| إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ | واشفع لذي الذنبِ لَدَى المجمعِ |
| إذ كيفَ تسمو للعلا يا فتى | إن أنتَ لم تنفع ولم تشفعِ؟ |
| عندي لهذا نبأ صادقٌ | يُعجِبُ أَهلَ الفضل فاسمع، وعِ |
| قالوا: استَوى الليثُ على عرشِهِ | فجِيءَ في المجلِسِ بالضِّفدَعِ |
| وقيل للسُّلطانِ: هذِي التي | بالأمس آذتْ عاليَ المسمعِ |
| تنقنقُ الدهرَ بلا علة ٍ | وتَدّعى في الماءِ ما تَدّعِي |
| فانظر ـ إليك الأَمرُ ـ في ذنبِها | ومرْ نعلقها من الأربعِ |
| فنهضَ الفيلُ وزيرُ العلا | وقال: يا ذا الشَّرَفِ الأَرفعِ |
| لا خيْرَ في الملكِ وفي عِزِّهِ | إنْ ضاقَ جاهُ الليثِ بالضفدعِ |
| فكتبَ الليثُ أماناً لها | وزاد أَنْ جاد بمُستنْقَعِ! |
قصيدة أحمد شوقي
الرائعة و الكثير من قصائد امير الشعراء الشاعر الكبير احمد شوقي.
سعي الفتى في عيشه عباده
| سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَة | وقائِدٌ يَهديهِ للسعادة |
| لأَنّ بالسَّعي يقومُ الكوْنُ | والله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ |
| فإن تشأ فهذه حكاية | تعدُّ في هذا المقامِ غاية |
| كانت بأرضِ نملة ٌ تنبالهْ | لم تسلُ يوماً لذة َ البطالة |
| واشتهرتْ في النمل بالتقشُّف | واتَّصفَتْ بالزُّهْدِ والتَّصَوُّفِ |
| لكن يقومُ الليْلَ مَن يَقتاتُ | فالبطْنُ لا تَملؤُه الصلاة ُ |
| والنملُ لا يَسعَى إليهِ الحبُّ | ونملتي شقَّ عليها الدأبُ |
| فخرجَتْ إلى التِماسِ القوتِ | وجعلتْ تطوفُ بالبيوتِ |
| تقولُ: هل من نَملة ٍ تَقِيَّهْ | تنعمُ بالقوتِ لذي الوليهْ |
| لقد عَيِيتُ بالطِّوى المُبَرِّحِ | ومُنذ ليْلتيْن لم أُسَبِّحِ |
| فصاحتِ الجاراتُ يا للعارِ | لم تتركِ النملة ُ للصرصارِ |
| متى رضينا مثلَ هذي الحالِ | متى مددنا الكفَّ للسؤالِ |
| ونحن في عين الوجودِ أمَّة | ذاتُ اشتِهارٍ بعُلوِّ الهمّة |
| نحملُ ما لا يصبرُ الجمالُ | عن بعضِه لو أَنها نِمالُ |
| أَلم يقلْ من قولُه الصوابُ | ما عِندنا لسائلٍ جَوابُ |
| فامضي، فإنَّا يا عجوزَ الشُّومِ | نرى كمالَ الزهدِ أن تصومي |
لدودة القز عندي
| لدودة ِ القزِّ عندي | ودودة ِ الأضواءِ |
| حكاية ٌ تشتَهيها | مسامعُ الأَذكياءِ |
| لمَّا رأَت تِلكَ هذِي | تنيرُ في الظلماءِ |
| سَعَتْ إليها، وقالت | تعيشُ ذاتُ الضِّياءِ |
| أَنا المؤمَّلُ نفعي | أَنا الشهيرُ وفائي |
| حلا ليَ النفعُ حتى | رضيتُ فيه فنائي |
| وقد أتيتُ لأحظى | بوجهكِ الوضَّاءِ |
| فهل لنورِ الثرى في | مَوَدّتي وإخائي |
| قالت: عَرَضتِ علينا | وجهاً بغيرِ حياءِ |
| من أنتِ حتى تداني | ذاتَ السَّنا والسَّناءِ |
| أنا البديعُ جمالي | أَنا الرفيعُ عَلائي |
| أين الكواكبُ مني | بل أين بدرُ السماءِ |
| فامضي؛ فلا وُدّ عندي | إذ لستِ من أكفائي |
| وعند ذلك مرَّتْ | حسناءُ معْ حسناءِ |
| تقولُ: لله ثوبي | في حُسنِه والبَهاءِ |
| كم عندنا من أَيادٍ | للدودة ِ الغراءِ |
| ثم انثنتْ فأتتْ ذي | تقولُ للحمقاءِ |
| هل عندكِ الآنَ شَكٌّ | في رُتبتي القَعساءِ |
| إن كان فيك ضياءٌ | إن الثناءَ ضيائي |
| وإنه لضياءٌ | مؤيَّدٌ بالبقاءِ |
كان على بعض الدروب جمل
| كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُ | حَمَّلهُ المالكُ ما لا يُحملُ |
| فقال يا للنَّحسِ والشقاءِ | إن طال هذا لم يطلْ بقائي |
| لم تحمِلِ الجبالُ مثلَ حِملي | أظنُّ مولاي يريدُ قتلي |
| فجاءَهُ الثعلبُ من أَمامِهْ | وكان نالَ القصدُ من كلامهْ |
| فقال مهلاً يا أخا الأحمالِ | ويا طويلَ الباعِ في الجِمالِ |
| فأَنتَ خيرٌ من أَخيكَ حالا | لأَنني أَتعَبُ منك بالا |
| كأَن قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ | تسألني عن دمها المسفوكِ |
| كأَنّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنبِ | إذا نهضتُ جاذبتني ذنبي |
| وربَّ أمٍّ جئتُ في مناخها | فجعتُها بالفتكِ في أَفراخِها |
| يبعثني منْ مرقدي بكاها | وأَفتحُ العيْن على شكواها |
| وقد عرفتَ خافيَ الأحمالِ | فاصبِرْ. وقلْ لأُمَّة ِ الجِمال |
| ليسَ بحملٍ ما يملُّ الظهرُ | ما الحملُ إلا ما يعافي الصَّدرُ |
قد سمع الثعلب أهل القرى
| قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى | يدعونَ محتالا بيا ثعلبُ |
| فقال حقّاً هذه غاية ٌ | في الفخرِ لا تؤتى ولا تطلب |
| من في النُّهى مثلي حتى الورى | أَصبَحْتُ فيهم مَثلاً يُضْرب |
| ما ضَرَّ لو وافيْتُهم زائراً | أُرِيهِمُ فوقَ الذي استغرَبوا |
| لعلهم يحيون لي زينة ً | يحضرها الدِّيكُ أو الأرنب |
| وقصَدَ القوْمَ وحياهُم | وقام فيما بينهم يخطب |
| فأُخِذَ الزائِرُ من أُذنِه | وأعطيَ الكلبَ به يلعب |
| فلا تَثِق يوماً بِذي حِيلة ٍ | إذْ رُبَّما يَنخَدِعُ الثعلب |
أَتى ثعالَة َ يوماً
| أَتى ثعالَة َ يوماً | من الضَّواحي حِمارُ |
| وقال إن كنتَ جاري | حقاً ونعمَ الجار |
| قل لي فإني كئيبٌ | مُفكرٌ مُحتار |
| في موْكِبِ الأَمسِ لمَّا | سرنا وسارَ الكبار … |
| … طرَحْتُ مولاي أَرضاً | فهل بذلك عار |
| وهل أتيتُ عظيماً ! | فقال: لا يا حِمار! |