يا خليلي قف و أشعل النار |
لعلى أرى من الديار دار |
ولا تقلق فبيت الهوى معروف |
اتبعني وسأدلك على المسار |
أعلى يساري دارها وقصرها |
فلما السجن ولما الحصار |
فأنت وقومك تعلمون بأني أحبها |
و لا أرجو من عيناها إلا الحوار |
من أنت كي تقسم قلبى |
إن كنت والدها فابنتك بلا تكرار |
أجُرمي أني أحب الجمال |
فأين من عيون ابنتك الفرار |
فعلت مالم تفعله نساء الأرض |
جعلت فؤادى بلا استقرار |
ألا تعلم بأن الجاهلية مضت |
وإن لم تعلم فستعلم مني العار |
سأحرر ابنتي من سجنك |
ولا أريد منك قرار ولا إصرار |
أنا ابن علي ياهذا ولي افتخار |
وسترى عندما يحل عليك العار |
نحن قوم العز والمروءة |
ما تركنا إنسياً خلف الأسوار |
وسورك مهما ارتفع شأنه |
نحن له وليس لك خيار |
فأنت تزداد ظلماً وجوراً |
ونحن نزداد في الهوى نار |
وما ضرنا حب ابنتك لي |
فأنت كالذين ظلموا السنوار |
كيف تعرف الحب والهوى |
وأنت لا تعلم إلا رعي الأبقار |
يا مليحتي، أتعلمين بأن |
وجهك كل يوم يزداد إحمرار |
ولكن أباكي لا يقدر الجواهر |
سأحررك وستكونين من الأحرار |
سأبحر إلى سبتة والأهواز |
لكى أحررك من الاستعمار |
كل النساء شطرٌ وأنت شطرٌ |
وفى جمالك أكتب أسفار |
و لا أريد منك إلا الوداد |
فلا تجعلى فؤادى فى انهيار |
أ تعرفين بأنى كلما نظرت |
إليك نشب فى القلب انفجار |
فجمال النساء يتفرع منك |
وحبك فى قلبى باستمرار |
وكم من فتاة أحبتني وتركتها |
لأن جمالك ليس له جدار |
فيزداد كل ساعة ولا يحوطه |
شىء إلا فؤادى الجبار |
لا تنصتي إلى أبيكي فهو |
للحب كما يفعل بالنبتة الغبار |
بيض الله وجه وأعلى كعبه |
وعندما أأتي سأرسل إنذار |
فأهل الجزيرة خلا من طبعهم |
الخيانة وسنجعل أباكي تذكار |
ولا تقلقي فنحن لا نعذب أسيراً |
نقتله ولا يبقى منه إلا قبر يزار |
ولا تحزني عليه و لا تفرحي |
فهذا سبب فى فؤادي انشطار |
و كل ابن أدم معروف ما في قلبه |
وفي قلبي الحب والاستغفار |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
عندي
كان عندى عروسة محنيّة |
قامطة عينيها و متغمية |
تضحك غاوية التنطيط |
تفحت بير مالح وغويط |
تلبس شبشب وجلابية |
كان عندى اراجوز هزاز |
رقص بيرقص بالعكاز |
قالى نصيحة خدها صريحة |
طول ما في إيدك لمبة جاز |
متحّدفش بيوت بإزاز |
كان عندى تعلب مكار |
غلباوى جايز فشّار |
وئع بين الفار والديك |
وفى مرة اتعلق فى بوتيك |
لكن عمره ما كان سمسار |
ثياب العلم
يا من تزيَّا بثوب العلمِ مختالًا | وفي طواياهُ جهلٌ دامسٌ سالا |
تُباهي الناسَ، ظننتَ النفسَ أرفعهم | وفيك نَقصٌ بدا كالشمسِ إذ مالا |
تتلو الحديثَ بلا فهمٍ ولا دركٍ | كأنما أنتَ من سَفْسافِها قالا |
تُعلي الكلامَ، وزهرُ القولِ منطفئٌ | كأنما الجهلُ في أعماقكَ اشتعلا |
ما كلُّ من قرأَ الأسفارَ قد عَلِمَتْ | ولا كلُّ من نطقَ الألفاظَ قد مالا |
العلمُ بحرٌ، وأنتَ في شواطئهِ | تلهو كصبيٍّ يرى الأمواجَ إذ جالا |
أين الفصاحةُ؟ أين الحِلمُ؟ قد خَفَتَتْ | كأنَّ ما فيك من فكرٍ هوى زالا |
يا مدَّعي الحكمةَ الكبرى بلا عملٍ | كأنَّما فيك جهلُ القومِ قد حَلا |
أما رأيتَ أديبَ العصرِ في شغَفٍ | يُحيي المعاني ويرقى الفكرَ إذ عَلا؟ |
فكُن كعاقلِ قومٍ، لا كجاهلهم | فالجهلُ عارٌ، ولُبُّ الجاهلِ ابتلى |
رؤية بأعين زرقاء
ماذَا رَأَيْتَ؟ كَوَاكِبَاً فِي الْمَاءِ | وَسَفِينَةً فِي شَاطِئِ الْجَوْزَاءِ |
وَصَحَارِيًا نَبَتَتْ وَأَعْشَبَ رَمْلُهَا | وَحَدَائِقاً تَخْضَرُّ فِي الْبَيْدَاءِ |
وَأَرَى مُرُوجًا وَالْكَوَاثِرُ حَوْلُهَا | تَجْرِي وَفَيءَ الظلِّ فِي الرَّمْضَاءِ |
وَأَرَى خِيَامًا فِي السَّحَابِ غَمَائِمًا | وَعَمَائِمَ الْبُنْيَانِ فِي الْعَلْيَاءِ |
وَأَرَى كُنُوزًا دَلَّلْتْ أَقْتَابَهَا | وَلَأَلِئُ الْمَرْجَانِ فِي الْأَحْشَاءِ |
وَأَرَى نُجُومًا فِي النَّهَارِ مُضِيئَةً | وَأَهِلَّةً وَالشَّمْسُ فِي الْأَرْجَاءِ |
وَأَرَى ذُرَى الْمَجْدِ التَّلِيدِ تَذَلَّلْتْ | لِبَنِيْ سُعُودَ تَذَلَّلِ الْبَطْحَاءِ |
وَتَفَتَّحَتْ زَهْرُ الْحِجَازِ وَازْهَرَتْ | رَوْضَاتُ نَجْدَ لِكَثْرَةِ الْإرْوَاءِ |
هِيَ رُؤْيَةُ لِغَدٍ بِمُقْلَةٍ يَوْمِنَا | مِنْ ثَاقِبٍ النَّظَرَاتِ كَالزَّرْقَاءِ |
هِيَ فِكْرَةٌ خَطَرَتْ لَهُ فَتَتَرْجَمَتْ | وَقْعَاً عَلَى الطُّرُقَاتِ وَالْأَحْيَاءِ |
كَيْفَ اسْتَطَاعَ بِأَنْ يَرَى إِطْلَالَةً | لِلْفَجْرِ فِي غَيْبُوبَةِ الظَلّمَاءِ |
هِيَ خُطْوَةٌ أُولَى إِلَى هَرَمِ الْعُلَا | وَقَفْزَةٌ طُولَى إِلَى الْعَلْيَاءِ |
وَفِي تَحَقُّقِهَا حَدِيثُ نَبوةٍ | بِتَطَاوُلِ الْبُنْيَانِ فِي الصَّحْرَاءِ |
وَتُزَينُ الْفَلَوَاتِ وَعْدٌ صَادِقٌ | مِنْ صَاحِبِ الْمِعْرَاجِ وَالْأُسَرَاءِ |
وَلِمَنْ يَقُولُ نَرَى شَرَارَةَ شَرِّهَا | فَالْخَيْرُ لَا يَأْتِي. . بِغَيْرِ بَلَاءٍ |
فِرَايَةُ التَّوْحِيدِ تُخْفِقُ عَالِيًاً | عَلَى ذَرَى أُحُدٍ وَغَارِ حِراءِ |
فِي دَوْلَةٍ لِبَنِي سُعُودٍ أُسٍّسَتْ | بِالْخَيْرو وَفْقَ مَنَاهِجِ الْعُلَمَاءِ |
أَنْعَمَ بِهَا وَبِحُكْمِهَا وبشعبها | و مُلُوكِهِا الْعُظَمَاءِ والأُمراءِ |
فِي خِدْمَةِ الْحَرَمَيْنِ مُنْذُ تَأَسَّسَتْ | لَبِسَتْ لِبَذْلِ الْخَيْرِ كُلَّ رِدَاءِ |
فَأَتَوْنِ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِمِثْلِهَا | وَصَنَّفُونِ أَكذَبَ الشُّعَرَاءِ |
متاهة الذات
يا نفسُ، كيف السبيلُ إلى عُلاه؟ | وأين ينبتُ ضوءُ الحقِّ في مَداه؟ |
أأسأل الدربَ عن سرٍّ يلفُّ خطاي؟ | أم أكتفي بصدى الأحلامِ في سماه؟ |
أبحثُ عنّي، أيا أزليّةَ الرؤيا | فكيف تكتملُ الأسئلةُ في صَفاه؟ |
أسائلُ الوقتَ عن سِرٍّ يُزيحُ ظلامي | لكنّه ينثرُ الألغازَ في خُطاه |
يا ظلَّ قلبي، أجبني: هل أنا يقين؟ | أم أنّني ضائعٌ في وهجِ اشتباه؟ |
كلُّ الجواباتِ نارٌ، ما لها قرار | وكلُّ صوتٍ يُنادي سرَّه اشتكاه |
يا نفسُ، مهلاً، فقد يُولدُ الضياءُ | حينَ التقتْ في حنايا الصمتِ نجواه |
نبض الفكرة
أنا لستُ عابرًا في حياةٍ لا تعنيني |
ولا أفتحُ أبوابًا لا تقودُ إلى حلمٍ سامٍ |
قلبي مغمورٌ بالأهداف |
وعقلي يفيضُ بالأفكارِ كالنهرِ الجاري |
لا أبحثُ عن ظلالٍ باهتة |
ولا أهوى علاقاتٍ بلا جذور |
أنا هنا لأبني مجدًا |
ليس للرياء، بل لأهداف تناديني |
بين دفاترِ العلمِ أعيش |
وفي أعماقِ المعرفةِ أجدني |
كل فكرةٍ تُلامسُ عقلي |
تصبحُ نبضًا يُحيي عالمي |
أعيش بين البشر، لكنني مختلف |
كشجرةٍ سامقةٍ تمتدُّ نحو السماء |
لا أحتاجُ كثرةً حولي |
فوجودي في دربِ الحقِّ يكفيني |
أنا الحلمُ الذي لا يذبل |
والطموحُ الذي لا ينطفئ |
أمضي وفي داخلي عوالمٌ |
تضيءُ الدربَ للأفقِ القادم. |