إنِّي هَويتُ تعلُّمَ القانونِ | حُبَّاً زرعتُ بأرضهِ آمالي |
وطَمحتُ أن أرقى العُلا بِنَواله | اخترته شَغفاً يَكونُ مَجالي |
فبدأتُ نشرَ العِلمِ تِلك أمانةٌ | لا يَعذُرنَّ بِجهلها الجُهَّالِ |
وأقمتُ وَحيَ اللهِ لي دُستوراً | هو حُجَّتي وبَيانُ صِدقِ مَقالي |
حقّ النُّفوسِ تموتُ تحيا حُرةً | اللهُ كفَّلها بِلا إذلالي |
اللهُ حرَّم قتلها إن أسرَفَتْ | إلا بحقٍ أو جَزاءِ قِتالِ |
إنفاذُ حُكمٍ للجَريمةِ لازمٌ | والدَّينُ يُوفى حقُّهُ في الحالِ |
فالعَقدُ شرعٌ لازمٌ فاعمَل به | واحذر خِلافَ العَهدِ والأقوالِ |
وارعَ الأمانة كُن بِها مُتخلقا | والصِّدقُ يبقى سيدُ الأفضالِ |
فضُّ النِّزاع مَهمةٌ وبدَورنا | فصلُ الخصومِ لتُقيةِ الإشكالِ |
إلا إذا كان الحبيبُ مُخاصِمي | فالحُكم للأحبابِ دُونَ نِزالِ |
ورِسالتي سَطَّرتُها بأناملي | دارت رِحاها في رُبى الأطفالِ |
حقٌّ لهم عيشٌ كريمٌ آمنٌ | أرضُ الحُروب مَعاقِلٌ لرِجالِ |
كيفَ الفَتى يلقَى النِّزالَ بصَدره | أينَ العدالةُ تحتَ وطءِ نبالِ |
يا صاحِ قُم وارفع بِعدلكَ رايةً | تبقى تَرُفُّ على مَدى الأجيالِ |
بوابة الشعراء
موقع بوابة الشعراء العرب قصائد بوابة شعراء العرب دواوين شعر و ابيات شعر و قصايد الشعر الخالدة في التاريخ المتنبي و احمد شوقي و امرؤ القيس والمزيد.
تلك الحروف
تِلكَ الحُروفُ وكَمْ تُدارِي صَبابتي | إن عِشتُ شَوقاً أنتخِي أوراقِي |
وأبُثُّ مَا فِي خاطِري وكَأنَّها | حُضنٌ يُداوِي حُرقةَ الأشواقِ |
باللهِ كَيفَ بِدونِ عَذبِ حُروفِها | أن أرتَوي يا مَعشرَ العُشَّاقِ |
بيتٌ لقَيسٍ عن دِيارٍ مَرَّها | كَم زادني شَوقاً لدارِ رِفاقي |
وكُثَيْرُ حَلَّتْ عَزَّةٌ بِديَارهِ | والشِّعرُ في صِدقِ المَحبَّةِ باقي |
ولقد ذَكرتُكِ عَلَّمَتْني شَجاعةً | فِي الحُبِّ لا أنْوِي خَيالَ فِراقِ |
ماذا يكونُ الشِّعرُ لَولا حرُوفُها | نَظْمٌ يُعانِي العجْزَ من إملاقِ |
لغةٌ على وَزنِ الشُّعورِ حَديثُها | لغةٌ تبثُّ الحقَّ مِن أعماقِ |
لغةٌ بِها وَحْيُ الإله تَكَلَّما | فكَأنَّها شَمسٌ عَلى الإشراقِ |
حُسنٌ على حُسنٍ عِبارةُ وَصْفِها | فاقَتْ جَمِيعَ مَحَاسِنِ الأعراقِ |
أوَ بَعدما هذا الجَمالُ تُضيَّعُ | ما عَادَ للكَلماتِ من أشداقِ |
باللهِ يا عَربِيُّ قُلْ وافخَر بِها | لُغتي، حَديثي، عِزَّتي، أَخلاقِي |
وردنا ماءكم جبراً
وَردْنا ماءكُم جبراً | وليتَ الماءُ يَسقينا |
ضَمِئنا بعدكُم دهراً | مَعادَ الماءُ يَروينا |
طلبنا مِنكمُ قُرباً | فجاء البعدُ يَشقينا |
سَئِمنا بُعدكُم يوماً | وليتَ القُربُ يُدنينا |
فنَسقى قُربكُم غَيثاً | فهلْ نَحيا أمانينا |
وتُنبِتْ أرضنا زَهراً | ويَملى السّيلُ وادينا |
ياله في الرجال من رجل
يَا لَهُ فِـي الرِّجَالِ مِنْ رَجُلِ | خَافِقِ القَلبِ سَاهِدِ المُقَلِ |
يَلْعَبُ الوَجْودُ فِي جَوَانِحِهِ | لِعْبَ رِيحٍ هَبَّتْ عَلَى شُـعَلِ |
رَقَّ رُوحًـا ورَقَّ عَـاطِـفَـةً | فَـهُمَا فِــيـهِ عِـلَّةُ العِلَلِ |
عَـلَّـمَ الـماءَ أَنْ يَئِنَّ كَـمَـا | لَـقَّـنَ الـطيرَ نَـوْحَـةَ الثَّكَلِ |
يَعْشَقُ الـحُسْـنَ فَـهْوَ خَمْرَتُهُ | وَهْــوَ مِنْهَا كَالشَّارِبِ الثَّمِلِ |
يَـتَـغَنَّـى بِالـشِّــعْـرِ مُبْتَسِمًا | وَيُـغَــنِّـي لِلأَعْيُنِ الـنُّجُـلِ |
ذَاعَ فِـي الكَونِ صِيتُهُ وَغَدَا | شِــعْرُهُ فِــيـهِ مَـضْرِبَ المَثَلِ |
مَـعَ هَذَا مَا زَالَ مُمْتَهَنَ الـ | ـــــقَدْرِ رَهْنَ الشَّقَاءِ وَالفَشَلِ |
غَاصَ فِي أَبْحُرِ القَرِيضِ فَمِنْ | كَـامِـــلٍ وَافِرٍ إِلَـى رَمَـلِ |
أَبْــحُــرٍ رَحبَةِ العُبَـابِ وَلَـمْ | يُـغْنِهِ مَـا بِهَا عَنِ الوَشَلِ |
كَـمْ بُيُوتٍ بَنَتْ قَرِيحَتُهُ | بِالمَعَانِي تَـــزْهُـو وَبِالجُمَلِ |
ظَـنَّ فِيهَا الغِنَى فَمَا قَدَرَتْ | أَنْ تَقِيهِ نَـوْمًا عَلَى السُّبُلِ |
أَلْبَسَ الطِّرْسَ مِنْ خَوَاطِرِهِ | حُلَلًا وَهْــوَ مُعْدَمُ الحُلَلِ |
وَتَرَاهُ صِـفرَ اليَدَيْنِ وَكَمْ | نَظَمَتْ كَـفُّهُ عقودَ حُلِي |
أَسْكَرَ النَّاسَ وَهْــوَ بَيْنَهُمُ | فَـاقِدُ الزَّهوِ خَائِبُ الأمَلِ |
هُــمُ يَتْلُونَ آهِ مِنْ طَرَبٍ | وَهْوَ يَتْلُو آهًا مِنَ المَلَلِ |
إِنَّ هَـذَا، وَأَنْتَ تَعْرِفُهُ | شَاعِرُ الأَمْسِ شَاعِرُ الأَزَلِ |
كَـانَ أَشْقَى الوَرَى بِحَالَتِهِ | وَسَيَبْقَى كَـذَا وَلَمْ يَزَلِ |
هُــوَ «أَعْشًى» يَنُوحُ مُكْتَئِبًا | وَ«زهير» يَشْدُو عَلَى الجَمَلِ |
هُــوَ «قَيْسٌ» يُجِنُّ مِنْ وَلَهٍ | وَ«ابْنُ حُجْرٍ» يَبْكِي عَلَى الطَّلَلِ |
حَكَمَ الـدَّهْرُ أَنْ نمَاشيَهُ | فَلَكَ البَعْضُ مِنْ شَقَاهُ وَلِي |
فِي زَمَانٍ يُرْدِي النُّبُوغَ وَلَا | فَـرْقَ بِالشِّعْرِ فِيهِ وَالزَّجَلِ |
شَقِيَتْ حَـالَةُ الأدِيبِ فَهَا | أَنَا أَجْفُو طِرْسِي إِلَـى أَجَلِ |
قُـلْ مَعِي يَا حَلِيمُ مِنْ لَهَفٍ | دَوْلَةُ الشِّعْرِ أَتْعَسُ الدُّوَلِ |
إن ابن يوسف محمود خلائقه
إنّ ابنَ يُوسُفَ مَحْمُودٌ خَلائِقُهُ | سِيئانِ مَعرُوفُهُ في الناسِ وَالمَطَرُ |
هُوَ الشِّهابُ الّذي يُرْمى العَدُوُّ بِه | وَالمَشْرَفيُّ الّذي تَعصَى بهِ مُضَرُ |
لا يَرْهَبُ المَوْتَ إنّ النّفسَ باسِلَةٌ | وَالرّأيُ مُجتَمعٌ وَالجُودُ مُنتَشِرُ |
أحْيَا العِرَاقَ وَقَدْ ثَلّتْ دَعَائِمَهُ | عَمْيَاءُ صَمّاءُ لا تُبْقي ولا تَذَرُ |
طوق الحمامة الدمشقي
في دِمَشْقَ |
تطيرُ الحماماتُ |
خَلْفَ سِياجِ الحريرِ |
اُثْنَتَيْنِ |
اُثْنَتَيْنِ |
في دِمَشْقَ |
أَرى لُغَتي كُلَّها |
على حبَّة القَمْحِ مكتوبةً |
بإبرة أُنثى |
يُنَقِّحُها حَجَلُ الرافِدَيْن |
في دِمَشْقَ |
تُطَرَّزُ أَسماءُ خَيْلِ العَرَبْ |
مِنَ الجاهليَّةِ |
حتى القيامةِ |
أَو بَعْدها |
بخُيُوطِ الذَهَبْ |
في دِمَشْقَ |
تسيرُ السماءُ |
على الطُرُقات القديمةِ |
حافيةً حافيةْ |
فما حاجةُ الشُعَراءِ |
إلى الوَحْيِ |
والوَزْنِ |
والقافِيَةْ |
في دِمَشْقَ |
ينامُ الغريبُ |
على ظلّه واقفاً |
مثل مِئْذَنَةٍ في سرير الأَبد |
لا يَحنُّ إلى بَلدٍ |
أَو أَحَدْ |
في دِمَشْقَ |
يُواصل فِعْلُ المُضَارِع |
أَشغالَهُ الأُمويَّةَ |
نمشي إلى غَدِنا واثِقِينَ |
من الشمس في أَمسنا |
نحن والأَبديَّةُ |
سُكَّانُ هذا البَلَدْ |
في دِمَشْقَ |
تَدُورُ الحوارات |
بين الكَمَنْجَةِ والعُود |
حَوْلَ سؤال الوجودِ |
وحول النهاياتِ |
مَنْ قَتَلَتْ عاشقاً مارقاً |
فَلَهَا سِدْرَةُ المنتهى |
في دِمَشْقَ |
يُقَطِّعُ يوسُفُ |
بالنايَ |
أَضْلُعَهُ |
لا لشيءٍ |
سوى أَنَّهُ |
لم يَجِدْ قلبَهُ مَعَهُ |
في دِمَشْقَ |
يَعُودُ الكلامُ إلى أَصلِهِ |
اُلماءِ |
لا الشِعْرُ شِعْرٌ |
ولا النَثْرُ نَثْرٌ |
وأَنتِ تقولين: لن أَدَعَكْ |
فخُذْني إليك |
وخُذْني مَعَكْ |
في دِمَشْقَ |
ينامُ غزالٌ |
إلى جانب اُمرأةٍ |
في سرير الندى |
فتخلَعُ فُسْتَانَها |
وتُغَطِّي بِهِ بَرَدَى |
في دِمَشْقَ |
تُنَقِّرُ عُصْفْورَةٌ |
ما تركتُ من القمحِ |
فوق يدي |
وتتركُ لي حَبَّةً |
لتُريني غداً |
غَدِي |
في دِمَشْقَ |
تدَاعِبُني الياسمينةُ |
لا تَبْتَعِدْ |
واُمشِ في أَثَري |
فَتَغارُ الحديقةُ |
لا تقتربْ |
من دَمِ الليل في قَمَري |
في دِمَشْقَ |
أُسامِرُ حُلْمي الخفيفَ |
على زَهْرة اللوزِ يضحَكُ |
كُنْ واقعياً |
لأُزهرَ ثانيةً |
حول ماءِ اُسمها |
وكُنْ واقعيّاً |
لأعبر في حُلْمها |
في دِمَشْقَ |
أُعرِّفُ نفسي |
على نفسها |
هنا تحت عَيْنَيْن لوزيِّتَيْن |
نطيرُ معاً تَوْأَمَيْن |
ونرجئ ماضِينَا المشتركْ |
في دِمَشْقَ |
يرقُّ الكلامُ |
فأسمع صَوْتَ دمٍ |
في عُرُوق الرخام |
اُخْتَطِفْني مِنَ اُبني |
تقولُ السجينةُ لي |
أَو تحجَّرْ معي |
في دِمَشْقَ |
أَعدُّ ضُلُوعي |
وأُرْجِعُ قلبي إلى خَبَبِهْ |
لعلِّ التي أَدْخَلَتْني |
إلى ظِلِّها |
قَتَلَتْني |
ولم أَنْتَبِهْ |
في دِمَشْقَ |
تُعيدُ الغريبةُ هَوْدَجَها |
إلى القافِلَةْ |
لن أَعودَ إلى خيمتي |
لن أُعلِّقَ جيتارتي |
بَعْدَ هذا المساءِ |
على تينة العائلةْ |
في دِمَشْقَ |
تَشِفُّ القصائدُ |
لا هِيَ حِسِّيَّةٌ |
ولا هِيَ ذهْنيَّةٌ |
إنَّها ما يقولُ الصدى |
للصدى |
في دِمَشْقَ |
تجفُّ السحابةُ عصراً |
فتحفُرُ بئراً |
لصيف المحبِّينَ في سَفْح قاسْيُون |
والنايُ يُكْملُ عاداته |
في الحنين إلى ما هُوَ الآن فيه |
ويبكي سدى |
في دِمَشْقَ |
أُدوِّنُ في دفْتَرِ اُمرأةٍ |
كُلُّ ما فيكِ |
من نَرْجسٍ |
يَشْتَهيكِ |
ولا سُورَ حَوْلَكِ يحميكِ |
مِنْ ليل فِتْنَتِكِ الزائدةْ |
في دِمَشْقَ |
أَرى كيف ينقُصُ ليلُ دِمَشْقَ |
رويداً رويداً |
وكيف تزيدُ إلهاتُنا |
واحدةْ |
في دِمَشْقَ |
يغني المسافر في سرِّه |
لا أَعودُ من الشام |
حياً |
ولا ميتاً |
بل سحاباً |
يخفِّفُ عبءَ الفراشة |
عن روحِيَ الشاردةْ |