| أمنيتي في عامها | الأوّلِ مثلُ الملكِ |
| صالحة ٌ للحبِّ منْ | كلٍّ، وللتَّبَرُّك |
| كم خفقَ القلبُ لها | عِندَ البُكا والضَّحِك |
| وكم رَعَتْها العَيْنُ في | في السكونِ والتَّحرُّكِ |
| فعندها من شدّة ِ الإشفاقِ | أن تأخذ الصغيرَ بالخناقِ |
| فإن مَشَتْ فخاطِري | يسبقها كالممسكِ |
| أَلحَظُها كأَنها | من بَصَرِي في شَرَك |
| فيا جَبينَ السَّعْدِ لي | ويا عُيُونَ الفَلَك |
| ويا بياضَ العيشِ في | الأيامِ ذاتِ الحلكِ |
| إنَّ الليالي وهيَ لا | تَنْفَكُّ حَرْبَ أَهلِكِ |
| لو أنصفتكِ طفلة ً | لكنت بنت الملك |
قصيدة أحمد شوقي
الرائعة و الكثير من قصائد امير الشعراء الشاعر الكبير احمد شوقي.
كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ
| كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ | وله في النخلة ِ الكبرى أريكْ |
| فيه كرسيٌّ، وخِدْرٌ، ومُهودْ | لصغارِ الملك أصحابِ العهود |
| جاءهُ يوماً ندورُ الخادمُ | وهوَ في البابِ الأمينُ الحازمُ |
| قال: يا فرعَ الملوكِ الصالحينْ | أنت ما زلتَ تحبُّ الناصحينْ |
| سوسة ٌ كانت على القصرِ تدورْ | جازتْ القصرَ، ودبتْ في الجدور |
| فابعث الغربانَ في إهلاكها | قبلَ أن نهلكَ في أشراكها |
| ضحكَ السلطانُ من هذا المقال | ثم أدنى خادمَ الخير، وقال: |
| أنا ربُّ الشوكة ِ الضافي الجناح | أنا ذو المنقارِ، غلاَّبُ الرياح |
| أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور | أَنا لا أُبصِرُ تَحتي بانُدور |
| ثُمَّ لَمّا كانَ عامٌ بَعدَ عام | قامَ بَينَ الريحِ وَالنَخلِ خِصام |
| وَإِذا النَخلَةُ أَقوى جِذعُها | فَبَدا لِلريحِ سَهلاً قَلعُها |
| فهوتْ للأرضِ كالتلِّ الكبير | وَهَوَى الديوانُ، وانقضَّ السَّرير |
| فدها السلطان ذا الخطبُ المهول | ودعا خادمه الغالي يقول: |
| يا ندورَ الخير، أسعفْ بالصياح | ما تَرى ما فعلَتْ فينا الرياح؟ |
| قال: يا مولايَ، لا تسأل ندور | أنا لا أنظر في هذي الأمور! |
ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء
| ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء | فرفع الرأْسَ إلى السماءِ |
| وقال يا خالِقَ هذا الجيدِ | زنهُ بعقدِ اللؤلؤ النَّضيدِ |
| فسمعَ الماءَ يقولُ مفصحا | طلبْتَ يا ذا الظَّبْيُ ما لن تُمنَحا |
| إنّ الذي أعطاكَ هذا الجيدا | لم يُبق في الحسنِ له مَزيدا |
| لو أن حسنهُ على النحورِ | لم يخرج الدُّر من البحورِ |
| فافتتَن الظبيُ بِذِي المقالِ | وزادهُ شوقاً إلى اللآلي |
| ولم يَنلهُ فمُهُ السقيمُ | فعاش دهراً في الفَلا يَهيم |
| حتى تَقضَّى العمرُ في الهُيامِ | وهجْرِ طِيبِ النَّومِ والطعام |
| فسارَ نحو الماءِ ذاتَ مرهْ | يَشكو إليه نفعَهُ وضرَّه |
| وبينما الجارانِ في الكلام | أقبلَ راعي الدَّيرِ في الظلام |
| يتبعه حيثُ مشى خنزيرُ | في جِيدِهِ قِلادة ٌ تُنير |
| فاندفع الظبيُ لذاكَ يبكي | وقال من بعدِ انجلاءِ الشكِ |
| ما آفة ُ السعيِ سوى الضلالِ | ما آفهُ العمرِ سوى الآمال |
| لولا قضاءُ الملكِ القدير | لما سعى العقدُ إلى الخنزير |
| فالتفتَ الماءُ إلى الغزال | وقال: حالُ الشيخِ شرُّ حال |
| لا عَجَبٌ، إن السنينَ مُوقِظهْ | حفظتَ عمراً لو حفظتَ موعظهْ |
لمَّا دعا داعي أبي الأشباِ
| لمَّا دعا داعي أبي الأشباِ | مبشِّراً بأولِ الأنجالِ |
| سعَتْ سباعُ الأَرضِ والسماءِ | وانعقد المجلسُ للهناءِ |
| وصدرَ المرسومُ بالأمانِ | في الأَرضِ للقاصي بها والدَّاني |
| فضاقَ بالذيولِ صحنُ الدار | من كلِّ ذي صوفٍ وذي منقار |
| حتى إذا استكملَتِ الجمعيَّهْ | نادى منادي اللَّيْث في المَعيَّهْ |
| هل من خطيبٍ محسنٍ خبيرِ | يدعو بطول العمر للأمير؟ |
| فنهض الفيلُ المشيرُ السامي | وقال ما يليقُ بالمقام |
| ثم تلاه الثعلبُ السفيرُ | ينشدُ، حتى قيلَ: ذا جرير |
| واندفعَ القردَ مديرُ الكاسِ | فقيلَ: أحسنتَ أبا نواسِ! |
| وأَوْمأَ الحِمارُ بالعقيرَه | يريدُ أَن يُشرِّفَ العشيره |
| فقال: باسمِ خالِقِ الشعيرِ | وباعثِ العصا إلى الحمير!… |
| فأزعج الصوتُ وليَّ العهدِ | فماتَ من رعديهِ في المهدِ |
| فحملَ القومُ على الحمارِ | بجملة ِ الأنيابِ والأظفار |
| وانتُدبَ الثَّعلبُ لِلتأبينِ | فقال في التعريضِ بالمسكينِ: |
| لا جعَلَ الله له قرارا | عاشَ حِماراً ومضى حمارا! |
نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ
| نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ | كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ |
| فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس | وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس |
| قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال | رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال! |
| فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل | ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل |
| وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام | فأرى العجلَ فأهداهُ السلام |
| قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ | أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير |
| حملَ الذئبَ على قتلي الحسد | فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد |
| فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع | وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع! |
| فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث | ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث |
| قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات | أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟ |
| فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير | ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر |
| ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود | مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود |
| فأَقاموا لمعاليكم سرِير | عن يمين الملكِ السامي الخطير |
| واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك | في انتظار السيدِ العالي هناك |
| فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ | وانتَهى الأُنسُ إليكم والسرورْ |
| برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان | واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان |
| وكفاكم أنني العبدُ المطيع | أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع |
| فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال: | أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال! |
| فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق | أنا لا يشقى لديه بي رفيق |
| فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه | ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه |
| وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير | وحبا الثعلبَ منه باليسير |
| فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ | وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ: |
| سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير | فقداه كلُّ ذي رأسٍ كبير! |
مر الغراب بشاة
| مرَّ الغرابُ بشاة ٍ | قد غابَ عنها الفطيمُ |
| تقولُ والدمعُ جار | والقلبُ منها كلِيم |
| يا ليْت شِعْريَ يا کبنِي | وواحِدِي، هل تَدوم |
| وهل تكونُ بجَنْبي | عداً على ما أروم |
| فقال: يا أمَّ سعدٍ | هذا عذابُ أليم |
| فكَّرتِ في الغَدِ، والفِكـرُ | مقعدٌ ومقيم |
| لكلِّ يومٍ خُطُوبٌ | تكفي، وشُغلٌ عظيم |
| وبينما هُوَ يهذِي | أتى النَّعيُّ الذَّميم |
| يقول: خَلَّفْتُ سعْداً | والعظمُ منه هشيم |
| رأَى منَ الذِّئْبِ ما قد | رأَى أَبوه الكريم |
| فقال ذو البَيْنِ للأُم | حين ولَّتْ تَهيم |
| إن الحكيمَ نبيُّ | لسانه معصوم |
| ألم أقلْ لكِ توا | لكل يومٍ هُموم |
| قالت صدقتَ ولكِنْ | هذا الكلامُ قديم |
| فإن قَوْميَ قالوا | وجْهُ الغُراب مَشوم |