رزقتُ صاحبَ عهده

رزقتُ صاحبَ عهده وتمَّ لي النسلُ بعدي
هم يحسدوني عليه ويغبِطوني بِسَعدي
ولا أراني ونجلي سنلتقي عند مجد
وسوْف يَعلَمُ بَيتي أَني أَنا النَّسْلُ وحْدي
فيا علِي، ولا تلُمْني فما احتِقارُكَ قَصْدي
وأنتَ مني كروحي وأَنت مَنْ أَنت عندي!
فإن أَساءَكَ قوْلي كذَب أباكَ بوعدِ !

يا ليلة ً سمَّيتها ليلتي

يا ليلة ً سمَّيتها ليلتي لأَنها بالناس ما مَرَّتِ
أذكرُها ، والموتُ في ذكرها على سبيلِ البَثِّ والعِبْرَة ِ
ليعلمَ الغافلُ ما أمسُه ؟ ما يومُهُ؟ ما مُنْتَهى العِيشة ِ؟
نَبَّهَني المقدورُ في جُنْحِها وكنتُ بين النَّوْم واليَقْظة ِ
الموتُ عجلانٌ إلى والدي والوضعُ مستعصٍ على زوجتِي
هذا فتى ً يُبْكَى على مِثلِه وهذه في أوّلِ النَّشأة ِ
وتلك في مِصْرَ على حالِها وذاكَ رَهْنُ الموْتِ والغُرْبَة ِ
والقلبُ ما بَينَهما حائرٌ من بَلْدَة أَسْرى إلى بَلدة ِ
حتى بدا الصبحُ ، فولَّى أبي وأقبلتْ بعدَ العناءِ ابنتي
فقلتُ أَحكامُكَ حِرنا لها يا مُخرجَ الحيِّ منَ الميِّتِ!

أمنيتي في عامها

أمنيتي في عامها الأوّلِ مثلُ الملكِ
صالحة ٌ للحبِّ منْ كلٍّ، وللتَّبَرُّك
كم خفقَ القلبُ لها عِندَ البُكا والضَّحِك
وكم رَعَتْها العَيْنُ في في السكونِ والتَّحرُّكِ
فعندها من شدّة ِ الإشفاقِ أن تأخذ الصغيرَ بالخناقِ
فإن مَشَتْ فخاطِري يسبقها كالممسكِ
أَلحَظُها كأَنها من بَصَرِي في شَرَك
فيا جَبينَ السَّعْدِ لي ويا عُيُونَ الفَلَك
ويا بياضَ العيشِ في الأيامِ ذاتِ الحلكِ
إنَّ الليالي وهيَ لا تَنْفَكُّ حَرْبَ أَهلِكِ
لو أنصفتكِ طفلة ً لكنت بنت الملك

كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ

كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ وله في النخلة ِ الكبرى أريكْ
فيه كرسيٌّ، وخِدْرٌ، ومُهودْ لصغارِ الملك أصحابِ العهود
جاءهُ يوماً ندورُ الخادمُ وهوَ في البابِ الأمينُ الحازمُ
قال: يا فرعَ الملوكِ الصالحينْ أنت ما زلتَ تحبُّ الناصحينْ
سوسة ٌ كانت على القصرِ تدورْ جازتْ القصرَ، ودبتْ في الجدور
فابعث الغربانَ في إهلاكها قبلَ أن نهلكَ في أشراكها
ضحكَ السلطانُ من هذا المقال ثم أدنى خادمَ الخير، وقال:
أنا ربُّ الشوكة ِ الضافي الجناح أنا ذو المنقارِ، غلاَّبُ الرياح
أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور أَنا لا أُبصِرُ تَحتي بانُدور
ثُمَّ لَمّا كانَ عامٌ بَعدَ عام قامَ بَينَ الريحِ وَالنَخلِ خِصام
وَإِذا النَخلَةُ أَقوى جِذعُها فَبَدا لِلريحِ سَهلاً قَلعُها
فهوتْ للأرضِ كالتلِّ الكبير وَهَوَى الديوانُ، وانقضَّ السَّرير
فدها السلطان ذا الخطبُ المهول ودعا خادمه الغالي يقول:
يا ندورَ الخير، أسعفْ بالصياح ما تَرى ما فعلَتْ فينا الرياح؟
قال: يا مولايَ، لا تسأل ندور أنا لا أنظر في هذي الأمور!

ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء

ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء فرفع الرأْسَ إلى السماءِ
وقال يا خالِقَ هذا الجيدِ زنهُ بعقدِ اللؤلؤ النَّضيدِ
فسمعَ الماءَ يقولُ مفصحا طلبْتَ يا ذا الظَّبْيُ ما لن تُمنَحا
إنّ الذي أعطاكَ هذا الجيدا لم يُبق في الحسنِ له مَزيدا
لو أن حسنهُ على النحورِ لم يخرج الدُّر من البحورِ
فافتتَن الظبيُ بِذِي المقالِ وزادهُ شوقاً إلى اللآلي
ولم يَنلهُ فمُهُ السقيمُ فعاش دهراً في الفَلا يَهيم
حتى تَقضَّى العمرُ في الهُيامِ وهجْرِ طِيبِ النَّومِ والطعام
فسارَ نحو الماءِ ذاتَ مرهْ يَشكو إليه نفعَهُ وضرَّه
وبينما الجارانِ في الكلام أقبلَ راعي الدَّيرِ في الظلام
يتبعه حيثُ مشى خنزيرُ في جِيدِهِ قِلادة ٌ تُنير
فاندفع الظبيُ لذاكَ يبكي وقال من بعدِ انجلاءِ الشكِ
ما آفة ُ السعيِ سوى الضلالِ ما آفهُ العمرِ سوى الآمال
لولا قضاءُ الملكِ القدير لما سعى العقدُ إلى الخنزير
فالتفتَ الماءُ إلى الغزال وقال: حالُ الشيخِ شرُّ حال
لا عَجَبٌ، إن السنينَ مُوقِظهْ حفظتَ عمراً لو حفظتَ موعظهْ

لمَّا دعا داعي أبي الأشباِ

لمَّا دعا داعي أبي الأشباِ مبشِّراً بأولِ الأنجالِ
سعَتْ سباعُ الأَرضِ والسماءِ وانعقد المجلسُ للهناءِ
وصدرَ المرسومُ بالأمانِ في الأَرضِ للقاصي بها والدَّاني
فضاقَ بالذيولِ صحنُ الدار من كلِّ ذي صوفٍ وذي منقار
حتى إذا استكملَتِ الجمعيَّهْ نادى منادي اللَّيْث في المَعيَّهْ
هل من خطيبٍ محسنٍ خبيرِ يدعو بطول العمر للأمير؟
فنهض الفيلُ المشيرُ السامي وقال ما يليقُ بالمقام
ثم تلاه الثعلبُ السفيرُ ينشدُ، حتى قيلَ: ذا جرير
واندفعَ القردَ مديرُ الكاسِ فقيلَ: أحسنتَ أبا نواسِ!
وأَوْمأَ الحِمارُ بالعقيرَه يريدُ أَن يُشرِّفَ العشيره
فقال: باسمِ خالِقِ الشعيرِ وباعثِ العصا إلى الحمير!…
فأزعج الصوتُ وليَّ العهدِ فماتَ من رعديهِ في المهدِ
فحملَ القومُ على الحمارِ بجملة ِ الأنيابِ والأظفار
وانتُدبَ الثَّعلبُ لِلتأبينِ فقال في التعريضِ بالمسكينِ:
لا جعَلَ الله له قرارا عاشَ حِماراً ومضى حمارا!