| مِنْ أَيّنَ لي بقَوَادِمٍ وخوافي | كالطيرِ كي أُفُرِدْ بها أطرافي |
| وأطيرُ في جو السَّماءِ مُيَمّمَاً | وَجْهَ الديارِ أَمُرُّ بالأَحْقَافِ |
| وعلى ذُرَى صنعا أُحَلِّقُ بُرهةً | وأطوفُ لكن لا يَطُولُ طوافي |
| فأحطُّ في جهرانَ دارِ أحبتي | وأَرِدْ على العَذّبِ الزُلالِ الصَّافي |
| وأَحُوطُ بُسْتاني وأقطفّ زَهْرَهُ | وأنامُ في حِضْنِ الشتاءِ الدافي |
| وتَجِيئَنِي الدنيا أو لا تَأتِنِي | مادمتُ بين وسادتي ولِحَافِي |
| إنّي إذا جَنَّ الظلامُ بغربتي | أَقْضِيهِ لَيّلَ هواجسٍ وقوافي |
| وأبِيّتُ سَهْرَاناً يُؤرقُني الهوى | ناري تُحَرّقُنِي ونوري طافي |
| وأظلُ أنتظرُ الصَّبَاحَ كانَّما | أمشي على قدمي إلى السَّيَافِ |
| داء الفراقِ أذَاقَنِي مُرَّ الهوى | وشَفَّنِي واللهُ منه الشَّافِي |
قصائد سامي العياش الزكري
قصائد الشاعر العربي اليمني سامي العياش الزكري في مكتبة قصائد العرب.
ريح الهوى
| مالي أَحُسُّ رِيَاحاً تَجْمَعُ الحَطَبا | لِمَوّقِدٍ بَيْن صدري يُشّعِلُ اللّهَبَا |
| وأي ريحٍ سوى ريحِ الهوى عصفتْ | فلم تجدْ غيرَ قلبي لِلّظى حَطَبَا |
| نارٌ وريْحٌ بِصَحْرَائي وقَاحِلتي | أَنَّى أَجِدْ لِفوادي منهما هَرَبَا |
| كم حدثوني ولكنْ لم أصدقهم | عن كل من تركَ الأحبابَ واغتربا |
| قالوا على الجمرِ يمشي غيرَ مُنْتَعِلٍ | فقلتُ لكنْ لعلَّ الجمرَ ما التَهَبَا |
| قالوا يَسِحُ دموعاً لا انكفافَ لها | كالغَيّثِ قلتُ ولكنْ ما سَقَتْ جِرَبَا |
| قالوا يَشِيبُ هموماً ينحني قَلَقَاً | فقلتُ ماكان منها شامخاً عَزَبَا |
| قالوا يُكابدُ حُزْنَا يشتكي ألَمَاً | يَئِنُ والليلُ من أنَّاتِهِ انتَحَبَا |
| يذوبُ شَوقاً ويُذْكِي البينُ لَوعَتَهُ | فقلتُ لوكان يَلْقَى ذاك ماذَهَبَا |
| قالوا ويَلْقَى عَنَاءً فوقَ طاقتهِ | ويَحْتَسي المُرَ من أكوابهِ تَعَبَا |
| فقلتُ لابُدَّ من هذا وكيفَ لهُ | من دونهِ يَجْمَعُ الأموالَ والذَّهَبَا |
| حتى تغربتُ عن أهلي وعن وطني | فكنتُ في سَفَرِي عنهم كأَهْلِ سَبَا |
| تركتُ روحي ورائي وارتحل جسدي | والغيثُ من سُحْبِ عيني هَلَّ وانسكبَا |
| وَدَّعْتُ من كنتُ في بستانهم مِلَكاً | أَجْنِي واقطتفُ الرُّمان والعِنَبَا |
| وسِرتُ أبغي قِطَافَ الرزقِ مُغترباً | عنهم ولابُدَّ من أنْ أبذلَ السَّبَبَا |
| عَانَيّتُ كُلَّ الذي قالوهُ عنْ كَثَبٍ | فقلتُ منْ جَرّبَ الأشياءَ ماكَذَبَا |
| مانفعُ مالٍ بلا أَهَلٍ ولا وَلَدٍ | والمالُ ماأكلَ الأنسانُ أو شِرِبَا |
| فعِشْ إذا شِئْتَ مستوراً بلا سَفَرٍ | فلا حياةَ لمنْ عنْ أَهْلِهِ اغتربا |
مناجاة
| يامُنْزلُ الإِخلاصِ والإِسراءِ | والكهفِ والأحقافِ والشعراءِ |
| أَمَنْتُ بالقرآنِ وَحْيَاً مُنزلاً | وتبعتُ وحيَ السُنَّةِ الغَرَاءِ |
| فاربطْ على قلبي بذاك فإنَّنِي | أخشى على قلبي من الإِغْوَاءِ |
| واغفر ذنوباً أثقَلَتْ لي كاهلي | وارحم أنينَ تضرعُي وبكائي |
| وأمِتْنِي مَوفُورَ التقى مُوحِداً | وأجعلني أرقى مَنْزِلَ الشهداءِ |
| مولاي هذي. غايتي. فأتِمّهَا | عليّ وحَقِّقْ لي عظيمَ رجائي |
كانت هنا صنعاء
| كَانَ لِي وّطِنَاً أَمِنَاً وَبِلادَا | فمَلَئتهُ ظُلّماً وَعِثْتْ فَسَادَا |
| فضاقَ بي ذَرْعَاً وضيقَ نَفْسَهُ | عَلَيّ فَصِرتْ مَطَارَدَاً وَمُعَادَى |
| وِصِرْتُ غريباً خائفاً ومشردا | في غير أرضي أشتكي الإبعادا |
| هذا جزائي ماظُلِمّتُ لأنني | بجريرتي لا أستحقُ بلادا |
| كانت بلادي جَنّةً سَبَئِيَةً | فخرجتُ أصرخُ ثورةً وجهادا |
| كانت نداءتٍ وكنتُ أداتها | واليوم صرت مُنَادَياً ومُنادى |
| لو لم يكن ذنبُ ابن أدم مُهْلِكاً | فماالذي ياقومَ أهلكَ عادا ؟ |
| كانت هنا (صنعا) بأجمل حُلّةٍ | واليوم صارت شُعْلةً فرمادا |
| كانت هنا (عدنٌ) تغني لحنَها | (سيئونُ) في حُللِ الرُبى إنشادا |
| واليوم تَعْزِفُ للأسى جُمَلاً | وديّةً تستعطفُ السَيَّافَ الجلادا |
| كانت (تَعِزُ) أميرةً في عِزّهَا | بنتَ الثقافةِ تصنعُ الأمجداد |
| فأنظر إليها اليوم لاتعجب لها | تبكي وتشكي الجهلَ والأجنادا |
| كانت هنا اليَمَنٌ السعيدُ أضعتُها | منّي لِأنِّي لا أستحقُ بلادا |
سيكسر القيد يا أقصى
| مهما تغربتَ أو ضاقت بك البلدُ | وصرت تبحث عن مأوى ولاتجدُ |
| يوما تعودُ الى مأواكَ مبتهجاً | يعانقُ الروحُ في أعماقكِ الجسدُ |
| إنّا وإنْ نَهْجُرُ الأحبابَ نذْكُرُهمْ | دوماً فتأسِرُنا الذكرى فنَفْتَقِدُ |
| ياأيها القدسُ ماجفتْ مدامعُنا | يوماً لذِكراكَ أو كَلّتْ بنا النُهُدُ |
| كأن .دمعَ مآقينا إذا هطلت | غيثٌ تَصبّبَ من أجفانهِ البَردُ |
| نعم خذلنكَ ندري أننا عربٌ | ومسلمون ولكن ما إليكَ يَدُ |
| بِعْنَاكَ في حالِ ضَعْفٍ لاتُعاتبَنا | يوماً سنجمعُ أشلانا ونتحدُ |
| ونَسْتَعِيدُكَ حراً شامخاً أَنِفَاً | إذا تخلصَ من أغلالهِ الأسدُ |
| سيُكسرُ القيّدُ ياأقصى فإنّ لهُ | وعدُ وإنّا بهذا الوعدُ نعتقدُ |
| هذي إشاراتُ فاشتاظتْ شرارتُها | طوفانَ داعبهم يوماً فما صمدوا |
| فكيف لو وسع الطوفانُ رِقعتَهُ | على الخريطةِ أو وافى له المددُ |
| إذا طغى البحرُ لاشيءْ يقاومهُ | فكيف يقوى على أمواجهِ الزبدُ |
| إنّا نرى اليومَ مايجري بأعيُنِنا | لكنْ كأعشى على أجفانهِ الرمدُ |
| نرى بغزةَ مايُدمى الفوادُ لهُ | ومايذوبُ لهُ الأحشاءُ والكبدُ |
| موتٌ يُغيّبُ أحياءً بأكمالها | أحياؤها غُيبوا فيها فما وُجِدوا |
| قرىً بأكملها بِيّدتْ على ملأٍ | كأنما لم يروا شيئا ولا شهدوا |
| لو كان مَرّ عُزيّرٌ في خرابتِها | لقال ماقالَ لولا اللبثُ والرشدُ |
| كأنما هي زرعٌ طاب سنبلهُ | فهل يُلامون في شيءٍ إذا حصدوا |
| مجازرُ لو رأى النّازي بشاعتَها | لطاش من رأسهِ الأفكارُ والخلدُ |
| قصفٌ بأعتى صواريخ العدو بها | قتلى وجرحى فئاتٌ ما لهم عددُ |
| وأبشعُ القتلِ قتلُ الأبرياءِ بلا | جرمٍ أتوهُ وفي ليلٍ وقد رَقَدُوا |
| فيُسْفرُ الصبحُ عنهم في مراقدهم | قتلى وتحت ركام الحي قد همدوا |
| ترى العماراتِ تَهوي من شواهقها | إلى قواعدِها والنارُ تتقدُ |
| تُهَدُ هدّاً وتهوي فوق ساكنِها | فلا يُرى والدٌ فيها ولا ولدُ |
| غدت ركاماً ومن فيها غدوا جثثاً | سوى بقيةِ أشلاءٍ لمن فُقدوا |
| لمثل هذا يَذوبُ الصخر من ألمٍ | وما يفيدُ اضطرامُ الوجدِ والكمدُ |
| لكنَّنَا إمُّةٌ لا يأسَ يُدركها | تزادُ عزماً وحزماً كُلما حشدوا |
| تأبى المذلةَ تَهوى الموتَ تعشقُهُ | فكلما ماتَ أبطالٌ لها ولدوا |
| فاللهُ ناصرنا في في كل نازلةٍ | عليهِ نَعْقِدُ أمآلاً ونعتمدُ |
أي شيءٍ له يغضبون
| تُرى أي شيءٍ له يَغْضبُون | وأي إعتداءٍ به يَنْصُرون |
| وهذي المجازرُ في غزةٍ | تُخَبّلُ بالعقلِ فوقَ الجنونْ |
| تُسوى٠ الديارُ على أهلها | وفي بطن إنقاضها يُقبَرون |
| يَخِيطُون بالليلِ أكفانهم | ليأتي الصباح وهم يُدْفَنون |
| قُتِلّنْ النساءُ . بأخدارهنْ | وأطفالُهنَّ وهم. يَلعبون |
| ومنْ تنجُ تكلى ومفجوعةٌ | فأبطالها في الوغى يقتلون |
| يُيَتّمُ أطفالُ من رُمّلتْ | بعير مُعيلٍ لهم يَكْبُرُون |
| تٌحاصَرُ في شِعْبِها أمةٌ | فلا يأكلون ولا يشربون |
| إبادةُ شَعْبٍ بلا رحمةِ | ألا يَسْمَعُونَ ولا يبصرون |
| بلى يُبصرون ويَستنكرون | ولكنّهم بالهراء يكتفون |
| يَرَوْنَ الدماءِ وهولَ الدمارْ | ولكنّهمْ يُغمضون العُيُونْ |