| نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ | كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ |
| فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس | وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس |
| قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال | رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال! |
| فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل | ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل |
| وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام | فأرى العجلَ فأهداهُ السلام |
| قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ | أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير |
| حملَ الذئبَ على قتلي الحسد | فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد |
| فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع | وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع! |
| فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث | ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث |
| قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات | أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟ |
| فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير | ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر |
| ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود | مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود |
| فأَقاموا لمعاليكم سرِير | عن يمين الملكِ السامي الخطير |
| واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك | في انتظار السيدِ العالي هناك |
| فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ | وانتَهى الأُنسُ إليكم والسرورْ |
| برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان | واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان |
| وكفاكم أنني العبدُ المطيع | أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع |
| فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال: | أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال! |
| فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق | أنا لا يشقى لديه بي رفيق |
| فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه | ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه |
| وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير | وحبا الثعلبَ منه باليسير |
| فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ | وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ: |
| سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير | فقداه كلُّ ذي رأسٍ كبير! |
قصائد أحمد شوقي
هنا تجدون مجموعة مميزة لأمير الشعراء الشاعر المصري أحمد شوقي.
وقف الهدهد في باب سليمان بذله
| وقفَ الهُدْهُدُ في با | بِ سليمانَ بذلِّهْ |
| قال: يا مولايَ، كن لي | عشتي صارت مملَّه |
| متُّ من حَبَّة ِ بُرٍّ | أحدثتْ في الصدر علَّه |
| لا مياهُ النيلِ ترويـ | ـها، ولا أَمواهُ دِجْله |
| وإذا دامت قليلا | قتلتْني شرَّ قِتْلَه |
| فأشار السيد العا | لي غلى من كان حوله: |
| قد جنى الهدهدُ ذنباً | وأتى في اللؤوم فعله |
| تِلك نارُ الإثمِ في الصَّدْ | رِ، وذي الشكوى تَعِلَّه |
| ما أرى الحبة إلا | سُرِقت من بيتِ نمله |
| إن للظالم صَدْراً | يشتكي من غير عله |
أبو الحصينِ جالَ في السفينهْ
| أبو الحصينِ جالَ في السفينهْ | فعرفَ السمينَ والسمينه |
| يقولُ: إنّ حاله استحالا | وإنّ ما كان قديماً زالا |
| لكونِ ما حلَّ من المصائبِ | من غضبِ اللهِ على الثعالبِ |
| ويغلظُ الأيمانَ للديوكِ | لِما عَسَى يَبقى من الشكوك |
| بأَنهمْ إن نَزَلوا في الأَرضِ | يَرَوْنَ منه كلَّ شيءٍ يُرْضِي |
| قيل: فلمّا تركوا السفينه | مشى مع السمينِ والسمينه |
| حتى إذا نصفوا الطريقا | لم يبقِ منهمْ حولهُ رفيقا |
| وقال: إذْ قالوا عَديمُ الدِّينِ | لا عَجَبٌ إن حَنَثَتْ يَميني |
| فإنما نحن بَني الدَّهاءِ | نَعْمَلُ في الشِّدّة ِ للرَّخاءِ |
| ومَنْ تخاف أَن يَبيعَ دينَهْ | تَكفيكَ منه صُحْبَة ُ السفينه! |
سعي الفتى في عيشه عباده
| سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَة | وقائِدٌ يَهديهِ للسعادة |
| لأَنّ بالسَّعي يقومُ الكوْنُ | والله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ |
| فإن تشأ فهذه حكاية | تعدُّ في هذا المقامِ غاية |
| كانت بأرضِ نملة ٌ تنبالهْ | لم تسلُ يوماً لذة َ البطالة |
| واشتهرتْ في النمل بالتقشُّف | واتَّصفَتْ بالزُّهْدِ والتَّصَوُّفِ |
| لكن يقومُ الليْلَ مَن يَقتاتُ | فالبطْنُ لا تَملؤُه الصلاة ُ |
| والنملُ لا يَسعَى إليهِ الحبُّ | ونملتي شقَّ عليها الدأبُ |
| فخرجَتْ إلى التِماسِ القوتِ | وجعلتْ تطوفُ بالبيوتِ |
| تقولُ: هل من نَملة ٍ تَقِيَّهْ | تنعمُ بالقوتِ لذي الوليهْ |
| لقد عَيِيتُ بالطِّوى المُبَرِّحِ | ومُنذ ليْلتيْن لم أُسَبِّحِ |
| فصاحتِ الجاراتُ يا للعارِ | لم تتركِ النملة ُ للصرصارِ |
| متى رضينا مثلَ هذي الحالِ | متى مددنا الكفَّ للسؤالِ |
| ونحن في عين الوجودِ أمَّة | ذاتُ اشتِهارٍ بعُلوِّ الهمّة |
| نحملُ ما لا يصبرُ الجمالُ | عن بعضِه لو أَنها نِمالُ |
| أَلم يقلْ من قولُه الصوابُ | ما عِندنا لسائلٍ جَوابُ |
| فامضي، فإنَّا يا عجوزَ الشُّومِ | نرى كمالَ الزهدِ أن تصومي |
غزالة مرت على أتان
| غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ | تُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ |
| وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشا | بودِّها لو حملهُ في الحشا |
| ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِ | فِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ |
| فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِ | وجاءها والضحكُ ملءُ فمهِ |
| يصيحُ: يا أُمّاه ماذا قد دَها | حتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها |
كان ذئب يتغذى
| كان ذئبٌ يتغذى | فجرتْ في الزّوْر عَظمه |
| ألزمتهُ الصومَ حتى | فَجعَتْ في الروح جسْمَهْ |
| فأَتى الثعلَبُ يبكي | ويُعزِّي فيه أُمَّه |
| قال : يا أمَّ صديقي | بيَ مما بكِ عمَّهْ |
| فاصبري صبراً جميلاً | إنْ صبرَ الأمِّ رحمة |
| فأجابتْ : يا ابنَ أختي | كلُّ ما قد قلتَ حكمة |
| ما بيَ الغالي ، ولكن | قولُهُم: ماتَ بِعظْمَه |
| ليْته مثلَ أَخيه | ماتَ محسوداً بتُخْمَة |