من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا

من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا لمَّا رأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثعْلبا
وهوَ على الجدارِ في أمانِ يغلبُ بالمكانِ ، لا الإمكانِ
داخَلهُ الظنُّ بأَنّ الماكرا أمسى من الضّعفِ يطيقُ الساخرا
فجاءَهُ يَلْعَنُ مثل الأَوَّلِ عدادَ ما في الأرضِ من مغفَّلِ
فعصفَ الثعلبُ بالضعيفِ عصفَ أخيهِ الذِّيبِ بالخروف
وقال : لي في دمكَ المسفوكِ تسلية ٌ عن خيْبتي في الديكِ!
فالتفتَ الديكُ إلى الذبيح وقال قولَ عارِفٍ فصيح
ما كلَّنا يَنفعُهُ لسانُهْ في الناسِ مَن يُنطقُه مَكانُهْ!

كان ذئب يتغذى

كان ذئبٌ يتغذىفجرتْ في الزّوْر عَظمه
ألزمتهُ الصومَ حتىفَجعَتْ في الروح جسْمَهْ
فأَتى الثعلَبُ يبكيويُعزِّي فيه أُمَّه
قال : يا أمَّ صديقيبيَ مما بكِ عمَّهْ
فاصبري صبراً جميلاًإنْ صبرَ الأمِّ رحمة
فأجابتْ : يا ابنَ أختيكلُّ ما قد قلتَ حكمة
ما بيَ الغالي ، ولكنقولُهُم: ماتَ بِعظْمَه
ليْته مثلَ أَخيهماتَ محسوداً بتُخْمَة
قصيدة أحمد شوقي

هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ

هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ وهْي للبيتِ حليفهْ
هي ما لم تتحركْ دمية البيتِ الظريفه
فإذا جاءتْ وراحتْ زِيدَ في البيتِ وصِيفه
شغلها الفارُ: تنقِّي الرَّ فَّ منه والسَّقيفَهْ
وتقومُ الظهرَ والعصـ ـرَ بأورادٍ شريفه
ومن الأَثوابِ لم تملِـ ـكْ سوى فروٍ قطيفه
كلما استوسخَ، أو آ وى البراغيثَ المطيفه
غسَلَتْه، وكوَتْه بأَساليبَ لطيفه
وحَّدَتْ ما هو كالحمَّا م والماءِ وظيفه
صيَّرَتْ ريقتَها الصَّا بونَ، والشاربَ ليفه
لا تمرَّنَّ على العين ولا بالأنفِ جيفه
وتعوَّدْ أن تلاقى حسنَ الثوبِ نظيفه
إنما الثوْبُ على الإنـ ـانِ عنوانُ الصحيفه

أنا المدرسة اجعلني

أنا المدرسة ُ اجعلنيكأمِّ ، لا تملْ عنِّي
ولا تفْزَعْ كمأخوذٍمن البيتِ إلى السِّجن
كأني وجهُ صيَّادٍوأَنت الطيرُ في الغصن
ولا بُدَّ لك اليوْمَ وإلا فغداً مِنِّي
أو استغنِ عن العقلِإذنْ عنِّيَ تستغني
أنا المصباحُ للفكرِأنا المفتاحُ للذَّهنِ
أنا البابُ إلى المجدِتعالَ ادخلْ على اليمن
غداً تَرْتَعُ في حَوْشِيولا تشبعُ من صحني
وأَلقاكَ بإخوانٍيُدانونَكَ في السِّنِّ
تناديهمْ بـ يا فكريويا شوقي ، ويا حسني
وآباءٍ أحبُّوكَوما أَنت لهم بابن
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

يا ساكني مصر إنا لا نزال على

يا ساكني مِصرَ إنّا لا نَزالُ على عَهْدِ الوَفاءِ وإنْ غِبْنا مُقِيمِينَا
هَلاَّ بَعَثتُمْ لنا من ماءِ نَهرِكُمُ شيئاً نَبُلُّ به أَحْشاءَ صادِينَا
كلُّ المَناهِلِ بَعدَ النِّيلِ آسِنَة ٌ ما أَبْعَدَ النِّيلَ إلاّ عَنْ أَمانِينَا

ركزوا رفاتك في الرمال لواء

رَكَزوا رُفاتَكَ في الرِمالِ لِواءَ يَستَنهِضُ الوادي صَباحَ مَساء
يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِن دَمٍ توحي إِلى جيلِ الغَدِ البَغضاءَ
ما ضَرَّ لَو جَعَلوا العَلاقَةَ في غَدٍ بَينَ الشُعوبِ مَوَدَّةً وَإِخاءَ
جُرحٌ يَصيحُ عَلى المَدى وَضَحِيَّةٌ تَتَلَمَّسُ الحُرِّيَةَ الحَمراءَ
يا أَيُّها السَيفُ المُجَرَّدُ بِالفَلا يَكسو السُيوفَ عَلى الزَمانِ مَضاءَ
تِلكَ الصَحاري غِمدُ كُلِّ مُهَنَّدٍ أَبلى فَأَحسَنَ في العَدُوِّ بَلاءَ
وَقُبورُ مَوتى مِن شَبابِ أُمَيَّةٍ وَكُهولِهِم لَم يَبرَحوا أَحياءَ
لَو لاذَ بِالجَوزاءِ مِنهُم مَعقِلٌ دَخَلوا عَلى أَبراجِها الجَوزاءَ
فَتَحوا الشَمالَ سُهولَهُ وَجِبالَهُ وَتَوَغَّلوا فَاِستَعمَروا الخَضراءَ
وَبَنَوا حَضارَتَهُم فَطاوَلَ رُكنُها دارَ السَلامِ وَجِلَّقَ الشَمّاءَ
خُيِّرتَ فَاِختَرتَ المَبيتَ عَلى الطَوى لَم تَبنِ جاهاً أَو تَلُمَّ ثَراءَ
إِنَّ البُطولَةَ أَن تَموتَ مِن الظَما لَيسَ البُطولَةُ أَن تَعُبَّ الماءَ
إِفريقيا مَهدُ الأُسودِ وَلَحدُها ضَجَّت عَلَيكَ أَراجِلاً وَنِساءَ
وَالمُسلِمونَ عَلى اِختِلافِ دِيارِهِم لا يَملُكونَ مَعَ المُصابِ عَزاءَ
وَالجاهِلِيَّةُ مِن وَراءِ قُبورِهِم يَبكونَ زيدَ الخَيلِ وَالفَلحاءَ
في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَحِفظِهِ جَسَدٌ بِبُرقَةَ وُسِّدَ الصَحراءَ
لَم تُبقِ مِنهُ رَحى الوَقائِعِ أَعظُماً تَبلى وَلَم تُبقِ الرِماحُ دِماءَ
كَرُفاتِ نَسرٍ أَو بَقِيَّةِ ضَيغَمٍ باتا وَراءَ السافِياتِ هَباءَ
بَطَلُ البَداوَةِ لَم يَكُن يَغزو عَلى تَنَكٍ وَلَم يَكُ يَركَبُ الأَجواءَ
لَكِن أَخو خَيلٍ حَمى صَهَواتِها وَأَدارَ مِن أَعرافِها الهَيجاءَ
لَبّى قَضاءَ الأَرضِ أَمسِ بِمُهجَةٍ لَم تَخشَ إِلّا لِلسَماءِ قَضاءَ
وافاهُ مَرفوعَ الجَبينِ كَأَنَّهُ سُقراطُ جَرَّ إِلى القُضاةِ رِداءَ
شَيخٌ تَمالَكَ سِنَّهُ لَم يَنفَجِر كَالطِفلِ مِن خَوفِ العِقابِ بُكاءَ
وَأَخو أُمورٍ عاشَ في سَرّائِها فَتَغَيَّرَت فَتَوَقَّعَ الضَرّاءَ
الأُسدُ تَزأَرُ في الحَديدِ وَلَن تَرى في السِجنِ ضِرغاماً بَكى اِستِخذاءَ
وَأَتى الأَسيرُ يَجُرُّ ثِقلَ حَديدِهِ أَسَدٌ يُجَرِّرُ حَيَّةً رَقطاءَ
عَضَّت بِساقَيهِ القُيودُ فَلَم يَنُؤ وَمَشَت بِهَيكَلِهِ السُنونَ فَناءَ
تِسعونَ لَو رَكِبَت مَناكِبَ شاهِقٍ لَتَرَجَّلَت هَضَباتُهُ إِعياءَ
خَفِيَت عَنِ القاضي وَفاتَ نَصيبُها مِن رِفقِ جُندٍ قادَةً نُبَلاءَ
وَالسُنُّ تَعصِفُ كُلَّ قَلبِ مُهَذَّبٍ عَرَفَ الجُدودَ وَأَدرَكَ الآباءَ
دَفَعوا إِلى الجَلّادِ أَغلَبَ ماجِداً يَأسو الجِراحَ وَيُعَتِقُ الأُسَراءَ
وَيُشاطِرُ الأَقرانَ ذُخرَ سِلاحِهِ وَيَصُفُّ حَولَ خِوانِهِ الأَعداءَ
وَتَخَيَّروا الحَبلَ المَهينَ مَنِيَّةً لِلَّيثِ يَلفِظُ حَولَهُ الحَوباءَ
حَرَموا المَماتَ عَلى الصَوارِمِ وَالقَنا مَن كانَ يُعطي الطَعنَةَ النَجلاءَ
إِنّي رَأَيتُ يَدَ الحَضارَةِ أولِعَت بِالحَقِّ هَدماً تارَةً وَبِناءَ
شَرَعَت حُقوقَ الناسِ في أَوطانِهِم إِلّا أُباةَ الضَيمِ وَالضُعَفاءَ
يا أَيُّها الشَعبُ القَريبُ أَسامِعٌ فَأَصوغُ في عُمَرَ الشَهيدِ رِثاءَ
أَم أَلجَمَت فاكَ الخُطوبُ وَحَرَّمَت أُذنَيكَ حينَ تُخاطَبُ الإِصغاءَ
ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ فَاِنقُد رِجالَكَ وَاِختَرِ الزُعَماءَ
وَأَرِح شُيوخَكَ مِن تَكاليفِ الوَغى وَاِحمِل عَلى فِتيانِكَ الأَعباءَ