الحيوانُ خَلْقُ

الحيوانُ خَلْقُ له عليْكَ حَقُّ
سَخَّرَه الله لكا وللعِبادِ قبلَكا
حَمُولة ُ الأَثقالِ ومُرْضِعُ الأَطفالِ
ومُطْعمُ الجماعهْ وخادِمُ الزِّراعه
مِنْ حقِّهِ أَن يُرْفَقا به وألا يرهقا
إن كلَّ دعه يسترحْ وداوِه إذا جُرِحْ
ولا يجعْ في داركا أَو يَظْمَ في جِوارِكا
بهيمة ٌ مسكينُ يشكو فلا يُبينُ
لسانه مقطوع وما له دُموع!

لولا التقى لقلتُ: لم

لولا التقى لقلتُ: لم يَخلُقْ سِواكِ الوَلدا!
إن شئتِ كان العيرَ، أو إن شئتِ كان الأسدا
وإن تردْ غيَّا غوى أَو تَبْغِ رُشْداً رَشدا
والبيتُ أنتِ الصوتُ فيـ ـه، وهْوَ للصَّوتِ صَ
دى كالبَبَّغا في قفصٍ: قيلَ له، فقلدا
وكالقضيبِ اللَّدْنِ: قدْ طاوَع في الشَّكلِ اليَدا
يأْخُذُ ما عَوَّدْتِه والمرءُ ما تعوَّدا!

ومُمهّد في الوكرِ من

ومُمهّد في الوكرِ من ولدِ الغرابِ مُزقَّق
كرُوَيهِبٍ مُتَقلِّسٍ متأزِّرٍ ، متنطِّق
لبسَ الرَّمادَ على سوا دِ جناحه والمفرق
كالفحمِ غادرَ في الرَّما دِ بقِيَّة ً لم تُحرَق
ثُلثاهُ مِنقارٌ ورأ سٌ ، والأظافرُ ما بقي
ضخمُ الدِّماغِ على الخُلُوِّ منَ الحجى والمنطق
منْ أمِّهِ لقي الصغ ـيرُ منَ البَليّة ِ ما لقِي
جَلبَتْ عليهِ ما تَذو دُ الأمّهاتُ وتتَّقي
قتنت به ، فتوهمتْ فيه قُوى ً لم تخلق
قالت: كبِرْتَ، فثِب كما وثب الكِبارُ، وحَلِّق
ورمتْ به في الجوِّ ، لم تَحرِصْ، ولم تَسْتَوثِق
فهوى ، فمزِّق في فنا ءِ الدارِ شرَّ ممزَّق
وسمعتُ قاقاتٍ تردَّ دُ في الفضاءِ وترتقي
ورأيتُ غربانا تفرَّ قُ في السماءِ وتلتقي
وعرفتُ رنّة أمِّهِ في الصارِخاتِ النُّعَّقِ
فأشرتُ ، فالتفتتْ ، فقل تُ لها مقالة َ مشفق :
ـتِ جَناحَه لم تُطلقي تِ جناحه لم تُّطقي
وكما تَرَفَّقَ والِدَا كِ عليكِ لم تَتَرفَّقي!

النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ

النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ والجنة ُ شاطئه الأخضرْ
ريَّانُ الصَّفحة ِ والمنظرْ ما أبهى الخلدَ وما أنضرْ !
البحرُ الفَيَّاضُ، القُدسُ الساقي الناسَ وما غرسوا
وهو المِنْوالُ لما لبِسوا والمُنْعِمُ بالقطنِ الأَنوَر
جعلَ الإحسانَ له شرعا لم يُخلِ الواديَ من مَرْعى
فتَرَى زرعا يَتلو زرعاً وهُنا يُجنى ، وهُنا يُبْذَر
جارٍ ويُرَى ليس بجارِ لأناة ٍ فيه ووقار
ينصبُّ كتلٍّ منهارِ ويضجُّ فتحسبه يزأر
حبشيُّ اللَّونِ كجيرته من منبعه وبحيرته
صَبَغَ الشَّطَّيْنِ بسُمْرَته لوناً كالمسكِ وكالعنبرِ

أنا المدرسة اجعلني

أنا المدرسة ُ اجعلنيكأمِّ ، لا تملْ عنِّي
ولا تفْزَعْ كمأخوذٍمن البيتِ إلى السِّجن
كأني وجهُ صيَّادٍوأَنت الطيرُ في الغصن
ولا بُدَّ لك اليوْمَ وإلا فغداً مِنِّي
أو استغنِ عن العقلِإذنْ عنِّيَ تستغني
أنا المصباحُ للفكرِأنا المفتاحُ للذَّهنِ
أنا البابُ إلى المجدِتعالَ ادخلْ على اليمن
غداً تَرْتَعُ في حَوْشِيولا تشبعُ من صحني
وأَلقاكَ بإخوانٍيُدانونَكَ في السِّنِّ
تناديهمْ بـ يا فكريويا شوقي ، ويا حسني
وآباءٍ أحبُّوكَوما أَنت لهم بابن
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا

بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا فَهَيَّا مَهدُوا للمُلكِ هيَّا
خذوا شمسَ له حليَّا أَلم تَكُ تاجَ أَوّلِكم مَلِيَّا؟!
على الأخلاقِ الملكَ وابنوا فليسَ وراءَها للعِزِّ رُكن
أليس لكم بوادي النِّيل عدنُ وكوثرها الذي يجري شهيّا ؟ !
لنا وطنٌ بأَنفسِنا نَقيه وبالدُّنيا العريضة ِ نَفتديه
إذا ما سيلتِ الأرواحُ فيه بذلناها كأنْ لم نعطِ شيَّا
لنا الهرَمُ الذي صحِبَ الزمانا ومن حَدَثانِه أَخذ الأَمانا
ونحنُ بنو السَّنا العلي ، نمانا أَوائلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُّقِيا
تطاولَ عهدهمْ عزا وفخرا فلما آل للتاريخِ ذُخْرا
نشأنا نشأة ً في الجدِ أخرى جَعَلنا الحقَّ مَظْهرَها العَلِيّا
جعلنا مِصْرَ مِلَّة َ ذي الجَلالِ وألفنا الصليبَ على الهلالِ
وأقبلنا كصفٍّ من عوالِ يشدُّ السَّمْهَرِيُّ السَّمْهَرِيّا
نرومُ لمصرَ عزًّا لا يرامُ يرفُّ على جوانبه السَّلامُ
وينعَمُ فيه جيِرانٌ كِرامُ فلن تجدَ النَّزيلَ بنا شقيَّا
نقومُ على البناية ِ محسنينا ونعهَدُ بالتَّمامِ إلى بنينا
إليْكِ نَموتُ ـ مِصْرُ ـ كما حَيينا ويبقى وجهكِ المفديُّ حيَّا