أهاجَ لَكَ الشّوْقَ القَدِيمَ خَبالُهُ – مَنَازِلُ بَيْنَ المُنْتَضَى فالمَصَانِعِ |
عَفَتْ بَعدَ أسْرَابِ الخَليطِ وَقد ترَى – بِها بَقَراً حُوراً حِسانَ المَدامِعِ |
يُرِينَ الصِّبَا أصْحابَهُ في خِلابَةٍ – ، وَيَأبَيْنَ أنْ يَسْقينَهمْ بالشّرَائِعِ |
إذا مَا أتَاهُنّ الحَبِيبُ رَشَفْنَهُ – كرَشْفِ الهِجانِ الأدمِ ماءَ الوَقائعِ |
يَكُنّ أحَادِيثَ الفُؤادِ نَهَارَه – وَيَطْرُقْنَ بالأهْوَالِ عندَ المَضَاجعِ |
إلَيْكَ ابنَ عَبدِ الله حَملّتُ حاجَتي – على ضُمرِ الأحقابِ خُوصِ المَدامع |
نَوَاعِجَ، كُلّفْنَ الذّمِيلَ، فلم تزَل – مُقَلَّصَةً أنْضَاؤها كالشّرَاجِعِ |
تَرَى الحاديَ العَجلانَ يُرْقِصُ خَلفها – وَهُنّ كحَفّانِ النّعامِ الخَوَاضِعِ |
إذا نَكّبَتْ خُرْقاً من الأرْضِ قابلَت – وَقَد زَالَ عَنْها، رَأسَ آخرَ، تابعِ |
بَدَأنَ بهِ خُدْلَ العِظامِ – ، فُأُدْخِلَتْ عَلَيهن أيام العتاق النّزَائِعِ |
جَهِيضَ فَلاةٍ أعْجَلَتْهُ تَمامَهُ – هَبُوعُ الضّحى خَطّارَةٌ أُمُّ رَابِعِ |
تَظَلّ عِتاقُ الطّيرِ تَنْفي هَجِينَه – جُنُوحاً على جُثمان آخَرَ نَاصِعِ |
وَما ساقَها من حاجَةٍ أجْحَفَتْ بهَا – إلَيْكَ، وَلا مِنْ قِلّةٍ في مُجاشِعِ |
وَلَكِنّها اخْتَارَتْ بِلادَكَ رَغْبَةً – عَلى ما سِوَاها مِنْ ثَنايا المَطالِعِ |
أتَيْنَاكَ زُوّاراً، وَوَفْداً، وَشَامَة – لخالك خالِ الصّدقِ مُجدٍ وَنافِعِ |
إلى خَيْرِ مَسْؤولَينِ يُرْجَى نَداهُما – إذا اخْتيرَ الأفْوَاهِ قَبلَ الأصَابِعِ |
أجمل القصائد
أجمل قصائد الشعر من العصر الجاهلي والعصر الأموي والعصر العباسي والعصر الحديث هنا في صفحة أجمل القصائد.
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
هَذا الّذي تَعرفُ البَطحاءُ وَطْأتهُ – وَالبيت يعرفُه والحل وَالحرم |
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ – هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ |
هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ – بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا |
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا بضَائرِه – العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ |
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا – يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ |
سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ – يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ |
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا – حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ |
ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ – لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ |
عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ – عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ |
إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها – إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ |
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه – فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ |
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ – من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ |
يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ – رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ |
الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ – جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ |
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ – لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ |
مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا – فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ |
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَت – عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ |
مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِياءِ لَهُ – وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ |
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ – طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ |
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ – كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ |
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ – كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ |
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ – في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ |
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهم – أو قيل: من خيرُ أهل الأرْض قيل: هم |
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ – وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا |
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ – وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ |
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ – سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا |
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ – وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ |
لمن طلل أبصرته فشجاني
لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني – كخط زبور في عسيب يمانِ |
دِيَارٌ لهِنْدٍ وَالرَّبَابِ وَفَرْتَني – ليالينا بالنعفِ من بدلان |
ليالي يدعوني الهوى فأجيبه – وأعينُ من أهوى إليّ رواني |
فإن أمس مكروباً فيا ربّ بهمة – كشَفتُ إذا ما اسود وجه الجبان |
وإن أمس مكروبا فيارُبّ قينة – منعمة أعملتُها بكران |
لهَا مِزْهَرٌ يَعْلُو الخَمِيسَ بِصَوته – أجَشُّ إذَا مَا حَرّكَتْهُ اليَدَان |
وان أمس مكروباً فيا ربُ غارة – شَهِدْتُ عَلى أقَبَّ رَخْوِ اللَّبَان |
على ربذٍ يزدادُ عفواً إذا جرى – مسحٍّ حثيث الركض والزالان |
ويخدي على صم صلاب ملاطس – شَدِيدَاتِ عَقْدٍ، لَيّنَات متَان |
وغيث من الوسمي حو تلاعه – تبطنتهُ بشيظم صلتان |
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً – كَتَيسِ ظِبَاءِ الحُلّبِ العَدَوَان |
إذا ما جنبناهُ نأود متنُه – كعِرْقِ الرُّخامى اهْتَزّ في الهَطَلان |
تَمَتّعْ مِنَ الدّنْيَا فَإنّكَ فَاني – مِنَ النَّشَوَاتِ وَالنّسَاءِ الحِسَانِ |
مِنَ البِيضِ كالآرَامِ وَالأُدمِ كالدّمى – حواصنها والمبرقات الرواني |
أمِن ذكر نبْهَانية حل أهلها – بِجِزْعِ المَلا عَيْنَاكَ تبتدِرَان |
فَدَمْعُهُمَا سَكْبٌ وَسَحٌّ وَدِيمَة – ٌ وَرَشٌّ وَتَوْكَافٌ وتنهملان |
كَأنّهُمَا مَزَادَتَا متعَجِل – فريانِ لما تُسلقا بدهانِ |
خدعوها بقولهم حسناء
خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ – وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ |
أَتُراها تَناسَت اِسمِيَ لَمّا – كَثُرَت في غَرامِها الأَسماءُ |
إِن رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَن لَم – تَكُ بَيني وَبَينَها أَشياءُ |
نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ |
يَومَ كُنّا وَلا تَسَل كَيفَ كُنّا – نَتَهادى مِنَ الهَوى ما نَشاءُ |
وَعَلَينا مِنَ العَفافِ رَقيب – تَعِبَت في مِراسِهِ الأَهواءُ |
جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وَقالَت – أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراء |
فَاِتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى – فَالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواء |
نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلام – فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاء |
فَفِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواء – أَو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ |
أنا كئيب
أَنَا كَئِيب – أَنَا غَريبْ |
كَآبتي خالَفَتْ نَظَائِرَهَا – غَرِيبَةٌ في عَوَالِمِ الحَزَن |
كَآبتي فِكْرَةٌ مُغَرِّدَة – مَجْهُولةٌ مِنْ مَسَامِعِ الزَّمَنِ |
لكنَّني قَدْ سَمِعْتُ رَنَّتَها – بمُهْجَتي في شَبابِيَ الثَّمِلِ |
سَمِعْتُها فانْصَرَفْتُ مُكْتَئِبَا – أَشْدو بحُزْنِي كطائِرِ الجَبَل |
سَمِعْتُها أَنَّةً يرجِّعُها – صَوْتُ اللَّيالي ومُهْجَةُ الأزل |
سَمِعْتُها صَرْخَةً مُضَعْضَعَةً – كَجَدْوَلٍ في مَضايِقِ السُّبُلِ |
سَمِعْتُها رَنَّةً يعَانِقُها – شوقٌ إلى عالمٍ يُضَعْضِعُها |
ضَعيفةً مثلَ أنَّةٍ صَعَدَتْ – مِنْ مُهْجَةٍ هدَّها تَوَجُّعُها |
كآبَةُ النَّاسِ شُعلةٌ وَمَتى – مرَّتْ ليالٍ خَبَتْ مع الأَمَد |
أَمَّا اكتِئابي فَلَوْعَةٌ سَكَنَت – رُوحي وتَبْقَى بها إلى الأَبدِ |
أَنا كئيبٌ أَنا غَريبٌ |
وليسَ في عالمِ الكَآبَةِ مَنْ – يحمِلُ مِعْشارَ بَعْضِ مَا أَجِدُ |
كآبتي مرَّةٌ وإنْ صَرَخَتْ – روحي فلا يسمعنَّها الجَسَدُ |
كآبَتي ذاتُ قَسْوَةٍ صَهَرَت – مَشَاعِري في جَهَنَّمَ الأَلَمِ |
لمْ يسمَعِ الدَّهْرُ مِثْلَ قَسْوَتِها – في يَقْظَةٍ قطُّ لا ولا حُلُمِ |
كآبتي شُعْلةٌ مؤجَّجَةٌ – تحتَ رَمَادِ الكَوْنِ تستعرُ |
سَيَعْلَمُ الكَوْنُ مَا حَقِيقَتُهَا – ويَطْلَعُ الفَجْرُ يومَ تَنْفَجِرَ |
كآبةُ النَّاسِ شُعْلَةٌ ومتى – مرَّت ليالٍ خَبَتْ مِنَ الأَمَدِ |
أَمَّا اكتئابي فَلَوْعَةٌ سَكَنَتْ – رُوحي وَتَبْقَى بِها إلى الأَبَدِ |
أقبل الصبح يغني
أَقْبَلَ الصُّبْحُ يُغنِّي – للحياةِ النَّاعِسَة |
والرُّبى تَحلمُ في ظِلِّ – الغُصونِ المائِسَة |
والصَّبا تُرْقِصُ أَوراقَ – الزُّهورِ اليابسَة |
وتَهادى النُّورَ في – تِلْكَ الفِجاجِ الدَّامسَة |
أَقبلَ الصُّبْحُ جميلاً – يملأُ الأُفْقَ بَهَاهْ |
فتَمَطَّى الزَّهرُ والطَّيْرُ – وأَمواجُ المياهْ |
قَدْ أَفاقَ العالم الحيُّ – وغَنَّى للحياة |
فأَفيقي يا خِرافي – وهَلُمِّي يا شِياهْ |
واتبعِيني يا شِياهي – بَيْنَ أَسرابِ الطُّيورْ |
واملإِي الوادي ثُغاءً – ومِراحاً وحُبُورْ |
واسمعي هَمْسَ السَّواقي – وانشقي عِطْرَ الزُّهُورْ |
وانظري الوادي يُغَشِّيهِ – الضَّبابُ المُسْتَنيرْ |
واقطُفي من كلإِ الأَرضِ – ومَرعاها الجَديدْ |
واسمعي شبَّابتي تَشْدُو – بمعسولِ النَّشيدْ |
نَغَمٌ يَصْعَدُ مِنْ قلبي – كأَنفاسِ الوُرودْ |
ثمَّ يَسْمو طائراً كالبلبلِ – الشَّادي السَّعيدْ |
وإذا جئْنا إلى الغابِ – وغطَّانا الشَّجَرْ |
فاقطُفي مَا شئْتِ مِنْ عُشْبٍ – وزهرٍ وثَمَرْ |
أرضَعَتْهُ الشَّمسُ بالضَّوءِ – وغذَّاهُ القَمَرْ |
وارتَوَى مِنْ قَطَراتِ الظَّلِ – في وقتِ السَّحَرْ |
وامْرَحي مَا شئتِ في الوديانِ – أَو فَوْقَ التِّلالْ |
واربضي في ظلِّها الوارِفِ – إنْ خِفْتِ الكَلالْ |
وامْضَغي الأَعشابَ والأَفكارَ – في صَمْتِ الظِّلالْ |
واسمعي الرِّيحَ تُغَنِّي – في شَمَاريخِ الجِبَالْ |
إنَّ في الغابِ أَزاهيراً – وأَعشاباً عِذابْ |
يُنشِدُ النَّحْلُ حوالَيْها – أَهازيجاً طِرابْ |
لمْ تُدَنِّسْ عِطرها الطَّاهر – أَنفاسَ الذِّئابْ |
لا ولا طافَ بها الثَّعْلَبُ – في بعضِ الصِّحابْ |
وشذاً حلواً وسِحْراً – وسَلاماً وظِلالْ |
ونَسيماً ساحرَ الخطوَة – مَوْفُورَ الدَّلالْ |
وغُصوناً يرقُصُ النُّور – عليها والجَمالْ |
واخضراراً أَبديًّا – لَيْسَ تَمحوهُ اللَّيالْ |
لن تَملِّي يا خِرافي – في حِمى الغابِ الظَّليلْ |
فزَمَانُ الغابِ طفلٌ لاعب – عَذْبٌ جميلْ |
وزمانُ النَّاسِ شَيْخ – عابِسُ الوجهِ ثَقيلْ |
يتمشَّى في مَلال – فَوْقَ هاتيكَ السُّهولْ |
لكِ في الغاباتِ مرعاكِ – ومَسْعاكِ الجميل |
وليَ الإِنْشادُ والعَزْفُ – إلى وَقْتِ الأَصيلْ |
فإذا طالتْ ظِلالُ الكَلإ – الغضِّ الضَّئيل |
فهلمِّي نُرْجِعِ المَسْعَى – إلى الحيِّ النَّبيل |