| أَيُّها القائِمونَ بِالأَمرِ فينا – هَل نَسَيتُم وَلاءَنا وَالوِدادا |
| خَفِّضوا جَيشَكُم وَناموا هَنيئا – وَاِبتَغوا صَيدَكُم وَجوبوا البِلادا |
| وَإِذا أَعوَزَتكُمُ ذاتُ طَوقٍ – بَينَ تِلكَ الرُبا فَصيدوا العِبادا |
| إِنَّما نَحنُ وَالحَمامُ سَواءٌ – لَم تُغادِر أَطواقُنا الأَجيادا |
| لا تَظُنّوا بِنا العُقوقَ وَلَكِن – أَرشِدونا إِذا ضَلِلنا الرَشادا |
| لا تُقيدوا مِن أُمَّةٍ بِقَتيلٍ – صادَتِ الشَمسُ نَفسَهُ حينَ صادا |
| جاءَ جُهّالُنا بِأَمرٍ وَجِئتُم – ضِعفَ ضِعفَيهِ قَسوَةً وَاِشتِدادا |
| أَحسِنوا القَتلَ إِن ضَنِنتُم بِعَفوٍ – أَقِصاصاً أَرَدتُمُ أَم كِيادا |
| أَحسِنوا القَتلَ إِن ضَنَنتُم بِعَفوٍ – أَنُفوساً أَصَبتُمُ أَم جَمادا |
| لَيتَ شِعري أَتِلكَ مَحكَمَةُ التَفتيشِ – عادَت أَم عَهدُ نيرونَ عادا |
| كَيفَ يَحلو مِنَ القَوِيِّ التَشَفّي – مِن ضَعيفٍ أَلقى إِلَيهِ القِيادا |
| إِنَّها مُثلَةٌ تَشُفُّ عَن الغَيظِ – وَلَسنا لِغَيظِكُم أَندادا |
| أَكرِمونا بِأَرضِنا حَيثُ كُنتُم – إِنَّما يُكرِمُ الجَوادُ الجَوادا |
| إِنَّ عِشرينَ حِجَّةً بَعدَ خَمسٍ – عَلَّمَتنا السُكونَ مَهما تَمادى |
| أُمَّةُ النيلِ أَكبَرَت أَن تُعادي – مَن رَماها وَأَشفَقَت أَن تُعادى |
| لَيسَ فيها إِلّا كَلامٌ وَإِلّا – حَسرَةٌ بَعدَ حَسرَةٍ تَتَهادى |
| أَيُّها المُدَّعي العُمومِيُّ مَهلاً – بَعضَ هَذا فَقَد بَلَغتَ المُرادا |
| قَد ضَمِنّا لَكَ القَضاءَ بِمِصرٍ – وَضَمِنّا لِنَجلِكَ الإِسعادا |
| فَإِذا ما جَلَستَ لِلحُكمِ فَاِذكُر – عَهدَ مِصرٍ فَقَد شَفَيتَ الفُؤادا |
| لا جَرى النيلُ في نَواحيكِ يا مِصرُ – وَلا جادَكِ الحَيا حَيثُ جادا |
| أَنتِ أَنبَتِّ ذَلِكَ النَبتَ يا مِصرُ – فَأَضحى عَلَيكِ شَوكاً قَتادا |
| أَنتِ أَنبَتِّ ناعِقاً قامَ بِالأَمسِ – فَأَدمى القُلوبَ وَالأَكبادا |
| إيهِ يا مِدرَةَ القَضاءِ وَيا مَن – سادَ في غَفلَةِ الزَمانِ وَشادا |
| أَنتَ جَلّادُنا فَلا تَنسَ أَنّا – قَد لَبِسنا عَلى يَدَيكَ الحِدادا |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
أعيدوا مجدنا دنيا و دينا
| أَعيدوا مَجدَنا دُنيا وَدينا – وَذودوا عَن تُراثِ المُسلِمينا |
| فَمَن يَعنو لِغَيرِ اللَهِ فينا – وَنَحنُ بَنو الغُزاةِ الفاتِحينا |
| مَلَكنا الأَمرَ فَوقَ الأَرضِ دَهراً – وَخَلَّدنا عَلى الأَيّامِ ذِكرى |
| أَتى عُمَرٌ فَأَنسى عَدلَ كِسرى – كَذَلِكَ كانَ عَهدُ الراشِدينا |
| جَبَينا السُحبَ في عَهدِ الرَشيدِ – وَباتَ الناسُ في عَيشٍ رَغيدِ |
| وَطَوَّقَتِ العَوارِفُ كُلَّ جيدِ – وَكانَ شِعارُنا رِفقاً وَلينا |
| سَلوا بَغدادَ وَالإِسلامَ دينُ – أَكانَ لَها عَلى الدُنيا قَرينُ |
| رِجالٌ لِلحَوادِثِ لا تَلينُ – وَعِلمٌ أَيَّدَ الفَتحَ المُبينا |
| فَلَسنا مِنهُمُ وَالشَرقُ عانى – إِذا لَم نَكفِهِ عَنَتَ الزَمانِ |
| وَنَرفَعُهُ إِلى أَعلى مَكانٍ – كَما رَفَعوهُ أَو نَلقى المَنونا |
قصرت عليك العمر وهو قصير
| قَصَرتُ عَلَيكَ العُمرَ وَهوَ قَصيرُ – وَغالَبتُ فيكَ الشَوقَ وَهوَ قَديرُ |
| وَأَنشَأتُ في صَدري لِحُسنِكَ دَولَةً – لَها الحُبُّ جُندٌ وَالوَلاءُ سَفيرُ |
| فُؤادي لَها عَرشٌ وَأَنتَ مَليكُهُ – وَدونَكَ مِن تِلكَ الضُلوعِ سُتورُ |
| وَما اِنتَقَضَت يَوماً عَلَيكَ جَوانِحي – وَلا حَلَّ في قَلبي سِواكَ أَميرُ |
| كَتَمتُ فَقالوا شاعِرٌ يُنكِرُ الهَوى – وَهَل غَيرُ صَدري بِالغَرامِ خَبيرُ |
| وَلَو شِئتُ أَذهَلتُ النُجومَ عَنِ السُرى – وَعَطَّلتُ أَفلاكاً بِهِنَّ تَدورُ |
| وَأَشعَلتُ جِلدَ اللَيلِ مِنّي بِزَفرَةٍ – غَرامِيَّةٍ مِنها الشَرارُ يَطيرُ |
| وَلَكِنَّني أَخفَيتُ ما بي وَإِنَّما – لِكُلِّ غَرامٍ عاذِلٌ وَعَذيرُ |
| أَرى الحُبَّ ذُلّاً وَالشِكايَةَ ذِلَّةً – وَإِنّي بِسَترِ الذِلَّتَينِ جَديرُ |
| وَلي في الهَوى شِعرانِ شِعرٌ أُذيعُهُ – وَآخَرُ في طَيِّ الفُؤادِ سَتيرُ |
| وَلَولا لَجاجُ الحاسِدينَ لَما بَدا – لِمَكنونِ سِرّي في الغَرامِ ضَميرُ |
| وَلا شَرَعَت هَذا اليَراعَ أَنامِلي – لِشَكوى وَلَكِنَّ اللَجاجَ يُثيرُ |
| عَلى أَنَّني لا أَركَبُ اليَأسَ مَركَباً – وَلا أُكبِرُ البَأساءَ حينَ تُغيرُ |
| فَكَم حادَ عَنّي الحَينُ وَالسَيفُ مُصلَتٌ – وَهانَ عَلَيَّ الأَمرُ وَهوَ عَسيرُ |
| وَكَم لَمحَةٍ في غَفلَةِ الدَهرِ نَفَّسَت – هُموماً لَها بَينَ الضُلوعِ سَعيرُ |
| فَقَد يَشتَفي الصَبُّ السَقيمُ بِزَورَةٍ – وَيَنجو بِلَفظٍ عاثِرٌ وَأَسيرُ |
| عَسى ذَلِكَ العامُ الجَديدُ يَسُرُّني – بِبُشرى وَهَل لِلبائِسينَ بَشيرُ |
| وَيَنظُرُ لي رَبُّ الأَريكَةِ نَظرَةً – بِها يَنجَلي لَيلُ الأَسى وَيُنيرُ |
| مَليكٌ إِذا غَنّى اليَراعُ بِمَدحِهِ – سَرَت بِالمَعالي هِزَّةٌ وَسُرورُ |
| أَمَولايَ إِنَّ الشَرقَ قَد لاحَ نَجمُهُ – وَآنَ لَهُ بَعدَ المَماتِ نُشورُ |
| تَفاءَلَ خَيراً إِذ رَآكَ مُمَلَّكا – وَفَوقَكَ مِن نورِ المُهَيمِنِ نورُ |
| مَضى زَمَنٌ وَالغَربُ يَسطو بِحَولِهِ – عَلَيَّ وَما لي في الأَنامِ ظَهيرُ |
| إِلى أَن أَتاحَ اللَهُ لِلصَقرِ نَهضَةً – فَفَلَّت غِرارَ الخَطبِ وَهوَ طَريرُ |
| جَرَت أُمَّةُ اليابانِ شَوطاً إِلى العُلا – وَمِصرٌ عَلى آثارِها سَتَسيرُ |
| وَلا يُمنَعُ المِصرِيُّ إِدراكَ شَأوِها – وَأَنتَ لِطُلّابِ العَلاءِ نَصيرُ |
| فَقِف مَوقِفَ الفاروقِ وَاُنظُر لِأُمَّةٍ – إِلَيكَ بِحَبّاتِ القُلوبِ تُشيرُ |
| وَلا تَستَشِر غَيرَ العَزيمَةِ في العُلا – فَلَيسَ سِواها ناصِحٌ وَمُشيرُ |
| فَعَرشُكَ مَحروسٌ وَرَبُّكَ حارِسٌ – وَأَنتَ عَلى مُلكِ القُلوبِ أَميرُ |
أدركت فجر الحياة أعمى
| أَدركتَ فَجْرَ الحَيَاةِ أَعمًى – وكنتَ لا تَعْرِفُ الظَّلامْ |
| فأَطْبَقَتْ حَوْلَكَ الدَّياجِي – وغامَ مِنْ فوْقِكَ الغَمَامْ |
| وعِشْتَ في وَحْشَةٍ تُقاسي – خواطراً كلّها ضرامْ |
| وغُرْبَة مَا بِها رَفيقٌ – وظلمةٍ مَا لها خِتامْ |
| تشقُّ تِيهَ الوُجُودِ فرداً – قَدْ عضَّكَ الفَقْرُ والسُّقَامْ |
| وطارَدَتْ نَفْسَكَ المآسي – وفَرَّ مِنْ قَلْبِكَ السَّلامْ |
| هوِّنْ على قلبك المعنَّى – إنْ كُنْتَ لا تُبْصِرُ النُّجُومْ |
| ولا ترى الغابَ وهو يلغو – وفوقه تَخْطُرُ الغُيومْ |
| ولا ترى الجَدْوَلَ المغنِّي – وحَوْلَهُ يَرْقُصُ الغيمْ |
| فكلُّنا بائسٌ جديرٌ – برأْفَةِ الخَالقِ العَظيمْ |
| وكلُّنا في الحَيَاةِ أعمى – يَسُوقهُ زَعْزَعٌ عَقِيمْ |
| وحوله تَزْعَقُ المنايا – كأنَّها جنَّةُ الجَحِيمْ |
| يا صاحِ إنَّ الحَيَاة قفرٌ – مروِّعٌ ماؤهُ سَرَابْ |
| لا يجتني الطَّرْفُ منه إلاَّ – عَواطفَ الشَّوْكِ والتُّرابْ |
| وأَسعدُ النَّاس فيه أَعمى – لا يُبْصِرُ الهول والمُصَابْ |
| ولا يرى أَنْفُسَ البرايا – تَذُوبُ في وقْدَةِ العَذَابْ |
| فاحمد إِلهَ الحَيَاةِ واقنعْ – فيها بأَلْحانِكَ العِذَابْ |
| وعِشْ كما شاءَتِ اللَّيالي – مِنْ آهَةِ النَّايِ والرَّبَابْ |
يا أيها الغاب المنم
| يا أَيُّها الغابُ المُنَمْ – مَقُ بالأَشعَّةِ والوردْ |
| يا أَيُّها النُّورُ النَّقِيٌّ – وأيُّها الفجرُ البعيدْ |
| أين اختفيتَ وما الَّذي – أَقْصاكَ عن هذا الوُجُودْ |
| آهٍ لقدْ كانتْ حَياتي – فيكَ حالمةً تَمِيدْ |
| بَيْنَ الخَمائِلِ والجَداوِلِ – والتَّرنُّمِ والنَّشيدْ |
| تُصغي لنجواكَ الجميلَةِ – وهي أُغنِيَةُ الخٌلودْ |
| وتعيشُ في كونٍ من – الغَفَلاتِ فتَّانٍ سَعيدْ |
| آهٍ لقدْ غنَّى الصَّباحُ – فدَمْدَمَ اللَّيلُ العَتيدْ |
| وتأَلَّقَ النَّجمُ الوضِيءُ – فأَعْتَمَ الغيمُ الرَّكُودْ |
| ومضَى الرَّدى بسَعَادتي – وقضى على الحُبِّ الوَليدْ |
يا أيها الشادي المغرد ههنا
| يا أَيُّها الشَّادي المغرِّدُ ههُنا – ثَمِلاً بِغِبْطةِ قَلْبهِ المَسْرورِ |
| مُتَنقِّلاُ بَيْنَ الخَمائلِ تالِياً – وَحْيَ الرَّبيعِ السَّاحرِ المَسْحورِ |
| غَرِّدْ ففي تِلْكَ السُّهولِ زَنابِقُ – تَرْنو إليكَ بِناظرٍ مَنْظورِ |
| غَرِّدْ فَفي قَلبي إليكَ مَوَدَّةٌ – لَكِنْ مَوَدَّةُ طائرٍ مَأسورِ |
| هَجَرَتْهُ أسْرابُ الحمائمِ وانْبَرَتْ – لِعَذابِهِ جنِّيةُ الدَّيْجورِ |
| غَرِّدْ ولا تُرْهِبْ يميني إنَّني – مِثْلُ الطُّيورِ بمُهْجَتي وضَميري |
| لكنْ لَقَدْ هاضَ التُّرابُ مَلامعي – فَلَبِثْتُ مِثلَ البُلبلِ المَكْسورِ |
| أشدُو برنّاتِ النِّياحَةِ والأسى – مشبوبةً بعواطفي وشُعوري |
| غرِّدْ ولا تَحْفَل بقلبي إنَّهُ – كالمِعْزَفِ المُتَحَطِّمِ المَهْجورِ |
| رتِّل على سَمْع الرَّبيعِ نشيدَهُ – واصْدَحْ بفيْضِ فؤادك المَسْجورِ |
| وانْشِدْ أناشيدَ الجَمال فإنَّها – روحُ الوُجودِ وسَلْوَةُ المَقْهورِ |
| أنا طائرٌ مُتَغرِّدٌ مُتَرنِّمٌ – لكِنْ بصوتِ كآبتي وزَفيري |
| يَهْتاجُني صوتُ الطُّيورِ لأنَّه – مُتدفِّقُ بِحَرارةٍ وطَهورِ |
| مَا في وجود النَّاسِ من شيءٍ به – يَرضَى فؤادي أو يُسَرُّ ضَميري |
| فإذا استَمَعْتُ حديثهم ألْفَيْتُهُ – غَثًّا يَفيض بِركَّةٍ وفُتورِ |
| وإذا حَضَرْتُ جُموعَهُمْ ألْفَيْتَني – مَا بينهمْ كالبُلبلِ المأسورِ |
| متوحِّداً بِعَواطفي ومَشاعِري – وخَواطري وكَآبَتي وسُروري |
| يَنتابُني حَرَجُ الحياةِ كأنَّني – مِنهمْ بِوَهْدَة جَنْدَلٍ وصُخورِ |
| فإذا سَكَتُّ تضجَّروا وإذا نَطَقْتُ – تذمَّروا من فكْرَتي وشُعوري |
| آهٍ منَ النَّاسِ الذين بَلَوْتُهُمْ – فَقَلَوْتُهُمْ في وحشتي وحُبوري |
| مَا منهُمُ إلاَّ خَبيثٌ غادِرٌ – متربِّصٌ بالنَّاسِ شَرَّ مَصيرِ |
| ويَودُّ له مَلَكَ الوُجودَ بأسره – ورمى الوَرَى في جاحِمٍ مَسْجورِ |
| لِيَبُلَّ غُلَّتَهُ التي لا ترتوي – ويَكُضَّ تُهْمَةَ قلبهِ المَغْفورِ |
| وإذا دخلتُ إلى البلادِ فإنَّ أَفكاري – تُرَفْرِفُ في سُفوحِ الطُّورِ |
| حيثُ الطَّبيعَةُ حُلوةٌ فتَّانَةٌ – تختال بَيْنَ تَبَرُّجٍ وسُفُورِ |
| مَاذا أَوَدُّ مِنَ المدينَةِ وهي غارقةٌ – بموَّارِ الدَّمِ المَهدورِ |
| مَاذا أَوَدُّ مِنَ المدينَةِ وهي لا – ترثي لصوتِ تَفجُّع المَوْتُورِ |
| مَاذا أَوَدُّ مِنَ المدينَةِ وهي لا – تَعْنو لغَير الظَّالمِ الشَّرِّيرِ |
| مَاذا أَوَدُّ مِنَ المدينَةِ وهي مُرتادٌ – لكلِّ دَعَارَةٍ وفُجُورِ |
| يا أَيُّها الشَّادي المغرِّدُ ههنا – ثَمِلاً بغبطة قَلْبِهِ المسرورِ |
| قبِّل أَزاهيرَ الرَّبيعِ وغنِّها – رَنَمَ الصَّباحِ الضَّاحِك المحبورِ |
| واشرب مِنَ النَّبْعِ الجميل الملتوي – مَا بَيْنَ دَوْحِ صَنَوبَرٍ وغَديرِ |
| واتْرُكْ دموعَ الفجرِ في أَوراقِها – حتَّى تُرشِّفَهَا عَرُوسُ النُّورِ |
| فَلَرُبَّما كانتْ أَنيناً صاعداً – في اللَّيلِ مِنْ متوجِّعٍ مَقْهُورِ |
| ذَرَفَتْهُ أَجفانُ الصَّباحِ مدامعاً – أَلاَّقَةً في دَوْحةٍ وزُهورِ |