| ضَجَّ الحِجازُ وَضَجَّ البَيتُ وَالحَرَمُ – وَاِستَصرَخَت رَبَّها في مَكَّةَ الأُمَمُ |
| قَد مَسَّها في حِماكَ الضُرُّ فَاِقضِ لَها – خَليفَةَ اللَهِ أَنتَ السَيِّدُ الحَكَمُ |
| لَكَ الرُبوعُ الَّتي ريعَ الحَجيجُ بِها – أَلِلشَريفِ عَلَيها أَم لَكَ العَلَمُ |
| أُهينَ فيها ضُيوفُ اللَهِ وَاِضطُهِدوا – إِن أَنتَ لَم تَنتَقِم فَاللَهُ مُنتَقِمُ |
| أَفي الضُحى وَعُيونُ الجُندِ ناظِرَةٌ – تُسبى النِساءُ وَيُؤذى الأَهلُ وَالحَشَمُ |
| وَيُسفِكُ الدَمُ في أَرضٍ مُقَدَّسَةٍ – وَتُستَباحُ بِها الأَعراضُ وَالحُرَمُ |
| يَدُ الشَريفِ عَلى أَيدي الوُلاةِ عَلَت – وَنَعلُهُ دونَ رُكنِ البَيتِ تُستَلَمُ |
| نَيرونُ إِن قيسَ في بابِ الطُغاةِ بِهِ – مُبالَغٌ فيهِ وَالحَجّاجُ مُتَّهَمُ |
| أَدِّبهُ أَدِّب أَميرَ المُؤمِنينَ فَما – في العَفوِ عَن فاسِقٍ فَضلٌ وَلا كَرَمُ |
| لا تَرجُ فيهِ وَقاراً لِلرَسولِ فَما – بَينَ البُغاةِ وَبَينَ المُصطَفى رَحِمُ |
| اِبنُ الرَسولِ فَتىً فيهِ شَمائِلُهُ – وَفيهِ نَخوَتُهُ وَالعَهدُ وَالشَمَمُ |
| ما كانَ طَهَ لِرَهطِ الفاسِقينَ أَباً – آلَ النَبِيِّ بِأَعلامِ الهُدى خُتِموا |
| خَليفَةَ اللَهِ شَكوى المُسلِمينَ رَقَت – لِسُدَّةِ اللَهِ هَل تَرقى لَكَ الكَلِمُ |
| الحَجُّ رُكنٌ مِنَ الإِسلامِ نُكبِرُهُ – وَاليَومَ يوشِكُ هَذا الرُكنُ يَنهَدِمُ |
| مِنَ الشَريفِ وَمِن أَعوانِهِ فَعَلَت – نُعمى الزِيادَةِ ما لا تَفعَلُ النِقَمُ |
| عَزَّ السَبيلُ إِلى طَهَ وَتُربَتِهِ – فَمَن أَرادَ سَبيلاً فَالطَريقُ دَمُ |
| مُحَمَّدٌ رُوِّعتَ في القَبرِ أَعظَمُهُ – وَباتَ مُستَأمَناً في قَومِهِ الصَنَمُّ |
| وَخانَ عَونُ الرَفيقِ العَهدَ في بَلَدٍ – مِنهُ العُهودُ أَتَت لِلناسِ وَالذِمَمُ |
| قَد سالَ بِالدَمِ مِن ذَبحٍ وَمِن بَشَرٍ – وَاِحمَرَّ فيهِ الحِمى وَالأَشهُرُ الحُرُمُ |
| وَفُزِّعَت في الخُدورِ الساعِياتُ لَهُ – الداعِياتُ وَقُربُ اللَهِ مُغتَنَمُ |
| آبَت ثَكالى أَيامى بَعدَ ما أَخَذَت – مِن حَولِهِنَّ النَوى وَالأَينُقُ الرَسُمُ |
| حُرِمنَ أَنوارَ خَيرِ الخَلقِ مِن كَثَبٍ – فَدَمعُهُنَّ مِنَ الحِرمانِ مُنسَجِمُ |
| أَيُّ الصَغائِرِ في الإِسلامِ فاشِيَةً – تودى بِأَيسَرِها الدَولاتُ وَالأُمَمُ |
| يَجيشُ صَدري وَلا يَجري بِها قَلَمي – وَلَو جَرى لَبَكى وَاِستَضحَكَ القَلَمُ |
| أَغضَيتُ ضَنّاً بِعِرضي أَن أَلَمَّ بِهِ – وَقَد يَروقُ العَمى لِلحُرِّ وَالصَمَمِ |
| مَوِّه عَلى الناسِ أَو غالِطهُمُ عَبَثاً – فَلَيسَ تَكتُمُهُم ما لَيسَ يَنكَتِمُ |
| مِنَ الزِيادَةِ في البَلوى وَإِن عَظُمَت – أَن يَعلَمَ الشامِتونَ اليَومَ ما عَلِموا |
| كُلُّ الجِراحِ بِآلامٍ فَما لَمَسَت – يَدُ العَدُوِّ فَثَمَّ الجُرحُ وَالأَلَمُ |
| وَالمَوتُ أَهوَنُ مِنها وَهيَ دامِيَةٌ – إِذا أَساها لِسانٌ لِلعِدى وَفَمُ |
| رَبَّ الجَزيرَةِ أَدرِكها فَقَد عَبَثَت – بِها الذِئابُ وَضَلَّ الراعِيَ الغَنَمُ |
| إِنَّ الَّذينَ تَوَلَّوا أَمرَها ظَلَموا – وَالظُلمُ تَصحَبُهُ الأَهوالُ وَالظُلَمُ |
| في كُلِّ يَومٍ قِتالٌ تَقشَعِرُّ لَهُ – وَفِتنَةٌ في رُبوعِ اللَهِ تَضطَرِمُ |
| أَزرى الشَريفُ وَأَحزابُ الشَريفِ بِها – وَقَسَّموها كَإِرثِ المَيتِ وَاِنقَسَموا |
| لا تُجزِهِم عَنكَ حُلماً وَاِجزِهِم عَنَتاً – في الحِلمِ ما يَسَمُ الأَفعالَ أَو يَصِمِ |
| كَفى الجَزيرَةَ ما جَرّوا لَها سَفَهاً – وَما يُحاوِلُ مِن أَطرافِها العَجَمُ |
| تِلكَ الثُغورُ عَلَيها وَهيَ زينَتُها – مَناهِلٌ عَذُبَت لِلقَومِ فَاِزدَحَموا |
| في كُلِّ لُجٍّ حَوالَيها لَهُم سُفُنٌ – وَفَوقَ كُلِّ مَكانٍ يابِسٍ قَدَمُ |
| والاهُمُ أُمَراءُ السوءِ وَاِتَّفَقوا – مَعَ العُداةِ عَلَيها فَالعُداةُ هُمُ |
| فَجَرِّدِ السَيفَ في وَقتٍ يُفيدُ بِهِ – فَإِنَّ لِلسَيفِ يَوماً ثُمَّ يَنصَرِمُ |
قصائد أحمد شوقي
هنا تجدون مجموعة مميزة لأمير الشعراء الشاعر المصري أحمد شوقي.
خدعوها بقولهم حسناء
| خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ – وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ |
| أَتُراها تَناسَت اِسمِيَ لَمّا – كَثُرَت في غَرامِها الأَسماءُ |
| إِن رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَن لَم – تَكُ بَيني وَبَينَها أَشياءُ |
| نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ |
| يَومَ كُنّا وَلا تَسَل كَيفَ كُنّا – نَتَهادى مِنَ الهَوى ما نَشاءُ |
| وَعَلَينا مِنَ العَفافِ رَقيب – تَعِبَت في مِراسِهِ الأَهواءُ |
| جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وَقالَت – أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراء |
| فَاِتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى – فَالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواء |
| نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلام – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاء |
| فَفِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواء – أَو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ |
قم للمعلم وفه التبجيلا
| قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا ~ كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا |
| أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي ~ يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا |
| سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ ~ عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى |
| أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ ~ وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا |
| وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً ~ صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا |
| أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً ~ وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا |
| وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً ~ فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا |
| عَلَّمتَ يوناناً وَمِصرَ فَزالَتا ~ عَن كُلِّ شَمسٍ ما تُريدُ أُفولا |
| وَاليَومَ أَصبَحَتا بِحالِ طُفولَةٍ ~ في العِلمِ تَلتَمِسانِهِ تَطفيلا |
| مِن مَشرِقِ الأَرضِ الشَموسُ تَظاهَرَت ~ ما بالُ مَغرِبِها عَلَيهِ أُديلا |
| يا أَرضُ مُذ فَقَدَ المُعَلِّمُ نَفسَهُ ~ بَينَ الشُموسِ وَبَينَ شَرقِكِ حيلا |
| ذَهَبَ الَّذينَ حَمَوا حَقيقَةَ عِلمِهِم ~ وَاِستَعذَبوا فيها العَذابَ وَبيلا |
| في عالَمٍ صَحِبَ الحَياةَ مُقَيَّداً ~ بِالفَردِ مَخزوماً بِهِ مَغلولا |
| صَرَعَتهُ دُنيا المُستَبِدِّ كَما هَوَت ~ مِن ضَربَةِ الشَمسِ الرُؤوسُ ذُهولا |
| سُقراطُ أَعطى الكَأسَ وَهيَ مَنِيَّةٌ ~ شَفَتَي مُحِبٍّ يَشتَهي التَقبيلا |
| عَرَضوا الحَياةَ عَلَيهِ وَهيَ غَباوَةٌ ~ فَأَبى وَآثَرَ أَن يَموتَ نَبيلا |
| إِنَّ الشَجاعَةَ في القُلوبِ كَثيرَةٌ ~ وَوَجَدتُ شُجعانَ العُقولِ قَليلا |
| إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَقيقَةَ عَلقَماً ~ لَم يُخلِ مِن أَهلِ الحَقيقَةِ جيلا |
| وَلَرُبَّما قَتَلَ الغَرامُ رِجالَها ~ قُتِلَ الغَرامُ كَمِ اِستَباحَ قَتيلا |
| أَوَكُلُّ مَن حامى عَنِ الحَقِّ اِقتَنى ~ عِندَ السَوادِ ضَغائِناً وَذُحولا |
| لَو كُنتُ أَعتَقِدُ الصَليبَ وَخَطبُهُ ~ لَأَقَمتُ مِن صَلبِ المَسيحِ دَليلا |
| أَمُعَلِّمي الوادي وَساسَةَ نَشئِهِ ~ وَالطابِعينَ شَبابَهُ المَأمولا |
| وَالحامِلينَ إِذا دُعوا لِيُعَلِّموا ~ عِبءَ الأَمانَةِ فادِحاً مَسؤولا |
| كانَت لَنا قَدَمٌ إِلَيهِ خَفيفَةٌ ~ وَرِمَت بِدَنلوبٍ فَكانَ الفيلا |
| حَتّى رَأَينا مِصرَ تَخطو إِصبَعاً ~ في العِلمِ إِن مَشَتِ المَمالِكُ ميلا |
| تِلكَ الكُفورُ وَحَشوُها أُمِّيَّةٌ ~ مِن عَهدِ خوفو لا تَرَ القِنديلا |
| تَجِدُ الَّذينَ بَنى المِسَلَّةَ جَدُّهُم ~ لا يُحسِنونَ لِإِبرَةٍ تَشكيلا |
| وَيُدَلَّلونَ إِذا أُريدَ قِيادُهُم ~ كَالبُهمِ تَأنَسُ إِذ تَرى التَدليلا |
| يَتلو الرِجالُ عَلَيهُمُ شَهَواتِهِم ~ فَالناجِحونَ أَلَدُّهُم تَرتيلا |
| الجَهلُ لا تَحيا عَلَيهِ جَماعَةٌ ~ كَيفَ الحَياةُ عَلى يَدَي عِزريلا |
| وَاللَهِ لَولا أَلسُنٌ وَقَرائِحٌ ~ دارَت عَلى فِطَنِ الشَبابِ شَمولا |
| وَتَعَهَّدَت مِن أَربَعينَ نُفوسَهُم ~ تَغزو القُنوطَ وَتَغرِسُ التَأميلا |
| عَرَفَت مَواضِعَ جَدبِهِم فَتَتابَعَت ~ كَالعَينِ فَيضاً وَالغَمامِ مَسيلا |
| تُسدي الجَميلَ إِلى البِلادِ وَتَستَحي ~ مِن أَن تُكافَأَ بِالثَناءِ جَميلا |
| ما كانَ دَنلوبٌ وَلا تَعليمُهُ ~ عِندَ الشَدائِدِ يُغنِيانِ فَتيلا |
| رَبّوا عَلى الإِنصافِ فِتيانَ الحِمى ~ تَجِدوهُمُ كَهفَ الحُقوقِ كُهولا |
| فَهوَ الَّذي يَبني الطِباعَ قَويمَةً ~ وَهوَ الَّذي يَبني النُفوسَ عُدولا |
| وَيُقيمُ مَنطِقَ كُلِّ أَعوَجِ مَنطِقٍ ~ وَيُريهِ رَأياً في الأُمورِ أَصيلا |
| وَإِذا المُعَلِّمُ لَم يَكُن عَدلاً مَشى ~ روحُ العَدالَةِ في الشَبابِ ضَئيلا |
| وَإِذا المُعَلِّمُ ساءَ لَحظَ بَصيرَةٍ ~ جاءَت عَلى يَدِهِ البَصائِرُ حولا |
| وَإِذا أَتى الإِرشادُ مِن سَبَبِ الهَوى ~ وَمِنَ الغُرورِ فَسَمِّهِ التَضليلا |
| وَإِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم ~ فَأَقِم عَلَيهِم مَأتَماً وَعَويلا |
| إِنّي لَأَعذُرُكُم وَأَحسَبُ عِبئَكُم ~ مِن بَينِ أَعباءِ الرِجالِ ثَقيلا |
| وَجَدَ المُساعِدَ غَيرُكُم وَحُرِمتُمُ ~ في مِصرَ عَونَ الأُمَّهاتِ جَليلا |
| وَإِذا النِساءُ نَشَأنَ في أُمِّيَّةً ~ رَضَعَ الرِجالُ جَهالَةً وَخُمولا |
| لَيسَ اليَتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن ~ هَمِّ الحَياةِ وَخَلَّفاهُ ذَليلا |
| فَأَصابَ بِالدُنيا الحَكيمَةِ مِنهُما ~ وَبِحُسنِ تَربِيَةِ الزَمانِ بَديلا |
| إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ ~ أُمّاً تَخَلَّت أَو أَباً مَشغولا |
| مِصرٌ إِذا ما راجَعَت أَيّامَها ~ لَم تَلقَ لِلسَبتِ العَظيمِ مَثيلا |
| البَرلَمانُ غَداً يُمَدُّ رُواقُهُ ~ ظِلّاً عَلى الوادي السَعيدِ ظَليلا |
| نَرجو إِذا التَعليمُ حَرَّكَ شَجوَهُ ~ أَلّا يَكونَ عَلى البِلادِ بَخيلا |
| قُل لِلشَبابِ اليَومَ بورِكَ غَرسُكُم ~ دَنَتِ القُطوفُ وَذُلِّلَت تَذليلا |
| حَيّوا مِنَ الشُهَداءِ كُلَّ مُغَيَّبٍ ~ وَضَعوا عَلى أَحجارِهِ إِكليلا |
| لِيَكونَ حَظُّ الحَيِّ مِن شُكرانِكُم ~ جَمّاً وَحَظُّ المَيتِ مِنهُ جَزيلا |
| لا يَلمَسُ الدُستورُ فيكُم روحَهُ ~ حَتّى يَرى جُندِيَّهُ المَجهولا |
| ناشَدتُكُم تِلكَ الدِماءَ زَكِيَّةً ~ لا تَبعَثوا لِلبَرلَمانِ جَهولا |
| فَليَسأَلَنَّ عَنِ الأَرائِكِ سائِلٌ ~ أَحَمَلنَ فَضلاً أَم حَمَلنَ فُضولا |
| إِن أَنتَ أَطلَعتَ المُمَثِّلَ ناقِصا ~ لَم تَلقَ عِندَ كَمالِهِ التَمثيلا |
| فَاِدعوا لَها أَهلَ الأَمانَةِ وَاِجعَلوا ~ لِأولى البَصائِرِ مِنهُمُ التَفضيلا |
| إِنَّ المُقَصِّرَ قَد يَحولُ وَلَن تَرى ~ لِجَهالَةِ الطَبعِ الغَبِيِّ مُحيلا |
| فَلَرُبَّ قَولٍ في الرِجالِ سَمِعتُم ~ ثُمَّ اِنقَضى فَكَأَنَّهُ ما قيلا |
| وَلَكَم نَصَرتُم بِالكَرامَةِ وَالهَوى ~ مَن كانَ عِندَكُمُ هُوَ المَخذولا |
| كَرَمٌ وَصَفحٌ في الشَبابِ وَطالَما ~ كَرُمَ الشَبابُ شَمائِلاً وَمُيولا |
| قوموا اِجمَعوا شَعبَ الأُبُوَّةِ وَاِرفَعوا ~ صَوتَ الشَبابِ مُحَبَّباً مَقبولا |
| ما أَبعَدَ الغاياتِ إِلّا أَنَّني ~ أَجِدُ الثَباتَ لَكُم بِهِنَّ كَفيلا |
| فَكِلوا إِلى اللَهِ النَجاحَ وَثابِروا ~ فَاللَهُ خَيرٌ كافلاً ووكيلا |
يا رب ما حكمك ماذا ترى
| يا ربِّ، ما حكمكَ؟ ماذا ترى | في ذلك الحلمِ العريضِ الطويلْ؟ |
| قد قام غليومٌ خطيباً، فما | أعطاكَ من ملككَ إلا القليل! |
| شيَّد في جنبكَ ملكاً له | ملككَ إن قيسَ إليهِ الضَّئيل |
| قد وَرَّثَ العالَم حيّاً، فما | غادرَ من فجٍّ، ولا من سبيل |
| فالنصفُ للجرمانِ في زعمه | والنصفُ للرومان فيما يقول |
| يا رَبِّ، قلْ: سيْفُكَ أَم سَيْفُه؟ | أيُّهما – ياربِّ – ماضِ ثقيل؟! |
| إن صدقتْ – يا ربِّ – أحلامه | فإنَّ خطْبَ المسلمين الجليل |
| لا نحنُ جرمانُ لنا حصَّة ٌ | ولا برومانَ فتعطى فتيل |
| يا رَبِّ، لا تنسَ رعاياك في | يومٍ رعاياك الفريقُ الذليل |
| جناية ُ الجهلِ على أهله | قديمة ٌ، والجهلُ بئسَ الدليل |
| يا ليتَ لم نمددْ بشرٍّ يداً | وليتَ ظلَّ السلمِ باقٍ ظليل! |
| جنى علينا عصبة ٌ جازفوا | فحسبنا الله، ونعمَ الوكيل! |
خطت يداك الروضة الغناء
| خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ | وفرغتَ من صرحِ الفنونِ بناءَ |
| ما زلتَ تَذهبُ في السُّمُوّ بِركنِهِ | حتى تجاوزَ ركنهُ الجوزاءَ |
| دارٌ من الفنّ الجميلِ تقسَّمَتْ | للساهرين رواية ً وراواءَ |
| كالروْضِ تحتَ الطيرِ أَعجبَ أَيْكُه | لَحْظَ العيونِ، وأَعجَبَ الإصغاءَ |
| ولقد نزلتَ بها ، فلم نرَ قبلها | فلكاً جلا شمسَ النهارِ عشاءَ |
| وتوهَّجَتْ حتى تقلَّب في السَّنا | وادي الملوكِ حجارة ً وفضاءَ |
| فتلفَّتُوا يتهامسون: لعلَّهُ | فجرُ الحضارة ِ في البلاد أَضاءَ |
| تلك المعازفُ في طلولِ بنائهم | أكثرنَ نحوَ بنائكَ الإيماء |
| وتمايلتْ عيدانهنَّ تحية ً | وترنَّمَتْ أَوتارُهُنَّ ثناء |
| يا بانيَ الإيوانِ، قد نسَّقتَهُ | وحذوتَ في هندامها الحمراء |
| أينَ الغريضُ يحلُّهُ أو معبدٌ | يتبّوأَ الحجراتِ والأبهاءِ ؟ |
| العبقرِيّة ُ من ضَنائنه التي | يحبو بها – سبحانه – من شاءَ |
| لما بنيتَ الأَيْكَ واستَوْهَبْتَهُ | بَعثَ الهَزارَ، وأَرسَلَ الوَرْقاءَ |
| فسمعتَ من متفرِّدِ الأنعامِ ما | فاتَ الرشيدَ، وأَخطأ النُّدَمَاءَ |
| والفنُّ ريحانُ الملوكِ ، وربّما | خَلَدُوا على جَنباتِه أَسماء |
| لولا أَياديه على أَبنائنا | لم نلفَ أمجدَ أمَّة آباءَ |
| كانت أوائلُ كلِّ قومٍ في العلا | أرضاً ، وكنَّا في الفخارِ سماء |
| لولا ابتسامُ الفنِّ فيما حَوْلَهُ | ظَلَّ الوجودُ جَهامة ً وجَفاءَ |
| جِّدْ من الفنِّ الحياة ِ وما حوتْ | تجدِ الحياة َ من الجمالِ خلاءَ |
| بالفنِّ عالجتِ الحياة َ طبيعة ٌ | قد عالجتْ بالواحة ِ الصحراء |
| تأوي إليها الروحُ من رمضائها | فتُصيب ظِلاًّ، أَو تُصادِفُ ماءَ |
| نبضُ الحضارة ِ في الممالكِ كلِّها | يجري السلامة َ أو يدقَ الداءَ |
| إن صحَّ فهيَ على الزمان صحيحة ٌ | أو زافَ كانت ظاهراً وطلاءَ |
| انظرْ ـ أَبا الفاروقِ ـ غَرْسَك، هل ترى | بالغرسِ إلا نعمة ً ونماء ؟ |
| مِنْ حَبّة ٍ ذُخِرَتْ، وأَيدٍ ثابَرَتْ | جاءَ الزمانُ بجَنَّة ٍ فَيْحاءَ |
| وأكنَّتِ الفنّ الجميلَ خميلة ٌ | رمتِ الظِّلالَ ، ومدَّتِ الأفياءَ |
| بذَلَ الجهودَ الصالحاتِ عصابة ٌ | لا يَسأَلون عن الجهود جَزاءَ |
| صحبوا رسولَ الفنِّ لا يألونه | حبَّاً ، وصدقَ مودّة ٍ ، ووفاءَ |
| دفعوا العوائقَ بالثبات ، وجاوزوا | ما سرَّ من قَدر الأُمور وساءَ |
| إن التعاوُنَ قوّة ٌ عُلْوِيَّة ٌ | تبني الرجالَ ، وتبدع الأشياءَ |
| فليهبهمْ ، حاز التفاتك سعيهم | وكسا ندِيَّهُمُ سَناً وسَناءَ |
| لم تبدُ للأبصار إلا غارساً | لخالفِ الأجيالِ أو بنَّاءَ |
| تغدو على الفتراتِ تَرتَجِلُ النَّدَى | وتروحُ تصطنعُ اليدَ البيضاءَ |
| في مَوكِبٍ كالغيْثِ سار ركابُهُ | بشراً ، وحلَّ سعادة ً ورخاءَ |
| أَنت اللِّواءُ التفَّ قومُك حَوْله | والتاجُ يجعله الشعوبُ لِواءَ |
| مِنْ كلِّ مِئْذَنة ٍ سَمِعْتَ مَحَبَّة ً | وبكلِّ ناقوسٍ لقيتَ دُعاءَ |
| يتألفان على الهتافِ ، كما انبرى | وترٌ يساير في البنان غناءَ |
حبذا الساحة والظل الظليل
| حبَّذا الساحة ُ والظلُ الظليلْ | وثناءٌ في فَمِ الدارِ جميلْ |
| لم تزلْ تجري به تحت الثَّرى | لُجَّة المعروفِ والنَّيْلِ الجزيل |
| صنعُ إسماعيلَ جلَّتْ يدهُ | كلُّ بُنيانٍ على الباني دليل |
| أَتُراها سُدَّة ً من بابه | فتحتْ للخير جيلاً بعدَ جيل |
| ملعبُ الأيلمِ ، إلاَّ أنَّه | ليس حظُّ الجدِّ منه بالقليل |
| شهدُ الناسُ بها عائدة ً | وشجى الأجيالَ من فردي الهديل |
| وائتنفنا في ذراها دولة ً | ركنها السؤددُ والمجدُ الأثيل |
| أَينعتْ عصراً طويلاً، وأَتَى | دونَ أن تستأنفَ العصرُ الطويل |
| كم ضفرنا الغارَ في محرابها | وعقدناه لسبّاقٍ أَصيل |
| كم بدورٍ ودِّعتْ يومَ النَّوى | وشموسٍ شيِّعتْ يومَ الرحيل |
| رُبَّ عُرسٍ مَرَّ للبِرِّ بها | ماج بالخيرِ والسمحِ المنيل |
| ضحكَ الأيتامُ في ليلته | ومشى يستروحُ البرءَ العليل |
| والتقى البائسُ والنُّعمى به | وسعى المأوى لأبناءِ السبيل |
| ومن الأَرض جَدِيبٌ ونَدٍ | ومن الدُّور جوادٌ وبخيل |
| يا شباباً حنفاءً ضمهمْ | منزلٌ ليس بمذمومِ النزيلْ |
| يصرِفُ الشبان عن وِرْدِ القَذَى | ويُنحِّيهِمْ عن المَرْعَى الوَبيل |
| اذهبوا فيه وجِيئوا إخوة ً | بعضكم خدنٌ لبعضٍ وخليل |
| لا يضرنَّكمو قلَّته | كلُّ مولودٍ وإن جلَّ ضئيل |
| أَرجفتْ في أَمركم طائفة ٌ | تبَّعُ الظنِّ عن الإنصاف ميل |
| اجعلوا الصبرَ لهم حِيلَتكم | قلَّتِ الحيلة ُ في قالَ وقيل |
| أيريدون بكم أن تجمعوا | رقَّة َ الدين إلى الخلقِ الهزيلِ |
| خَلَتِ الأَرضُ من الهَدْي، ومن | مرشدٍ للنَّشءِ بالهديِ كفيل |
| فترى الأسرة َ فوضى ، وترى | نشأً عن سنَّة ِ البرِّ يميل |
| لا تكونوا السَّيْلَ جَهْماً خَشِناً | كلَّما عبَّ ، وكونوا السلسبيل |
| ربَّ عينٍ سمحة ٍ خاشعة ٍ | رَوَّت العُشْبَ، ولم تنسَ النخيل |
| لا تماروا الناسَ فيما اعتقدوا | كلُّ نفسٍ بكتابٍ وسبيل |
| وإذا جئتم إلى ناديكمُ | فاطرحوا خلفكمو العِبْءَ الثقيل |
| هذه ليْلَتُكم في الأُوبِرا | ليلة ُ القدرِ من الشهر النبيل |
| مهرجانٌ طوَّف الهادي به | ومشى بين يديه جبرئيل |
| وتجلتْ أوجهٌ زيَّنها | غررٌ من لمحة ِ الخير تسيل |
| فكأن الليلَ بالفجرِ انجلى | وكأن الدارَ في ظلِّ الأصيل |
| أَيها الأَجوادُ لا نجزيكمُ | لذَّة ُ الخيرِ منَ الخيرِ بديل |
| رجلُ الأُمّة ِ يُرجَى عندَه | لجليل العملِ العونُ الجليل |
| إم داراً حُطتمُوها بالنَّدى | أخذتْ عهدَ النَّدى ألاَّ تميل |