذا البواخر رنت | أول الليل، أو عوت بعد جرس |
راهب في الضلوع للسفن فطن | كلما ثرن شاعهن بنقس |
يا ابنة اليم، ما أبـوك بـخيل | ماله مولعاً بمنع وحبس |
أحرام على بلابـله الدوح | حلال للطير من كل جنس؟ |
كل دار أحق بالأهل إلا | في خبيث من المذاهب رجس |
نفسي مرجل، وقلبي شراع | بهما في الدموع سيري وأرسي |
واجعلي وجهك (الفنار) ومجراك | يـد (الثغر) بـين (رمل) و(مكس) |
وطـني لو شغلت بالخلد عنه | نازعتني إليه في الخلد نفسي |
وهـفا بالفؤاد في سلسبيل | ظمأ للسواد مـن (عين شمس) |
شهد الله لم يغب عن جـفوني | شخصه ساعة ولم يخل حسي |
يا فؤادي لكل أمر قرار | فيه يبدو وينجلي بعد لبس |
عقلت لجة الأمور عقولاً | طالت الحوت طول سبح وغس |
غرقت حيث لا يصاح بطاف | أو غريق، ولا يصاخ لحس |
فلـك يكسف الشموس نـهـاراً | ويسوم البدور ليلة وكس |
ومواقيت للأمور إذا ما | بلغتها الأمور صارت لعكس |
دول كالرجال مرتهنـات | بقيام من الجدود وتعس |
وليال من كل ذات سوار | لطمت كل رب (روم) و(فرس) |
سددت بالهلال قوساً وسلت | خنجراً ينفذان من كل ترس |
حكمت في القرون (خوفو) و(دارا) | وعفت (وائلاً) وألوت (بعبس) |
أين (مروان) في المشارق عرش | أموي وفي الـمغارب كرسي؟ |
سقمت شمسهم فرد عليها | نورها كل ثاقب الرأي نطس |
ثم غابت وكل شمس سوى هاتيك | تبلى، وتنطوي تحت رمس |
وعظ (البحتري) إيـوان (كسرى) | شفتني القصور من (عبد شمس) |
رب ليل سريت والبرق طرفي | وبساط طويت والريح عنسي |
أنظم الشرق في (الجزيرة) بالغرب | وأطوي البلاد حزنـاً لدهس |
في ديار من الخلائف درس | ومـنار من الطوائف طمس |
وربى كالجنان في كنف الزيتون | خضر، وفي ذرا الكرم طلس |
لم يرعـني سوى ثرى قرطبي | لمست فيه عبرة الدهر خمسي |
يا وقى الله ما أصبح منه | وسقى صفوت الحيا ما أمسي |
قرية لا تعد في الأرض كنت | تمسك الأرض أن تميد وترسي |
غشيت ساحل المحيط وغطت | لجة الروم من شراع وقلس |
ركب الدهر خاطري في ثراها | فأتى ذلك الحمى بــعد حدس |
فتجلت لي القصور ومن فيها | من العز في منازل قعس |
سنة من كرى وطيف أمـان | وصحا القلب مـن ضلال وهجس |
وإذا الدار ما بها من أنيس | وإذا القوم ما لهم من محس |
ورقيق من البيوت عتيق | جاوز الألف غير مذموم حرس |
أثر من (محمد) وتراث | صار (للروح) ذي الولاء الأمس |
بلغ النجم ذروة وتناهى | بين (ثهلان) في الأساس و(قدس) |
مرمر تسبح النواظر فيه | ويطول المدى عليها فترسي |
وسوار كأنها في استواء | ألفات الوزير في عرض طرس |
فترة الدهر قد كست سطريها | ما اكتسى الهدب من فتور ونعس |
ويحها! كم تزينت لعليم | واحد الدهر واستعدت لخمس |
وكأن الرفيف في مسرح العين | ملاء مدنرات الدمقس |
ومكان الكتاب يغريك رياً | ورده غائباً فتدنو للمس |
صنعة (الداخل) المبارك في | الغرب وآل له ميامين شمس |
من (لحمراء) جللت بغبار | الدهر كالجرح بين بـرء ونكس |
كسنا البرق لو محا الضوء لحظاً | لمحتها العيون من طول قبس |
حصن (غرناطة) ودار بني الأحمر | من غافل ويقظان ندس |
جلل الثلج دونها رأس (شيرى) | فبدا منه في عـصائب برس |
سرمد شيبه، ولم أر شيئاً | قبله يـرجى البقاء وينسي |
مشت الحادثات في غرف (الحمراء) | مشي النعي في دار عرس |
هتكت عزة الحجاب وفضت | سدة الباب من سمير وأنسي |
عرصات تخلت الخيل عنها | واستراحت من احتراس وعس |
ومغان على الليالي وضاء | لم تجد للعشي تكرار مس |
لا ترى غير وافدين على التاريخ | ساعين في خشوع ونكس |
نقلوا الطـرف في نضارة آس | من نقوش، وفي عصارة ورس |
وقباب من لازورد وتبر | كالربى الشم بين ظل وشمس |
وخطوط تكفلت للمعاني | ولألفاظها بأزيـن لبس |
وترى مجلس السباع خلاء | مقفر القاع من ظباء وخنس |
لا (الثريا) ولا جواري الثريا | يتنزلن فيه أقمار إنس |
مرمر قامت الأسود عليه | كلة الظفر لينات المجس |
تنثر الماء في الحياض جماناً | يـتنزى على ترائب ملس |
آخر العهد بالجزيرة كانت | بعد عرك من الزمان وضرس |
فتراها تقول: راية جيش | باد بالأمس بـين أسر وحـس |
ومفاتيحها مقاليد ملك | باعها الوارث المضـيع ببخس |
خرج القوم في كتائب صم | عن حفاظ كموكب الدفن خرس |
ركبوا بالبحار نعشاً وكانت | تحت آبائهم هي العرش أمس |
رب بان لهادم، وجموع | لمشت ومحسن لمخس |
إمرة الناس همة لا تأنى | لجبــان ولا تسنى لجبس |
يا دياراً نزلت كالخلد ظلاً | وجـنى دانياً وسلسال أنس |
محسنات الفصول لا نـاجر فيها | بقيظ ولا جمادى بـقرس |
لا تحش العيون فوق ربــاها | غير حور حو المراشف لعس |
كسيت أفرخي بظلك ريشاً | وربا في رباك واشتد غرسي |
هم بنو مصر لا الجميل لديهم | بمضاع ولا الصنيع بمنسي |
من لسان على ثنائك وقف | وجنان على ولائك حبس |
حسبهم هذه الطلول عظات | من جديد على الدهور ودرس |
وإذا فاتك التفات إلى الماضي | فقد غاب عنك وجه التأسي |