نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ

نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ
فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس
قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال!
فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل
وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام فأرى العجلَ فأهداهُ السلام
قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير
حملَ الذئبَ على قتلي الحسد فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد
فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع!
فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث
قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟
فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر
ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود
فأَقاموا لمعاليكم سرِير عن يمين الملكِ السامي الخطير
واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك في انتظار السيدِ العالي هناك
فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ وانتَهى الأُنسُ إليكم والسرورْ
برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان
وكفاكم أنني العبدُ المطيع أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع
فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال: أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال!
فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق أنا لا يشقى لديه بي رفيق
فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه
وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير وحبا الثعلبَ منه باليسير
فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ:
سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير فقداه كلُّ ذي رأسٍ كبير!

وقف الهدهد في باب سليمان بذله

وقفَ الهُدْهُدُ في با بِ سليمانَ بذلِّهْ
قال: يا مولايَ، كن لي عشتي صارت مملَّه
متُّ من حَبَّة ِ بُرٍّ أحدثتْ في الصدر علَّه
لا مياهُ النيلِ ترويـ ـها، ولا أَمواهُ دِجْله
وإذا دامت قليلا قتلتْني شرَّ قِتْلَه
فأشار السيد العا لي غلى من كان حوله:
قد جنى الهدهدُ ذنباً وأتى في اللؤوم فعله
تِلك نارُ الإثمِ في الصَّدْ رِ، وذي الشكوى تَعِلَّه
ما أرى الحبة إلا سُرِقت من بيتِ نمله
إن للظالم صَدْراً يشتكي من غير عله

أبو الحصينِ جالَ في السفينهْ

أبو الحصينِ جالَ في السفينهْ فعرفَ السمينَ والسمينه
يقولُ: إنّ حاله استحالا وإنّ ما كان قديماً زالا
لكونِ ما حلَّ من المصائبِ من غضبِ اللهِ على الثعالبِ
ويغلظُ الأيمانَ للديوكِ لِما عَسَى يَبقى من الشكوك
بأَنهمْ إن نَزَلوا في الأَرضِ يَرَوْنَ منه كلَّ شيءٍ يُرْضِي
قيل: فلمّا تركوا السفينه مشى مع السمينِ والسمينه
حتى إذا نصفوا الطريقا لم يبقِ منهمْ حولهُ رفيقا
وقال: إذْ قالوا عَديمُ الدِّينِ لا عَجَبٌ إن حَنَثَتْ يَميني
فإنما نحن بَني الدَّهاءِ نَعْمَلُ في الشِّدّة ِ للرَّخاءِ
ومَنْ تخاف أَن يَبيعَ دينَهْ تَكفيكَ منه صُحْبَة ُ السفينه!

سعي الفتى في عيشه عباده

سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَةوقائِدٌ يَهديهِ للسعادة
لأَنّ بالسَّعي يقومُ الكوْنُوالله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ
فإن تشأ فهذه حكايةتعدُّ في هذا المقامِ غاية
كانت بأرضِ نملة ٌ تنبالهْلم تسلُ يوماً لذة َ البطالة
واشتهرتْ في النمل بالتقشُّفواتَّصفَتْ بالزُّهْدِ والتَّصَوُّفِ
لكن يقومُ الليْلَ مَن يَقتاتُفالبطْنُ لا تَملؤُه الصلاة ُ
والنملُ لا يَسعَى إليهِ الحبُّونملتي شقَّ عليها الدأبُ
فخرجَتْ إلى التِماسِ القوتِوجعلتْ تطوفُ بالبيوتِ
تقولُ: هل من نَملة ٍ تَقِيَّهْتنعمُ بالقوتِ لذي الوليهْ
لقد عَيِيتُ بالطِّوى المُبَرِّحِومُنذ ليْلتيْن لم أُسَبِّحِ
فصاحتِ الجاراتُ يا للعارِلم تتركِ النملة ُ للصرصارِ
متى رضينا مثلَ هذي الحالِمتى مددنا الكفَّ للسؤالِ
ونحن في عين الوجودِ أمَّةذاتُ اشتِهارٍ بعُلوِّ الهمّة
نحملُ ما لا يصبرُ الجمالُعن بعضِه لو أَنها نِمالُ
أَلم يقلْ من قولُه الصوابُما عِندنا لسائلٍ جَوابُ
فامضي، فإنَّا يا عجوزَ الشُّومِنرى كمالَ الزهدِ أن تصومي
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

غزالة مرت على أتان

غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِتُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ
وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشابودِّها لو حملهُ في الحشا
ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِفِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ
فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِوجاءها والضحكُ ملءُ فمهِ
يصيحُ: يا أُمّاه ماذا قد دَهاحتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

كان ذئب يتغذى

كان ذئبٌ يتغذىفجرتْ في الزّوْر عَظمه
ألزمتهُ الصومَ حتىفَجعَتْ في الروح جسْمَهْ
فأَتى الثعلَبُ يبكيويُعزِّي فيه أُمَّه
قال : يا أمَّ صديقيبيَ مما بكِ عمَّهْ
فاصبري صبراً جميلاًإنْ صبرَ الأمِّ رحمة
فأجابتْ : يا ابنَ أختيكلُّ ما قد قلتَ حكمة
ما بيَ الغالي ، ولكنقولُهُم: ماتَ بِعظْمَه
ليْته مثلَ أَخيهماتَ محسوداً بتُخْمَة
قصيدة أحمد شوقي