هوذا الفجر فقومي ننصرف

هوَذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِفعَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق
ما عَسى يَرجو نَباتٌ يختلفزَهرُه عَن كُلِّ وردٍ وَشَقيق
وَجَديدُ القَلبِ أَنّى يَأتَلفمع قُلوب كُلُّ ما فيها عَتيق
هوَذا الصُّبحُ يُنادي فَاِسمَعيوَهَلمّي نَقتَفي خُطواته
قَد كَفانا مِن مَساء يَدّعيأَنّ نُورَ الصُّبحِ مِن آياتِهِ
قَد أَقَمنا العُمرَ في وادٍ تَسيربَينَ ضلعَيهِ خَيالات الهُموم
وَشهِدنا اليأسَ أَسراباً تَطيرفَوقَ مَتنَيهِ كَعقبانٍ وَبُوم
وَشَربنا السّقمَ مِن ماء الغَديروَأَكَلنا السُمّ مِن فَجّ الكُرُوم
وَلَبِسنا الصَبر ثَوباً فالتَهَبفَغَدَونا نَتَرَدّى بِالرّماد
وَاِفتَرَشناهُ وِساداً فَاِنقَلَبعِندَما نِمنا هَشيماً وَقتاد
يا بِلاداً حُجِبَت مُنذُ الأَزَلكَيفَ نَرجوكِ وَمِن أَيّ سَبيل
أَيّ قَفرٍ دونَها أَيّ جَبَلسُورها العالي وَمَن مِنّا الدَّليل
أَسرابٌ أَنتَ أَم أَنتَ الأَمَلفي نُفوسٍ تَتَمنّى المُستَحيل
أَمَنامٌ يَتَهادى في القُلوبفَإِذا ما اِستَيقَظَت وَلّى المَنام
أَم غُيومٌ طُفنَ في شَمس الغُروبقَبلَ أَن يَغرَقنَ في بَحر الظَّلام
يا بِلاد الفِكر يا مَهدَ الأُلىعَبدوا الحَقَّ وَصَلّوا لِلجَمال
ما طَلَبناكَ بِرَكبٍ أَو عَلىمَتنِ سُفنٍ أَو بِخَيلٍ وَرحال
لَستُ في الشَّرقِ وَلا الغَربِ وَلافي جنوبِ الأَرض أَو نَحوَ الشّمال
لَستُ في الجَوّ وَلا تَحتَ البِحارلَستُ في السَّهلِ وَلا الوَعرِ الحَرج
أَنتَ في الأَرواحِ أَنوارٌ وَنارأَنتَ في صَدري فُؤادي يَختَلج
Khalil Gibran

الخير في الناس مصنوع إذا جبروا

الخَيرُ في الناسِ مَصنوعٌ إِذا جُبرُواوَالشرُّ في الناسِ لا يَفنى وَإِن قُبرُوا
وَأَكثَرُ الناسِ آلاتٌ تُحرّكُهاأَصابِعُ الدَّهرِ يَوماً ثُمَّ تَنكَسِرُ
فَلا تَقولَنّ هَذا عالمٌ عَلمٌوَلا تَقولَنّ ذاكَ السَّيدُ الوَقرُ
فَأَفضَلُ الناسِ قطعانٌ يَسيرُ بِهاصَوتُ الرُّعاةِ وَمَن لَم يَمشِ يَندَثِرُ
جبران خليل جبران

لا فضل إلا فضل أم على ابنها

لا فَضْلَ إلاّ فَضْل أُمٍّ عَلى ابْنِهاكَفَضْلِ أبي الأشْبالِ عندَ الفَرَزْدقِ
تَدارَكَني مِنْ هُوّةٍ كانَ قَعْرُهَاثَمَانِينَ بَاعاً للطّويلِ العَشَنَّقِ
إذا ما تَرَامَتْ بامرِىءٍ مُشْرِفَاتهاإلى قَعْرِهَا لمْ يدْرِ مِنْ أينَ يَرْتَقي
طَليقُ أبي الأشبالِ أصْبَحتُ شاكِراًلَهُ شَعْرُ نُعْمَى فَضْلُها لمْ يُرَنَّقِ
أبَعْدَ الّذي حَطّمْتَ عَني وَبَعْدَمارَأيْتُ المَنَايَا فَوْقَ عَيْنيّ تَلْتَقي
حَطَمتَ قُيودي حَطْمَةً لم تَدعْ لهابِساقيّ، إذْ حَطّمْتَها من مُعَلَّقِ
لَعمْرِي لَئِنْ حَطّمْتَ قَيْدي لطالمامَشَيْتُ بقَيْدي رَاسِفاً غَيرَ مُطْلَقِ
سَتَسْمَعُ ما أُثْني عَلَيكَ إذا التَقَتْغَرَائِبُ تَأتي كُلَّ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ
فَأنْتَ سَواءٌ والسَّماكُ إذا التَقىعلى مُمْحِلٍ بالوَائِلِ المُتعَسِّقِ
وَلَسْتُ بِنَاسٍ فَضْلَ رَبّي وَنِعْمَةًخَرَجْتُ بهَا مِنْ كُلّ مَوْتٍ محَدِّقِ
وَما مِنْ بَلاءٍ مِثْلُ نَفْسٍ رَدَدْتَهاإلى حَيْثُ كانَتْ وهي عند المُخَنَّقِ
وإنّ أبا الأشْبَالِ ألْبَسَني لَهُعَليّ رِدَاءَ الأمْنِ لَمْ يَتَخَرَقِ
وَفَضْلُ أبي الأشْبَالِ عِندي كَوَابِلعلى أثَرِ الوَسْمِيّ للأرْضِ مُغْدِقِ
وَإنّ أبَا أُمّي وَجَدّي أبَا أبيوَلَيلى عَلَوْا بي ساعدَيْ كلّ مُرْتَقي
أشعار الفرزدق

بانت سعاد وأمسى حبلها انجذما

بانَتْ سُعادُ، وأمْسَى حَبلُها انجذماو احتلتِ الشرعَ فالأجزاعَ من إضما
إحْدى بَلِيٍّ، وما هامَ الفُؤادُ بهاإلاّ السفاهَ، وإلاّ ذكرة ً حلما
ليستْ منَ السودِ أعقاباً إذا انصرفتْولا تبيعُ، بجنبيْ نخلة، البرما
غراءُ أكملُ منْ يمشي على قدمحُسْناً وأمْلَحُ مَن حاوَرْتَهُ الكَلِمَا
قالت: أراكَ أخا رَحْلٍ وراحِلَة ٍتغشى متالفَ، لن ينظرنك الهرما
حياكِ ربي، فإنا لا يحلْ لنالهوُ النساءِ، وإنّ الدينَ قد عزما
مشمرينَ على خوصٍ مزممة ٍ نرجو الإلهَ، ونرجو البِرّ والطُّعَمَا
هَلاّ سألْتِ بَني ذُبيانَ ما حَسَبي إذا الدّخانُ تَغَشّى الأشمَطَ البَرما
وهَبّتِ الرّيحُ مِنْ تِلقاءِ ذي أُرُلٍتُزجي مع اللّيلِ من صُرّادِها صِرَمَا
صُهبَ الظّلالِ أتَينَ التّينَ عن عُرُضٍيُزْجينُ غَيْماً قليلاً ماؤهُ شَبِمَا
يُنْبِئْكِ ذو عرِضهِمْ عني وعالمهُم وليسَ جاهلُ شيءٍ مثلَ مَن عَلِمَا
إنّي أُتَمّمُ أيساري، وأمْنَحُهُمْمثنى الأيادي، وأكسو الجفنة َ الأدما
واقطعُ الخرقَ بالخرقاءِ، قد جعلتْ بعدَ الكَلالِ، تَشكّى الأينَ والسّأمَا
كادَتْ تُساقِطُني رَحلي وميثرَتيبذي المَجازِ ولم تُحسِسْ به نَعَمَا
من قولِ حرِمِيّة ٍ قالتْ وقد ظَعَنواهل في مخفيكمُ من يشتري أدما
قلتُ لها، وهيَ تسعى تحتض لبتهالا تحطمنكِ إنّ البيعَ قد زرما
باتتْ ثلاثَ ليالٍ، ثم واحدة بذي المَجازِ، تُراعي مَنزِلاً زِيَمَا
فانشقّ عنها عمودُ الصبح، جافلة ًعدوَ الحوص تخافُ القانصَ اللحما
تَحيدُ عن أسْتَنٍ، سُودٍ أسافِلُهُمشيَ الإماءِ الغوادي تحملُ الحزما
أو ذو وشومٍ بحوضي باتَ منكرساً في ليلة ٍ من جُمادى أخضَلتْ دِيَمَا
باتَ بحقفٍ من البقارِ، يحفزهُ إذا استَكَفّ قَليلاً، تُربُهُ انهدَمَا
مولي الريحِ روقيهِ وجبهتهُ كالهِبْرَقيّ تَنَحّى يَنفُخُ الفَحَمَا
حتى غدا مثلَ نصلِ السيفِ منصلتاً يَقْرُو الأماعِزَ مِنْ لبنانَ والأكَمَا
قصيدة النابغة الذبياني

خمرة في بابل قد صهرجت

خَمرَة ٌ في بابلٍ قد صُهِرجَتْهكذا أَخْبَرَ حاخَامُ اليَهُودْ
أوْدَعُوها جَوفَ دَنٍّ مُظلِمٍولَدَيْه بَشًّرُوها بالخُلُودْ
سألوا الكُهّانَ عن شارِبِهاوعَنِ السَّاقي وفي أيِّ العُهُودْ
فأجابُوهُم: فَتى ً ذو مِرَّة ٍمن نَبي مِصرٍ له فَضلٌ وجُودْ
مُغْرَمٌ بالعُودِ والنايِ مَعاًمُولَعٌ بالشُّربِ والناسُ هُجُودْ
هَمُّه فَصدُ دِنانٍ ونَدى ًوأبوهُ هَمُّه جَمْعُ النُّقُودْ
شعر حافظ إبراهيم

أخشى مربيتي إذا

أَخشَى مُرَبِّيَتي إذاطَلَعَ النَّهارُ وأفزَعُ
وأظلُ بين صواحبِيلعِقابِها أَتَوَقَّعُ
لا الدَّمعُ يَشفَعُ لي ولاطُولُ التَّضَرُّعِ يَنْفَعُ
وأَخافُ والِدَتي إذاجَنَّ الظَّلامُ وأجزعُ
وأبيتُ أرتقِبُ الجزَاءَ وأعْيُنِي لاَ تَهْجَعُ
ما ضَرَّني لو كنتُ أسْـتمعُ الكَلامَ وأخضعُ
ما ضَرَّنِي لو صُنْتُ أثْـوابِي فلاَ تتقطَّعُ
وحَفِظْتُ أوراقي بمَحْـفَظَتِي فلاَ تَتَوَزَّعُ
فأعيشُ آمِنَة ً وأَمـْرَعُ في الهناءِ وأرتعُ
شعر حافظ إبراهيم