| عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ – بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ |
| أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ – فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ |
| لَولا العُلا لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها – وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ |
| وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً – أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ |
| لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي – شَيئًا تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ |
| يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما – أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ |
| أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني – هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ |
| إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً – وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ |
| ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُا – أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ |
| أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِنًا وَيَدًا – أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ |
| إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ – عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ |
| جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ – مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ |
| ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ – إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ |
| مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ – لا في الرِجالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ |
| أَكُلَّما اغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ – أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ |
| صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها – فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ |
| نامَت نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها – فَقَد بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ |
| العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ – لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ |
| لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ – إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ |
| ما كُنتُ أَحسَبُني أبقى إِلى زَمَنٍ – يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ |
| وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا – وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ |
| وَأَنَّ ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ – تُطيعُهُ ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ |
| جَوعانُ يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني – لِكَي يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصودُ |
| إِنَّ امرأً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ – لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ |
| وَيلُمِّها خُطَّةً وَيلُمِّ قابِلِها – لِمِثلِها خُلِقَ المَهرِيَّةُ القُودُ |
| وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ – إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ |
| مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً – أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ |
| أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً – أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ |
| أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ – في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ |
| وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ – عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ |
الشاعر المتنبي
هو أبو الطيب المتنبي شاعر كبير من معرة النعمان هنا تجدون أجمل قصائده و أشعاره.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
| عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ ~ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ |
| وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها ~ وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ |
| يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ ~ وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ |
| وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ ~ وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ |
| يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمرًا سِلاحَهُ ~ نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ |
| وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ ~ وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ |
| هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها ~ وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ |
| سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ ~ فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ |
| بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا ~ وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ |
| وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَتْ ~ وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ |
| طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها ~ عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ |
| تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ ~ وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ |
| إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعًا ~ مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ |
| وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها ~ وَذا الطَعنُ آساسٌ لَها وَدَعائِمُ |
| وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ ~ فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ |
| أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُمْ ~ سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ |
| إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ ~ ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ |
| خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ ~ وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ |
| تَجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ ~ فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلا التَراجِمُ |
| فَلِلهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ ~ فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ |
| تَقَطَّعَ ما لا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا ~ وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ |
| وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ ~ كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ |
| تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً ~ وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ |
| تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى ~ إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ |
| ضَمَمتَ جَناحَيهِمْ عَلى القَلبِ ضَمَّةً ~ تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ |
| بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ ~ وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ |
| حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها ~ وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ |
| وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما ~ مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ |
| نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ نَثْرَةً ~ كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ |
| تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى ~ وَقَد كَثُرَتْ حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ |
| تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها ~ بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ |
| إِذا زَلِقت مَشَّيتَها بِبِطونِها ~ كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ |
| أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ ~ قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِم |
| أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ ~ وَقَد عَرَفَتْ ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ |
| وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ ~ وَبِالصِهرِ حَمْلاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ |
| مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبا ~ بِما شَغَلَتها هامُهُمْ وَالمَعاصِمُ |
| وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمُ ~ عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ |
| يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَن جَهالَةٍ ~ وَلَكِنَّ مَغنومًا نَجا مِنكَ غانِمُ |
| وَلَستَ مَليكًا هازِمًا لِنَظيرِهِ ~ وَلَكِنَّكَ التَوحيدُ لِلشِركِ هازِمُ |
| تَشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ ~ وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ |
| لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ ~ فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ |
| وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى ~ فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ |
| عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ ~ إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ |
| أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَدًا ~ وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ |
| هَنيئًا لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلا ~ وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ |
| وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى ~ وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِم |
بم التعلل لا أهل ولا وطن
| بم التعلل لا أهل ولا وطن ~ ولا نديم ولا كأس ولا سكن |
| أريد من زمني ذا أن يبلغني ~ ما ليس يبلغه من نفسه الزمن |
| لا تلق دهرك إلا غير مكترث ~ مادام يصحب فيه روحك البدن |
| فما يدوم سرور ما سررت به ~ ولا يرد عليك الفائت الحزن |
| مما أضر بأهل العشق أنهم ~ هووا وما عرفوا الدنيا وما فطنوا |
| تفنى عيونهم دمعا وأنفسهم ~ في إثر كل قبيح وجهه حسن |
| تحملوا حملتكم كل ناجية ~ فكل بين علي اليوم مؤتمن |
| ما في هوادجكم من مهجتي عوض ~ إن مت شوقا ولا فيها لها ثمن |
| يا من نعيت على بعد بمجلسه ~ كل بما زعم الناعون مرتهن |
| كم قد قتلت وكم قد مت عندكم ~ ثم انتفضت فزال القبر والكفن |
| قد كان شاهد دفني قبل قولهم ~ جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا |
| ما كل ما يتمنى المرء يدركه ~ تجري الرياح بما لا تشتهي السفن |
| رأيتكم لا يصون العرض جاركم ~ ولا يدر على مرعاكم اللبن |
| جزاء كل قريب منكم ملل ~ وحظ كل محب منكم ضغن |
| وتغضبون على من نال رفدكم ~ حتى يعاقبه التنغيص والمنن |
| فغادر الهجر ما بيني وبينكم ~ يهماء تكذب فيها العين والأذن |
| تحبو الرواسم من بعد الرسيم بها ~ وتسأل الأرض عن أخفافها الثفن |
| إني أصاحب حلمي وهو بي كرم ~ ولا أصاحب حلمي وهو بي جبن |
| ولا أقيم على مال أذل به ~ ولا ألذ بما عرضي به درن |
| سهرت بعد رحيلي وحشة لكم ~ ثم استمر مريري وارعوى الوسن |
| وإن بليت بود مثل ودكم ~ فإنني بفراق مثله قمن |
| أبلى الأجلة مهري عند غيركم ~ وبدل العذر بالفسطاط والرسن |
| عند الهمام أبي المسك الذي غرقت ~ في جوده مضر الحمراء واليمن |
| وإن تأخر عني بعض موعده ~ فما تأخر آمالي ولا تهن |
| هو الوفي ولكني ذكرت له ~ مودة فهو يبلوها ويمتحن |
الخيل و الليل و البيداء تعرفني
| واحر قلباه ممن قلبه شبم ~ ومن بجسمي وحالي عنده سقم |
| ما لي أُكتِم حبّاً قد برَى جسدي ~ وتَدعي حب سيف الدولة الأُمم |
| إن كَان يجمَعنا حب لِغرّته ~ فَليت أنّا بقدر الحب نقتسم |
| قد زرته وَسيوف الهند مغمدة ~ وقد نظرت إليه والسيوف دم |
| فكان أحسن خلق الله كلّهم ~ وَكان أحسن ما في الأحسن الشيم |
| فَوْتُ العَدُوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ ~ في طَيّهِ أسَف في طيه نعم |
| قد نابَ عنكَ شديد الخوْف وَاصطنعت ~ لَك المَهابَة ما لا تَصنع البهم |
| أَلزَمتَ نَفسَك شَيئاً لَيس يَلزمها ~ أَن لا يوارِيَهُم أَرض ولا علم |
| أكلّما رمت جيْشاً فانْثَنى هَرَباً ~ تَصَرفَت بك في آثَارِه الهمم |
| عَلَيْكَ هَزْمُهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ ~ وَمَا عَلَيْكَ بهِمْ عارٌ إذا انهَزَمُوا |
| أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ ~ تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّمم |
| يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي ~ فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكم |
| أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً ~ أن تحسبَ الشحم فيمن شحمه وَرم |
| وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ ~ إذا اسْتَوَتْ عندَه الأنْوار وَالظُلم |
| سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا ~ بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى به قدم |
| أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي ~ وَأسْمَعَتْ كَلِماتي من به صمم |
| أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا ~ وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ |
| وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي ~ حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ |
| إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً ~ فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ |
| وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها ~ أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ |
| رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ ~ وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ |
| وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ ~ حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ |
| الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني ~ وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ |
| صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً ~ حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ |
| يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أن نفارقَهم ~ وجداننا كلَ شيءٍ بَعدَكم عدم |
| مَا كانَ أخلَقنَا منكم بتكرمَة ~ لَو أن أمرَكم مِن أمرنَا أمم |
| إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا ~ فَمَا لجرح إذا أرْضاكم ألم |
| وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ ~ إنّ المَعارِفَ في أهْل النُهَى ذمم |
| كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ ~ وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرم |
| ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي ~ أنَا الثرَيّا وَذان الشيب وَالهرم |
| لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ ~ يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ |
| أرَى النّوَى يَقتَضيني كلَّ مَرْحَلَةٍ ~ لا تَسْتَقِلّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ |
| لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا ~ لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ |
| إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا ~ أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ |
| شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ ~ وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ |
| وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ ~ شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ |
| بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ ~ تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ |
| هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ ~ قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ |
عذل العواذل حول قلبي التائه
| عَذْلُ العَواذِلِ حَوْلَ قَلبي التّائِهِ | وَهَوَى الأحِبّةِ مِنْهُ في سَوْدائِهِ |
| يَشْكُو المَلامُ إلى اللّوائِمِ حَرَّهُ | وَيَصُدُّ حينَ يَلُمْنَ عَنْ بُرَحائِهِ |
| وبمُهْجَتي يا عَاذِلي المَلِكُ الذي | أسخَطتُ أعذَلَ مِنكَ في إرْضائِهِ |
| إنْ كانَ قَدْ مَلَكَ القُلُوبَ فإنّهُ | مَلَكَ الزّمَانَ بأرْضِهِ وَسَمائِهِ |
| ألشّمسُ مِنْ حُسّادِهِ وَالنّصْرُ من | قُرَنَائِهِ وَالسّيفُ مِنْ أسمَائِهِ |
| أينَ الثّلاثَةُ مِنْ ثَلاثِ خِلالِهِ | مِنْ حُسْنِهِ وَإبَائِهِ وَمَضائِهِ |
| مَضَتِ الدّهُورُ وَمَا أتَينَ بمِثْلِهِ | وَلَقَدْ أتَى فَعَجَزْنَ عَنْ نُظَرَائِهِ |
القَلْبُ أعلَمُ يا عَذُولُ بدائِهِ
| القَلْبُ أعلَمُ يا عَذُولُ بدائِهِ | وَأحَقُّ مِنْكَ بجَفْنِهِ وبِمَائِهِ |
| فَوَمَنْ أُحِبُّ لأعْصِيَنّكَ في الهوَى | قَسَماً بِهِ وَبحُسْنِهِ وَبَهَائِهِ |
| أأُحِبّهُ وَأُحِبّ فيهِ مَلامَةً؟ | إنّ المَلامَةَ فيهِ من أعْدائِهِ |
| عَجِبَ الوُشاةُ من اللُّحاةِ وَقوْلِهِمْ | دَعْ ما نَراكَ ضَعُفْتَ عن إخفائِهِ |
| ما الخِلُّ إلاّ مَنْ أوَدُّ بِقَلْبِهِ | وَأرَى بطَرْفٍ لا يَرَى بسَوَائِهِ |
| إنّ المُعِينَ عَلى الصّبَابَةِ بالأسَى | أوْلى برَحْمَةِ رَبّهَا وَإخائِهِ |
| مَهْلاً فإنّ العَذْلَ مِنْ أسْقَامِهِ | وَتَرَفُّقاً فالسّمْعُ مِنْ أعْضائِهِ |
| وَهَبِ المَلامَةَ في اللّذاذَةِ كالكَرَى | مَطْرُودَةً بسُهادِهِ وَبُكَائِهِ |
| لا تَعْذُلِ المُشْتَاقَ في أشْواقِهِ | حتى يَكونَ حَشاكَ في أحْشائِهِ |
| إنّ القَتيلَ مُضَرَّجاً بدُمُوعِهِ | مِثْلُ القَتيلِ مُضَرَّجاً بدِمائِهِ |
| وَالعِشْقُ كالمَعشُوقِ يَعذُبُ قُرْبُهُ | للمُبْتَلَى وَيَنَالُ مِنْ حَوْبَائِهِ |
| لَوْ قُلْتَ للدّنِفِ الحَزينِ فَدَيْتُهُ | مِمّا بِهِ لأغَرْتَهُ بِفِدائِه |
| وُقِيَ الأميرُ هَوَى العُيُونِ فإنّهُ | مَا لا يَزُولُ ببَأسِهِ وسَخَائِهِ |
| يَسْتَأسِرُ البَطَلَ الكَمِيَّ بنَظْرَةٍ | وَيَحُولُ بَينَ فُؤادِهِ وَعَزائِهِ |
| إنّي دَعَوْتُكَ للنّوائِبِ دَعْوَةً | لم يُدْعَ سامِعُهَا إلى أكْفَائِهِ |
| فأتَيْتَ مِنْ فَوْقِ الزّمانِ وَتَحْتِهِ | مُتَصَلْصِلاً وَأمَامِهِ وَوَرائِهِ |
| مَنْ للسّيُوفِ بأنْ يكونَ سَمِيَّهَا | في أصْلِهِ وَفِرِنْدِهِ وَوَفَائِهِ |
| طُبِعَ الحَديدُ فكانَ مِنْ أجْنَاسِهِ | وَعَليٌّ المَطْبُوعُ مِنْ آبَائِهِ |